الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حبيبي الهاتف

14 ديسمبر 2015 00:20
قبل عقدين من الزمن، كان الهاتف النقّال وسيلة تُستخدم لإجراء محادثة أو ارسال رسالة نصية تصل مبتورة في أغلب الأحيان، مختومة بفقرة «جزء من النص مفقود».. الجزء المفقود الذي يثير الفضول والحيرة والقلق أحياناً، إن كان مُرسلها مهماً يتربع بين حنايا الأضلع ويثير شغاف القلب، وعلى الرغم من هذا، فقد كان أداة رائعة لتوطيد العلاقات وتقريب البعيد والاطمئنان على بعضنا البعض، أمّا الآن فقد تغيّر الهاتف كُلياً بعد أن حمل في جوفه العديد من البرامج والتطبيقات المتطورة التي لا يمكننا الاستغناء عنها أبداً، فأضحى الهاتف حبيباً إن لم يكن أكثر من ذلك بكثير، فالحبيب في هذا الزمن يمكننا تجاوزه والاستغناء عنه، ذلك أن الهاتف فاق بعض المحبين ذكاء ونفعاً، فلا عجب إن صار رفيق الحِل والترحال، والملازم طيلة الوقت والمتوسد أرائكنا، نغفو بقربه ونصحو على طلته، نقلبه بين أكفنا برفق ونربّت عليه كطفل في المهد، نناظره ونتأمله يومياً أكثر من مراقبة فلذات أكبادنا.. لِمَ لا ؟ فخدماته عديدة وجليلة، أليست نعمة تستحق الشكر وحسن التصرّف؟ ولكن سرعان ما تتحول النعم إلى نقم، إذا لم نحسن استخدامها والتعامل معها. منذ عدة أيام قرأت خبراً للفنانة الهوليوودية المشهورة «كيت وينسلت» بطلة فيلم «تايتنك» حيث منعت أطفالها من استخدام الهواتف الذكية لأنهم ينشغلون بها طيلة النهار، يتنقلون من برنامج إلى آخر ومن موقع إلى موقع، وقالت إنها تكره مواقع التواصل الاجتماعي لدرجة أن «دمها يغلي»، بسبب إفراط أطفالها بمتابعة الترهات الموجودة فيها، إنها الحقيقة التي نعرفها جميعاً لكننا نتجاهلها، لأننا كأطفال «كيت وينسلت» أدمنّا هذه البرامج والمواقع التي أحدثت فجوة كبيرة على المستوى الاجتماعي والأسري، فتجدنا مجتمعين مع أصدقائنا وعائلاتنا ولكن قلوبنا شتّى نحملق في هواتفنا بصمت طويل.. حتى السيارات تترنّح على الطرقات بسبب انشغال أصحابها بالحبيب الهاتف، يقول مسح أجرته شركة الاتصالات اليابانية إن 3.6% من اليابانيين سقطوا أثناء استخدام الهواتف وهم يمشون، كما أن اثنين من بين ثلاثة في اليابان اصطدموا بالمارة عندما كانوا يركزون على هواتفهم الذكية، حسب دراسة أجرتها شركة «إن تي تي دوكومو» مؤخراً. خطورة الهواتف الذكية لم تعد محصورة على مجتمع معين أو بيئة وفئة محددة ، بل إنها ظاهرة تكاد تكون عالمية، ولا ألوم جدة أحد أصدقائي عندما قامت بوضع سلة بجانب باب منزلها، كتبت عليها «ضع هاتفك هنا ثم أدخل». أحمد سالم الغافري - العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©