إعداد- محمد عبد الرحيم:
تسارع الشركات الخليجية الكبرى الخطى نحو المزيد من عمليات الشراء فيما وراء البحار وهي تركز اهتمامها على كبريات الشركات العالمية مثل ''داو كيميكال'' بحثاً عن استثمارات مضمونة توظف فيها أرباحها المستدرة من أسعار النفط المرتفعة·
ويبدو أن استثمارات الدول الخليجية في الولايات المتحدة الأميركية قد بدأت تستعيد أنفاسها بعد الانقطاع الذي شهدته في العام الماضي عندما عبر الكونجرس عن مخاوفه بشأن الأمن القومي، بشكل أدى الى إجبار شركة موانئ دبي العالمية على بيع عملياتها في الموانئ الأميركية التي كانت قد استحوذت عليها ضمن صفقة مالية ضخمة·
وكما ورد في صحيفة انترناشونال هيرالد تريبيون مؤخراً فبعد أن تشبعت أسواقها المحلية باستثمارات في المشاريع بقيمة بحوالي تريليون دولار فإن الشركات الحكومية الخليجية بدأت- فيما يبدو- تتطلع بازدياد الى ما وراء البحار للاستحواذ على الشركات والعقارات ذات القيمة التاريخية الثمينة·
وفي السياق ذاته عمدت شركة دبي انترناشونال كابيتال في العام الماضي الى شراء الشركة البريطانية الدفاعية ''دونكاستر'' التي تصنع أجزاء الطائرات والدبابات الأميركية المقاتلة، وفي هذا العام نجحت شركة دبي انترناشونال في شراء سلسلة متاحف الشمع الشهيرة المعروفة باسم ''مدام توسو'' قبل أن تبيعها مرة أخرى بأرباح مجزية· وكذلك دفعت شركة ''استثمار'' مبلغ 340 مليون دولار مقابل تملك 6 من أفخم المباني في نيويورك بمن فيها مبنى كنيكر بروكر، وسلسلة فنادق دبليو، بالإضافة الى فندق ماندرين اورينتال من فئة خمس نجوم في مانهاتن، علماً بأن ''استثمار'' تمتلك أيضاً حصة بمقدار 2,4 في المائة في أسهم تايم وورنر، كما نجحت في يوليو الماضي في تملك شركة ليهمانز المتخصصة في أعمال البيع بالتجزئة في نيويورك مقابل مبلغ 300 مليون دولار لشراء شركة ستاندارد ايرو هولدينج المملوكة لمجموعة كراليل والمعنية بصيانة المحركات والتوربينات المستخدمة في الطائرات الصغيرة،
كما تتجه الشركة ايضاً لإنهاء صفقة أخرى مع شركة لاندمارك افييجن المتخصصة أيضاً في صيانة الطائرات· بيد أن عمليات التملك والاستحواذ الحالية لم تفض حتى الآن الى توترات سياسية في الولايات المتحدة الأميركية حتى في خضم الحملات الانتخابية الحالية·
ولكن وفي ظل استهداف الشركات الحكومية الخليجية للمزيد من الكيانات المؤسساتية العملاقة فقد درج المحللون على التذكير بالأزمة التي نشبت في حقبة الثمانينات عندما نجح المستثمرون اليابانيون في شراء عقارات فخمة مثل مركز روكفلر الشهير، لذا فإن الأميركان ربما تعتريهم حالة من الغضب والسخط بشأن فكرة أن الاموال التي يدفعونها مقابل الجازولين ربما يتم إعادة تدويرها بهدف شراء كبريات الشركات الاميركية، أوربما يعمد السياسيون الى تأجيج الناخبين بدعاوى تهديد الأمن القومي تماماً كما حدث إبان صفقة شركة موانئ دبي العالمية·
وبالنسبة لصفقة شراء شركة داو كيميكال فقد صرح بيل راينش رئيس المجلس الوطني للتجارة الخارجية- المجموعة التي تمثل الشركات والأعمال التجارية وتتخذ من واشنطن مقراً لها- قائلاً: إنه من الصعوبة بمكان التنبؤ بما اذا كانت أية صفقة معينة سوف تواجه برد فعل حمائي من قبل الكونجرس، وإنه لن يستغرب ما واجهته صفقة دبي العالمية مرة أخرى·
وفي ظل مراوحة أسعار النفط في مستويات حول 64 دولاراً للبرميل فقد بات المستثمرون العرب يتطلعون الى عمليات الاستحواذ عبر ضخ استثمارات هائلة في آسيا وأوروبا، كما يشير زاهد شودري رئيس إدارة البحوث في دوتش بانك في دبي·
ويقول سايمون ويليامز الاقتصادي في بنك اتش اس بي سي في دبي: إنه عندما ترتفع أسعار النفط الى ما فوق 40 دولاراً للبرميل فإن الحكومات الخليجية سوف تتمتع بفائض في الميزانية يدفعها بشكل طبيعي نحو الاستثمار، والى ذلك فإن الدول الخليجية قد باتت تتدافع باتجاه تنويع اقتصاداتها لمواجه التحديات· ويبدو أن دولة الإمارات العربية هي التي تقود هذه المسيرة حيث يقدر ستيف برايس كبير الاقتصاديين في بنك ستاندارد تشارترد في دبي أن الموجودات والأصول الأجنبية للدولة قد جلبت أكثر من 30 مليار دولار في عام ،2006 في الوقت الذي حققت فيه صادراتها من الهايدروكربون مبلغاً يقارب 60 مليار دولار· وكذلك فقد دفعت مؤسسة الصناعات الاساسية ''سابيك'' في المملكة العربية السعودية مبلغ 700 مليون دولار العام الماضي مقابل تملك الوحدة الكيميائية في شركة هونتسمان الاميركية·
وكانت شركة دبي انترناشونال كابيتال عبر صناديق استثمارية تزيد قيمتها على 6 مليارات دولار قد اشترت مجموعة توسو في عام 2005 مقابل 1,6 مليار دولار، ثم باعت 80 في المائة من حصتها لمجموعة بلاك ستون الاميركية العملاقة في مجال الاستثمارات بقيمة ملياري دولار الشهر الماضي· وفي نفس الأثناء نجحت دبي كابيتال ايضاً في مجموعة ترفيلودج صاحبة سلسلة الفنادق البريطانية مقابل 1,23 مليار دولار في أغسطس الماضي· ويذكر أن عملية شراء شركة دونكاستر من قبل دبي كابيتال في العام الماضي قد استلزمت مصادقة السلطات الأميركية بسبب أن الشركة درجت على تصنيع الأجزاء الخاصة بالطائرات الأميركية المقاتلة مثل اف-35 والدبابة من نوع ام-1 ابرام·
ويشير برايس كبير الاقتصاديين في ستاندارد تشارترد الى أنه غير متعاطف مع الأميركيين الذين يعربون عن مخاوفهم من الاستثمارات العربية وخاصة أن هذه الاستثمارات لا تثير الكثير من القلق في نفوس الأوروبيين والآسيويين· اما ويليامز الاقتصادي في بنك ''اتش اس بي سي'' فقد أدلى من جانبه بالتصريح التالي: ''سوف تظل الولايات المتحدة دائماً وجهة مهمة للأموال الخليجية إلا أن الدول الخليجية أصبحت تتمتع أيضاً بآفاق متسعة جديدة وهي تتطلع نحو أوروبا وسائر الأسواق الناشئة الأخرى·
عدد اليوم
