الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والحاجة إلى استقطاب المبدعين

31 يناير 2011 21:16
إدوارد شوماخر-ماتوس محلل سياسي أميركي أعرب أوباما في خطابه عن "حالة الاتحاد" الذي ألقاه ليلة الثلاثاء الماضي، عن استعداده للتعاون مع "الجمهوريين" و"الديمقراطيين" على حد سواء، لحماية حدودنا، وإنفاذ القوانين، والتصدي لمشكلة ملايين العمال غير الشرعيين المقيمين في أميركا. وذكر أوباما أنه قد حان الوقت لأن تكف الولايات المتحدة عن طرد الشباب الموهوبين المسؤولين، الذين في وسعهم رفد أمتنا بالمزيد من الإبداع، بدعوى إقامتهم غير المشروعة. ولكن الذي غاب عن خطاب "حالة الاتحاد" الأخير هذا، التأكيد على الحقيقة الرئيسية التالية: إن السبيل الوحيد الذي يمكّن أميركا من الفوز بمستقبلها، هو فتح الباب أمام هجرة المزيد من الأفراد الموهوبين من ذوي الكفاءات العالية. وإلى أن تتمكن واشنطن من تجاوز عقم خطابية وخلافة ساستها بشأن إصلاح قانون الهجرة، وحتى تكف عن خلط مسألة أمن الحدود بإجراءات إصدار تأشيرات الدخول للراغبين، وإلى أن تتمكن من التصدي إلى تنامي حاجتنا إلى زيادة عدد التأشيرات المخصصة للمهاجرين من ذوي الكفاءات العالية، سوف نواصل تنافسنا في سوق العمل العالمي بيد مقيدة إلى ظهورنا. وكما قال الرئيس في خطابه الأخير، فنحن بحاجة إلى التفوق على بقية الأمم الأخرى في مجال الابتكار والإبداع. غير أن الجزء الأكبر من الوسيلة التي نحقق بها هذه الأهداف يتمثل في استمرار اعتمادنا على مهارات المهاجرين. صحيح أن الولايات المتحدة تتفوق على أي دولة أخرى في إصدار شهادات براءة الاختراع سنوياً، بيد أن المهاجرين أسهموا بنسبة 25 في المئة من هذه الشهادات خلال السنوات الأخيرة الماضية، وفقاً لإحصاءات الباحثين بكلية العمل بجامعة هارفارد، وغيرها من المؤسسات الأكاديمية المتخصصة. وحسب نتائج تقرير "مجلس العلاقات الخارجية" المنشور في عام 2009، فإن نسبة 40 في المئة من براءات الاختراع التي أصدرتها شركة "إنتل" العملاقة المعروفة بإنتاجها لتكنولوجيا الموصلات، هي من نصيب المهاجرين الهنود والصينيين. والحقيقة أن المهاجرين ينجزون ضعف ما ينجزه الأميركيون الأصليون من براءات الاختراع هذه، بفضل حصولهم على درجات جامعية في مجالي العلوم والهندسة، لا تتناسب ومعدل حصول الأميركيين الأصليين على هذه الدرجات، وفقاً لما توصلت إليه الباحثتان مارجولين جوثيار لوازيل وجنيفر هنت في دراستهما التي نشرها "مركز البحوث الاقتصادية" بلندن العام الماضي. وفي عام 2006، حصل الطلاب الأميركيون المولودون خارج الولايات المتحدة، على نسبة 40 في المئة من درجات الدكتوراه في العلوم والهندسة، ونسبة 65 في المئة من الدرجات نفسها في علوم الكمبيوتر التي منحتها لهم الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الأميركية. واستنتجت الباحثتان أن ارتفاعاً بنسبة 1 في المئة في مساهمة خريجي الكليات المهاجرين في براءات الاختراع، من شأنه زيادة مساهمة الفرد الأميركي في هذه البراءات بنسبة 6 في المئة إجمالاً. والسبب أن الكثيرين من هؤلاء الطلاب والمتخرجين الأجانب يبقون في أميركا بهدف العمل فيها. ويلاحظ أن نسبة المهاجرين المؤسسين لشركات الهندسة والتكنولوجيا الأميركية التي تأسست بين الأعوام 1995-2005، قد بلغت 25 في المئة، وفقاً لنتائج الدراسة التي أجرتها "جامعة ديوك" في عام 2006. وقالت الدراسة نفسها إن نسبة إضافية تقدر بحوالي 27 في المئة، هي إما لمدراء تنفيذيين، أو لوظيفة مسؤول تكنولوجيا رئيسي، ولدوا خارج الحدود الأميركية، ممن يعملون في شركات الهندسة والتكنولوجيا الأميركية المذكورة. وفي السياق نفسه، أقر "جريج مانكيو" -أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد، ورئيس المجلس الاستشاري الاقتصادي الرئاسي إبّان إدارة بوش الابن- في دراسة أعدها عام 2008، بأن من شأن السماح بهجرة أعداد أكبر من الأفراد من ذوي الكفاءات والمهارات العالية أن يسهم في زيادة الإبداع والابتكار والإنتاج، وهي جميعها عناصر أساسية دافعة لنمو الثروات القومية وارتفاع مستوى دخل الفرد الأميركي. وعلى سبيل المثال، فقد كان للعلماء المهاجرين من أمثال الإيطالي إنريكو فيرمي، والمجري إدوارد تيلر، والألمانيين هنانس بيث وألبرت آينشتاين، والبولندي هيمان ريكوفر، دور رئيسي في تفوق بلادنا في مجالات القوة النووية والفيزياء والأسلحة الحديثة المتطورة. كما أسهم علماء مهاجرون جدد، من أمثال المهاجر الروسي "سيرجي برين" في إطلاق موقع جوجل الإلكتروني. وهكذا تستمر القائمة لتشمل اكتشافات ومجالات كثيرة يعود فيها تفوق بلادنا إلى مساهمات المهاجرين. وبينما ينشغل البعض يساراً ويميناً بالحديث الممجوج المتكرر عن أن المهاجرين الأجانب يسرقون وظائف التكنولوجيا المتقدمة من المواطنين الأميركيين الأصليين، توصل الباحثان "ديفيد كير"، من جامعة هارفارد، و"ديفيد لنكولن" من جامعة ميتشجن، من خلال دراسة قاما بها العام الماضي، إلى أن الوجود الكبير للمهاجرين في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، كان له أثره الواضح في حفز الاستثمار وخلق المزيد من الوظائف في هذه المجالات، بمعدلات تفوق كثيراً عدد الوظائف التي يعمل بها هؤلاء المبتكرون الأجانب! وليس في هذه الحقيقة ما نخجل منه. ذلك أن تفوق جامعاتنا أكاديمياً، وانفتاح ثقافتنا الأميركية، هما العاملان الرئيسيان اللذان يستقطبان المزيد من الطلاب الأجانب من ذوي الكفاءات والمهارات العالية إلينا. وفي كل هذا ما يشير إلى حنث أوباما بوعد التغيير الذي وعد به ناخبيه، فيما لو تراجع عن التزامه بإصلاح قانون الهجرة، بما في ذلك زيادة عدد المهاجرين من ذوي الكفاءات والمهارات العالية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©