الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الزوج الاتكالي» تصنعه الزوجة بيديها

31 يناير 2011 19:42
الاتكالية سلوك بدأ بالبروز مؤخراً على الساحة الاجتماعية، فقد تغيرت الأدوار الاجتماعية التقليدية للزوجين وكان لها بعض الانعكاسات في أن تتولى المرأة القوامة داخل الأسرة ويتكل الزوج عليها في شؤون المنزل، وترك إدارته للزوجة التي تتولى تقريبا القيام بكل مسؤوليات الحياة الأسرية. ( أبوظبي)- صورة تعاكس ما كان سائداً في الماضي بعد أن كان الرجل هو من يدير المنزل ويتكفل بكل ما هو متعلق بالمنزل، اختلف الحال لتختلف معه الآن معايير القوامة بين الجنسين، فبعد أن كانت الزوجة منذ القدم هي الطرف الأضعف في العلاقة الزوجية باعتبار الزوج هو من يدير دفة الحياة الزوجية، اختلف الوضع حالياً لأسباب عدة أبرزها التعليم وخروج المرأة للعمل واختلاف شخصية الأزواج، فتحررت المرأة بذلك اقتصاديا وقل اعتمادها على الرجل، مما أعطاها قوة في إدارة شؤون البيت والأولاد بمطلق الحرية دون الرجوع للزوج حتى توارى نفوذه في المنزل ، وهذا ما جعل الكثير من الأزواج يفضلون ترك الأمور في المنزل للزوجة لكي تتولى إدارة عوضا عنه . عن ذلك يؤكد خليفة المحرزي-رئيس المجلس الاستشاري الأسري بدبي: “ إن اعتماد الرجل في كل شؤون المنزل على المرأة أحد أسباب الطلاق وخصوصاً في المجتمعات الشرقية، فمع تقمص الزوجة شخصية الأب والأم في نفس الوقت، اضمحلت شخصية الرجل في المنزل وافتقد دوره وعدم واهتمامه بشؤون البيت. أشكال الاتكالية تتجلى صور الاتكالية في عدة ممارسات لعل من أبرزها-كما يضيف المحرزي- عدم الاهتمام بشؤون المنزل والاعتماد على راتب الزوجة تحت ذريعة أن راتبها يكفي لسد احتياجات المنزل. وعدم الصرف على مستلزمات الأسرة والأبناء وعدم المشاركة في التربية، والأسوأ من هذا كله عندما تصل الاتكالية إلى حد ترك العمل والجلوس في البيت والاعتماد على راتب الزوجة. ومن واقع عمله يذكر المحرزي معاناة إحدى الزوجات.ويقول:” أخبرتني إحدى الزوجات التي تعمل موظفة أن المعاناة التي تعيشها تتمثل في كثرة المشاحنات اليومية .لأنها تحولت فجأة إلى العائل الوحيد للأسرة وأصبحت حياتها مليئة بالتوتر، بسبب ترك زوجها لعمله، ورفض الالتحاق بأي عمل آخر، إلى جانب الجلوس في البيت بلا عمل بحجة إنها تعمل ولا داعي لاستعجاله في البحث عن عمل جديد. يتابع المحرزي “ إذا جاء وقت الراتب استقطع لنفسه مصروفا خاصا به. دون أن يفكر في مسؤولية المنزل أو أبنائه مما أجبرها أن تطلب الطلاق مراراً بشكل جدي”. معاناة زوجات اكتشفت بعد الزواج أن زوجي عديم الفائدة واتضح ذلك من خلال ضعف شخصيته في التعامل مع متطلبات الحياة الزوجية عن ذلك تقول ( منى.س) :” تعوده على ترك كل أمور المنزل لي، وعدم استعداده لعمل أي شي، ونشأته مدللاً ووحيداً في بيت أهله وعدم اعتماده على اتخاذ أي قرار في حياته وقيام أمه بكل احتياجاته.كل هذه الأسباب جعلت منه اتكالياً بدرجة أولى”. تصمت منى وتتابع بحرقة :” حاولت أن أصلح الأمور وأكلفه ببعض التكليفات، ولكنه كان يتقاعس عن الأداء في كل مرة حتى أصبح علي القيام بدور الرجل والمرأة في البيت ، وحتى الآن ما زال الوضع على ما هو عليه لا يشعر بالغيرة حين أعمل وأقوم بكل شيء للبيت وللأطفال “. حالة أخرى لا تقل معاناة عن سابقتها. تقول شيخة التي فضلت ذكر اسمها الأول فقط :” سرعان ما اكتشفت ضعف شخصية زوجي خلال “شهر العسل” فهو اتكالي لدرجة أنه ليست له أي كلمة ، ويعتمد عليّ اعتماداً كلياً في كل شيء خاصة في السفر”. تتابع شيخة بضيق وتقول :”كنت أتوقع أن هذا الشيء سيكون في الغربة فقط، ولكن عند العودة إلى المنزل ازداد الوضع لدرجة أن ظني خاب فيه. وتكمل شيخة ساردة صفاته “ هو رجل ضعيف الشخصية لايستطيع أن يحرك ساكناً، فكل شيء يشركني فيه إلى درجة أنه يقوم بالاتصال بي لأتفه الأمور وإبلاغي بكل صغيرة وكبيرة في مجال عمله. تتابع “ من تصرفاته تلك أصبحت لاأستطيع أن أعتمد عليه في أي شيء.لقد بت الرجل والمرأة في آن واحد” رأي الأزواج يلفت (خ.ع) أحد الأزواج الاتكاليين من واقع تجربته إلى أنه :” لا يمثل شيئاً في حياة أبنائه، حيث أصبح دوره في البيت الموافقة على كل قرار تصدره الزوجة بشكل إلزامي، والامتثال لأي تصرف يصدر من أفراد الأسرة”. يصمت ويتابع بتردد:” لا أملك اتخاذ أي قرار فيما يخص العائلة وعندما حاولت ذات مرة إلزام الأبناء بعدم التأخير في المساء ضربوا بكلامي عرض الحائط، لأنهم يدرون تماماً أن والدتهم هي من تدير المنزل وليس” أنا”. يصمت لبرهة ويقول “ اعتقدت أن اعتمادي على زوجتي في امتلاكها زمام الأمور سيحقق الخير الكثير، لكن مع مرور الأيام تّعود أبنائي على سلبيتي وإيجابية والدتهم وسُحب البساط من تحت قدمي بإرادتي ولم أكتشف فداحة الأمر، إلا بعد أن كبروا فأدركت بعد فوات الأوان أنني مهمش في حياة أبنائي” . ويستنكر خميس راشد وجود مثل هؤلاء الرجال، فيقول :”أستغرب من هؤلاء الأزواج الذين لا يوجد لديهم أي إحساس بالمسؤولية أو الشعور بالغيرة أوالمبالاة .يضيف خميس :” نظراً لخروج المرأة إلى العمل وقيامها بكافة شؤون المنزل جعل الزوج يشعر بالراحة . لأنه في نهاية الشهر ستأتي إليه الزوجة وتقدم راتبها على طبق. وهو سوف يحصل على الراتب دون تعب”. يلوم خميس بعض الزوجات . ويقول:” عندما يجد الرجل المال بيده. لا يفضل العمل وحين تقوم الزوجة بكل شيء وهي راضية عن ذلك دون أن تتفوه بكلمه وإن تكلمت فلن يؤثر ذلك في الزوج، فالمرأة من البداية جعلت الزوج اتكاليا وصنعت هذا الشخص بيدها دون أن تشعر بذلك”. أسباب الظاهرة ترجع أسباب بروز هذه الظاهرة كما يؤكد خليفة المحرزي :” إلى ضعف شخصية الرجل وتراخيه أمام زوجته، ورغبة الزوجة في تولي بعض الأمور المنزلية حيث يعتبر من أقوى الأسباب في نشوء الاتكالية من بدء الحياة الزوجية، وهذا ما يعبر عنه الزوج الاتكالي، إلى جانب سلبية هذا النوع من الأزواج وضعف شخصيته وتعوده على ترك كل أمور المنزل لزوجته يرجع سببها الرئيس إلى “نشأته المنزلية” حيث تربي بطريقة سلبية أو مدللا في أسرته، ولم يتعود على اتخاذ أي قرار في حياته. مضيفا المحرزي” أيضا قد يكون تساهل الزوجة معه وتعاطفها مع وضعه النفسي سببا كافيا ليتمادى بلا مبالاة ويترك لها كافة المسؤوليات، فالاتكالية هي صفة مكتسبة ربما لظروف خارجه عن إرادته، أو بسبب البيئة المحيطة به أو لضعف الشخصية وعدم الارتجال في أبسط الأمور من دون أي توجيه من أي شخص يحيط به”. يتابع المحرزي :” إلى جانب ضعف الوازع الديني لدى الزوج، الذي يمثل أحد أهم هذه الأسباب، عندما يتجاهل الزوج مفهوم الحقوق الشرعية ومدى الالتزام والوجبات الزوجية، وقد لا يكون الزوج سيئا ولكن طيبة بعض الأزواج بل سذاجتهم وحيائهم في مقتبل الحياة الزوجية تفتح باب الاتكالية للزوجة، والتي تجدها فرصة لفرض شخصيتها وتسلطها، فيرضخ الزوج خوفاً من المشكلات والانفعال ، وتتمادى الزوجة في ظل هذا الخنوع حتى تتحول الاتكالية إلى ممارسة يومية في كل شؤون الحياة. مضيفا المحرزي :” كما نجد الكثير من الأزواج الاتكاليين من يبرر تصرفه هذا بكثرة أعبائه ومشاغله وأسفاره تاركاً إدارة المنزل لزوجته يساعدها الخدم .فعليها بجانب العناية بالأطفال والتربية أن تحمل طفلها المريض إلى الطبيب، وأن تتابع طفلها في المدرسة وأن تصحب الأولاد في نهاية الأسبوع إلى أماكن الترفيه، وعليها توفير احتياجات المنزل من السوبر ماركت والإشراف على صيانة وتصليحات المنزل، ودفع فواتير الكهرباء وتصليح السيارة في الكراج، وهي من تنهي إجراءات الخادمة.كل ذلك والزوج يبرر بكثرة أعبائه وأشغاله. مثالاً على ذلك جاءت إحدى السيدات إلي مكتبي تشتكي من اتكالية زوجها.تقول عن تجربتها :” زوجي همه في الحياة هو الجلوس في المقاهي والمراكز التجارية طوال الوقت، واقتناء الماركات الشهيرة باهظة الثمن بالإضافة إلى المجاملات والهدايا الفخمة التي يقدمها إلى زملائه في المناسبات المختلفة وكلما طلبت منه قضاء حاجة ما احتج بكثرة انشغالاته وأعماله”. دورالزوج من جانبه يلفت المحرزي .ويقول في هذا الشأن :” تكمن مشكلة تولى المرأة زمام الأمور في المنزل انحسار دور الزوج .والتقليل من دوره مما يترتب عليه تعالي المرأة عليه وتعاملها له بعنف وتوبيخ أمام أولادها والتقليل من شأنه وتهميشه في المنزل، وهذا مؤشر سلبي خطير على اهتزاز مكانة الأب أمام أبنائه، مما يؤثر سلبياً عليهم في مستقبل حياتهم. ويؤكد المحرزي:” التقليل من شأن الشريك سواء أكان الرجل أم المرأة يؤثر سلباً على نفسية الأبناء، وفي حال أن يكون الطرف الأضعف هو “الزوج” فإن الأمر يزداد سوءاً نظراً، لما يمثله الأب من قوامة وسلطة ذكورية لها اعتبارها في المجتمع الشرقي على وجه الخصوص، مما يجعل للوالد دوراً ثانوياً في حياة أبنائه لأنهم تعودوا على أخذ الأوامر والنواهي من والدتهم ، فتهتز صورته أمامهم وينتج عنه تشويه الفكرة العامة عن شخصية الأب في المنزل. تحول نسائي في دراسة حديثة أثبتتها البحوث العلمية مؤخراً يذكر المحرزي:” الخطورة تكمن في مسألة يغفل عنها معظم النساء وهي استمرار قيام المرأة بواجبات الرجال حتى وإن كانت كارهة لذلك، حيث بطريقتها تلك تسهم في رفع مستوى هرمون الذكورة “التستسترون الذكوري “، مما يؤدي إلى اكتساب صفات الذكر في التعامل والتخلي عن صفات الأنوثة عندها تكتسب بعض صفات الرجولة .وحتى تنضبط الأمور في الحياة الزوجية يلفت المحرزي :”إلى أنه لابد أن يقوم الزوج بدوره المناط به. فالدين الإسلامي خصه بوظائف تناسبه مثل الإنفاق والإدارة في المنزل وتولى كافة شؤونه، ومتى تنازل أحد الطرفين عن دوره، فإن هذا إيذان بانهيار هذه الأسرة وتزعزعها وتسرب الضعف إلى أفرادها”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©