الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سائقو الشاحنات.. «داعش» في المرصاد!

13 ديسمبر 2014 23:33
ربما هو أخطر طريق في العالم على الإطلاق. إنه سباق تحمل طويل محفوف بالمخاطر من الحدود الأردنية إلى قلب الأراضي التي تسيطر عليها «داعش». في بعض الأيام، يقوم العشرات فقط من سائقي الشاحنات، وأحياناً المئات، بالرحلة الضرورية لإيصال التموينات الضرورية إلى المدنيين العراقيين الذين يعيش الكثير منهم تحت الحصار في أراض يسيطر عليها التنظيم المتطرف. رحلة سائقي الشاحنات تتيح نافذة على منطقة خطيرة أصبحت أكثر إثارة للخوف والرعب. غير أنه منذ أن بسط المقاتلون سيطرتهم على شمال العراق وغربه هذا العام، أصبحت الرحلة بمثابة سير عبر الجحيم، كما يقول السائقون. ففي الطريق إلى بغداد، يمر السائقون بأراض خالية لا حكم فيها ولا قانون، تنشط فيها العصابات والمليشيات، وتنتشر فيها نقاط تفتيش يحرسها مقاتلو «داعش» على متن شاحنات «بيك آب» ومركبات هامر مسروقة. أما الطريق إلى الموصل فهو أسوأ، حيث لم يبق أحد سوى مقاتلي «داعش» وعصابات التهريب. صلاح علاء الدين، عراقي من مدينة الفلوجة، يعمل سائق شاحنة منذ ربع قرن، يقول إنه لم يسبق له أن رأى الطرق خطيرة لهذه الدرجة. وأضاف خلال حوار معه بالقرب من الحدود الأردنية: «هناك جنود الحكومة العراقية الذين يلقون القنابل من السماء. والمدن تحت الحصار. وهناك نقاط التفتيش والطرق الالتفافية. لذلك، فالمرء لا يستطيع الذهاب. ثم هناك أفراد العصابات، فالجميع يريدون جزءاً من حمولتك. وبالنظر إلى خطر داعش والمليشيات الشيعية، فالمرء يحمل حياته بين يديه». بلدة الرويشد الحدودية ليست بالمدينة الجميلة التي تغري المسافر بالتوقف فيها؛ لكن السائقين، مثل علاء الدين، سعداء بإيجاد ملاذ هنا في طريقهم ذهاباً وإياباً. إنها بلدة السائقين، فيها ثكنات للجيش وشارع رئيسي تصطف فيه متاجر الإطارات المستعملة التي تفصل بين كل بضع منها أكشاك لبيع الوقود المهرب من العراق. صخور البازلت البركانية السوداء والرمال والصحراء تمتد على مرمى البصر، والجو بارد في الشتاء. السائقون يرتدون الدشداشة والصنادل، وعيونهم حمراء من شدة الإرهاق. سائق آخر ذكّر علاء الدين بأن يشير إلى الطائرات التي يسمعونها تحّلق في الجو، وهي تابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. قال علاء الدين، وكان قد عاد من الأردن للتو بعد رحلة دامت 12 يوماً نقل خلالها خضاراً من وادي الأردن إلى بغداد: «بالطبع! الضربات الجوية تخيفنا جداً». أحد السائقين ضمن قافلته، ويدعى نجم محمود، وصف «داعش» بالمافيا. والواقع أن لا أحد من السائقين العراقيين الذين استجوبناهم كانت لديه معلومات محققة عن تعرض أي سائق للخطف أو القتل، لكنهم كانوا يدركون جيداً سمعة مقاتلي التنظيم ووحشيتهم. يقول محمود: «إنهم يمكن أن يطلقوا النار عليك من جانب الطريق ولا أحد يستطيع أن يفعل شيئاً». الطريق الذي تسلكه الشاحنات من الأردن إلى العراق كان مزدهراً ويخلق ما يصل إلى مليار دولار من التجارة سنوياً. وخلال حكم صدّام كانت 2000 شاحنة تدخل العراق يومياً من الأردن، لكن العدد انخفض تدريجياً إلى 400 في السنوات التي أعقبت الغزو الأميركي، وفق اتحاد أصحاب الشاحنات الأردنية. ومنذ أن سيطر تنظيم «داعش» على الموصل ومناطق واسعة من محافظة الأنبار في يونيو الماضي، انخفض عدد الشاحنات التي تعبر إلى 30 شاحنة في بعض الأيام، وفق محمد خير داوود، نقيب أصحاب الشاحنات الأردنية. لكن مع تأجج النزاع، ازداد الطلب على السلع الأردنية في غرب العراق حيث يطلب المستوردون وباعة الجملة والتجار، بل وحتى الأفراد الخواص، الأطنان من السلع، مثل الملابس والمنسوجات، والمواد الصيدلية، والخضراوات، ومواد البناء. وهكذا، مازالت مجموعة عنيدة من الأردنيين، والباكستانيين، واليمنيين، والعراقيين، يخوضون غمار الرحلة المحفوفة بالمخاطر، منجذبين إلى الأجور المضاعفة ثلاث مرات؛ لكنهم يحرصون على السفر معاً ضمن قوافل. ويقول داوود: «في الوقت الراهن، الأردن هو بمثابة شريان الحياة بالنسبة لغرب العراق»، مضيفاً: «إننا نحذّرهم من أن الطريق خطرة جداً، لكنهم لا يستطيعون أن يقولوا لا للمال!». ويليام بوث - عمان * ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©