الشعور بالامتلاء وإنقاص الوزن.. هدف قابل للتحقق عبر «الكثافة الطاقية»

عند الحديث عن الامتلاء عبر تناول كميات أكبر من الأغذية منخفضة السعرات الحرارية، يبدو الأمر في الوهلة الأولى وكأنه حيلة أخرى لإنقاص الوزن، إلا أنه ليس كذلك. فالأمر هنا يتعلق بالأحرى بتجسيد عملي لمفهوم الكثافة الطاقية للمساعدة على إنقاص الوزن. وفي الواقع، تقوم العديد من أنظمة الحمية الغذائية المخططة بعناية مدروسة على مبدأ الكثافة الطاقية بشكل غير مباشر لضمان التخلص من أوزان محددة على فترة طويلة الأمد ثم الحفاظ على الوزن المثالي المنشود بعد الوصول إليه. أبوظبي (الاتحاد) - لمعرفة العلاقة التفاعلية بين كمية الأكل وعدد السعرات الحرارية والوزن، يكفي العلم بأن هناك معادلةً صحيةً تربط بين هذه العناصر الثلاثة بشكل متوازن. هذه المعادلة قائمة على مفهوم يصطلح عليه خبراء التغذية بـ”الكثافة الطاقية”، وهي ببساطة السعرات الحرارية (طاقة) الموجودة في كل كمية من الطعام أو الغذاء. فعندما تتحرق شوقاً لإنقاص بضع كيلوجرامات من وزنك، فإنه ليس عليك إلا وضع خطة قائمة على تناول أطعمة ذات كثافة طاقية منخفضة. أي تناول كميات أكبر من أطعمة قليلة السعرات الحرارية، فيمهد أمامك الطريق لتظفر بالحُسنيين: الشعور بالامتلاء وإنقاص الوزن. وفيما يلي مثال مُبسط يوضح ما ذهبنا إليه: الزبيب والعنب. فمعروف عن الزبيب أنه عالي الكثافة الطاقية، إذ إن كل كوب منه يحتوي على حوالي 434 سعرة حرارية. أما العنب، فهو منخفض الكثافة الطاقية، إذ لا يتعدى كوب واحد منه 104 سعرات حرارية. المفاتيح الثلاثة هناك ثلاثة عوامل أساسية هي التي تُحدد ما إذا كانت كثافة الطعام الطاقية عالية أم منخفضة، وهي كالآتي: ? الماء: فالكثير من الفواكه والخضراوات غنية بالماء، وهو ما يجعلها كبيرة من حيث الحجم والوزن دون السعرات الحرارية. وهذا ما يجعلها تُصنف ضمن الأطعمة منخفضة الكثافة الطاقية. والليمون الهندي (جريب فروت) على سبيل المثال، 90? من محتواه عبارة عن ماء. وتحتوي نصف ليمونة هندية على 39 سعرة حرارية فقط، و88? من محتوى الجزر النيء الطازج هو عبارة عن ماء، ولا يتعدى نصف كوب من الجزر المقطع 25 سعرة حرارية. ? الألياف: لا تتسم الأغذية الغنية بالألياف بكبر حجمها فقط، بل إنها تأخذ وقتاً أطول في الهضم، مما يجعلك تشعر بالامتلاء لفترة أطول اعتماداً على سعرات أقل. ومن بين الأمثلة التقليدية على هذه الأغذية الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة. ?الدهون: تتميز الدهون بكثافتها الطاقية العالية. فملعقة شاي من الزبدة على سبيل المثال تحتوي على نفس عدد السعرات الحرارية الذي يحويه كوبان من القرنبيط الأخضر النيء (البروكلي) المعروف بانخفاض كثافته الطاقية. ولا تحتوي غالبية الفواكه والخضراوات على الكثير من الدهون. أما الأغذية التي تشتمل على الدهون بشكل طبيعي مثل منتجات الألبان ومشتقاتها ومختلف أنواع اللحوم، أو الأغذية التي تحتوي على دهون مضافة، فإن سعراتها الحرارية أكثر من نظيراتها التي تحوي كميات أقل من الدهون. الهرم الغذائي الصحي إن تغيير عادات نمط العيش ليس أمراً سهلاً البتة، كما أن وضع خطة للأكل باستخدام مفهوم الكثافة الطاقية لا يُعد استثناءً مُيسراً. وتتمثل الخطوة الأولى في هذا المضمار في معرفة أي الأغذية يمكن اعتبارها خيارات أفضل عند الحديث عن الكثافة الطاقية. وفيما يلي نبذة عن الهرم الغذائي القائم على مفهوم الكثافة الطاقية حسب أصناف الأغذية الصحية: - الخضراوات: تُعد معظم الخضراوات قليلة السعرات الحرارية على الرغم من كبر حجمها. ومن بينها السلطات الخضراء والهليون (أسبارجوس) والفاصوليا الخضراء والقرنبيط الأخضر (البروكلي) والقرع الصيفي (الكوسة). وإذا أردت إضافة خضراوات أخرى إلى نظامك الغذائي، فيمكنك تزيين طبق المعكرونة بخضراوات مسلوقة من اختيارك بدل وضع مرق اللحم أو الجبن. قلل من كمية اللحم في طبقك، وزد من كمية الخضراوات. أضف الخضراوات النيئة الطازجة إلى شطائر السندويتش والوجبات الخفيفة التي تُعدها. ? الفواكه: عملياً، جميع الفواكه تُصنف ضمن الأغذية الصحية. غير أن بعض الفواكه تحتوي على سعرات حرارية أقل من الأخرى. فالفواكه الطازجة والمجمدة وأيضاً المعلبة التي لا تحوي مضافات سكرية تُعتبر خيارات جيدة. وعلى النقيض من ذلك، تُعد مشروبات الفواكه والعصائر والفواكه المجففة من المصادر الغذائية ذات سكر طبيعي عالي التركيز، وهي بذلك تتصف بكثافتها الطاقية العالية، أي أنها كثيرة السعرات الحرارية، ومن ثم فإنها ليست خيارات جيدة لمن يسعى لإنقاص وزنه أو الحفاظ على رشاقته. ولجعل نظامك الغذائي صحياً، عود نفسك على إضافة بعض الفواكه (العنبية أو التوت الأزرق مثلا) إلى الحبوب التي تتناولها في الصباح. إذ يمكنك مثلاً وضع شرائح المانجو أو الخوخ على قطعة خبز من القمح الكامل المحمصة ثم ادهن عليها قليلاً من زبدة الفول السوداني والعسل، كما يمكنك إضافة قطع فاكهة اليوسفي (المندرين) أو الخوخ إلى طبق السلاطة ثم استمتع بتناوله. - الكربوهيدرات: إن الكثير من الكربوهيدرات هي أحد اثنين، إما حبوب أو أغذية مُعدة من الحبوب، مثل الحبوب الغذائية والأرز والخبز والمعكرونة. وتُعتبر الحبوب الخيار الأفضل نظراً لأنها غنية بالألياف وبمغذيات مهمة أخرى. ولجعل نظامك الغذائي غنياً بالحبوب الكاملة، يمكنك ببساطة تناوُل خبز مُعد من القمح الكامل أو دقيق الشوفان أو الأرز الأسمر أو الحبوب الغذائية الكاملة بدلاً من طحين الحبوب المكررة. ? البروتينات ومنتجات الألبان: وهي تشمل الأغذية ذات المصدر النباتي والحيواني. وتبقى الأغذية منخفضة الكثافة الطاقية والغنية بالبروتينات، وقليلة السعرات الحرارية والدهون في الآن ذاته، هي الخيارات الفضلى، وهي تشمل حبات الفاصولياء والعدس والبازلاء، وهي غنية أيضاً بالألياف، علاوةً على السمك ولحم الدواجن البيضاء منزوعة الجلد، ومنتجات الألبان خالية الدسم والبيض الأبيض. - الدهون: على الرغم من أن الدهون تُعتبر من الأغذية ذات الكثافة الطاقية العالية، فإن بعض الدهون ذات قيم غذائية أكثر من الأخرى. ولا بأس من تناول كميات قليلة من الدهون الصحية المتعددة غير المشبعة مثل البندق والبذور وزيت الكتان وزيوت الخضراوات، كزيت الزيتون وزيت العصفر (القرطم)، فهذه كلها تحتوي على دهون صحية. ? الحلويات: هي معروفة بكثافتها الطاقية شأنها شأن الدهون. بيد أن الحلويات ليست كلها شر، بل منها ما هو مفيد مثل الحلويات قليلة الدهون والمُعدة من مكونات صحية كالفواكه والحبوب الكاملة والألبان قليلة الدسم. ومن بين هذه الحلويات حلوى الكوكيز المُعدة من دقيق القمح الكامل أو كرة بوظة (آيس كريم) قليلة الدسم. وخلافاً لما هو سائد، يمكن لعشاق الحلوى إشباع ولعهم بالحلوى من خلال إعداد حلوى غنية بالمكونات الغذائية الصحية والتقليل من مقادير المنكهات، ولا بأس من تناول قطعة شوكولاته داكنة. المعادلة السهلة عندما تقرر الالتزام بمبدأ الكثافة الطاقية، فلا يعني ذلك إلزام نفسك بالحرمان من أكل ما تشتهيه أو تجويعها، بل يمكنك الشعور بالامتلاء من خلال ما تُواظب على أكله من خضراوات وفواكه وحبوب كاملة، وغيرها من الأغذية قليلة السعرات الحرارية. كما أن هذا المبدأ يسمح لك بتناول أي صنف من صنوف ملذات الأطعمة بطريقة ما هي الأصح والأفضل. ولا شك أن اتباعك نظاماً غذائياً قائماً على تناول كميات كبيرة من الأغذية منخفضة الطاقة الغذائية سيغنيك عن تكبُد آلام الجوع التي يشكو منها عادةً من يتبعون أنظمة حمية غذائية قاسية تكون أقرب للتجويع والمازوشية منها إلى التخسيس. فنظام الكثافة الطاقية يحقق لك المعادلة الغذائية الصعبة: سعرات حرارية قليلة + كميات كبيرة من الأغذية الصحية = شعورا بالامتلاء والشبع وضمان وزن مثالي. عن موقع “mayoclinic.com” ترجمة: هشام أحناش