الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صفقة مشبوهة.. هل ترضي بوتين؟

13 ديسمبر 2014 23:33
لا يمكن اعتبار الصفقة التي عرضها الثنائي «مايكل أوهانلون» رئيس مركز القرن الحادي والعشرين للشؤون الأمنية والاستخباراتية، و«جيريمي شابيرو» الدبلوماسي الخبير في شؤون أوروبا وآسيا الأوروبية، من خلال افتتاحية نشرت يوم 7 ديسمبر تحت عنوان «الصفقة الروسية الرابحة»، فكرة مضللة فحسب، بل يجب اعتبارها أيضاً صفقة خطيرة المرامي والأبعاد. وكانت إشارتهما إلى أن فكرة «الرابحين الثلاثة في الصفقة، وهم روسيا وأوكرانيا والغرب»، أكثر انطواءً على الذكاء من منطق «التفكير وفق المعادلة الصفرية» التي طرحها فلاديمير بوتين والمتعلقة بنظرته إلى الوضع السائد في العالم. وإذا كنا قد تعلمنا شيئاً من سياسة إدارة أوباما الفاشلة للتوصل إلى تسوية مع روسيا، فهو أن بوتين لن يتردد في استغلال الملاحقة الغربية العبثية له لفرض صفقات تقوم على منطق «الربح المتبادل». ومن أجل دفع بوتين للعمل في الاتجاه الذي أراده الثنائي المذكور، اقترحا أن يتم تقديم ضمانات له من الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو» بعدم معارضة أي عمل تقوم به روسيا حيال الدول المجاورة لها، والاعتراف بحقها في ضم أوكرانيا ومولدوفا وجيورجيا إلى الدول التي تدور في فلك النفوذ السياسي الروسي. ولن يكون هناك بعد ذلك المزيد من العمل لتوسيع «حلف الناتو»، وستكون العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا رهينة بموافقة موسكو وبشرط ألا تتعارض مع «مشروع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي» الذي ابتدعته روسيا. ومن الواضح أنه ليس من مصلحة بوتين أن يرى أوكرانيا وقد حققت النجاح الاقتصادي والسياسي الذي تحلم به. وفي الحقيقة، هو يخاف من أن توحي أوكرانيا التي تنعم بديمقراطية موجّهة من الغرب، بالبديل المفضل لنظام حكمه السلطوّي. ولا يتوقف بوتين عن سعيه الحثيث لتقويض استقلال الدول المجاورة لروسيا وحرمانها من حقها الطبيعي في تعميق علاقاتها التكاملية مع الغرب بسبب سياسته التي تعتمد مبدأ المحصلة أو «المعادلة الصفريّة». وهو يرى أن تحركات هذه الدول في اتجاه التحرر ونشر الديمقراطية ومكافحة الفساد والحكم الاستبدادي، تمثل في مجملها خطراً كبيراً على سلطته. وعندما فرّ حليفه وشريكه الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش إلى موسكو في شهر فبراير الماضي، سارع بوتين لتنفيذ سياسة الغزو والتدخل حتى يضمن عدم انتقال عدوى التحرك إلى الروس ويتجنّب رؤية موسكو وهي تشهد أحداثاً شبيهة بتلك التي شهدتها كييف. وهذه الحقائق التي لا مراء فيها تدفعنا إلى طرح السؤال التالي: كيف يمكننا أن نبني نظاماً للعلاقات المشتركة بين الدول الأوروبية الشرقية والغربية كالذي اقترحه الثنائي أوهانلون وشابيرو، في الوقت الذي نرى فيه زعيماً نافذاً يعتقد أن كل ما يقدمه الغرب من اقتراحات لا يمثل إلا تهديداً مباشراً له ولحكمه السلطوي؟. لا شك أن منح بوتين الحق المطلق في فرض سياساته على الدول المجاورة لروسيا، هو عمل يرقى إلى أعلى مستويات التخلي عن المسؤولية. ولهذا السبب، يمكن القول إن اقتراح أوهانلون وشابيرو بإجراء استفتاء لتحديد المستقبل السياسي النهائي لشبه جزيرة القرم يندرج ضمن هذا الإطار المرفوض. وينبغي على الغرب، بدلاً من ذلك، أن يتمسك بإصراره على عدم الاعتراف بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا حتى لو تطلب الأمر الانتظار لسنوات لكي يعود الإقليم إلى أوكرانيا. ويجب أن يتطابق هذا الموقف مع الرفض الدائم الذي تمسك به الغرب لضم دول البلطيق إلى الاتحاد السوفييتي السابق. ومنذ عام 2004، أصبحت دول البلطيق الثلاث، لاتفيا وليثوانيا وإستونيا، أعضاء فخريّين في الاتحاد الأوروبي. ولاشك أن هذه الدول تمتعت بالضمانات الأمنية للدول الغربية المتحالفة، وفقاً للمادة 5 من دستور الاتحاد الأوروبي للصمود في وجه التهديدات الروسية المتصاعدة. ولابد من التذكير هنا بأن المصدر الأساسي للخلاف بين الغرب وروسيا يكمن في طبيعة نظام بوتين. وحتى «يشرعن» غزوه لشبه جزيرة القرم، عمد إلى ترويج سلسلة من القصص والروايات حول الأصول الإثنية والوحدة اللغوية للروس المقيمين هناك. وبعد أن استكمل ضم القرم، عمد إلى استخدام هذه الدعاوى ذاتها عندما شرع في غزو القطاع الشرقي من أوكرانيا. ديفيد كرامر * مدير قسم حقوق الإنسان والديمقراطية في معهد ماكي - واشنطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©