الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«اليوم الثقافي».. الخروج من شرنقة النخبوية

«اليوم الثقافي».. الخروج من شرنقة النخبوية
22 نوفمبر 2012
في إطار بحثه عن قنوات ثقافية جديدة للتواصل بين المثقفين، والخروج من الإطار الثقافي النخبوي باتجاه المجتمع الواسع وشرائحه الأخرى، وفي سعيه لتحقيق ثقافة تفاعلية يحاول اتحاد كتاب وأدباء الإمارات - فرع أبوظبي أن يقدم برامج ثقافية مختلفة وأن يكون على تماس مع فعاليات ثقافية مجتمعية أخرى. من هنا، جاءت فكرة "اليوم الثقافي" الذي نظمه الاتحاد يوم السبت الماضي، بالتعاون مع المجموعة الثقافية "أنا أحب الإمارات" التي تسعى إلى التعريف بالإبداع الإماراتي ونشره ودعمه وتسويقه سواء عبر الإنترنت أو من خلال إقامة أيام ثقافية في المؤسسات والمعاهد والكليات والجامعات كما قالت الناشطة الثقافية الإماراتية أمل العقروبي التي تدير الموقع الإلكتروني الخاص بالمجموعة. باعتبارها أول تجربة مع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، حرص منظمو النشاط على أن يكون “اليوم الثقافي” متنوعاً، فجاء البرنامج شاملاً لعدد من الأنشطة التي تتميز بالتنوع وانفتاح الفنون على بعضها البعض: الشعر والسرد والنشر والعمل الثقافي بشكل عام. وقال الشاعر والفنان محمد المزروعي رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات - فرع أبوظبي أن هذا اليوم الثقافي، ليس سوى “خطوة أولى تجريبية، تختبر الفكرة وأبعادها وستعقبها خطوات أخرى تتمثل في أيام ثقافية مقبلة، تشمل الموسيقى والتشكيل وربما المسرح والسينما كلما سنحت الفرصة أو طرحت أفكار تصلح ليوم ثقافي”. تعارف معرفي في أجواء حميمة، بعيداً عن الرسميات وقريباً من الشغف وروح الإبداع، جرت فعاليات اليوم الذي تغيّا أن يخلق مساحة ثقافية صافية يتعارف فيها المبدعون، يتحدثون، يتحاورون، يتناقشون، يتفقون ويختلفون، ويعرضون رؤاهم في أريحية القبول بالآخر والاعتراف به. في مضمونه الكلي لم يحمل “اليوم الثقافي” جملة من الأنشطة الثقافية فقط، بل حمل ثيمات وقيم إنسانية وإبداعية لعل أهمها التواصل بين الحضور، وتحقيق التقارب والتعارف بينهم لا سيما وأن وجوهاً كثيرة تحضر لاتحاد الكتاب للمرة الأولى. وكانت الحلقات النقاشية التي نظمت وسطاً خصباً لمثل هذا التعارف خاصة في وجود غالبية من الأجانب من جنسيات غير عربية. علاوة على المعرفة التي وفرتها النماذج الشعرية والسردية التي قرأها الحضور وناقشوها وقدموا مداخلاتهم حولها. خصصت الحلقة الأولى للشعر، وحضر فيها الشاعر الفلسطيني العربي محمود درويش من خلال قصيدته الشهيرة “خطبةُ “الهندي الأحمر” ـ ما قبل الأخيرة ـ أمام الرجل الأبيض” التي وظف فيها درويش هذا الحدث التاريخي بشكل مبهر مسقطاً إياه على الفلسطيني، الذي يراد له أن يكون “هندي أحمر جديد”? حيث تتم ضده عملية إبادة منظمة، تقتلعه من أرضه وجذوره. تشارك عدد من الحاضرين في قراءة القصيدة بحيث قرأ كل شخص مقطعاً من المقاطع، وقدم البعض مداخلات تلقي الضوء على أجواء القصيدة ومناخها الشعري. في القصيدة ينسف درويش الرواية الصهيونية التي اختلقت كياناً من الوهم، ووظفت من أجل تحقيق الكيان الاستعماري الدين وزوَّرت التاريخ، ولم تتردد في شن حرب ثقافية شعواء، لا هوادة فيها، على كل ما يشكل الذاكرة الفلسطينية في محاولة لإحلال الرواية الصهيونية مكان رواية أصحاب الأرض الأصليين. لكن القصيدة، كعادة درويش، لم تبق في هذا الحيز الجغرافي أو في فلسطينيتها بل اتسعت لتحمل رؤية إنسانية عالمية.. من هنا، لم يكن غريباً أن يجد تامر سعيد فيها إسقاطاً على ما يجري في العالم العربي من حراك ثوري ورفض للدكتاتورية والفاشية ومصادرة الرأي الآخر وقمع الحريات، وهي قراءة ممكنة تتسق مع كون النص، أي نص، جسداً لغوياً قابلاً للتأويل ومفتوح على الاحتمالات المختلفة كما قالت الشاعرة بروين حبيب. على الطرف الآخر، ومع نادي القراءة باللغة الإنجليزية ناقش الحاضرون مقاطع من رواية “الخيميائي” الشهيرة للروائي البرازيلي باولو كويلهو. وقالت الكاتبة ديدرا ستيفنسون أن الحلقة النقاشية “كانت ثرية، ممتعة، ومثيرة بشكل كبير، وأن أعضاء المجموعة كانوا فعالين وحرصوا على الغوص وراء الأفكار العميقة التي تختفي وراء هذا العمل الأدبي الكبير”. وأضافت “مثل هذه الجلسات والمناقشات مفيدة جداً لنا ككتاب ومؤلفين، وهي بالتأكيد إثراء لخبراتنا المعرفية، ومختبر لقدراتنا الكتابية”. تبادل للتجارب في فقرة الحديث عن التجارب الإبداعية او الثقافية استمع الحضور إلى خمس تجارب مختلفة: تجربة أمل العقروبي نفسها في تأسيس الموقع وتشكيل مجموعة من المهتمين بالقراءة والثقافة وتبادل المعرفة، والأهداف والطموحات التي تسعى إلى تحقيقها.. ثم تجربة الكاتبة الإماراتية نورة النومان صاحبة رواية “أجوان” في الكتابة للطفل وتجربة الكاتبة ديدرا ستيفنسون صاحبة المجموعة القصصية “قصة الحكيمة: انتقام الجني الأزرق” في الكتابة للطفل، ثم تجربة دار “كلمات” في الشارقة بوصفها تجربة مهمة في عالم النشر، وتجربة بروين حبيب الإعلامية والثقافية. المرجعية الغائبة بحديثها عن عالمها الإبداعي الذي تشكل منذ الطفولة في أفياء الخيال العلمي ومؤلفاته المكتوبة باللغة الإنجليزية أدخلتنا الكاتبة نورة النومان إلى عوالم الجزء الأول من روايتها “أجوان”، وهي رواية خيال علمي تتكون من أربعة أجزاء ستنشر تباعاً. تقول النومان: “اعتدت قراءة كتب الخيال العلمي منذ كنت في الرابعة عشرة من العمر، رغم أن هذه الكتب كانت موجهة للكبار ولم تكن موجهة لليافعين. ولعالم الخيال العلمي ثقافته وتقاليده وتقنياته الخاصة به. لكن أجمل ما في الأمر أن بإمكان أي كاتب موهوب أن يأخذ هذا العالم وينسج على منواله روايته أو قصته التي يرغب في كتابتها”. بيد أن الأمر لم يكن بهذه السهولة على صعيد التطبيق، فالنومان التي اعتادت القراءة باللغة الإنجليزية لم تجد، حسب قولها، كتباً من هذا النوع مكتوبة بالعربية. والكتب التي وجدتها تعد على أصابع اليد، وهي في الغالب قصصاً طويلة وليس روايات. الوحيد الذي عثرت عليه هو الروائي أحمد خالد توفيق الذي قالت إنها قرأته منذ مدة قصيرة فقط. ولاحظت النومان ان العرب لا يذهبون بعيداً في الخيال وأن أحداث قصصهم تدور دائماً على كوكب الأرض وتعالج قضايا موجودة في الواقع. وتعقب قائلة: “شعرت أن هذا يحدّني ويحصرني. أحب أن تكون القوانين التي تحكم عملي الأدبي قوانيني وليست الموجودة على كوكب الأرض. وإذا كتب الكاتب في هذا الإطار ولم يلتزم بقوانين الأرض لا يقتنع القراء بفكرته لكن حين تكتبين عن عوالم أخرى ومخلوقات أخرى يمكنك وضع قوانينك الخاصة والتحليق في الخيال كما تشائين”. وعن التحديات التي واجهتها في الكتابة ذكرت أن من أهمها عدم وجود مرجعية عربية لديها، واضطرارها إلى البحث عن ألفاظ تناسب هذا العالم المختلق الذي صنعته، ما دفعها إلى القول بأننا في حاجة إلى قاموسنا الخاص لكتابة الخيال العلمي. ومن التحديات التي واجهتها أيضاً ضعف لغتها العربية حيث اعتادت الكتابة والقراءة بالإنجليزية، لكن هذه بالذات تحولت إلى ميزة، فقد جاء الأسلوب بسيطاً وسهلاً “ليس لأنني قمت بتبسيطه ليناسب اليافعين، بل لأنني لا أستطيع أن أكتب سوى بهذه الطريقة التي قيل إنها سلسلة وغير معقدة”. أما التحدي الأصعب فهو جذب انتباه اليافعين وشدهم للعمل، فاليافع لا يحب الوعظ ولا النصائح وقد كنت شخصياً أهرب من روايات كهذه، لهذا حاولت جهدي كتابة رواية مثيرة، تجري أحداثها خارج كوكب الأرض، وتقدم للشاب، عبر رحلة البطلة “أجوان” المعذبة التي وصلت إلى القاع ثم نهضت بنفسها، درساً غير مباشر في كيف يحقق ذاته وأحلامه وينهض بنفسه ووطنه. «كلمات» ونجاحاتها وتطرق تامر سعيد إلى تجربة دار “كلمات” للنشر والتوزيع في الشارقة، معرفاً بها وبأهدافها التي تمثلت في رفد السوق العربية بأفضل كتب الأطفال من حيث المحتوى والإخراج الفني. وقال: “أصدرنا ما يقارب 120 عنواناً للأطفال واليافعين عالجت همومهم اليومية والحياتية عبر القصة والرواية، مع التركيز على فئة اليافعين التي يمكن القول إنها تسقط من حسابات الناشرين، فالكتب الموجهة لها قليلة رغم أنها فئة قرائية مهمة جداً”. وأشار تامر سعيد إلى أن التجربة أثمرت على أكثر من صعيد، وأن الدار نجحت في أن تقدم الكتاب والرسامين العرب بشكل عام والإماراتيين بشكل خاص، وأن ترتقي بكتاب الطفل، حيث بيعت كتب كلمات إلى بريطانيا وأميركا وكندا والسويد وإيطاليا وتركيا لكي تترجم بتلك اللغات”. رحلة مع الجن “يأتي هذا الكتاب ثمرة جهود كبيرة يصعب عليّ الاختيار بينها، وأعترف لكم أنني لما استطعت أن أُنهي كتابة هذه الحكاية من دون مساعدة زوجي الحبيب د. حسين المسيح الذي لم يكفّ يوماً عن دعمي وتشجيعي على إنجاز هذا الكتاب. بالاضافة إلى ذلك، إبني إبراهيم كان مصدر إلهامي في هذا العمل، بنظري إنه الولد المحب الذي تطمح كل أم للحصول عليه، بالرغم من اضطراب التوحد الذي رافقه منذ الولادة”. هكذا بدأت ديدرا ستيفنسون حديثها عن تجربتها الكتابية لتؤكد أن “ما دفعني إلى كتابة الروايات الثلاث هو لقائي بعدد كبير من الأفراد الذين اعتقدوا إن إبراهيم قد “مسّه الجن”. كان من الممتع كثيراً أن أكتب هذه القصة وأصوّر فيها شخصيات تعكس واقع حياة إبراهيم وبعض التجارب غير العادية وحتى الروحية/ فوق الطبيعية التي خضناها وإياه. أتمنى من كل قلبي أن يطوي بعض القراء الصفحة الأخيرة من هذا الكتاب وفي نفوسهم تقدير أكبر للأطفال “المميزين” بطريقة من الطرق وفهم أوضح لوضعهم”. ولم تنس الكاتبة أن توجه شكرها إلى “أصدقائي وأطفالي الثلاثة الباقين سعيد، وعبدالله وحنان على تشجيعهم وثقتهم بمقدرتي على كتابة هذا الكتاب ورؤيته يُطبع في دور النشر ويُباع في المكتبات. لطالما آمنوا بي، وقدموا لي الكثير من الأفكار المفيدة وعبّروا عن آرائهم حيال تطور الشخصيات في مجرى أحداث القصة”. وقالت: “أغتنم هذه الفرصة لأتوجه بالشكر والتقدير الكبيرين إلى صديقاتي، وإلى إمارة الشارقة التي ألهمتني هذا العمل من خلال الأقاصيص الكثيرة التي سمعتها فيها. إن غنى هذه الإمارة بالتراث العريق وتعدد الحكايات فيها، وبخاصة الغموض الذي يلفّ بيت الجن المعروف، كانا مصدر إلهام معقل الأرواح في القصة. ولإنجاز هذا العمل، كنت أجلس كل صباح على شاطئ نادي سيدات الشارقة لأتأمل جمال هذه الإمارة وأستمع إلى تجارب صديقاتي السيدات مع عالم الجن. في الواقع، أعتقد أن هذه الإمارة هي المكان الأنسب لكتابة قصة عن عائلة تسعى إلى الارتباط بتراثها الإماراتي من جديد واستعادة كنوز ما تقدمه الثقافة العربية، وتاريخها وعاداتها”. الخيار الصعب بدأت بروين حبيب الحديث عن تجربتها الثقافية بالتأكيد على أن خيار الثقافة كان بالنسبة إليها “خيارها القاسي”، وأوضحت ما تعنيه بذلك قائلة: “كمذيعة تدخل إلى العمل التلفزيوني واجهت الكثير من التحديات لعل أهمها النظرة التقليدية لدى المسؤولين في التلفزيونات والفضائيات حول البرنامج الثقافي الذي يعتقدون أنه لا يجذب المعلن ولا يحقق نسبة مشاهدة، وكثيراً ما سمعت تعبيرات محبطة من نوع “أنت وجه جميل ومحبوب يمكنك أن تقدمي برنامج منوعات يحقق نسبة مشاهدة عالية ونجومية فلماذا تشغلين رأسك بالثقافة؟”. بالنسبة إلي، كنت وما زلت لا أعترف بهكذا نجومية ولا أسعى وراءها. كان عندي مشروعي الثقافي ولم تكن الثقافة ترفاً أو اهتماماً طارئاً في حياتي بل هماً حقيقياً يؤرقني. الثقافة مشروع حياتي وحبي وما زلت حتى الآن أستمتع كثيراً وأنا أجهز أو أحضر للضيف. أفعل هذا بشغف ورغبة جامحة”. عانيت كثيراً، تابعت بروين قائلة، لكي أكوّن هذه الصورة المقترنة بالثقافة والجدية ولكي أقدم تجارب مغيبة إعلامياً في ظل اللهاث الإعلامي وراء نجوم يتم التركيز عليهم في الإعلام”. واستدركت في صراحة لافتة: “أنا أيضاً خذلت المشاهد أحياناً لأنني في النهاية موظفة وللعمل الإعلامي شروطه التي قد لا تعجبك أحياناً، وبين أدونيس وبين واسيني الأعرج كان لا بد من لبلبة على سبيل المثال لا الحصر”. وفيما يشبه النقد الذاتي أشارت بروين حبيب إلى أنها بدأت العمل في التلفزيون وهي تحمل شعاراً ساذجاً هو أن الجمهور “فكرة حمقاء”، وهي فكرة كثيراً ما جرى التعبير عنها في الأدبيات النقدية، وبما أنها آتية من أرض النقد والأدب كانت تعتقد أن الجمهور هم النخبة، الصفوة، وهم المبدعون والمنتجون لكنها اكتشفت مفهوماً آخر للجمهور على أرض الخبرة والمعايشة. تقول: “الجمهور هم الناس العاديين والبسطاء. هم أمي وأختي وخالتي وجارتنا وأبناؤنا والناشئة والمرأة المنقبة التي لطالما أحببت الوصول إليها.. وكنت أشعر بالسعادة كلما استوقفتني امرأة لتسألني عن كتاب أو رواية لمبدع قدمته في برنامجي الثقافي. أما الشكل الآخر للمعاناة فكان نابعاً من المثقف نفسه، هذا المثقف الذي ينظر إلى التلفزيون كثقافة “واطئة” أو متدنية رغم أنه يسعى وراءه ويتمنى الظهور من خلاله.. وما دمنا نناقش قصيدة محمود درويش الثرية هذه، لا بأس من استعادة عبارة قالها لي ذات لقاء قبل موته بفترة وجيزة يصف فيها التلفزيون: “التلفزيون وحش مفترس، جائع، يريد أن يملأ الساعات والوقت على حساب الناس”. تدرك بروين حبيب أن الثقافة شيء والتسويق شيء آخر، وكان بإمكانها، كما قالت، أن تتجه إلى المنوعات وتحصد مكاسب أكبر (حتى على المستوى المادي) أو النجومية.. لكن الشأن الثقافي بالنسبة لها شأن حياتي وصميمي، والنجومية لا تعني لها شيئاً: “أنا لا أعترف بالنجومية. لا رهان على هذا الضوء والمجد والبطاطا. أنا أجد نفسي في الأدب والشعر لأن هذا هو الأبقى والأنقى والأقرب من الناس. وإذا تمكنت من أوصل صوتاً أو أقدم تجربة مغيبة فحسبي ذلك. لأننا في الإعلام نركز على المكرسين والمشهورين وربما نبرزهم أكثر ونصنع منهم نجوماً وننسى أن هناك تجارب أخرى مهمة، ولكن الناس لم يعرفونها لأن الإعلام لم ينتبه إليها ولم يقدمها كما ينبغي. مشكلتنا في الإعلام العربي أننا نفتقد حس التسويق الذكي ولا نعرف كيف نسوق ما عندنا. لدينا كتابا وكاتبات من المفروض أن يصلوا إلى العالمية لكننا لا نعرف كيف نروّج لهم. نحن نعاني. لا أقول إنني (مناضلة إعلامية) لكنني عانيت خلال عشرين سنة لكي أقدم بعض ما أحلم به. كثيراً ما دافعت عن كاتبات وكتاب وطرحت أسماءهم المرة تلو المرة ليس لأن تجربتهم لا تستحق بل لأنهم رغم أهميتهم غير مشهورين أو مجهولين، ولأنهم حسب المعايير الإعلامية السائدة (مادة غير جاذبة للمشاهد).. خضت معاركي الصغيرة من دون أن أيأس منطلقة من قناعتي بأن دوري الأساسي هو الدفاع عن الأسماء والتجارب الحقيقية والمغيبة أو المطمورة لأن للنجومية شروط أخرى، لكنها ليست حقيقية ولا تتعلق بالإبداع فقط. ولكي لا نبخس الناس أشياءهم لا بد من التأكيد على أن هذا الكلام لا ينسحب على جميع المثقفين ولا على جميع النجوم، فالكثيرون قدموا تجارب مهمة صنعت نجوميتهم”. وعرجت بروين حبيب على نشأتها وطفولتها وتعلقها بالشعر وإلقائه منذ الصغر. وألمحت إلى أنها لم تجد في طفولتها الكتب المذهبة ولا الموسوعات. كل ما كان في البيت هو القرآن الكريم ورياض الصالحين، مشيرة إلى أنها حفظت القرآن الكريم وهي في التاسعة من العمر على يد المطوع وأن علاقتها باللغة نشأت من القرآن الكريم، لكن فيما بعد وجدت في المدرسة معلمة أخذتها إلى مكتبة في المنامة لكي تقع هناك على كنزها من سلسلة روائع الكتب العالمية فضلاً عن مجلة ماجد التي رافقت طفولتها. نشأت بروين عاشقة للقراءة، وهي ترى أنها “محظوظة لأن الله سخر لي أناساً ظهروا في حياتي في الوقت المناسب وشجعوني ودعموني وآمنوا بموهبتي”. وذكرت بروين أن علاقتها بالتلفزيون كانت نقلة نوعية في حياتها، مشيرة إلى أنها بدأت مبكرة وكان أساتذتها يخشون عليها وعلى موهبتها منه. وقالت: “كنت أحب التلفزيون من دون أن أعرف. لم تكن لديّ رغبة في الشهرة أو في الظهور في التلفزيون. وأبداً لم يراودني هذا الحلم. كنت أحب إلقاء الشعر وأقف أمام المرآة وألقي القصائد التي أحفظها. شاركت في مسابقات إلقاء الشعر في المدرسة وفي الجامعة حصلت على خمسة ميداليات في فن إلقاء الشعر. ربما كنت بهذا أعوض رغبتي في التمثيل التي حرمت من تحقيقها بسبب رفض العائلة لها رفضاً قاطعاً. كما رفضت دخولي التلفزيون، لكنني دافعت عن حقي وأقنعتهم بعد جهد بأن بدأت بتقديم نشرات الأخبار. كنت أنتزع الأشياء انتزاعاً ولم تكن طريقي سهلة”. قدمت بروين الكثير من البرامج الاجتماعية والأسرية حتى تمكنت من أن تتخصص في البرامج الثقافية في العام 1998. ولما فاز برنامجها عن نزار قباني “شاعر في قلب عصره” بجائزة مهرجان القاهرة للتلفزيون عرض عليها العمل في تلفزيون دبي. مرة أخرى خاضت معركة مع العائلة وجاءت إلى دبي في رحلة تجريبية، استكشافية، يفترض أنها لن تستمر أكثر من سنة.. وختمت بروين: “السنة صارت سنيناً... وهاأنذا أبقى 15 سنة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©