الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا ...الاحتياجات الإنسانية أهم من «جنيف-2»

سوريا ...الاحتياجات الإنسانية أهم من «جنيف-2»
3 ديسمبر 2013 23:42
ترودي روبن محللة سياسية أميركية الأميركيون شعب سخي، فأثناء موسم العطلات ينشغلون بشراء الهدايا والتبرع للمحتاجين ويسارعون إلى دفتر الشيكات ليكتبوا مبلغاً يتبرعون به أو يقومون بإرسال الأموال عبر الاتصالات الحديثة عندما يضرب إعصار الفلبين مثلاً. لكن في عيد الشكر هذا، لا يسعني إلا أن أتساءل عن سبب حصول أكبر أزمة إنسانية في عقد من الزمن على القليل جداً من الاهتمام. وأنا أشير هنا إلى سوريا التي اضطر ثلث سكانها تقريباً، أي نحو سبعة ملايين شخص، للخروج من ديارهم ليلجأوا إلى بلدان مجاورة أو لينزحوا داخل البلاد فراراً بأرواحهم من القتال الذي حصد أرواح أكثر من 100 ألف شخص حتى الآن بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وهناك نحو مليوني لاجئ سوري فروا إلى البلدان المجاورة نصفهم من الأطفال. ومع اقتراب فصل الشتاء، يمنع نظام الأسد قوافل المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المناطق المحاصرة التي يوجد فيها مئات الآلاف من الناس بعضهم يتضورون جوعاً. فلماذا لم تمس هذه الكارثة الإنسانية عواطفنا كما فعلت كوارث سابقة كالمجاعة في إثيوبيا مثلا؟ ربما يكون السبب هو أن تهديد المجاعة سهل الاستيعاب، بينما الأزمة السورية معقدة ومتشعبة بحيث يكاد يكون من المستحيل استيعابها. لذا دعني أشرح طبيعة هذه المأساة، وكيف يمكن المساعدة فيها. فقد نشأت الأزمة بعد قرار من نظام بشار الأسد بأن يرد بقوة قمعية على احتجاجات سلمية مطالبة بالإصلاحات الديمقراطية في البداية. وعندما حمل بعض المدنيين والمنشقين عن الجيش السلاح رداً على وحشية نظام الأسد مطالبين بإسقاطه بدأ النظام يتبع سياسة إهلاك الحرث والنسل بتدمير المدن والبلدات التي تقاومه. وظل اللاجئون السوريون يهربون من القنابل والقذائف ليتدفقوا على الدول المجاورة، الأردن والعراق ولبنان وتركيا، وهي دول لا تستطيع اقتصادياً التصدي لهذا الطوفان. ويقيم بعض اللاجئين في مخيمات وبعضهم يعيش في مساجد ومدارس أو في مؤسسات خيرية. وفي لبنان، البلد الصغير المساحة والسكان، وصل عدد اللاجئين السوريين نحو ربع عدد سكان الدولة. وهذا يشبه أن يصبح كل سكان ألمانيا لاجئين في الولايات المتحدة. وداخل سوريا، قصف نظام الأسد مدناً كاملة وأحياء برمتها بطريقة تشبه الدمار الذي تسببت فيه الحرب العالمية الثانية. وتم استهداف ثلاثة آلاف مدرسة ومعظم مطاحن الحبوب وأفران انتاج الخبز كما تم تدمير 60 في المئة من المستشفيات. وقالت «فاليري آموس» منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة «مازال الاستهداف المتعمد للمستشفيات وأفراد الطواقم الطبية ووسائل النقل واقعاً يومياً». وكان مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قد قال الشهر الماضي: إن تقديرات المنظمة الدولية تشير إلى أن نحو 9.3 مليون شخص في سوريا أو حوالي 40 في المئة من سكان البلاد البالغ تعدادهم 23 مليوناً تقريباً في حاجة إلى المساعدات الإنسانية بسبب الحرب المستمرة هناك منذ عامين ونصف العام. وقال «بيتر كاسلر» المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: «هذه بلاد متوسطة الدخل تتقهقر من القرن الحادي والعشرين إلى القرن التاسع عشر... فلا توجد مدارس ولا عمل والناس يشعلون النار في ممتلكاتهم ليتدفئوا بها. وهناك تردٍ اقتصادي وانهيار في الخدمات وافتقار للرعاية الطبية». وحاولت الأمم المتحدة بالإضافة إلى الحكومات الغربية والمنظمات غير الحكومية الحصول على مساعدات للنازحين السوريين لكن تعهدات المانحين أقل بكثير من المطلوب. ومما يثير الصدمة بشكل أكبر هو استعداد النظام للسماح للقوافل بأن توصل المساعدات في الأماكن المحتاجة إليها بشدة. ورفضت الحكومة السماح بدخول عمال الإغاثة ووضع عراقيل لا تنتهي أمام عملياتهم حتى في حالات التحصين ضد شلل الأطفال الذي ظهر في شمال سوريا. وأسهل طريقة للوصول إلى بعض المدنيين الذين هم في أمس الحاجة سيكون عبر الحدود من تركيا. لكن الأمم المتحدة غير مصرح لها إلا أن تعمل عبر الدول ذات السيادة مما يعني أنه لا بد أن تمر كل مساعدات المنظمة الدولية عبر دمشق. ونتيجة لهذا لا تصل المساعدات أبداً للأشخاص الذين هم في أمس حاجة إليها. ورفض النظام بياناً لمجلس الأمن الدولي الشهر الماضي حث فيه الحكومة السورية على السماح بعمليات توصيل المساعدات عبر الحدود. ورفض النظام أيضاً التصريح لقوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة بأن تصل إلى المدنيين اليائسين الذين تقطعت بهم السبل في مناطق تحاصرها القوات الحكومية في ضواحي دمشق وحمص. صحيح، أن جماعات المعارضة الإسلامية تعرقل أيضاً مرور قوافل المساعدات، لكن القسط الأكبر من الكارثة يقع على كاهل نظام الأسد. وفي هذا الأسبوع، تجتمع القوى العظمى بالإضافة إلى إيران لمناقشة الأزمة الإنسانية في سوريا، ومن المقرر خلال الشهر المقبل أن يجتمع ممثلون عن المعارضة السورية وعن نظام الأسد في جنيف. لكن محادثات السلام لا معنى لها ما لم يتوقف النظام أولاً عن محاصرة المدنيين. وبينما تجري المحادثات الرفيعة والمنمقة في الفنادق سيكون هناك سوريون يحتضرون بسبب عدم وصول المساعدات. وقال نجيب الغضبان ممثل الائتلاف الوطني السوري المعارض في الولايات المتحدة «النظام يستخدم التجويع سلاحاً». ولمن يريد أن يقدم المساعدة، أسرد لكم هنا قائمة ببعض الجمعيات غير الحكومية التي تقدم المساعدات في سوريا ووكالات الأمم المتحدة التي تقوم بعمل جيد رغم الظروف المروعة. وبتقديمكم المساعدة لهذه المنظمات فقد تتمكنوا من تقديم مساعدة للمدنيين السوريين من كارثة أكثر فتكاً وشراً بكثير من إعصار: أطباء بلا حدود، وورلد فيجن، منظمة كير، لجنة الإنقاذ الدولية، الجمعية الطبية الأميركية السورية، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، صندوق الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©