الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مخطوطات نادرة وأعشاب علاجية ونقوش على أيدي النساء

مخطوطات نادرة وأعشاب علاجية ونقوش على أيدي النساء
8 ديسمبر 2015 23:11
محمود عبدالله (أبوظبي) حفل الأسبوع الثقافي التراثي المغربي خلال أيامه الماضية بعديد الأنشطة والفعاليات وحركة الجمهور، والكثير من المظاهر اللافتة للانتباه، وسجّلتها عين «الاتحاد» وتنقلها في إطار يكشف جمال الحدث، وما يدور في أروقته التي جذبت إليها جمهوراً غفيراً، خاصة جمهور العائلة، وكل كان له طريقته في الاستمتاع بالحدث الذي يتواصل في أجواء من المحبة والسعادة بالتراث والجمال والخلق الأصيل، ما بين هذا وذاك، يظل هذا الأسبوع مناسبة عزيزة ومؤثرة للتواصل الإنساني والثقافي، وإشاعة روح الأصالة وحوار التجارب والتلاقي الذي لم تنجح السياسة في فعله: متكئ المنبر من بين 200 قطعة في «معرض كنوز متاحف المغرب»، ثمة قطعة أثرية خشبية نادرة تلفت إليها أنظار جمهور الأسبوع الثقافي المغربي، تعود بتاريخها إلى 369 هجرية، واسمها «متكئ المنبر»، وبحسب رجاء الغندور، مسؤولة التحف الفنية في المؤسسة الوطنية للمتاحف، فقد تم أخذ هذه القطعة من جامع الأندلس بمدينة فاس المغربية، ومحفوظة الآن في متحف البطحاء بفاس، ويتم عرضها حالياً لجمهور الأسبوع الثقافي لتعريفهم بأهميتها وقيمتها التاريخية والفنية، حيث صنعت من خشب الأرز المنقوش المصبوغ، وتتكون من ثلاثة أجزاء، يحمل أحدها نقش كتابة «البسملة» واسم صاحبها «الحاجب الأموي المنصور أبي عامر». أما روعة هذه التحفة التي تكشف جمال الإبداع الإسلامي، فتكمن في زخارفها البديعة التي تحيل إلى الفن الأغلبي والفاطمي بأفريقية (تونس الحالية) أكثر من الفن الأندلسي، وقد تم مؤخراً ترميم متكئ المنبر من طرف متحف اللوفر بباريس. طب بديل في المعرض إذا كنت تبحث عن علاج آمن وسريع لبعض أمراض العصر مثل: الصداع، الحرارة، الضغط، تلبّك الأمعاء والمعدة، فما عليك إلا التوجه لركن الأعشاب الطبية في المعرض، هناك ستجد علاوة على عديد الأصناف من البهارات، نباتات عشبية طبية نافعة، وعلى رأسها نبات (رأس الحانوش) وهذا النّبات كما ذكرت لنا «زكية آيت بلحسن» يجفف، ثم يطحن، ويستخدم في خليط الحلويات المغربية، ليمنحها مذاقاً خاصاً، وغير ذلك، يمكن لهذه النبتة أيضاً معالجة بعض الأمراض ذات الصلة بتصلب الشرايين، أما زهرات الورد البنفسجي، التي تزرع في مراكش، فيفيد شرابها في معالجة الصداع وارتفاع الحرارة وأمراض المعدة، كما أنّه مهدئ للأعصاب، وما أكثر حاجتنا في زمن تكنولوجيا ثورة المعلومات إلى بعض هدوء الأعصاب. سفيرة الحناء المغربية في ركن نقش الحناء المغربية، ثمة سيدة يطلقون عليها لقب سفيرة الحنّاء المغربية عبر العالم، إنها «إكمال خديجة» المتخصصة في عمل تنويعات من نقش الحناء من المواد الطبيعية الخالصة، طبقاً لعادات وتقاليد في الموروث الشعبي المغربي، أما الجميل في هذا الركن، فإن صاحبته إكمال ترى أن الحناء نبتة من الجنّة، وأنها تجد متعة فائقة، وهي تزيّن أيدي الفتيات والنساء بنقوش وزخارف ورسوم متأثرة إلى حد كبير بالفن الأندلسي. أخبرتنا إكمال بأن نساء من جميع أنحاء العالم يحضرن إليها للفوز بنقوش نادرة، تضيف إلى جمالهن محاسن إضافية، خاصة النقوش التي تمتاز بألوان وخطوط رائعة وصبغ يسمى (أكاجو) يتم شراؤه من جنوب أفريقيا، والبديع في ركن سفيرة الحنّاء أن أجمل النقوش تقدم لجمهور النساء من دون مقابل. «السيلفي» أهمية خاصة أن تلتقط «السيلفي» مع أفراد عائلتك أو أصدقائك، لتوثيق جوانب من حياتك، فذاك أمر عادي ومألوف على مستوى العالم، أما أن تكسر القاعدة وتلتقط السيلفي مع قطعة أثرية نادرة أو قفطان مغربي أو معنى تراثي يحيل إلى الأصالة، وهو ما يتحقق يومياً ومئات المرات في أركان وتوزيعات معارض الأسبوع الثقافي التراث المغربي، إذ يحرص عدد كبير من الفتيات والنساء على أخذ (السيلفي) مع أشياء جامدة مثل القفاطين النسائية، القطع الأثرية، أعضاء الفرق الغنائية والموسيقية، ومع عديد منتجات الصناعات التقليدية، والظاهرة على هذا النحو تربط الجمهور بذاكرة الفن والإبداع والثقافة المغربية، وتوثق أيضاً نجاح الحدث في أن يدخل النّاس في حالة ثقافية تجمع ما بين الأصالة والمعاصرة. الجالية تتصدر الحدث جمهور الأسبوع الثقافي التراثي المغربي متنوع المشارب والجنسيات، وكان مهماً أن يدفع الحنين إلى الوطن الأم مئات العائلات والأفراد من المقيمين على أرض الإمارات، لحضور الفعاليات وبشكل متكرر. عين «الاتحاد» رصدت عائلة كاملة عاشت يوماً كاملاً بين أروقة المعرض، ومن أفراد هذه العائلة المغربية «صوفية علي المسعود» التي التقطت مئات الصور مع معظم أعضاء الفرق الفنية والموسيقية، وقد وصفت ديكور رواق المعرض بالبديع الراقي الأصيل، كما أثنت على تنوع الفعاليات، والحضور الأصيل للتراث المغربي بمختلف أشكاله وتنويعاته. وقالت صوفية: المعرض أعادنا إلى نكهة ومذاق الوطن، كما ساعدنا في أن ننقل ثقافتنا إلى أصدقائنا هنا من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة. مخطوطات نادرة شكّل المخطوط في المغرب وعلى مدى قرون، حاملاً معرفياً كبيراً، سمح لهذا البلد ببناء نظام ثقافي متماسك اتسم بالاستمرارية والانتقال السلس بين الأجيال، وأغنى مكتبات العالم بذخائر متعددة المضامين والأشكال، إن المجموعات الخطّية التي زخرت بها خزائن الملوك والجوامع والزوايا قديماً والتي لا تزال تزخر بها إلى اليوم العديد من المؤسسات المتحفية والمكتبية، تظل دليلاً على اندماج المغاربة في الحضارة العربية الإسلامية منذ القرون الهجرية الأولى، وعنواناً لحبهم للكتاب وشغفهم بشكله وزخرفته ومحتواه، ولم يكن مصادفة أن يضم ركن المخطوطات في المعرض العديد من الكتب النادرة التي تحتوي الكثير من الحكايات والنوادر التي جعلت المملكة المغربية قبلة الباحثين عن المخطوطات النادرة، ومنها على سبيل المثال مخطوط في العناية بالخيل في مدينة فاس عام 1126 هجرية، من الخزانة الملكية بالرباط، كما تحتوي المخطوطة على معلومات نادرة عن رياضة الفروسية، كرياضة عربية أصيلة لها قواعدها وأصولها ونبلها. النّقش على الخشب قيل في الأمثال والحكم (التعليم في الصغر كالنقش على الحجر)، ولكن الصانع المغربي المحترف «الشاهدي إبراهيم» المسؤول عن ركن النقش على الخشب في المعرض، يرى أن النقش على خشب الأرز أو الليمون يقدم أروع إبداع في مجال الصناعات التقليدية، فالرجل مهمته ومهنته في هذه الحياة هي صناعة طاولات الطعام التقليدية، وتزيينها بزخارف نباتية وأشكال معبرة من هندسيات المعمار الإسلامي والأندلسي، وقد أكد لنا أن إبداعاته الخشبية تقتنيها البيوت التقليدية، والمساجد، خاصة مسجد الحسن الثاني في مدينة كازابلانكا بالدار البيضاء. قال الشاهدي: «أعشق تطويع الأخشاب وتزيينها بنقوش محفورة بتصميم دقيق، لأن الصناعات الخشبية تعد ذاكرة مغربية أصيلة، لكل الحضارات المتعاقبة، بل وتمثل ذاكرة حضارية حيّة للثقافة والفنون التقليدية المغربية».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©