الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فن أبوظبي».. لكل إبداع نصيب

«فن أبوظبي».. لكل إبداع نصيب
5 ديسمبر 2013 00:42
?تأتي أهمية معرض “فن أبوظبي 2013” في نسخته الخامسة، التي افتتحها سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، والتي نظمتها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في الفترة بين 20 إلى 23 نوفمبر الماضي، في المنطقة الثقافية بمنارة السعديات، من خلال أشياء كثيرة، متداخلة ما بين الفكر والثقافة والفن والتشكيل والرؤية المعاصرة للأعمال الفنية، ذات الجودة المتحفية والخصوصية، وما بين هذا الكمّ الكبير من صالات العرض الفنية العريقة التي وصل عددها إلى نحو واحد وخمسين صالة، تحمل في جنباتها تيارات مختلفة من أشكال الفن المعاصر. بما يحقق لهذه الدورة، التي أطلق عليها بعض النقاد وصف (الدورة العملاقة)، بسبب أن برنامجها بتنوعه وعمقه وطابعه الاستشرافي، حقق لها (صفة العالمية)، لتتخطى بذلك مفهوم المكان، والحدود الجغرافية، والتحليق في فضاءات غير محدودة. ماذا يعني ذلك؟ يعني في جملة ما يعنيه أن العاصمة أبوظبي تحقق رؤية مستقبلية نحو معنى الفن ورسالته، وأن منارة السعديات حققت نجاحا مؤثرا، أضيف إلى سجلها في تطوير مفهوم العمل الابداعي وصورة المبدع، تلك الصورة التي شكلها كوكبة من الفنانين والمقتنين والأكاديميين والمشرفين على صالات العرض الفنية، بما في ذلك صورة موازية توضح للمتفرج كيفية اقتناء العمل الفني باعتبار أن هذه العملية هي بحد ذاتها فن له خصوصيته، وهو الأمر الذي أكد عليه معالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، حين قال: “إن رؤية «فن أبوظبي» تتجاوز فكرة المعرض التقليدي النمطي لتقديم منصة تتيح للزوار التواصل والاندماج في أجواء حافلة بمختلف الأشكال الفنية يقدمها فنانون من مختلف المدارس والاتجاهات. ولا شك في أن جودة الأعمال الفنية التي عرضتها كبرى صالات العرض الفنية العالمية، والحضور القوي لمقتني الأعمال والزوار من حول العالم، إضافة إلى مشاركة كبار الفنانين والمنسقين الفنيين والمختصين من مؤسسات فنية مرموقة عالمية وإقليمية في فعاليات البرنامج العام، وتنوع العروض الأدائية، والردود الإيجابية التي تلقيناها من المجتمع، ساهمت كلها في إنجاح دورة «فن أبوظبي» 2013”. الشباب أولاً.. ركز برنامج “فن أبوظبي 2013” الذي شارك به نحو 400 فنان محلي وعربي وعالمي من أوروبا وآسيا على إبداعات الفنانين الجدد من الشباب، في محاولة لوضع اليد على آفاق الفن الجديد، وأيضا اكتشاف المزيد حول هوية المنظور العابر للحدود لفن الثقافة الشعبية، والصورة الوسطية، والتعريف بشفافية بقيمته، متزامنا مع قضية البحث في التحوّلات التي مرّت بها الحركات الفنية، والمشاركون في هذه التظاهرة الفنية الثقافية جزء لا يتجزأ من هذه القضية التي تحمل إشكالياتها أيضا، وكان كل ذلك لافتا للجمهور الذي تابع معروضات (قسم آفاق) الذي احتضن جملة من المجسمات والأعمال الضخمة والجداريات، بلغ عددها نحو 14 عملاً، بمقابل ذلك ما لمسناه من إبداع حقيقي في ركن (البساطة سر الجمال) والذي سلّطت أعماله الضوء على الأعمال الفنية المصغّرة ذات الجودة العالية والدقة في التصميم والتشكيل. حوار عابر للحدود ونحن نتحدث عن أبرز المنجزات لبرنامج هذه الدورة الذي يجمع بين الفن والابداع والشغل والفكر والثقافة والمتعة والرؤية الاستراتيجية لمفهوم الفن المعاصر، لا يمكن لنا أن نقفز عن واحدة من الفعاليات المهمة، وتمثلت في سلسلة (جوجنهايم أبوظبي ـ حوارات الفنون) والتي تضمنت العديد من الجلسات النقاشية المفتوحة، وشارك بها نخبة من الفنانين المعاصرين من جيل الرواد، وعرضت أعمالهم ضمن مجموعة الأعمال الفنية الدائمة لمتحف جوجنهايم أبوظبي، أما جلسات حوارات الفنون فقد ركزت على نوع جديد من الكلام، أطلق عليه (الحوار العابر للحدود) على المفاهيم الفنية والإبداعية والسردية المختلفة، ومن الأسماء المؤثرة في هذا السجل: حسن شريف، مونيكا سوسنوسكا، يانج فودونج، أنجيلا بولوك، هاينز ماك. توازيا مع ذلك فقد ناقش عدد من أصحاب ومدراء الصالات الفنية ـ الإشكالية الثنائية للقيمة والفن ما بين الشكل والجماليات وروح الفكرة، ونتذكر من هؤلاء: جونسون تشانج، لورينزو فياسكي، محمد حافظ، إيزابيل فان إيند، توازياً أيضاً مع الجلسة الحوارية المهمة حول النسخة الثالثة من سلسلة معرض (تعابير إمارتية ـ رؤية تتحقق) والتي تختتم أعمالها في الثامن عشر من يناير من العام المقبل بمشاركة ستة فنانين إماراتيين هم: ليلى جمعة، ابتسام عبدالعزيز، عبدالله السعدي، محمد أحمد إبراهيم، محمد كاظم، محمد المزروعي، ولكل من هؤلاء الفنانين بصمته وهويته وتجربته في الحركة الفنية الإماراتية، وأيضا تم استكشاف مفهوم (المكان والهوية) عبر سلسلة من الأفلام السينمائية، والتي تم عرضها لجمهور فن أبوظبي في إطار برنامج الأفلام بإشراف مؤسسة الشارقة للفنون، التي هدفت من خلال هذا المشروع إلى دعم الفنان المحلي، بتوجيهات من مديرة المؤسسة الشيخة حور القاسمي، وعرضت جملة من الأفلام الوثائقية والقصيرة وغيرها، وأيضا أعمال فنية لكل من جوانا حاجي توما، خليل جريج، رانيا اسطفان ، لمياء جريج ، جايس سلّوم ، وكان جميلا ان يقدم هذا البرنامج تفاعلات فنية لعديد المواضيع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المختلفة. وللتراث.. مساحة في السياق التراثي كان لافتا أن يهتم المعرض بإبراز واحدة من أجمل مفردات الزّي النسائي الاماراتي ـ الخليجي، وكان ذلك في ركن منصة الفن المعاصر، حيث توسط الركن برقعان ضخمان، يبلغ ارتفاع كل واحد منهما مترا و80 سنتيمترا * مترين و28 سنتيمترا، ومصنعان من مادة (ستينلس ستيل والزجاج الموازييك)، وكان لافتا أكثر ان يهتم عدد كبير من الزوار الأجانب بمراقبة هذا العمل الضخم، ومن ثم أن تقوم بعض الفتيات والنساء بتجربة ارتداء البرقع الحقيقي الذي وضعت مجموعات منه بجانب العمل الصناعي التركيبي، كما ضم الركن صورا لنساء إماراتيات وهن يرتدين البرقع، مع طلّة خاصة لصاحبة المشروع القطرية (فاطمة الشيباني) وهي تتزين بمفردة البرقع، بطريقة لافتة للنظر. وسجّلت الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، حضورا خاصا في جناح (آرت سبيس جاليري) بعد أن قدمت من إبداعها مجموعتين فنيتين جديدتين الأولى بعنوان (سلسلة التلقائية) والثانية بعنوان (كيرم ستيشن)، برعاية بنك ابوظبي التجاري، والجامعة الاميركية بالشارقة، وجسدت في «سلسلة التلقائية» معنى الشعور بالحرية من خلال استعراضات الطائرة الورقية لتبين أن تحليقها في الجو بحرية لا يتم إلا بعد إطلاقها، حيث تدفعها التلقائية دون وجهة أو هدف محدد مسبقاً، وتعبر عن روح التلقائية ومحور فكرتها الفلسفية في أن الحرية هي مفتاح التلقائية فهي لا تحدث إلا كرد فعل طبيعي تحركه المشاعر أو حافز دون وجود نية مسبقة، وقدمت الشيخة اليازية فكرة متفردة في سلسلة «كيرم ستيشن» استقطبت الجمهور للوقوف أمامها لتفسير المعاني التي يعكسها هذا التكوين الفني، والذي اختزل الزمن والثقافات في مساحة لونية مألوفة للعبة «الكيرم»، وهي لعبة خشبية كلاسيكية ذات أصل شرقي عريق. حوار الثقافات ثمة أشياء كثيرة في النسخة الخامسة من المعرض، يتصدرها اولا الاقبال الجماهيري الكبير، بحيث اصبحت التظاهرة من خلال ذلك مناسبة تقليدية، لها جمهورها وروادها وزوارها ومريدوها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، دون أن ينسى القائمون على الحدث أهمية حضور الهوية المحلية بوجه خاص، والهوية الشرقية بوجه عام، ويتجسد ذلك في محتويات ركن جاليري (تاديوي روباك) حيث تترصد المتفرج مجموعة من اللوحات التشكيلية والصور الفوتوغرافية لمواقع ورموز إسلامية بعيون غربية للفنان الأمريكي (روبرت لونجو) من مجموعته الشهيرة التي تحمل اسم (أسرار) والتي يبدو من خلالها مفهوم (حوار الأديان والثقافات والحضارات) واضحا من خلال فن الصورة، وبخاصة لوحته الرائعة عن مكة المكرمة، حيث يبدو فيها روعة استخدام الفحم، وتقنيات الظل والنّور. لوحتا (الحب الأبدي) للفنان العراقي حليم كريم، في جاليري بريجيت شينيك، كانتا مبعث سعادة وتساؤلات عديدة لرواد المعرض، وكيف حققت هاتان اللوحتان جذبا خاصا للمدرك البصري من خلال شفافيتهما وضبابيتهما أيضا. مبادرات للجناح أو القسم الذي أطلق عليه مجتمعات “فن أبوظبي” نكهة خاصة حملت في داخلها دلالات التعاون والتثاقف والاعتراف بالآخر، ففيه استضاف “فن أبوظبي”، مجموعة من المؤسسات الإقليمية غير الربحية عرفت بإسهاماتها في دعم المشهد الثقافي المحلي، لتعرف بنشاطها ومبادراتها وأهدافها، منها: مبادرة سمو الشيخة فاطمة بنت محمد بن زايد آل نهيان، جائزة الشيخة فاطمة بنت هزاع لقصة الطفل العربي، مركز آرت هب أبوظبي، مؤسسة أبوظبي للموسيقى والفنون، مركز مرايا للفنون ومنظمة واحة الدولية. حضور عالمي نجح الحدث في استقطاب اهتمام أعداد متزايدة من مقتني الأعمال الفنية والشخصيات المرموقة في عالم الفن، وممثلين عن أكثر من ثلاثين مؤسسة فنية ومتحف، منها: المتحف البريطاني، اللوفر، رودان، أورسيه، مؤسسة سولمون آر. جوجنهايم، تيت مودرن، متحف لورانجيريه، غيميه، كاي برانلي، والمتحف الحديث في السويد، وكلوني، وهيئة متاحف قطر، ومؤسسة الشارقة للفنون، ومركز جورج بومبيدو، الأمر الذي يؤكد مكانة أبوظبي كمركز ثقافي وفني مهم على الساحة العالمية. تنوع وشمولية قدمت صالات العرض الفنية المشاركة في “فن أبوظبي” تشكيلة واسعة من الأعمال الفنية التي تراوحت من أعمال فنية تضاهي في جودتها الأعمال المتحفية إلى أعمال صغيرة الحجم على الورق، ومن أعمال متميزة لعمالقة الفن إلى تجارب فنية مصنوعة من المواد الجديدة لعدد من الفنانين الناشئين. وتراوحت أسعار الأعمال المعروضة من 2.500 دولار إلى أكثر من 23 مليون دولار، ونجح المعرض في جذب مشترين من مختلف أنحاء المنطقة، فضلاً عن مقتني الأعمال الفنية والمتاحف العالمية. لتلبي جميع احتياجات وميزانيات مقتني الأعمال. سيارة بـ 3 ملايين درهم خلال المعرض بيع عمل فني لافت بمبلغ 600 ألف يورو أي ما يعادل 3 ملايين درهم إماراتي. كما وجد العمل صدىً واسعاً لدى الجمهور، وطوال الأيام الثلاثة كانوا يلتقطون صوراً تذكارية مع هذا العمل الذي لن يغادر أبوظبي. و”السيارة المنفوخة” من نوع بورش، صممها الفنان إروين وورم Erwin Wurm من جاليري ثاديوس روباك. شاركت في “فن أبوظبي” ضمن أعمال قسم “آفاق” الذي تم تخصيصه لصالات العرض الفنية التي تملك أعمالاً نحتية أو تركيبية لا تتسع لها المساحة المخصصة لصالات العرض. وقد بدت السيارة في أرض المعرض حاملاً رمزياً ينطوي على دلالات كثيرة، سرعان ما يستدل عليها المتلقي بعد القراءة الأولى أو الانطباعية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©