الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبيد الضنحاني: أحلم بألا تكون الزراعة مهنة هامشية حتى لانلجأ إلى المستورد

عبيد الضنحاني: أحلم بألا تكون الزراعة مهنة هامشية حتى لانلجأ إلى المستورد
31 يناير 2011 19:42
موزة خميس (الشارقة) - لا يمكن لأحد أن ينكر دور مدينة دبا منذ العصر الفينيقي، حين كانت مركزاً تجارياً بين شرق وغرب آسيا وبين أوروبا، حيث كانت تعبر السفن التجارية وتتوقف في دبا التي كانت تعد كالمركز التجاري، ولذلك لا يخفى على أحد اليوم الملامح التي توارثها رجال دبا، والتي يمكن من خلالها قراءة تاريخ أجدادهم ، حيث كانت دبا جزءاً من تاريخ الجزيرة العربية. دبا البهية بنخلاتها الوارفات، وبالمياه العذبة الرقراقة منسابة في سواقي مزارعها، وبالحياة الدافئة الهادئة التي تمضي بين حواريها، تتباهى أيضاً بأنها تحتضن رجالا من الزمن الجميل، يتذكرون أمجادها وما عايش أهلهم من صعوبة الحياة قبل الحضارة. عبيد علي الضنحاني واحد من رجال دبا، رجل مخضرم يمثل صورة نموذجية لرجل الإمارات الذي تغذى على الشجاعة والاستمرار في حب الأرض والعمل حتى الشيخوخة، ولذلك عندما التقيناه لم يكن في أحد البيوت أو داخل مجلس وثير، وإنما كان يشق طريقة بين المزارع التي بقيت شاهدا على عهد الصبا والشباب والعمل الدؤوب منذ ما بعد شروق الشمس وحتى غروبها. يقول عبيد: “برغم تعب الجسد تأبى الروح الركون والقعود في دعة”، ولا نستغرب فهو حفيد من كانوا يقبلون بعيونهم كل يوم أشجار الهمبا والليمون والنخيل، ويتوضأون من ماء الأفلاج وهو يعبر في وريد الأرض ليسقي أشجار مزارعهم التي يفدونها بالروح، وأكد أنه قضى عمرا مديدا من العمل بمشقة قبل أن تتوفر أي آلات كهربائية أو حديثة، وكان يحفر في الأرض بكفه العارية من القفازات المطاطية المبطنة. أكمل الضنحاني بأن أيام عمره قضاها وهو يخرج سيراً على قدميه التي لم تذهب إلا للصلاة أو العمل أو المنزل، ليذهب إلى شغفه الأول، إلى تلك الأشجار التي نبتت من عرق أجداده وأثمرت من ماء الأرض، وكان لا يحلو له تناول ثمارها وحيدا، يقول الضنحاني: كان القطاف يحلو بفكرة اقتسام تلك الثمار مع الأهل والجيران، وفي الغالب كل مزارع كان يفعل ذلك بنفسه، ورغم عدم مقدرته على الاستمرار بمزاولة الزراعة اليوم، إلا أنه لا يمكنه أن يهجر مشاهدة النخل والليمون والجوافة. يؤكد عبيد: إن جمال الحياة بالنسبة وأهله وكل من تربى في تلك الأرض، هو الاستمرار بالعمل والاستمرار بالذهاب إلى تلك الأرض الطيبة المعطرة بأريج السابقين، من الخلان والأحباب الذين رحلوا وبقيت ذكراهم عالقة في تلك الطرقات الضيقة، وأصداء أصواتهم وهو يعملون في المزارع لا تزال تتردد في مسامع عبيد وهو يعبر إلى أي مزرعة من تلك المزارع. يمر عبيد في سكة بين المزارع ويجلس تحت شجرة همبا او مانجو، وقد جلسنا إلى جواره ليتسنى له الحديث فقال رغم أن الجسم إن وهن أو تعب من العمل، إلا أن الروح تبقى تواقة للحرث والزرع والحصاد، ورائحة أزهار الفواكه والخضار لن تنتهي، طالما أن هناك من يحرص على العمل والبذل مهما كانت الظروف، ورغم أن عبيد يتحسر على أيام كان يحصل فيها كل مزارع على دعم، وقد ولت تلك الأيام إلا أنه يحلم أن تعود كي لا تكون تلك المهنة التاريخية على الهامش، وكي لا تكون المنتجات المستوردة هي المهيمن والأساس. عبيد الضنحاني يجد نفسه انه من جيل تربى على عزة النفس وعلى الرجولة التي تقودها الحكمة، وهو أحد حفدة رجال كانوا بصلابة صخر الجبل، وبتحمل الحصون للعواصف والرياح، وهو جيل سوف يزرع الحسرة في قلوب من عايشوهم، ويزرع الأسف في قلوب الأجيال الحديثة إن لم يتعلموا وينهلوا منهم ومن قيمهم وشجاعتهم، فهم جيل قلما يتكرر، مثل درر البحر الأصلية التي لم تزرع، ومثل صخور الجبال لم تصنع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©