الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

وهم السلام الموعود في «زمن معلق» وعطب الذاكرة في «يوميات كلب طائر»

وهم السلام الموعود في «زمن معلق» وعطب الذاكرة في «يوميات كلب طائر»
15 ديسمبر 2014 23:56
محمد وردي (دبي) فيلم «زمن معلق»، هو زمن الغياب، الذي يتأرجح بين الأحلام المجهضة، وبين المغتربات الذاتية المثقلة بالخيبة والاحباطات، لدى جيل من الشباب الفلسطينيين في الداخل والخارج، تفتح وعيهم على جنة «السلام الموعود»، المحمولة على أكتاف اتفاقية أوسلو، التي وقعتها القيادة الفلسطينية مع الإسرائيليين عام 1993. وتكشفت بعد عشرين عاماً على وطن ضاقت حدوده، وتعالت الجدران العازلة بين جنباته، حتى صار الإتصال بين بلدة وأخرى، يتطلب الإذن والانتظار بالأيام، وربما بالشهور في بعض الحالات، ومعها تدور رحى القتل والتشريد الجديد، ومحدلة التجويع والحصار. تقوم فكرة الفيلم على دعوة تسعة سينمائيين من الشباب الفلسطيني في الداخل والشتات، لإعداد تسعة أفلام تسجيلية قصيرة، حول رؤيتهم للواقع الفلسطيني بعد عقدين على اتفاقية أوسلو، من دون أن يعرف معظمهم ماذا يُعد الآخرون، فجاءت المقاربات على مستويات مختلفة، ولكنها جميعها تلتقي على حقيقية العجز عن فهم حضورهم الإنساني، أو رؤية حالهم ومستقبله على أرض الواقع، فبعضهم لاحظ المعاناة المتعاظمة، مع زيادة أعداد الأسرى والمعتقلين، كما فعل المخرج أمين نايفة في فيلمه «تداخل»، تمثيل شيراز شحود وشادي العشي، وغناء سناء الموسى، والبعض الآخر لاحظ الغربة في داخل ما كان يسمونه الوطن، وآخرون تناولوا السجون الذاتية في المخيمات، التي لا تسمح شوارعها ومداخل بيوتها لمرور أريكة، كما هول الحال في «مخيم برج البراجنة» في لبنان، أو في أوسلو المدينة عينها، التي وصلها طالباً لدراسة السينما، مخرج فيلم «جواز سفر» أيمن الأزرق، فاكتشف أن الموظفة كتبت في خانة الجنسية، «بلا وطن»، وعندما راجعها، أكدت له أن اتفاقية أوسلو هكذا تصنف الفلسطينيين. كذلك فعل علاء العلي، وأسمى غانم، وعاصم ناصر، ومهدي فليفل، ومهند صلاحات، والشقيقان طرزان وعرب ناصر، ويزن الخليلي، فتناولو موضوعات الإنتماء والهُوية والحرية والكرامة، وقضايا اللاجئين، وجدران الفصل العنصري. أما فيلم «يوميات كلب طائر»، للمخرج اللبناني باسم فياض، فيستعيد تداعيات الحرب الأهلية على جيل كامل من الأطفال اللبنانيين، لم يشاركوا فيها ميدانياً، ولكنهم اختزنوا بذاكرتهم ويلات الحرب وفظائعها، حيث تركت وشوماً على أرواحهم يصعب محوها أو نسيانها، لا بل مازالت تلاحقهم بكوابيسها حتى اللحظة الراهنة، كما هو حال بطل الفيلم، الذي يرفض الزواج وهو في الثلاثينيات من عمره، خشية إنجاب أطفال قد يتعرضون للبشاعات التي تعايش معها لسنوات طويلة. تقوم فكرة الفيلم على رصد سيرة طفل، ينتمي لأسرة لبنانية، كانت تعيش في بيروت، وبعد اندلاع الحرب، راحت تتهجر من مكان إلى آخر بحثاً عن الأمان. وكان الطفل يشهد الهلع بعيون أهله وكل من حوله، سواء في الملاجئ، أو على الطرقات، وحتى بعد مغادرة العاصمة إلى «الضيعة»، ومن ثم إلى خارج البلد لاحقاً، إلا انه لم يستطع التخلص من كوابيس الحرب. ما يستدعي القيام برحلة علاج طويلة، بغرض إعادة ترتيب ذاكرة متخمة بالخوف والعنف، والحرب والحب، يشتري خلالها كلباً صغيراً يستعيض به عن طفل، يُلح عليه الجميع لإنجابه. ولكن رحلة العلاج لا تتوقف عند حدود معاناته الشخصية، وإنما تطال الواقع والبيئة الاجتماعية والحالة السياسية والطائفية والمذهبية التي يشهدها لبنان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©