الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تقاليد الخصوصية.. العالمية

تقاليد الخصوصية.. العالمية
4 ديسمبر 2013 19:20
لعلها واحدة من أبرز الفعاليات الثقافية والفنية التي يُختتم بها كل عام، وليس في الإمارات وحدها بل في المنطقة كلها، غير أنها لهذا العام هي الأولى والأكثر أهمية التي يُفتتح بها أيضا “عهد” إكسبو 2020 بدبي في الوقت نفسه، إذ أن هالة الفرحة بالفوز بالمعرض ما تزال ندية وطازجة. إنها مناسبة “مهرجان دبي السينمائي الدولي”، الذي تنطلق فعالياته غدا تحت شعار “عشرة أعوام من الشغف”، برعاية من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في صالة سينما فندق ميناء السلام بمنطقة جميرا بدبي وتستمر هناك حتى الرابع عشر من هذا الشهر في المكان نفسه. هذا المهرجان وقد دخل عامه العاشر، وبات طفلا في عمر الورد، تثير ضحكاته الفضول وتدفع بنا إلى مرافقته بالضحك مثلما قد نغضب لنزقه وعثراته وأخطائه، تماما كما لو أنه طفل يدخل إلى العاشرة ونراه يكبر أمامنا سنة في إثر سنة. هذه المشاعر التي قد تكون أبوية إلى حدّ ما، لم يستطع إخفاءها عبد الحميد جمعة مدير المهرجان، ولا المخرج مسعود أمر الله المدير التنفيذي أيضاً، فقد بدا ذلك واضحا في المؤتمر الصحفي الذي انعقد مؤخرا للإعلان عن القائمة النهائية للفعاليات لهذا العام، حيث بدا أنها مشاعر يختلط فيها الاعتزاز بهذا الطفل في سنته العاشرة بالخوف عليه وكذلك بالاعتراف بأخطائه التي ارتكبها وبحماقاته أيضا تلك التي كانت أحيانا عن قصد وأحيانا أخرى من دونه. في أية حال سوف يفتتح الفيلم الفلسطيني “عمر” الذي يحمل توقيع المخرج هاني أبو أسعد مساء الغد المهرجان، هو الفيلم الاشكالي بطروحاته لكن الغني بها أيضا، إذ هو من ذلك النوع من الأعمال الفنية التي تثير جدلا حول الرؤية التي انبثق منها إنما في الوقت ذاته لا يستطيع المرء إلا أن يحترم هذه الرؤية سواء اتفق معها أم اختلف. ومن الواضح أن هذا الاختيار كان لسببين الأول منهما هو أن المهرجان إذ يبلغ هذه العاشرة من عمره فإنه يحتفي بالسينما العربية أما الأخير فلأن الفيلم “عمر” خرج من عباءة المهرجان أصلا، وقد ترشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم وقد سبق لمخرجه أن قدم فيلما آخر أيضا هو “الجنة الآن” كان قد حاز بدوره دعما من المهرجان. ثانية، فهذا “الابن” الذي بلغ العاشرة وندعوه “مهرجان دبي السينمائي الدولي” نريد له، نحن الذين رأينا خطواته وعثراته في أعوام مضت أن يكبر أمام أعيننا بأقل الأخطاء، إذ ندرك جيدا أن سنوات عشر ليست بالكثيرة فثمة نجاحات تجاورها الإخفاقات. على هذا النحو يشعر المرء بأن المهرجان إذ يستمر في حراكه الديناميكي طوال العام ما زال في أول الطريق. وفي الوقت نفسه لا يكف هذا الطفل عن طرح أسئلة كثيرة عليه وعلينا: هل نحن نسير في الطريق الصحيح لتحقيق أفلامنا؟ وهل قمنا بنقلة نوعية في دعم صناعة السينما المحلية والعربية وحتى الأجنبية، وخاصة إفريقيا وآسيا؟ وهل قدمنا للجمهور شيئا جديدا؟ ألف سؤال في أذهاننا وثمة إجابات لكنها متنوعة ومختلفة. بهذه الروح ذاتها أيضا تنظر إدارة المهرجان إلى هذا الوليد وبهذا القدر من الجرأة والإحساس بالمسؤولية تعلن عن أسئلة تؤرقها إلى هذا الحدّ. كان الهدف واضحا تماما عندما انطلق المهرجان في دورته الأولى العام 2004 في ظل أوضاع سياسية سادت في المنطقة في إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر العام 2001، حيث كانت النظرة إلى العرب إجمالا مرتبكة في أفضل الأحوال وقائمة على الشك والافتراضات المسبقة غالبا. كان التحدي هو أن يكون المهرجان ملتقى للثقافات وأن يحقق دعما لسينما عربية حقيقية وأن يسهم في خلق صناعة سينما محلية، وأخيرا أن تكون دبي وجهة للعالم سينمائيا أيضا إلى جوار أنها حاضرة اقتصادية فاعلة في المنطقة. إذا كان المهرجان استقبل خلال السنوات العشر الماضية 32500 فيلم من أكثر من مائة دولة للمشاركة ضمن فعالياته المتنوعة من بينها 395 عرضت عالميا للمرة الأولى، وتم استقبال أكثر من ألف فنان وفنانة وكرِّم من بينهم 47 شخصية وأُصدرت 13 ألف بطاقة وكان هناك 70 يوما من العروض أي ما يعادل أكثر من شهرين كان من بينها 21 يوما للسينما العربية وساهم المهرجان في صناعة ودعم 144 فيلما إماراتيا وتم منح جائزة المهر 255 مرة وأقيمت أكثر من 100 سجادة حمراء حيث الفكرة التي أسست للمهرجان هي أن يكون أعمق وأكبر من مجرد سجادة حمراء. إذا كان هذا الطفل قد قدّم هذا الإنجاز في العاشرة يضاف إليها قائمة واسعة من الأفلام العربية والعالمية التي يشتمل عليها برنامج المهرجان لهذا العام والتي تتضمّن عروضاً أولى عالمية ودولية، بإجمالي 174 فيلماً، بين روائي طويل، وقصير، ووثائقي... إذا كان الأمر كذلك فهل تحقق الهدف؟ حقيقة الأمر أن الإجابة بنعم أو بلا ليست هينة، غير أن المرء يجد نفسه أمام تنوّعُ وتعدد واختلافات كبيرة في الأفلام التي جرى عرضها والتيارات والأساليب الفنية التي وقفت وراء الرؤى الفنية وقد جعلت من هذه الأفلام متحققة واقترحت نفسها على الجمهور بأنها سينما جديدة ومختلفة ومغايرة. بهذا المعنى فإن جهود عشر سنوات في بناء وتوسعة مدى الرؤية وما تحقق من حضور عالمي للمهرجان عبر سبل عديدة جاءت من خلال المشاركات للأفلام البارزة عالميا والتي تنافست على جوائزه وكذلك من خلال ما حققته سينما دعمها المهرجان قد جعلتنا ـ أي الجهود ـ نشهد نموا وتطورا في منصات المهرجان، التي تتمثل في مسابقاته الرئيسية على جوائز: “المهر الإماراتي”، و”المهر العربي”، و”المهر الآسيوي الأفريقي” بالإضافة إلى ذلك الطيف الواسع من المبادرات والبرامج، والأنشطة، الداعمة لصناعة السينما محلياً، وعربياً، بما يعكس تلك الرؤية الواضحة لأولويات تحددت في ضوء المنجز السابق وفي ضوء الهدف من المهرجان والتي ساندت العديد من الإنجازات السينمائية العربية، وصولاً إلى العالمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©