الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«التبوريدة» يتحول من اختبار لقوة الفرسان إلى استعراض فلكلوري مغربي

«التبوريدة» يتحول من اختبار لقوة الفرسان إلى استعراض فلكلوري مغربي
26 فبراير 2010 20:03
تحظى فنون الرقص والعدو بالخيول المعروفة في المغرب باسم «التبوريدة» بشعبية كبيرة واحترام وتقدير بالغين، حيث تجتذب عروض الخيالة جماهير عريضة من المواطنين والسياح الذين يبدون إعجابهم ودهشتهم من قدرة الفارس على إرغام الفرس على الإتيان بحركة منسجمة مع بقية الخيول والعدو بها مسافة طويلة ثم إطلاق البارود بشكل جماعي في نهاية المطاف. يعتبر «التبوريدة» فن فلكلوري يندرج تحت قائمة ألعاب الفروسية التي يشتهر بها المغاربة، ويعد إتقانه مدعاة للفخر بين قبائل الأطلس التي تحرص على تعليم أبنائها أسرار الرقص والعدو بالخيول وتنظيم عروض ومهرجانات للاحتفال بمهارات الفرسان المتبارين، والتعريف بتاريخ هذه القبائل التي حاربت الاستعمار من على صهوة جواد. قوة الفرسان تنتشر عروض «التبوريدة» في جميع مناطق المغرب وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى البارود الذي يطلقه الفرسان من البنادق في نهاية الاستعراض، وظهرت هذه العروض قبل عدة قرون وكانت وسيلة لإبراز قوة فرسان القبيلة وإثبات علو كعبهم في امتطاء الخيل والتحكم بها واستعمال الأسلحة والتصويب على الأهداف فوق صهوة الفرس. ويقول الباحث في التراث الشعبي سعيد التدلاوي إن «التبوريدة» فن فلكلوري مشهور في المغرب لأنه يربط بين الماضي والحاضر ويقدم عروضا جميلة للخيالة في جو تنافسي، موضحا أن تاريخ هذا الفن يرجع إلى القرن الخامس عشر الميلادي، حين كانت القبائل تجري اختبارات لفرسانها من أجل اختيار الأفضل بينهم لتكوين فرق للدفاع عنها أو لضمه إلى خيالة الجيش، وكان الرجال الذين يرغبون في إظهار كفاءاتهم في امتطاء صهوات جيادهم واستعمال أسلحتهم يشاركون في هذه المسابقة، ومع مرور الزمن أصبح هذا السباق استعراضا شعبيا يشهد على فترات مهمة من تاريخ الجهاد بالمغرب. ويضيف الباحث: «حافظ هذا الفن على أصالته وعراقته وبدأت التبوريدة تتحول من طقس احتفالي ينظم في بعض المناطق المغربية، إلى تراث شعبي لا غنى لأي مناسبة اجتماعية أو مهرجان وطني عنه، وتحولت التبوريدة في مناطق الأطلس السهلية والجبلية إلى رياضة شعبية تتبادل الأجيال مهاراتها وأصولها وقواعدها العريقة». ويوضح أن هذا الاستعراض ارتبط بالأغاني الشعبية والمواويل والزغاريد كتعبير عن النصر ودعم للفرسان، وتشير الصيحات التي ترافق عروض التبوريدة إلى مواقف بطولية في تاريخ القبائل، ويكتمل المشهد بإطلاق البارود من البندقية وتوقف الخيل بعد سماع الطلقة. ويقول التدلاوي، إن الرجال الذين يتقنون هذا الاستعراض يحظون باحترام وتقدير الآخرين حيث يعتبرون من خيرة قوم المنطقة ومن أصحاب الجاه والنفوذ في القبيلة. تدريب وترويض يقول محمد الهواري أحد فرسان فرق «التبوريدة» في منطقة دكالة إن هذا الاستعراض يحتاج إلى دراية كبيرة بفن الفروسية وإلى تدريب مستمر من أجل ترويض الخيل على طريقة دخول الميدان والعدو في انسجام تام مع باقي الخيول». ويضيف :»هذا الفن يحتاج إلى التركيز والتفرغ التام أيام الاستعراض إضافة إلى تخصيص وقت كبير من أجل الاعتناء بالفرس وتدريبه بشكل مستمر». ويوضح أن فرسان التبوريدة يعانون كثيراً من أجل إيجاد خيول مدربة على هذا الاستعراض، والتي تمكن الفارس من القيام بالحركات المطلوبة في انسجام مع باقي المجموعة، مشيرا إلى أن علو كعب الفارس في استعراض التبوريدة يقاس بدرجة تحكمه في الجواد والعدو به بأقصى سرعة ثم إطلاق البارود عند نقطة النهاية بشكل متزامن مع باقي المجموعة. ويتكلف الشيخ وهو رئيس فرقة التبوريدة بتنظيم المجموعة عند خط البداية وإعطاء إشارة الانطلاق ثم إعلان وقت كبح جماح الجياد والسيطرة عليها للتوقف وفي النهاية يبدأ الشيخ بإطلاق البارود من بندقيته التقليدية إيذانا بانتهاء الاستعراض، ثم يعود الفرسان إلى نقطة الانطلاق، حيث يكررون العملية من جديد ويستعرضون مهاراتهم أمام الجمهور المتحلق حولهم.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©