الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طلال الجنيبي: المحاسبة والمراجعة من الآليات الضرورية للاستفادة من الخسائر

طلال الجنيبي: المحاسبة والمراجعة من الآليات الضرورية للاستفادة من الخسائر
1 يناير 2012
الإمكانات البشرية متفاوتة، والقدرات الفكرية تختلف من شخص إلى آخر، ومن ثم فإن الخبراء يقدمون النصائح باتباع بعض الخطوات، لتكون نجوما تضيء طريق الفرد وتحسن عطاءه، معتبرين أن التفوق يرجع إلى الإرادة القوية والإصرار، والاستمرارية في النجاح هي الهدف المنشود، بل هي النجاح نفسه، ويعدد خبير التنمية البشرية الدكتور طلال الجنيبي عددا من النجوم الملهمة التي تساعد على سبر أغوار النفس ومعرفة الذات لتطورها بما يحقق الطموح، ويدعمها بأقوال وحكم. يقول الأستاذ الجامعي والخبير الدولي المعتمد في التنمية البشرية الدكتور طلال الجنيبي إن الموهبة مركبة وقودها الاجتهاد، ويشرح “من البديهي توقع تفاوت الإمكانات البشرية المشاركة ضمن أي بيئة عمل، وضمن هذا التفاوت على الصعيد الفردي تبرز ثنائية الموهبة والاجتهاد وتأثيرهما على الفعالية المتوقعة لمخرجات العنصر البشري الحاضر في منظومة العمل، والهدف من هذا المدرك طرح تساؤل محدد، فما المحبذ تواجده بشكل أكبر وأهم عن الآخر، هل هو الاجتهاد أم الموهبة؟ مع التسليم بأن اجتماعهما هو الوضع الأفضل حتماً”. الموهبة والاجتهاد للوصول السريع للهدف، يقول الجنيبي “عندما يتحتم الاختيار ما بين العنصر الموهوب فطرياً، ولكن المتقاعس وبين العنصر المجتهد، غير الموهوب فأي منهما يا ترى يكون أنفع وأصلح للعمل؟ مع الاعتراف بأن الاجتهاد والموهبة هما عنوانان عريضان تندرج تحتهما عناصر تفصيلية، هل يكون الانحياز لاجتهاد غير الموهوب، أم لموهبة المتقاعس؟ فالجواب على هذا التساؤل المهم يتجلّى عند استحضار قصة سباق الأرنب والسلحفاة التي انتصرت فيها السلحفاة البطيئة، غير الموهوبة بالسرعة، على الأرنب السريع المتقاعس في سباق السرعة، ولم يستفد الأرنب من موهبة السرعة الفطرية والخفة لديه، فكانت الغلبة للسلحفاة نتيجة اجتهادها؛ فمرحى للاجتهاد تحت أي عنوان ويا خسارة موهبة المتقاعس، وفي هذا الصدد يقول ألبرت آينشتاين: العبقرية هي 1 في المائة موهبة، و99 في المائة اجتهاداً”. ويقول الجنيبي “وصلتني على البريد الإلكتروني رسالة أثارت انتباهي، وأهم ما في الرسالة يظهر في الملاحظة التالية “إذا كان لديك بيت يؤويك، ومكان تنام فيه وطعام في بيتك، ولباس على جسمك فأنت أغنى من 76 في المائة من سكان العالم، بمعنى أن هناك شخصاً واحداً فقط من كل أربعة أشخاص على وجه هذه الأرض يستمتع بما يعتبره أكثر من يقرأ هذه السطور وضعا عاديا جداً، وتلفت الرسالة إلى أنه لو كان لديك مال في جيبك، واستطعت أن توفر شيئاً منه، فإنك واحد ممن يشكلون 8 في المائة من أغنياء العالم. فتمعن وقدر درجة غناك جيداً، فمن المنظور الإداري، لدارسي علوم السلوك الوظيفي، أقول إن الرضا الوظيفي يرتكز في أساسه على مبادئ القناعة، والرضا بالواقع، وإن استشعار ما يدور حولنا ومشاهدة أوضاع من هم دوننا يشكل مورداً حيوياً لتحقيق الذات وإشباع الرغبات وإثراء فقر النفس، وما أحوجنا إلى سماع هذا ولو كان بالهمس، فربما تكون أغنى أكثر مما تتوقع”. ويقول الجنيبي “هناك مقولة قديمة مأثورة، مضمونها أن “سدد باتجاه القمر إذا ما أردت أن تصطاد نجمة من النجوم” بمعنى، أن التشدد في معايير الجودة هو ضمان لعدم النزول إلى ما دون الطموح، والمعنى قابل للإسقاط على كثير من جوانب الحياة، فارفع سقف تطلعاتك وطموحك، حتى يكون هدفك المرجو أضعف الإيمان”. إحداث الفرق يوضح الجنيبي “هل تعلم أنك إذا أصبحت في عافية في بدنك هذا اليوم، فإنك أفضل مما يقارب المليون إنسان في العالم الذين لا يمكنهم العيش لأكثر من أسبوع بسبب مرضهم؟ هل تدرك بأنك إذا لم تذق طعم وحدة السجن بغير حق ولم تتعرض لهول التعذيب، وكنت مستمتعاً بالأمن والأمان الذي نعيشه على هذه الأرض الطيبة، فإنك أفضل من نصف مليار إنسان على سطح الأرض؟ كذلك إذا استطعت قراءة هذا الكلام فإنك أفضل من نصف مليار إنسان على سطح الأرض من البشر الذين لا يستطيعون القراءة، يبدو أننا نمتلك أكثر كثيراً مما نظن، ولا نقدر ذلك، إن استيعاب حقائق كهذه كفيل بجعلنا أكثر سعادة وأكثر إحساساً بذواتنا وتقديراً لإمكاناتنا، ما يشكل منصة معنوية لإطلاق قدراتنا باتجاه التطوير والبناء للذات وللآخر إنسانياً، بل وإدارياً بلا أدنى شك”. ويقول الجنيبي “في تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي في مطلع العام 2010، جاء تقرير التكلفة الإجمالية المقدرة للأزمة المالية العالمية بنحو 4.054 تريليون دولار، بما فيها خسائر الأصول الناتجة من الولايات المتحدة الأميركية والمقدرة بما يقارب 2.612 تريليون دولار، عن الفترة ما بين 2007 إلى 2010. وخسائر العرب من هذه الأزمة الاقتصادية قدرها الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية حينها أحمد جويلي، بما يقترب من 2.5 تريليون دولار، وهو رقم مخيف نظراً لفداحة عواقبه وانعكاساته على الواقع العربي الاقتصادي المتردي أصلاً، أضف إلى ذلك أن 1.5 مليون عربي فقدوا وظائفهم جراء هذه الأزمة. ويضيف الجنيبي محللا الموضوع “في وضع حرج كهذا، وتحت وطأة ظرف صعب كالذي نعيشه، تبرز المحاسبة والمراجعة والتقييم للذات وللآخر كآليات ضرورية لتحقيق استفادة نسبية من خسائر كبرى، فأخطاء الماضي، وتجارب الأوقات العصيبة يمكنها تحويل كثير من الخسائر إلى مكاسب، ولو على سبيل تجنب تكرار الأخطاء وتقوية مناطق الضعف والبناء على الفرص المتاحة، مهما كان الظلام دامساً، فشمعة واعية خلف شمعة مخلصة مدركة، كفيلة بتلمس طريق الخروج إلى نقطة انطلاق للبناء والارتقاء، فعند اشتداد الظلام، ابحث عن طريق النجاة من خلال دروس أخطاء الماضي”. رسالة وداع ويستشهد خبير التنمية البشرية الدكتور طلال الجنيبي ببعض الكتاب الكبار في دعم آرائه، ويقول “كتب الروائي الكولومبي الشهير جابرييل جارسيا ماركيز رسالة وداع إلى أصدقائه وأحبابه وجدتها جديرة بالتأمل، غنية بالعبر إذ يقول ماركيز في رسالته المؤثرة “لو شاء الله أن يهبني شيئاً من حياة أخرى، فإنني سأستثمرها بكل قواي، ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة واستلقي على الأرض عاري الروح كالطفل، سوف أعطيه الأجنحة ولكنني سأدعه يتعلم التحليق وحده، وللكهول سأعلمهم أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان، لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر. تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أن سر السعادة تكمن في تسلقه، تعلمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرة الأولى فذلك يعني أنه أمسك بها إلى الأبد، تعلمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف. تعلمت منكم أشياء كثيرة، لكن، قلة منها ستفيدني لأنها عندما سأرتبها في حقيبتي أكون قد ودعت الحياة، فقل دائماً ما تشعر به وأفعل ما تفكر فيه، وهناك دوماً يوم الغد، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير، أحب أن أقول: كم أحبكم، وإنني لن أنساكم أبداًَ، لأن الغد ليس مضموناً لا للشباب ولا المسنين، ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبهم، فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي ولابد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة أو عناق أو قبلة أو أنك كنت مشغولا، كي ترسل لهم أمنية أخيرة، حافظ بقربك على من تحب، أهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمك، سامحني، من فضلك، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفها، لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الله القوة والحكمة للتعبير عنها، وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك”، لافتا إلى أن هذه الرسالة كتبها ماركيز وهو يعاني من مرض خبيث، بعد أن أحس أن المرض قد تمكن منه. الفروق بين القيادة والإدارة بين القيادة والإدارة مساحات توافق ونقاط فوارق، في هذا الصدد، يقول خبير التنمية البشرية الدكتور طلال الجنيبي “الأولى القيادة، والثانية الإدارة، الأولى فطرية، يصقلها الاكتساب والثانية مكتسبة تقويها الفطرة، الأولى شغوفة بالعموميات، الثانية مسكونة بالتفاصيل، الأولى عاطفية الصبغة، الثانية عملية التكوين، الأولى تبدأ بالرؤية وتخطيط المسار وتمر عبر استثمار الموارد المتاحة وتنتهي بتحريك الدوافع والنوازع، والثانية تبدأ بالتخطيط، يعقبه التنظيم، يتلوه التوجيه، حتى ينتهي بها المطاف عند الإشراف والرقابة، الأولى شمولية بامتياز، الثانية جزئية بإجادة، الأولى تحتوي الثانية في الغالب، أما الثانية فلا تستلزم وجود الأولى بالضرورة، الأولى إثبات لجدارة الريادة، أما الثانية سعي لارتياد الجدارة، ما مضى هو إيضاح لمساحات التوافق ومناطق الفوارق ما بين القيادة والإدارة”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©