الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محمد بن زايد رجل دولة وقائد يمتلك رؤية واضحة لمشاكل العرب

محمد بن زايد رجل دولة وقائد يمتلك رؤية واضحة لمشاكل العرب
22 فبراير 2017 17:50
حوار أجراه : محمد الحمادي بفخامة الرؤساء وبتواضع الكبار استقبلنا أمس رئيس جمهورية السودان فخامة عمر البشير بمقر إقامته في قصر الإمارات في العاصمة أبوظبي، ومع أحد أقدم الرؤساء العرب كان هذا الحوار المثير، وخصوصاً أنه يأتي في وقت تمر فيه المنطقة بمختلف التحديات السياسية والأمنية، وتعاني الدول العربية مشكلات لا حصر لها، وفِي وقت تغيرت فيه الإدارة الأميركية وأصبحت التحديات الجديدة بحاجة إلى أدوات مختلفة. كان لقاءً سريعاً ولكنه كان ثرياً مع أول رئيس سوداني ينال وسام الشيخ زايد تقديراً لمواقفه ودوره في تطوير علاقة البلدين، ويحمل الكثير من الذكريات الجميلة تجاه دولة الإمارات وأبوظبي بالتحديد، حيث عمل لسنوات في القوات المسلحة الإماراتية قبل أكثر من أربعين عاماً، ولا يزال يتذكر الشيخ زايد، رحمه الله، وهو يلاحق حلم دولة الاتحاد، والبشير يتكلم دائماً عن تجربة دولة الإمارات لأنه كان أحد الشهود على هذه التجربة في سنواتها الأولى. ويمتلك الرئيس البشير رؤية خاصة لكل الأخطار والتحديات في المنطقة وتعامل مع بعضها بحزم، كما شارك بقوات بلاده في عاصفتها في اليمن، إلى جانب المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وعدد من الدول العربية، وقام بوضع برنامج خاص للتعامل مع أبناء شعبه ممن تورطوا في الإرهاب أو كادوا يلتحقون بجماعات إرهابية أو يتبنون أيديولوجيات منحرفة، وذلك في سياق تجفيف منابع الإرهاب، وضمن الإستراتيجية العالمية لمحاربة التطرّف والعنف. ودعنا بالابتسامة نفسها التي استقبلنا بها وبالروح الطيبة والكريمة نفسها التي يعرف بها أهل السودان الذين نعرفهم جيداً، ويعيشون بيننا منذ عقود في الإمارات، ولم نر منهم إلا كل خير، ولم يفت الرئيس وهو يودعني أن يخبرني بأنه يعرف جريدة الاتحاد جيداً وأنه يقرأها منذ عام 1975. * في البداية نشكركم فخامة الرئيس على إعطاء صحيفة الاتحاد الفرصة لمقابلتكم، كيف تنظرون إلى الآفاق المستقبلية للعلاقات الثنائية في ظل قيادتكم وقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد لدولة الإمارات؟ - هناك تفاهم وتقارب في الآراء والمواقف بين البلدين، وعلاقاتنا الثنائية على المجالات السياسية والاقتصادية كافة قوية، وننظر بإعجاب واحترام لخطوات الإمارات الثابتة في مسيرة النمو والتقدم بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حيث نجحت الإمارات في بناء دولة لها علاقاتها القوية بدول العالم كافة، وعلينا أن نستثمر العلاقات القوية بين البلدين واستقرارهما في مواجهة الكثير من القضايا التي تواجهنا مثل الأوضاع في اليمن وسوريا والعراق وليبيا، فهذه الدول تعاني معاناة كبيرة، مما يتطلب منا أن نجمع حولنا الناس لإخراج العالم العربي مما هو فيه. * لاحظنا أن لقاء فخامتكم مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد كان إيجابياً، نود أن نعرف انطباعكم عن اللقاء. - كل اللقاءات مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد هي لقاءات إيجابية تهدف إلى مصلحة البلدين والشعوب العربية والإسلامية كافة، وذلك لعمق الروابط بين السودان والإمارات، وهي علاقات قديمة، أسسها الشيخ زايد بن سلطان والرئيس النميري، رحمهما الله، وظلت العلاقات بين البلدين قوية، في ظل دعم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وعلى المستوى الشخصي فقد أتيحت لي فرصة الخدمة في القوات المسلحة الإماراتية قبل أكثر من أربعين عاماً في فترة بناء الدولة، مما خلق مجالات مشتركة بيننا، ولذلك كل لقاءاتنا طيبة ومثمرة، بل كل لقاء أفضل وأكثر إيجابية من الذي قبله، وإذا كان الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، حكيم العرب ومدرسة بحد ذاته، وتخرج فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، فهو رجل دولة بمعنى الكلمة، يمتلك رؤية واضحة حول القضايا الإقليمية والدولية، وكثير من الآراء عندما نطرحها على ولي عهد أبوظبي نجد اتفاقاً كبيراً بيننا، سواء على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين أو حول أوضاع الوطن العربي. * تحدثت فخامتكم عن توحيد وجمع العالم العربي، فمن أين نستطيع بدء هذه الخطوة؟ - لدينا في السودان علاقات قوية مع العديد من الدول، وكذلك الإمارات، والمملكة العربية السعودية بثقلها، وهي متفقة معنا حول ما يجري في اليمن والقضايا الأخرى، وأعتقد أن هذه بداية طيبة يمكن أن نبني عليها ونجمع حولنا الآخرين، ومن الممكن أن تكون القمة العربية المقبلة فرصة لهذا البناء، ونحن نعلم أن الكثيرين في العالم العربي لديهم نفس التوجه والمواقف والخوف على العالم العربي. * تأتي القمة العربية في ظروف صعبة وتحديات كبيرة، فما هي أهم الملفات التي سوف ينظرها القادة العرب؟ - قضية فلسطين هي قضية العرب المحورية، خاصة في الوضع الحالي، بعد وصول إدارة أميركية جديدة، علينا أن نسعى لأن يكون الموقف الأميركي داعماً للعدالة وحكماً نزيهاً وليس منحازاً للخط الإسرائيلي، حتى لا تزيد تعقيدات القضية الفلسطينية. القضية الثانية هي ما يدور في العالم العربي في سوريا واليمن ليبيا والعراق، إضافة إلى مواجهة موجة الإرهاب التي تجتاح العالم العربي، كما أن العلاقات مع إيران ملف مهم يحب الانتباه له والعمل على احتواء التمدد الإيراني في المنطقة. * كيف تقيم فخامتكم أداء الجامعة العربية، وهل ترى سبيلاً لدعم الجامعة العربية؟ - الجامعة العربية منظمة قديمة جداً، وبكل أسف كان يجب أن يكون لها دور أكبر في مواجهة التحديات وجمع الصف العربي، ولذلك تحتاج إلى إعادة صياغة لدورها في المنطقة، كما أنها تحتاج إلى مؤسسات تستطيع من خلالها حل القضايا المؤثرة في المنطقة، فهناك قضايا عربية غابت عنها الجامعة، أو أخذت دوراً سلبياً أو رمادياً مثل القضية السورية، لقد شكلت الجامعة لجنة مراقبين لحماية المدنيين في سوريا، وكانت مبادرة أعطتنا أملاً في دور الجامعة، ولكن فجأة تم إنهاء دور المراقبين العرب، وخرجت قرارات بمقاطعة سوريا وطردها من الجامعة، وأعتقد أن ما جرى كان أحد الأخطاء التي أدت إلى تراجع دور الجامعة، ونأمل أن يكون للجامعة دور إيجابي مستقبلاً في حل القضايا العربية، وأن يتم الاتفاق على آليات وبرامج تعزز دور الجامعة. * نتكلم عن موضوع إيران والدور الإيراني في المنطقة العربية وفي أفريقيا تحديداً، فكيف يمكن احتواء هذا الدور الذي أصبح يشكل خطراً حقيقياً على منطقتنا ودولنا؟ - عندما صرح أحد المسؤولين الإيرانيين بأنهم سيطروا على العاصمة العربية الرابعة بعد دخول الحوثيين إلى صنعاء، كانت هذه إشارة مزعجة لكل القادة العرب، ما معنى العاصمة الرابعة؟ وهل هي الأخيرة؟ وما هو برنامج إيران في المنطقة؟ كنا نتمنى من إيران بعد الثورة أن يكون دورها إيجابياً، خاصة وهي ترفع شعاراً إسلامياً قوياً، فبدلاً من محاولات السيطرة والهيمنة على دول الجوار كان يجب أن يكون لها دور تعاوني وتبادل منافع، ولكن التصرفات والتصريحات الإيرانية كانت مؤشراً لضرورة الدفاع عن شعوبنا وأرضنا. وقطعاً الدور الإيراني في أفريقيا بالنسبة لنا مزعج جداً، لأننا نعلم أن أفريقيا قارة مسلمة دخلها الاستعمار وحاول زرع النصرانية فيها، ونجح من خلال سلطته وماله، وخلال الحكم الاستعماري كان التعليم في الكنائس فقط، وبذلك حُرم المسلمون من التعليم، وعندما حصلت الدول الأفريقية على استقلالها أصبح المسلمون على الرغم من كثرتهم العددية في موقف ضعيف، ولكن في الفترة الأخيرة بدأ المسلمون يتعلمون ويتحركون في القارة، ولكن دخول إيران إلى أفريقيا وتقسيم المسلمين إلى سنة وشيعة يضعف المسلمين مرة أخرى، ويقسمهم إلى فريقين، وهذا لن يكون في مصلحة أحد، وأرى أن مواجهة الدور الإيراني في أفريقيا يكون عبر نشر العلم، وتفعيل دور المنظمات العربية والإسلامية، لمنع إيران من استغلالها للفقراء والجهلة. * كيف ترون مواجهة خطر داعش والقاعدة وهذه المنظمات الإرهابية، خاصة في ليبيا؟ - كانت رؤيتنا واضحة جداً، وهي أن خلق الاستقرار في ليبيا هو الخطوة الأولى لحرمان التنظيمات الإرهابية من أن تجد موطئ قدم في هذا البلد، لذلك عندما بدأت الأزمة في ليبيا كان همنا وحدة المكونات الليبية، ولم نتفاجأ من ظهور التنظيمات الإرهابية عندما بدأ الصراع بين الفجر الليبي وقوات الكرامة، وكان دورنا إغلاق الحدود السودانية، ونتذكر عند ظهور القاعدة في السودان استطعنا مواجهة المتشددين عبر علماء مستنيرين للتحدث مع الشباب، ونجحنا في توعية عدد كبير من شبابنا وتحويلهم إلى عناصر إيجابية في المجتمع، ولكن هناك من تسللوا عبر الحدود إلى ليبيا والصومال، وانضموا إلى حركة الشباب الإرهابية في الصومال، وداعش في سوريا، ولكنهم مجموعات صغيرة، ولعدم تمدد هذه الظاهرة أوجدنا مجلساً أعلى للتحصين والرعاية الفكرية، وهذا المجلس برئاستي شخصياً، وفيه العديد من المختصين والعلماء، ويعمل على وضع برامج الرعاية لتحصين شبابنا من الأفكار المتطرفة والتشيع. * منذ متى أنشأتم هذا المجلس سيادة الرئيس؟ - منذ أربع سنوات، عندما ظهرت أول مجموعة متشددة كانوا يجهزون متفجرات، وانفجرت عبوة معهم، واستطاعت الأجهزة الأمنية القبض عليهم ثم أجرينا حوارات معهم، ونجحنا في استرداد عدد كبير منهم، وأطلقنا سراحهم، وبفضل ذلك نستطيع أن نقول إن النشاط الإرهابي داخل السودان محدود. * سيادة الرئيس.. جنوب السودان يعاني مشاكل وأزمات.. كيف تنظرون لهذا الأمر؟ وهل من مبادرات لحل الإشكاليات في جنوب السودان؟ - الذي حدث في الجنوب ليس مفاجأة، فقد كنا نقول إن الجنوب ليس جاهزاً لقيام دولة، وفي تلك الفترة كنا نتهم بأننا نتهرب من تنفيذ الاتفاقية، وتحت هذا الإرهاب الفكري نفذنا الاتفاقية، ونحن نعرف مكونات الجنوب بمشاكله وصراعاته، فالصراع العرقي خطير جداً، ومنذ بداية المشاكل في جوبا قتل في ليلة واحدة أضعاف الذين قتلوا في 20 عاماً من الحرب، لأن ضحايا الحرب هم حملة السلاح من المتمردين أو من القوات المسلحة، ولكن في الحرب الأهلية تباد أحياء بالكامل، وبكل أسف الخسائر هناك ضخمة جداً، واضطررنا لفتح حدودنا من باب المسؤولية الأخلاقية تجاه إخواننا، فقد كانوا جزءاً منا في دولة واحدة، والحل يجب أن يشمل كل مكونات الجنوب، فعزل أي طرف يعد تعطيلاً للاتفاق، فالمطالبة بإبعاد الدكتور رياك مشار -وهو عنصر أساسي في الجنوب- من المنطقة إلى جنوب إفريقيا معناه أن تتعامل مع عشرات القادة الميدانيين، وهذا صعب لأن التعامل مع شخص واحد أسهل من التعامل مع عشرات الرؤى، وإذا شعر كل جانب بأنه الأقوى لن نصل إلى حل، ولذلك يجب أن تجلس الأطراف لمراجعة الاتفاقية، وتنفيذ ما ينقصها. * فخامة الرئيس سمعنا كلاماً عن فسائل نخيل أرسلتها إحدى الشركات الخاصة الإماراتية، واكتشفت السلطات السودانية أنها فاسدة، فهل يؤثر هذا الحادث على الاستثمارات الإماراتية والخليجية في السودان؟ - هذا حدث عارض، ويمكن أن يحدث، فكثير من البضائع قد تتخللها بعض المشاكل، وهذا لا يؤثر على الاستثمارات، نحن نبحث أين حدث الخطأ، خاصة أن المرض الذي وجد في الفسائل غير موجود في الإمارات، ويجب بحث رحلة هذه الفسائل من الإمارات إلى السودان لمعرفة أين وقعت الإصابة؟، هناك الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة نحن نعمل عليها، ونحن مهتمون بالمشروع، ومشروع النخيل في السودان أعتبره مشروعي، خاصة أن لدينا ثلاثة مشروعات كبيرة مع شركة جنان، لذلك أقمنا المشروع بالشراكة مع الحكومة، لأن هذه المشروعات تستهدف المواطن السوداني، وتبنى على مزارع تملك للمواطنين عبر تأسيس مزارع، وتسترد الشركة تكلفتها من الإنتاج، وتستهدف هذه المشروعات نصف الشعب السوداني خلال عشر سنوات، لذلك نحرص على هذه المشاريع، وتصحيح أي خطأ. * فخامة الرئيس ما هي رسالتكم للمستثمرين الإماراتيين والخليجيين في السودان؟ - أولاً نحن تربطنا علاقات قوية جداً، وهناك إرادة لدى الدولتين للاستثمار وحمايته والتعاون في هذه المجالات، وهذا مناخ إيجابي لأي مستثمر يسعى لتحقيق الفائدة، ويمتاز السودان بموارد غير موجودة في أي دولة عربية أخرى، والاستثمارات الإماراتية تجد في السودان الحماية الكاملة، ونسعى لجلب المزيد من الاستثمارات الإماراتية للسودان. * ما هو القطاع الاستثماري الذي ترون أن السودان قادر على طرحه للمستثمرين؟ - قطاع الغذاء طبعاً، ونحن في السودان قادرون أن نوفر احتياجات العالم العربي من الغذاء، خاصة أن تكلفة المواد الغذائية في الوطن العربي ضخمة، لذلك يعد الأمن الغذائي العربي مشروعاً رائداً ومهماً وحيوياً، وله الأسبقية، وهناك أيضاً مجالات التعدين، فالسودان غني بالمعادن بكل أشكالها حتى المعادن النفيسة، ولدينا الغاز والبترول، والسودان يصلح كموقع للتسويق إلى الوطن العربي وخارجه، كما أن لدينا خدمات للطيران والمصارف، وكلها مجالات كبيرة للاستثمار. * السؤال الأخير فخامة الرئيس ما رأيك في معرض «آيدكس» ، خاصة وأنت تهتم دائماً بالحضور، فما تقييمك للمعرض وللإنتاج العربي العسكري؟ - أولاً المعرض يقوم على فكرة ذكية هو مشروع استثماري سياحي من الدرجة الأولى، فعدد الزوار وأعداد المشاركين لن تجده في أي نشاط آخر، إضافة إلى أنه فرصة لتبادل المعارف، وما شاهدته في المعرض رسالة بأننا لو تكاملنا في صناعتنا العسكرية يمكن أن نخرج بنتيجة قوية لصالح الوطن العربي كله، والتقنية العسكرية مهمة جداً، خاصة أن المنطقة تعيش تهديدات إقليمية متعددة، لابد من مواجهتها باليقظة والاستعداد العسكري، ومواكبة التطورات التقنية، وإلا فإننا نضع أنفسنا في موضع الخطر، يجب أن نستفيد من القدرات العربية، ونرى ميزات كل منا لتحقيق التكامل الذي تطمع إليه شعوبنا.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©