الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شراكة العمل تفسد للود ألف قضية

شراكة العمل تفسد للود ألف قضية
9 مارس 2008 04:12
''صاحبك لا تحاسبه ولا تناسبه'' و ''الشركة تركة'' بمعنى أن الشراكة سبب للمشاكل والفرقة بين الأعزاء، هذه الأمثلة الشعبية وغيرها تساق في معرض ذم الشراكة في العمل غالباً، والمسكن أحياناً· وغالباً ما يتبرع أحدهم بنصيحة ثمينة مفادها: إذا كنت تريد أن تحتفظ بعلاقاتك الحميمة مع أصدقائك وأقربائك، فلا تشارك أياً منهم في عمل أو مشروع، لأن شراكة العمل تفسد العلاقات الاجتماعية وتقرّب أجلها، فهل يصح هذا القول على إطلاقه أم أن في العلاقات متسع للمحبة والمودة و··· الشراكة أيضاً؟ من خلال تجاربه في الحياة يفضل عبد الواحد وحّود، 34 سنة، لو يدير مشروعه وتجارته بنفسه ولكن ظروفه المادية لا تسمح؛ لهذا فهو مضطر لمشاركة الآخرين· بيد أنه يحبذ في حالات الضرورة أن يكونوا من غير الأصدقاء، فتجاربه الماضية علمته أن يدقق جيدا في اختيار أصدقائه وأن يختبرهم قبل أن يثق بهم ويشاركهم، يقول: ''لقد دخلت في شراكة مع أحد أصدقائي في مشروع لبيع العطور قبل سنوات، هو برأس المال وأنا بالمجهود، وقال لي: ''بما أننا أصدقاء فلا داعٍ لمشاركة الآخرين وأنت أولى من الغريب''· ولما بدأنا العمل تغيرت معاملته معي وصار هو ربّ العمل وأنا أجير لديه، فحزنت جدا وتركت العمل بعد أن فقدت الأهم منه، صديقي''· ورغم تلك التجربة المؤلمة يعمل وحّود الآن مع صديق آخر بنفس الشروط، لكن بوضع مختلف: ''فصديقي الحالي يعاملني بطريقة رائعة، ولقد أعطاني كامل الثقة ويعاملني باحترام شديد ولا يسألني عن شيء، وهذا يدفعني للتفاني والإخلاص له أكثر''· أما محمد التركماني، فقد قادته الشراكة مع أصدقائه إلى الدخول في قضايا لا زالت قيد النظر في المحاكم، يقول: ''كانت صداقتنا قوية للغاية، وعائلاتنا متقاربة كثيرا· كانت آمالنا وأحلامنا وأسرارنا كلها معا، ثم فكرنا بتتويج الصداقة وتعزيزها لتظل إلى الأبد، غير أننا اختلفنا في العمل، وحدثت بيننا مشاكل كبيرة وصلت أخيرا إلى المحاكم، وبالطبع عندها انتهت صداقتنا إلى الأبد''· بسبب الطمع التجارب المؤلمة التي حدثت مع وحّود والتركماني هي نماذج حيّة مما حدث ويحدث في الواقع مؤديا إلى خراب العلاقات الحميمية، وهو ما يدفع العديد من الناس لرفض تكرار التجربة حتى لا يخسروا أصدقاءهم· يقول تميم ناصر، 25 سنة، ''المفروض أن شراكة العمل لا تفسد العلاقات القوية القائمة على أساسات صلبة، ولكن ما يحدث في الواقع أن أغلب الشراكات بين الأصدقاء تنتهي بدمار العلاقة، وذلك لأن ''الفلوس تغير النفوس''، ومن هنا فلن أغامر بعلاقاتي من أجل العمل والنقود''· ويجزم بشار سليمان، أنه في المستقبل لن يشارك أحد من أصدقائه أو أقربائه لأنه في الآخر سوف يخسره، فقد رأى من حوله الكثير من العلاقات والصداقات التي دمرت بسبب الشراكة، حيث يقبل الصديقان على تعزيز علاقتهما ثم يدخل الطمع والجشع بينهما فتنهي العلاقة، وهذا وارد الحدوث حتى في شراكة الأخوة، وإذا لم يحدث بينهم فإنه يحدث بين نسائهم أو أولادهم، ومن هنا فأنني أؤمن بالمثل القائل ''العب وحدك ترجع راضي''، فإن ربحت أو خسرت فالأمر يعود لي وحدي· ويؤيده في ذلك صديقه عناد السيّد بقوله: ''أنا ضد الشراكة إذا كانت مع صديق أو قريب، لأنها في النهاية سوف تسفر عن مشاكل كثيرة وخاصة بسبب التدخلات العائلية''· مقبولة بشرط وهنالك من يرى بأن شراكة الأصدقاء جيدة ومقبولة إذا قامت على شروط محددة والتزم بها الطرفان· يقول محمد محمد ''أعتقد أنه لا مانع من مشاركة صديق في مشروع ما، شريطة أن يكون المشروع مدروسا جيدا، وأن تقوم الشركة على شروط واضحة ومحددة· ويؤيده في ذلك صديقه أنس هلال، الذي يرى أن ''الصداقة أهم من النقود، وإذا عرض عليّ صديقي مشروعا فسأناقشه في الأمر أولا، وإذا أعجبتني الفكرة فلا مانع من تنفيذها معا''· ومع أن علي عيسى، موظف متقاعد، لا يفضل الشراكة بين الأصدقاء لأنها تغير العلاقات وتنذر بخرابها، إلا أنه يرى أن الشراكة مع الصديق يجب أن تكون كأي شراكة أخرى مع الغريب، بمعنى أنها يجب أن تقوم على دراسة جيدة للمشروع ووضع بنود واتفاقية واضحة ومحددة تكفل حقوق الطرفين، فالصداقة شيء والعمل شيء آخر مختلف تماما، والصداقة عبارة عن عواطف في حين أن لا عواطف في العمل، وإذا لم تقم الشراكة على هذه الأسس فلن تنجح في المستقبل· من جانبه يرى الحاج جاسم محمد، أن الشراكة الحقيقية الناجحة سواء بين الأهل أو الأصدقاء يجب أن تنبع من قوله تعالى: ''تجارة تديرونها فيما بينكم'' فإذا كانت الشراكة أو التجارة قائمة على أسس سليمة ونيّة سليمة صافية وخالية لوجهه تعالى، وكان الطرفان صادقين أمينين، فسوف يطرح الله البركة في العمل ويدوم الوفق بين الشركاء، ورغم أن هنالك أشخاصا تتغير نفوسهم مع الفلوس إلا أن المؤمن الذي يخشى الله تعالى لا يتغير، يقول تعالى: ''ولا تخونوا الله وتخونوا أماناتكم''· وتقول رنا عابدة، موظفة في محل: أنا لا أحب الشراكة، وإذا أمكن أن يعمل الإنسان مشروعه وحده فهو أفضل، لأن الشراكة تخلق المشاكل ويقول المثل ''في الشركة ما في بركة''· أما إذا لم يكن يملك المال فهو مضطر لمشاركة أحد، ولكن أهم شيء لنجاح الشركة هي الثقة بين الطرفين، ودراسة المشروع جيدا، والتفكير بالاحتمالات السلبية قبل الإيجابية، وكذلك اختيار الشريك بشكل جيد· يركبها الشيطان ويؤكد أخصائي الطب النفسي أحمد عيد، أن الشراكة والعمل لهما تأثير على العلاقات الاجتماعية لأن الإنسان لا يظهر على كامل حقيقته إلا في المواقف الصعبة مثل العمل والمال، وحين تصبح هنالك احتمالات للربح والخسارة، والشراكة تظهر فروقات الرأي بين الطرفين حتى ولو كان المتشاركون إخوة· ويقول: إن طبيعة الشراكة وقوتها تعود إلى الصداقة نفسها أو العلاقة بين الشريكين، والتفاهم قبل عقد الشراكة لأن الصداقة هي شراكة بحد ذاتها ولكنها شراكة معنوية، وحينما تتحول إلى شراكة مادية ''شراكة نقود'' نجدها تفسد، لأن فيها احتمالات ربح وخسارة، ويركبها ''الشيطان'' دائما، ولهذا يجب أن تكون هنالك قوانين ولوائح من الأساس يلتزم بها الطرفان، فكل واحد لديه رغبة في التملك ويحب نفسه أكثر من غيره· ونادرا ما تجد شخصا يتنازل للآخر أو يغلّبه على نفسه، وتتدخل في ذلك عدة عوامل من بينها: طبيعة الشخص ومستواه الثقافي والاجتماعي، بالإضافة إلى طبيعة الشراكة، فيجب أن تكون متوازنة ومتعادلة، فشراكة المال والجهد غير متكافئة، والميزان غير مضبوط، فلا يجوز أن أوزن المال بالعقل لأنهما شيئان مختلفان· والفلوس كما يقول المثل تغير النفوس بالفعل، ولهذا تحدث المشاكل بين الإخوة على الميراث بسبب الرغبة في التملك وحب ''الأنا''· ونحن العرب عموما نغلّب الناحية العاطفية في حين أن الغرب لديه معايير واضحة، فالصداقة صداقة والعمل عمل، بينما نحن لدينا خلط بين العمل والصداقة· ونصيحتي لكل شخص مقبل على الشراكة هي: لو كانت فيها توازن ووضوح في كل شيء بأن يتممها، وأن تقوم على شروط واضحة و''اللي أوله شرط آخره نور''، وهذه الشروط تطبق على الطرفين بدون اعتراض، ومن الضروري أن تكون هنالك دراسة جيدة للمشروع من كل النواحي، ومن ناحية أخرى يجب استبعاد الناحية العاطفية من الشراكة مع مراعاة الناحية الإنسانية·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©