الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«الحي المصري».. موعد مع العراقة في «زايد التراثي»

«الحي المصري».. موعد مع العراقة في «زايد التراثي»
11 ديسمبر 2015 22:12
أحمد السعداوي (أبوظبي) مع تواصل فعاليات مهرجان الشيخ زايد التراثي، ونجاحه في عرض مفردات التراث الإماراتي بشكل يتناسب مع قيمة هذا الموروث المحلي الضارب في جذور التاريخ، استطاعت إدارة المهرجان تحقيق خطوة مهمة في سبيل ترسيخ مكانة المهرجان كحدث تراثي عالمي، عبر فعالية الأحياء التراثية التي يشهدها المهرجان لأول مرة وتشارك فيها مجموعة من الدول تعرض ما لديها من حرف ومنتجات تراثية ومشغولات يدوية وغيرها من المكونات التراثية لتلك الدول، ومن بين الأحياء التراثية، «الجناح المصري» الذي تعبر محتوياته عن نسيج واسع للمجتمع المصري المعروف بثرائه النابع من حضارته الممتدة آلاف السنين في أعماق التاريخ، وتأتي هذه المشاركة المصرية تعبيراً عن التواصل الحضاري في أعظم معانيه بين أبناء الإمارات وباقي شعوب الأرض، التي جاءت أعداد كبيرة منها لتشارك أهل الإمارات الحدث الكبير الذي يحمل اسم الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي بنى قواعد الدولة على أسس راسخة من إرث الأقدمين باعتباره المكون الرئيسي لملامح الهوية الإماراتية الواجب الحفاظ عليها بكل الجهود والمناشط ومنها المهرجان الذي تشهده منطقة الوثبة وينتهي في الثاني من يناير القادم. التواصل والتآخي يقول محمد عبد الرافع، المشرف على الجناح المصري، إن المشاركة المصرية الواسعة بالمهرجان جاءت بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي المصرية، بهدف التأكيد على التواصل والتآخي بين الشعبين المصري والإماراتي في كل المجالات ومنها الاهتمام بالموروث الشعبي والمحلي لكلا البلدين، والمساهمة في التعريف بالمفردات التراثية المصرية وبعض الصناعات والحرف اليدوية التي يمتد تاريخها إلى سنوات بعيدة ويتوارثها الحرفيون المصريون ويمارسونها عن حب واعتزاز بما تمثله لهم من قيمة تاريخية كبيرة، علماً بأن هذه الصناعات منتشرة في أماكن متنوعة في مصر وتتميز بندرتها على مستوى العالم. ويوضح أن الجناح المصري يضم 30 عارضا، ومن أهم المنتجات الحرفية المقدمة فيه، «السجاد اليدوي»، و«منتجات الخيامية» المرتبطة بأحياء الحسين وخان الخليلي والأزهر وهي أقدم الأماكن الموجودة في القاهرة وتتميز بهذه الأنماط الفريدة من المشغولات، موضحاً أن الخيّامية يقصد بها نوع من الأقمشة يتم عليه عمل رسومات بشكل يدوي للرموز التاريخية المعروفة في مصر سواء كانوا حكاما أو قصورا تاريخية معروفة، وهذه الحرفة تعود إلى حوالي 2000 عام. وهناك الركن السيناوي الذي يضم أجود أنواع الأقمشة القطنية المطرزة يدوياً بأشكال الورود ومفردات الحياة القديمة للبدو الذين يعيشون في صحراء سيناء، ويمكن للزائر مطالعة منتجات أخميم وسوهاج وهي من القطن الخالص وتستخدم كمفارش للأسرة والأرائك والاستراحات المختلفة، ومصنعة جميعا بشكل يدوي بنسبة مائة في المائة، أما محافظة الوادي الجديد فتأتي منها منتجات جريد النخل وتستخدم في عمل الأواني المنزلية المشابهة إلى حد كبير لما تفعله الخبيرات التراثيات الإماراتيات بمنتجات الخوص المنتشرة في مهرجان الشيخ زايد التراثي، والمعروفة هي الأخرى بجودتها ودقة صناعتها بالإضافة إلى التنوع اللافت في أشكالها نظرا لاعتماد أهل الإمارات قديما بشكل كبير على منتجات النخلة في صناعة كثير من مستلزمات حياتهم. أحجار كريمة ويتابع عبد الرافع: يضم الجناح المصري، منتجات من الإكسسوارات الطبيعية المشغولة من الأحجار الكريمة، إضافة إلى مشغولات الألباستر والرخام وتصنع منه أنماط تحاكي أشهر المعالم السياحية القديمة في مصر مثل الأهرام وأبوالهول بالإضافة إلى عمل الجمال وغيرها من المفردات المعبرة عن البيئة الصحراوية المصرية، وهذه المنتجات متوافرة بكل المقاسات، وهناك أيضاً «التلّي» عبارة عن قماشة قطنية عليها خيوط من ماء الفضة لتزيين أغطية الرأس وفساتين الزفاف، تجاورها منتجات من الأخشاب مرسوم عليها نماذج كثيرة تمثل ملامح المجتمع المصري مثل «بائع العرقسوس»، و«فتيات يحملن جرار الماء من نهر النيل»، وغيرها من المنتجات التراثية المصرية الأصيلة التي تأخذ زائري الجناح المصري إلى رحلة بعيدة في أعماق التاريخ والأصالة المصرية، وتكشف جزءا يسيرا من الموروث المحلي المصري، الذي تنتشر ملامحه في الحي التراثي المصري ضمن مبادرة الأحياء التراثية التي أقيمت في المهرجان ونظمتها مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية، في مبادرة حب وخير من أبناء الإمارات إلى الحرفيين التراثيين في الكثير من دول العالم. ومن صناع السجاد اليدوي الذي أبهر الجمهور بدقة صناعته وروعة تصميماته يقول، حسن البروجي، إن هذا السجاد مشغول بالحرير الطبيعي من خامات طبيعية مائة في المائة ومصنع يدويا بالكامل، ويصنع في محافظات المنوفية والفيوم وبني سويف والقاهرة، وتصل فترة صناعة السجادة في بعض الأحيان إلى أكثر من عام كامل بحسب حجمها وقياساتها، ويبدأ سعر السجادة من حوالي 2000 درهم إماراتي للسجادة قياسها متر، أما التي تصل إلى 3 عرضاً و4 متر طولاً فيصل سعرها إلى 25 ألف درهم إماراتي تقريباً، ويلفت البروجي إلى أن أكثر منتجات السجاد المعروضة تميزاً يتمثل في سجادة حرير طبيعي مطعمة بخيوط من الذهب والفضة، واستغرق صنعها سنة وستة أشهر، وتشارك في ذلك 2 من الحرفيين المشهود لهم بالكفاءة في هذا المجال حتى تصل إلى درجة الجودة المطلوبة. الجبال المصرية وفيما يتعلق بصناعة «الألباستر»، يقول أحمد حسان محمود إنها منتجات تستخرج من الجبال المصرية في محافظتي المنيا وسوهاج الثرية بالرخام والكريستال، ويصنع منها أشكال متنوعة بدقة ومهارة عالية، منها ما يستخدم لأغراض الزينة والديكور مثل الشموع وغيرها، ومنها ما يستخدم بشكل عملي في الأواني المنزلية، لافتاً إلى أن استخراج هذه المواد من الجبال يحتاج عمليات غاية في التعقيد تبدأ بتفجيرات تتم بدقة وتحت سيطرة عالية، لأنه يستحيل تكسير واستخراج هذه الخامات من الجبال بالطرق التقليدية، هي عملية مكلفة جدا تصل إلى نحو ثلاثة ملايين درهم إماراتي لبدء استخدام وتفجير أحد المحاجر الموجودة في الجبال المستخرجة منها خامات الألباستر. إلى ذلك، أشاد محمود، بالأجواء الجميلة التي زينت فعاليات المهرجان لافتاً الى أنه شارك في عديد من الأحداث والفعاليات التراثية في مختلف دول العالم، غير أن مهرجان الشيخ زايد التراثي تميز عن غيره بأجواء الكرم والضيافة المعروفة عن أبناء الإمارات إضافة إلى الابتسامة وطلاقة الوجه التي يتعاملون بها مع ضيوفهم، وهذا بحد ذاته يجعلنا نتمنى المشاركة باستمرار في الدورات القادمة للمهرجان من خلال نماذج أكثر من منتجات الألباستر وغيرها من الحرف التقليدية المصرية الأصيلة. الرسم على القماش أما الخيّامية، فيقول عنها بركات حافظ، إنها فن الرسم على القماش بألوان وزخارف متنوعة، وكلمة «خيامية» مشتقة من كلمة الخيم، وتمتاز بأنها عمل يدوي تتوارثه الأجيال ويعتبر من اقدم الصناعات التقليدية الموجودة في مصر وتعود إلى أيام الفراعنة ولكن قمة ازدهارها كان في عصر الدولة الإسلامية التي حكمت مصر قرونا طويلة في العصور الوسطى، حيث دخلت هذه الصناعة في كثير من الأغراض، منها عمل خيام ضخمة تقام فيها الاحتفالات الكبرى ومناسبات الأعياد، وحديثاً تستخدم هذه الأنواع من الخيام في إقامة الأفراح وسرادقات العزاء في مصر، غير أن مكمن شهرتها عالمياً أن أهل هذه الصناعة كانوا يقومون بصناعة كسوة الكعبة الشريفة وتزيينها بخيوط الذهب والفضة بأيدي الحرفيين المصريين على مدى مئات السنين حتى منتصف القرن الماضي، حيث كانت ترسل إلى الأماكن المقدسة في موكب مهيب يحمل اسم «المحمل»، لافتاً إلى أن قماش الخيامية يصنع من القطن، ويكون القماش بمواصفات خاصة وغاية في المتانة حتى يتحمل درجة حرارة الشمس ويمكن شدّه على العروق الخشبية التي تمنحه الاستقامة اللازمة، كما تحدد حجم الخيمة المطلوبة. إضافة مهمة يقول أحمد المنصوري، إنه يزور المهرجان للمرة الثانية هذا العام، لأن فعالياته وأنشطته كثيرة بشكل لافت، ولا يكفي يوم واحد لزيارتها، والتعرف على الأنماط الكثيرة من التراث المحلي وعادات وتقاليد أهلنا في الإمارات التي نعتز بها، ونعتبرها مصدر فخر لكل أبناء الإمارات، وأضاف: إن المهرجان يعتبر ناجحاً بكل المقاييس، وهو ما نراه بوضوح من خلال الازدحام الجماهيري في كل ساحاته للاستئناس بالأجواء الشتوية الرائعة التي شجعتني وغيري من الجمهور على تكرار الزيارة للحدث التراثي الكبيرة، والذي يعني لنا الكثير لأنه يحمل اسم القائد المؤسس، الذي زرع فينا جميعاً حب تراثنا وتاريخنا، بالإضافة إلى حب واحترام غيرنا من شعوب الأرض، ولذلك جاءت مبادرة الأحياء التراثية إضافة مهمة للمهرجان، ومن خلالها طالعنا تاريخ وتراث دول متنوعة، ومنها الحي التراث المصري، الذي أتاح لنا الفرصة للتعرف على صناعات وحرف عريقة اشتهر بها الأخوة المصريون، وعكست براعة أهل تلك الحرف وقدرتهم على الإبداع. أصداف الخليج هناك لون آخر من فنون الحرف التقليدية المصرية وهو «صناعة الصدف» (الصدف هو الغلاف الخارجي للمحار)، وتعني تطعيم المنتجات الخشبية المختلفة بأشكال الصدف، وهي من الحرف التي تحتاج مراحل طويلة وقدراً كبيراً من الصبر، بحسب سيد الأسمر، الذي أوضح أن الصدف يتم استيراده منذ سنوات بعيدة من منطقة الخليج العربي كونها اشتهرت باستخراج اللؤلؤ، وبالتالي لديها كميات هائلة من الأصداف الطبيعية التي أمكن استغلالها في هذه الصناعة التراثية الفريدة، ويشير إلى أن صناعة الصدف تبدأ بتقطيع الصدف الطبيعي إلى الأشكال المطلوبة، ثم يتم تثبيت القطع بواسطة مادة لاصقة مع توزيعها بحسب الرسمة التي وضعها المصمم، ثم يتم تنعيم السطح الخارجي للأصداف الملصوقة حتى تصل إلى درجة لمعان ونعومة تشبه الرخام، ثم يتم دهان الصدف بنوع معين من الزيوت المخصصة لذلك، لتحافظ على لمعانه فترة طويلة وتحفظ اللون الطبيعي له لأطول فترة ممكنة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©