الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوتين يهزم الأوروبيين في معركة أوكرانيا!

2 ديسمبر 2013 23:14
في وقت يعاني فيه الاتحاد الأوروبي من مشاكل مالية عويصة، وتتفاقم فيه النزعة القومية الانفصالية لشعوب بلدانه المختلفة، يكون من المثير للدهشة أن ينتفض شعب أوكرانيا للمطالبة بالانضمام إليه. ولكن ومن سوء حظه أن قادته فضلوا السير في الاتجاه المعاكس. وخلال نهاية الأسبوع الماضي، شهدت شوارع المنطقة المركزية من العاصمة الأوكرانية كييف، تظاهرات شارك فيها عشرات الألوف من الأوكرانيين الذين تحدّوا البرد القارس والقنابل المسيّلة للدموع للاحتجاج على قرار قادة بلدهم للتهرب من اتفاقية الشراكة التجارية مع الاتحاد الأوروبي. وحتى الأسبوع الماضي، بدا للمتابعين وكأن الاتفاقية كانت في طريقها إلى التوقيع يوم 29 نوفمبر على هامش فعاليات قمة “فيلنيوس” عاصمة ليتوانيا التي تهدف لتوقيع “معاهدة المجال الجوي المشترك” بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا. وناشدت المفوضية الأوروبية الرئيس الأوكراني فكتور يانوكوفيتش، الدفع باتجاه وضع الأسس القانونية اللازمة لإنجاز هذه الاتفاقية بما في ذلك إصدار قانون يسمح لـ”يوليا تيموشينكو” المنافسة السياسية لـ”يانوكوفيتش”، بمغادرة سجنها والتوجّه إلى ألمانيا لتلقي العلاج. وكان من الواضح أن الجهود الروسية لإبعاد أوكرانيا عن حظيرة الاتحاد الأوروبي قد بدأت تؤتي ثمارها. فلقد قام المسؤول الثاني في الأهمية بعد الرئيس الأوكراني، بزيارتين “نصف سريتين” إلى روسيا لعقد محادثات مع بوتين. وكان من الواضح أن بوتين تمكن من تقديم شيء ما أكثر إسالة للعاب من القروض الهزيلة التي أعلن الاتحاد الأوروبي عن ضمانتها لصالح أوكرانيا. ويبدو أن “يانوكوفيتش” وفريقه السياسي قرروا أن يبيعوا ولاءهم الوطني للطرف الذي يدفع أكثر. وقال “ميكولا أزاروف” رئيس وزراء أوكرانيا في حديث للتلفزيون الحكومي، إن عصرنة الصناعة الأوكرانية حتى تتطابق مع المعايير المعتمدة في دول الاتحاد الأوروبي يمكن أن تبلغ تكاليفها ما بين 150 و165 مليار يورو (203- 224 مليار دولار). وأضاف: “ولقد اتجهنا نحو شركائنا الأوروبيين لطلب المساعدة. وأدت المفاوضات بهذا الشأن إلى عرض أوروبي بتقديم مليار يورو فقط على مدى سبعة أعوام”. وليس من المعروف من أين أتى بهذا المبلغ الذي ذكره لأن المسؤولين الأوروبيين لم يعلنوا عنه أبداً. ووفقاً لما قاله “أزاروف” فإن القادة الروس وعدوه بإعادة النظر في العقود السابقة المبرمة بين شركة الغاز الوطنية الروسية “جازبروم” وأوكرانيا. والآن، تدفع أوكرانيا 410 دولارات ثمناً لكل 1000 متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي بالمقارنة مع 175 دولاراً لنفس الكمية التي تبيعها لجارتها بيلاروسيا. ومن شأن اقتطاع كبير في أسعار الغاز المباع إلى أوكرانيا أن يساعدها على تخفيض العجز الكبير في الميزانية الحكومية ومن دون تخفيض معدلات تزويد البيوت بالغاز خلال الأشهر الثمانية عشرة المقبلة حتى يحين موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة. إلا أن مصادر “جازبروم” نفت نفياً قاطعاً أن تكون قد وافقت على هذا التخفيض الكبير في أسعار الغاز، وربما تكون هذه القصة مجرد لعبة يمارسها بوتين للتحايل على دولة شديد الالتصاق ببلده. ولكن، ومهما كانت الدوافع والأسباب، فلقد أعلنت الحكومة الأوكرانية يوم 21 نوفمبر الماضي عن تعليق محادثات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وعمد البرلمان إلى إلقاء قانون تيموشينكو في سلة المهملات. ودعا “أزاروف” كلاً من الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وروسيا للتفاوض على تأسيس نظام جديد للتجارة الحرة. وهو الاقتراح الذي وصفه وزير خارجية ليتوانيا التي تستضيف القمة بأنه غير مسبوق ولا يشكل خياراً قابلاً للتحقيق. وبالنسبة للعديد من الأوكرانيين، كان هذا الانقلاب في التوجهات مثيراً للغضب، خاصة لأنهم ينظرون إلى اتفاقية الشراكة التجارية مع الاتحاد الأوروبي باعتبارها تشكل خياراً ذا أبعاد ثقافية وليس اقتصادية فقط. ويرى منتسبو الطبقة الوسطى ومعهم أغلبية السكان التي تستوطن الجزء الغربي من الدولة أن هذه الاتفاقية تتفق مع قيمهم وهويتهم. وقالت الصحفية “كاترينا كوبيرنيك” على موقعها على الإنترنت: “أقام حوالي نصف سكان الدولة لأنفسهم نموذجاً لأوروبا في بيوتهم. لقد بدأوا بالأشياء الصغيرة”. وهؤلاء هم الذين تدفقوا إلى الشوارع يوم 24 نوفمبر الماضي لمطالبة رئيسهم “يانوكوفيتش” بتوقيع الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي مهما كانت النتائج. وقدرت مصادر الشرطة عدد المتظاهرين بنحو 25 ألفاً، إلا أن بعض المشاركين فيها بالإضافة إلى الصور الجوية تؤكد أن عددهم فاق 100 ألف. واشتبك المتظاهرون مع الشرطة التي استخدمت العصي والهراوات وقنابل الغاز المسيلة للدموع, واسترجع العديد من المتظاهرين ذكريات “الثورة البرتقالية” التي اندلعت عام 2004 عندما تعطل العمل في الدولة وقام مئات ألوف الأوكرانيين باحتلال “ميدان الاستقلال” وسط كييف. وفي ذلك الوقت كانوا يطالبون بإعادة عد الأصوات في الانتخابات الرئاسية ما أدى إلى انقلاب كفة الرابح فيها من “يانوكوفيتش” إلى “فكتور يوشينكو”. وأطلق المتظاهرون على انتفاضتهم الجديدة اسم “الميدان الأوروبي”، وهي تسمية تربط بين اسم ميدان الاستقلال واسم الاتحاد الأوروبي. وتوقفت الدراسة منذ بداية هذا الأسبوع في جامعات القطاع الغربي من أوكرانيا كما في مدن “لفيف” و”إيفانو فرانكيفسك”، حيث غادر الطلاب مقاعدهم احتجاجاً على عدم توقيع اتفاقية الشراكة التجارية مع الاتحاد الأوروبي. ولم يحدث توقف كبير عن العمل أو تعطيل الدراسة في مدينة كييف إلا أن آلاف الأوكرانيين تدفقوا إلى الساحة المركزية في المدينة مساء الإثنين. وكتب أستاذ جامعي على حسابه في موقع “فيسبوك”: “لقد أزفت الساعة لإنهاء ما بدأته ثورتا 1991 و2004”. وكان مما يثير الحزن أن “الثورة البرتقالية” لم تغيّر كثيراً من طريقة الأوكرانيين في العيش، بل ساعدت بدلاً من ذلك على عودة يانوكوفيتش واستقراره في سدّة الحكم. وأصبح المقاتلون بحماس في سبيل انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي قلّة. كما أن المتظاهرين هذه المرة ليس لهم قادة معروفون ولا يمتلكون قائمة واضحة بمطالبهم. فالبعض يطالب باستقالة حكومة “أزاروف” وآخرون لا يريدون شيئاً أكثر من توقيع اتفاقية الشراكة التجارية مع الاتحاد الأوروبي. ليونيد بيرشيدسكي موسكو ينشر بترتيب مع خدمة “واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©