الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اندثار أعذب اللغات

12 مايو 2007 00:28
من واقع ما نراه في مشاهداتنا اليومية من تجنٍ واضح وهائل على لغتنا العربية، التي نعتز بها، نترحم على هذه اللغة الأصيلة ونطلب منها السماح والعفو، ذلك حينما تجاهلها وأهملها أبناء بطنها بأنفسهم، فهي تعتبر أم اللغات وأجملها وأعذبها سحراً وبياناً ونطقاً وحديثاً، نراها اليوم تعيش في صراع مرير مع باقي اللغات واللهجات الغربية الأخرى الدخيلة على مجتمعنا العربي والتي تسللت داخل هذا البيت العربي، هكذا عنوة من خلال النوافذ قبل الأبواب وتآكلت بفعل الاهمال الذي أصابها من أبنائها· هذا التجني الصارخ والسافر الذي تكابده ومن كل الجهات يجعلنا نخاف على أجيالنا القادمة من أن تندثر هذه اللغة وسط هذا الزحام الكبير من باقي الألسن الغربية الدخيلة على مجتمعنا العربي، فجيل اليوم أصبح لا يعرف من اللغة العربية محادثة وكتابة الا الشيء القليل والنذر اليسير، وقد يكون معذوراً في ذلك، فهو لا يسمع أو يرى من حوله الا خليطا وهجينا من لغات وثقافات غربية بعيدة كل البعد عن أصول وأركان لغته الأم· المتتبع اليوم لغالبية المراسلات التي تتناولها الدوائر والمؤسسات المختلفة ليس في مجتمعنا نحن فقط، أو في المحيط الخليجي، ولكن للأسف في المحيط العربي عموماً من مائه إلى مائه يجد أن لغة ولسان هذه المراسلات والتقارير اليومية التي تصدر تكون في أغلب الأحيان بلغة أجنبية، نعم هكذا وصلت الأمر بلغتنا العربية من تناسٍ وإهمال من أبنائها وأحفادها، بهذا التعاطي المجحف معها وبالأسلوب والمنطق الخطير، الكثير من المثقفين العرب خاصة أولئك الذين تتلمذوا ودرسوا في المدارس والمعاهد والجامعات الأجنبية أصبحوا يخلطون بين المصطلحات العربية والأجنبية فلا تستوي لديهم العبارة ولا تكتمل معانيها وقواعدها الا بإدخال بعض المقتطفات من القواعد والعبارات الأجنبية، حتى يقال عنا بأننا أمة مثقفة فأصبحت اللغة الأجنبية هي لغة أصحاب المراكز المرموقة ومجالاً خصباً للتباهي بها أمام الآخرين فيما تذكر لغتنا العربية على استحياء وخجل ونتوارى حينما ننطق بها عن أعين ومشاهد الآخرين وكأنها شيء معيب أو نقص في ذات الشخص الناطق بها أو فيها هي بذاتها· هذا هو المفهوم السائد في أيامنا هذه بشأن لغتنا العربية عندنا نحن أبناء الأمة العربية بعكس باقي الأمم والشعوب الأخرى التي تمسكت بلغاتها وثقافتها المتوارثة في مجتمعاتها، وكان من المستحيل عليها أن تتخلى عن هذا الإرث العظيم في مقابل غزو ثقافي وفكري خارجي، فاللغة في عرف كل أمة من الأمم هي الرمز الكبير الذي تعتز به، فما بالكم بنا نحن العرب الذين لغتنا العربية هي لغة القرآن الكريم، وهي لسان رب العالمين وهي لغة التخاطب الوحيدة لأهل الجنة وهي اللغة الوحيدة القديمة التي ما تزال باقية حية ترزق على ظهر الدنيا، حتى يومنا هذا بالرغم من هذا الهجوم الشرس الذي تتعرض له والمستمر عليها كل ساعة وحين· كل هذه المشاهدات التي نراها تدور من حولنا على أرض الواقع وتحيط بلغتنا من كل جانب تملأ القلب حسرة وأسفاً وندامة على ضياع حقوق هذه اللغة، فقط الذي نتمناه ونرجوه من أبناء هذه اللغة الأم انشاء جمعية عامة على مستوى الوطن العربي تكون مهمتها المحافظة على اللغة العربية من الانصهار والذوبان وسط هذا الكم الهائل من اللغات الغربية، وترسيخ مبادئها وأصولها في أذهان الجيل العربي الصاعد الذي نخشى عليه من ضياع لسانه العربي واعوجاجه أكثر مما هو عليه الآن بين كل هذه اللغات والثقافات التي اختلطت عليه· حمدان محمد- كلباء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©