الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فنان عماني يفتش عن الإبداع في ثنايا الحرف العربي

فنان عماني يفتش عن الإبداع في ثنايا الحرف العربي
24 نوفمبر 2012
خورشيد حرفوش (أبوظبي) ـ شارك الخطاط والفنان التشكيلي العماني صالح الشكيري بعدد من الأعمال في معرض “فن أبوظبي 2012”، في دورته الرابعة التي اختتمت مؤخرا، ولفتت لوحاته اهتمام الجمهور والنقاد والمتابعين للحركة الفنية التشكيلية العالمية. ويسعى الشكيري من خلال أعماله الفنية التي تزيد عن مائة وستين عملاً، إلى تأسيس منحىً جمالي تجريبي لإنتاج المنطق البصري للتكوينات “الحروفية”، وتوظيفها في لوحاته التشكيلية. ودأبت مخيلته على أن تفتش في ثنايا الحرف العربي والوحدة الزخرفية، لتجد لها ملاذاً يشبع رغباته في البوح الفني والإفصاح الجمالي ليصبح واحدا من أبرز الذين أبدعوا في هذا المجال. نهضة فنية حول حرصه على التواجد في “فن ، يقول الشكيري “فخور بمشاركتي في هذا المحفل الفني الكبير الذي ينظمه الأشقاء هنا، وعلينا جميعاً أن نفتخر بهذه المشاركات الكبيرة من كبار الفنانين العالميين، وصالات العرض التي تنتمي لتيارات ومدارس فنية عالمية عديدة، وهذا الإقبال الجماهيري الواسع، فالمعرض في دورته الرابعة شهد نهضة فنية، وطفرة تنظيمية غير مسبوقة، فالحركة الفنية الإماراتية والخليجية في حالة تطور وحراك دائمين، وعلينا أن نواكب هذا الحراك حتى لا نتخلف عن مسيرة الفن عالمياً. وأردت أن تكون مشاركتي من خلال الخط العربي بمستوى الحدث، فالتراث العربي والإسلامي كنز من الكنوز النادرة على امتداد التاريخ الإنساني، ويعد الخط العربي علامة مميزة”. ويضيف الشكيري “ربما يكون الفنان أو المبدع أكثر الناس إحساساً بجماليات الخط العربي، ورغم أن التراث الحضاري ملك للإنسانية جمعاء، إلا أن الفنان يمكنه أن يجسد قيمة هذا التراث أكثر من غيره، وهو ما يدفعني دائماً إلى استثمار طاقة الحرف العربي وانسيابيته وتوظيفها في لوحاتي التشكيلية، فدائماً مخيلتي تفتش في ثنايا الحرف والوحدة الزخرفية، لتجد لها ملاذاً أشبع في رغبتي في البوح الفني والإفصاح الجمالي، وتصبح اللوحة المجال الأوسع والرئة الفنية التي أتنفس من خلالها. ولو نظرنا نظرة متأنية لأي عمل، يلاحظ المتلقي إنني أطرح عدة نصوص وكتابات وأحرف على سطح اللوحة وأحاول أن أمزجها بشيء من الحرفة المتقنة، وأقرب ما تكون إلى التصوير الفوتوغرافي الذي يقدم ثنائية اللون وتضاده الموغل في العتمة حد النور. والمشع في ومضاته حد الحزن الشفاف”، مشيرا إلى أن “اللوحة التشكيلية تحد فني ممتع يمارسه الفنان استجابة لاحتياج نفسي ملح، فعملية بناء اللوحة على المساحة البيضاء يمر بعدة مراحل، فقد يبدأ العمل عفوياً، لكنه سرعان ما يتحول إلى وعي وعقل يتجهان نحو خلق مناخ خاص بها”. «التجريب» وحول الحروفيات في التشكيل العربي، يقول الشكيري “هي بالأساس نتاج فهم تشكيلي للحداثة، وقد كانت من أجمل استجابات الثقافة العربية لمبدأ إسقاط الحواجز القيَّمية والأدائية وبالتالي الفكرية بين الأجناس الابداعية، فهناك عدد من الثوابت التي تكونت من خلالها الهوية الفكرية وربما التوجه المعرفي للتشكيل العُماني، وكان “التجريب” من أكثر تلك الثوابت تكراراً وأشدها وضوحاً في متن الحياة التشكيلية العُمانية. ويمكن اعتبارها مناورة معتادة لعكس الحقيقة التاريخية لوظيفة الحرف العربي وهو ما أشبههُ بإعادة أمر التكوين الحرفي إلى نصابهِ، حيث أُنيطت به وظيفة رمزية أدت عبر الزمن لإزاحته إلى مناطق الفهم والتلقي اللغوي مع أنه ينتمي بجدية الى ما أدعوه بالجماليات البصرية العربية، فالحروفيةُ منهجٌ لتخليص الحرف من دلالاته الصوتية وإعادة استثماره ضمن حزمة التشكيلات البصرية الخالصة، لذا فإنني أنحاز في أعمالي إلى الحرف العربي، لزعزعة المعنى الجامد والمتعارف لحساب صياغة المعنى البصري المجرد ذي التأويلات الواسعة والمتلاحقة عبر المكان والزمان”. نسيج لوني في محاولة لقراءة لوحات الشكيري، يوضح “لم يعد الخط البارز أو المحفور إلا أبجدية للوصول إلى الرمز، والحيلولة دون منحه أهمية وصفية أو تزينية بعد أن اعتمدت على الفصل الحاد بين العتمة والنور، وبلغة التشكيل التي تحمل صفة الإيقاع الزمني المتغير، ففي معظم الأعمال نلاحظ أنها تحفل بالتدرجات العقلانية، حيث تغيب الألوان الصريحة أو المباشرة، ونجد اللوحة تتمازج في دلالاتها حتى تكاد أن تتحول إلى نسيج لوني واحد يثير فينا الوداعة، كما أنني أفترض قدراً بالغاً من السكينة، وأحاول إعطاء الفن معناً مثالياً تنحسر فيه الأفكار والمقاصد المباشرة لصالح رؤى صوفية أو تجريدية تعبيرية، وأعمد إلى خلق التناسق في الأشكال والفضاءات الكائنة في الموجودات الطبيعية، حيث أمد في أشكاله استطالة أو استدارة، وقد أنتهي بها إلى سطح ناعم صقيل أو أتركها كسطوح تبدو خشنة بعض الشيء حتى تكاد تلمس فيها آثار الأدوات التي أستعملها في إنجاز العمل الفني، كما إنني أرتب أشكاله بحيث يتسع لها أن تشغل موقعها في الفضاء، وتعبر في الوقت ذاته عن المفاهيم الجمالية والتعبيرية”. وعن تجدد الفن، والاستفادة من التقنيات الحديثة، يقول الشكيري “أدرك جيداً معنى تجدد الفن ومواكبته للزمن، وأهمية استفادة الفنان من التقنيات الحديثة وتوظيفها، ولعل هذا ما جعلني قادر على مواكبة البحث بصيغه المتجددة، وبالتالي يصبح المنجز الفني نموذجاً معاصراً داخل بنية الخطاب الفني والحضاري، وأحاول أن أخضع أدواتي الفنية وتوظيفها إلى اشتغالات تصميمية من حيث معالجة الأشكال والفراغات وبناءاتها، ومن ثم التحكم في وحداتها وفق أطار العناصر الشكلية الأساسية معتمداً على طاقة الحرف العربي، باحثاً عن جوهره، ووصولاً إلى محاكاة مضمونه الفكري وقيمه الروحية المتأتية من إدراك أهمية التراث العربي والإسلامي، إلا أنني أنحاز إلى اللوحة كغاية بحد ذاتها، وكوسيلة لغايات أخرى، وأحاول ألا أخرج عن نطاق المفهوم المتوارث للعمل الفني، وأن أتقيد بشروط اللوحة بصورة عامة، وإن تضمنت مضامين تتجاوز قدرتها”. سيرة حافلة صالح الشكيري عضو بالجمعية العمانية للفنون التشكيلية ومرسم الشباب. وينتمي إلى الجيل الثالث من التشكيليين العُمانيين، وهو عضو بمؤسسة الفنون العالمية بالولايات المتحدة الأميركية، وعضو بجمعية الفنون البصرية بالنمسا، وهو أحد المؤسسين لجماعة الخط العربي، وهو عضو فعال بالجمعية، ومّثل سلطنة عمان في عدة محافل دولية منها ألمانيا، وباكستان، وبنجلاديش، وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة الأميركية، وقطر، وليبيا، والمملكة العربية السعودية، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة. وتولى مؤخرا منصب رئيس لجنة التحكيم في مسابقات الدولفيك بكوريا الجنوبية. وهو حاصل على العديد من الجوائز الدولية والمحلية والشهادات التقديرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©