الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هدنة غزة: مكاسب الأطراف والتهدئة الهشة

هدنة غزة: مكاسب الأطراف والتهدئة الهشة
24 نوفمبر 2012
ادعت كل من إسرائيل وحركة «حماس» التي تدير قطاع غزة الانتصار مساء الأربعاء عقب أن وضعت هدنة بوساطة مصرية حداً لهجمات إسرائيلية ضارية على القطاع طوال أسبوع كامل. أوقفت هذه الاتفاقية حرباً برية هددت إسرائيل بشنها، غير أنها لا تحل جوهر النزاع حيث لم يكسب أي من الطرفين تنازلات تذكر من الطرف الآخر. تحظر الاتفاقية على إسرائيل نشر قوات برية أو استهداف قادة الجماعات المسلحة في غزة، بينما تقضي بتوقف الفصائل الفلسطينية عن قصف إسرائيل بالصواريخ. ورغم أنه لا يزال هناك بعض التفاصيل فإن شروط الاتفاقية عالجت معظم العناصر المندلعة في سلسلة خطيرة من المخاصمات سرعان ما تصاعدت إلى أقصى نزاع منذ عام 2009 بين إسرائيل و«حماس». وبعد سبعة أيام أُطلقت فيها مئات الصواريخ الفلسطينية على جنوبي إسرائيل، وشُنت فيها مئات من الضربات الجوية على غزة، لعبت الولايات المتحدة ومصر دوراً وسيطاً رئيسياً في الاتفاق الذي أعلن في القاهرة بعد اجتماع عقد بين وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون والرئيس المصري مرسي. وجاءت الاتفاقية رغم قيام إسرائيل ليلتها بشن سلسلة من الغارات الجوية الشرسة على غزة، وقيام جماعة إسلامية بهجوم تفجيري وسط النهار على حافلة نقل عام في تل أبيب أسفر عن إصابة 22 إسرائيلياً كان بإمكانه أن يفاقم الوضع بشكل خطير. وراح أهل غزة يحتفلون بالنصر حين بدأت الهدنة الساعة التاسعة مساءً بالتوقيت المحلي، بينما أعلن الجهاز العسكري الإسرائيلي نجاحه في قتل سبعة من قادة الجماعات المسلحة بضربات جوية كدليل على النصر. غير أن كلا الطرفين أعلن تأهبه واستعداده لاستئناف القتال لو خرقت الاتفاقية، وبدا كما لو كانت الاتفاقية ستفشل، حيث تم إطلاق عدة صواريخ من غزة على إسرائيل بعد أن تم تفعيل وقف إطلاق النار حسب إفادة الإعلام الإسرائيلي. إن نبرة ادعاء النصر من كلا الطرفين يظهر مدى استمرار العداوة بين الخصمين، وكان من الممكن أن يتصاعد النزاع إلى حرب إقليمية أوسع نطاقاً في وقت زادت فيه الانتفاضات بالشرق الأوسط في جو من عدم الاستقرار الذي يسود المنطقة. وقال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، عن إسرائيل مساء يوم الأربعاء: «كان هدفهم هو ردعنا، لكن المقاومة أثبتت لهم أن هذا الردع قد أخفق، ولقد أخفقت إسرائيل في جميع أهدافها بفضل الله تعالى». ومن جانبه أصدر الجهاز العسكري الإسرائيلي بياناً قال فيه إن العملية التي تسمى «عمود السحاب» حققت أهدافها المحددة مسبقاً من خلال تقويض جهاز “حماس” للقيادة والسيطرة، والقضاء على بنيته الأساسية، وتدمير شبكة الأنفاق المستخدمة في تهريب الأسلحة. وقال الجهاز العسكري الإسرائيلي إن الغارات الجوية قلّصت بشدة من قدرة “حماس” على إطلاق صواريخ على إسرائيل من قطاع غزة. كما قال إن منظومة الدفاع المضادة للصواريخ الممولة من الولايات المتحدة، والمسماة «القبة الحديدية»، استطاعت تدمير 84 في المئة من الصواريخ الفلسطينية البالغ عددها 421 صاروخاً كان يمكن أن تصيب مناطق آهلة بالسكان في إسرائيل. وبعد هرولتها إلى المنطقة سعياً لبلوغ اتفاق، عادت كلينتون إلى الولايات المتحدة مساء الأربعاء بعد رحلة نقلتها من كمبوديا إلى إسرائيل ثم إلى الضفة الغربية فالقاهرة. ومن خلال تدخله رسّخ مرسي دور مصر التقليدي المحوري بين إسرائيل وخصومها عن طريق الوساطة لبلوغ اتفاقية الهدنة واعتبارها ضامناً. وكانت هجمة وسط النهار في تل أبيب الأولى من هذا النوع التفجيري في المدينة الساحلية منذ إبريل 2006، ودفعت بالشرطة إلى فرض كوردون حول المنطقة المحيطة بالحافلة المدمرة خشية حدوث تفجيرات أخرى. أذهل مشهد الدمار المحيط بالحافلة السكان وأفزعهم، وقال بعض الإسرائيليين إن الهجمة أثبتت أن التهديد الذي تشكله «حماس» والجماعات المسلحة الفلسطينية الأخرى لا يزال ماثلاً. وقالت داليا كامينر معلمة اللغة الإنجليزية البالغة من العمر 70 عاماً: «نحن الآن مضطرون إلى القتال. هذا شعوري والآن ليس هناك خط رجعة». ومن الذين لا يزالون يحذون من إمكانية خرق الهدنة مارك ريجيف المتحدث الرسمي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي قال إنه لا يستبعد تماماً خيار الغزو البري. وقال ريجيف مساء الأربعاء: «درجة ثقة إسرائيل في حماس منعدمة. ووجود قوة إقليمية مثل مصر وقوة عالمية مثل الولايات المتحدة تعملان كراعيين وضامنين لهذه التفاهمات، يعطينا الثقة». وحذّر ريجيف من أنه في حال إخلال “حماس” بالشروط فإن إسرائيل تحتفظ بحقها في الرد بقوة للدفاع عن شعبها. وقال مسؤولون في “حماس”، مساء الأربعاء، إنهم يعتزمون الالتزام بتعهداتهم، لكنهم قالوا أيضاً إنهم «مستعدون للعودة إلى القتال». وقال موسى أبو مرزوق، نائب مشعل: «إن التزمت إسرائيل فإننا سنلتزم، وإن لم تلتزم فأيادينا مستعدة بالسلاح». لكنه قال أيضاً إنه لو حدث وأن قامت جماعات أخرى في غزة بإطلاق صواريخ خلال الأيام القليلة المقبلة فإنه لا ينبغي أن تعاقب “حماس” على أخطاء من ذلك القبيل. وتصاعدت الأزمة بينما كان أوباما في جولة إلى آسيا، وفي واشنطن قال مسؤولون بالإدارة الأميركية إن أوباما كان يتحدث بشكل يومي تقريباً مع نتنياهو وعدة مرات مع مرسي الذي قوبل صعوده إلى السلطة بشيء من الترقب والتشكك من قبل البيت الأبيض بسبب ارتباطه الوثيق بجماعة «الإخوان المسلمين». وقال مسؤول بالإدارة الأميركية طلب عدم الكشف عن اسمه: «مرسي يعتبر بنّاءً جداً وبرجماتياً إلى حد كبير، وأنه اتخذ موقفاً شجاعاً من خلال قبوله التفاوض مع إسرائيل»، حسب المسؤول الذي قال إنه «تحمل دوراً رئيسياً وإنه فعلاً شيء ليس بالسهل بالنسبة إليه من الناحية السياسية». وضمن المفاوضات تعهدت الولايات المتحدة بالاستمرار في دعم الجهاز العسكري الإسرائيلي مالياً. وقالت كلينتون في القاهرة، عقب إعلان وزير الخارجية المصري الهدنة: «تستحق شعوب هذه المنطقة فرصة العيش دون خوف وعنف، وفي الأيام المقبلة ستعمل الولايات المتحدة مع شركاء بالمنطقة على تحقيق تقدم في هذا الشأن». وقال مسؤول بالدفاع الإسرائيلي متحدثاً قبل إعلان أنباء الهدنة إن القوات المسلحة كانت مستعدة لشن عملية برية شاملة أشد كثيراً من حرب الأسابيع الثلاثة التي شنتها على غزة في شتاء 2008 و 2009. وفي العملية الجارية قال المسؤول الإسرائيلي إن إسرائيل استهدفت ابتداءً بعض الأهداف لا يرجح أن تسفر عن إصابة مدنيين، تشمل طائرات مسلحة بدون طيار، ومخابئ صواريخ طويلة المدى تقول إسرائيل إن “حماس” جمّعتها بمساعدة من إيران. وقال المسؤول إن الضربات الجوية امتدت لاحقاً لتشمل مجموعة أكبر من الأهداف ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا المدنيين. وقال مسؤول عسكري إن تقديرات إسرائيل الابتدائية حددت عدد القتلى الفلسطينيين بنحو 160 فلسطينياً في الهجمات، يشمل 46 مدنياً كحد أدنى. وقال المسؤول الإسرائيلي إن الجهاز العسكري يعتقد أن مسلحي غزة لا يزال لديهم ما يتراوح بين بضع مئات وبضع آلاف من الصواريخ التي لم تدمر خلال الحملة. وكانت الأسلحة والذخيرة تهرّب عبر الأنفاق خلال السنوات الأربع الفائتة بمساعدة بدو سيناء في مصر، حسب المسؤول. واعتبر ذلك المسؤول الإسرائيلي أن الحل طويل الأجل الوحيد هو البحث عن وسيلة لإبعاد “حماس” عن التسلح وتعزيز سيادتها. وبدون ذلك فإن انتصاراً عسكرياً حاسماً سيتطلب ثمناً باهظاً، حيث قال: «لو أردت فعلاً القضاء على قدراتهم فإنه لا يوجد سوى حل واحد هو احتلال غزة لفترة طويلة من الزمن ودخول منزل تلو منزل، كما سبق أن فعلنا في الضفة الغربية. هذه ليست سياسة إسرائيل الراهنة ولكن الأمور قد تتغير». إرنستو لندونيو ومايكل برنبوم محللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©