الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غزة تتنفس الصعداء... بعد وقف إطلاق النار

غزة تتنفس الصعداء... بعد وقف إطلاق النار
25 نوفمبر 2012
أعلن قادة “حماس” النصر يوم الخميس الماضي ليتجمع آلاف الأنصار في غزة ملوحين بالأعلام احتفالاً بوقف إطلاق النار، فيما كان القطاع المدمر يدخل يومه الأول من الهدوء بموجب اتفاق الهدنة الذي رعته مصر، وقد شهد بعض أسوأ أعمال العنف بين إسرائيل وغزة، خلال السنوات الأربع الأخيرة؛ ولكن بعد ثمانية أيام من القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة وإمطار هذه الأخيرة لإسرائيل بالصواريخ التي وصلت تل أبيت والقدس لا يمكن القول إن المواجهات أفضت إلى نتيجة حاسمة، إذ فيما تقول إسرائيل إنها كبدت المقاتلين في غزة خسائر كبيرة يرد قادة “حماس” بأن تراجع إسرائيل عن شن حملة برية على القطاع، كما فعلت ذلك قبل أربع سنوات، هو مؤشر دال على قوة الردع الجديدة لـ”حماس” وفصائل المقاومة، وهذا الرأي عبر عنه رئيس الحكومة في القطاع، إسماعيل هنية، قائلاً في خطاب متلفز بعد الإعلان عن الهدنة “لقد غيرت المقاومة قواعد اللعبة مع الاحتلال وقلبت حساباته، وخيار اجتياح غزة لم يعد مطروحاً، بل ذهب إلى غير رجعة”. ولكن في النفس الوقت دعا هنية المقاتلين إلى احترام الهدنة التي توسطت فيها مصر مطالباً “بحماية الاتفاق طالما احترمته إسرائيل”. أما في داخل إسرائيل، فقد كان المزاج العام منقسماً بين شعور بالارتياح لتوقف عمليات إطلاق الصواريخ من غزة، ورجوع الهدوء دون الحاجة إلى اجتياح بري ستكون تكلفته مرتفعة من حيث الجنود، وبين من اعتبر أن العملية انتهت مبكراً، ولاسيما في صفوف سكان المناطق الجنوبية في إسرائيل الأكثر تضرراً من إطلاق الصواريخ؛ وفي تبريره لوقف العملية العسكرية قال نتنياهو إن الهجوم الذي دام ثمانية أيام حقق هدف وقف الصواريخ وأضعف “حماس” مضيفاً: “أعرف أن هناك مواطنين توقعوا رداً أعنف وأقسى”. ولكن على رغم التشدد الخطابي، فقد مثلت الهدنة التي تم التوقيع عليها فرصة لتدشين مرحلة جديدة في العلاقات بين “حماس” وإسرائيل، فالطرفان يستعدان للتفاوض على صفقة تنهي إطلاق الصواريخ من غزة وفي المقابل تزيل الحصار المفروض على القطاع وتفتح المعابر الحدودية، وقد تقرر أن تبدأ المباحثات حول هذه القضايا بعد 24 ساعة من سريان الهدنة ووقف إطلاق النار بين الجانبين، وتبقى اللغة الفضفاضة التي صيغت بها اتفاقية الهدنة ومشاعر العداء المتجذرة لدى كل طرف عائقاً أمام وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى أن أحداً لم يتمكن من الحصول على كل ما يريده من الطرف الآخر، فإسرائيل تسعى في المحصلة النهائية إلى منع تهريب السلاح إلى غزة على أن تلعب مصر دوراً مهماً في هذا الجانب، فيما تريد “حماس” رفعاً كلياً للحصار المفروض على غزة الذي فرض منذ 2007 بعدما سيطرت “حماس” على القطاع. واعتمدت إسرائيل في شن هجومها الأخير على قطاع غزة على ذريعة وقف إطلاق الصواريخ، حيث نفذ الطيران الإسرائيلي حوالي 1500 طلعة جوية على غزة قصف فيها العديد من الأهداف، فيما ردت “حماس” وبقية الفصائل الفلسطينية الأخرى بإمطار إسرائيل بوابل من الصواريخ. وعلى مدى الأيام الثمانية التي تواصل فيها القتال، سقط 161 فلسطينياً، 71 من المدنيين. وفي المقابل قُتل خمسة إسرائيليين، هذا وأقدمت إسرائيل أيضاً على تدمير البنى التحتية في غزة واستهداف مقر رئيس الحكومة، بالإضافة إلى مقرات الشرطة، ولذا جاء إعلان وقف إطلاق النار ليطمئن الفلسطينيين في غزة، ويطلق الاحتفالات الصاخبة في الشوارع، وهو ما عبر عنه أشرف ضياء المهندس البالغ من العمر 38 عاماً في غزة قائلًا “اليوم مختلف عن بقية الأيام حتى قهوة الصباح مذاقها مختلف، أشعر بأننا بدأنا بداية جديدة”. ولأول مرة منذ بداية الهجوم ظهر المئات من عناصر “حماس” الملثمين الذين اختبأوا خلال القصف الإسرائيلي ليشيعوا جثمانين زملائهم الذين قضوا في الأيام الأخيرة، واللافت أنه خلال المواجهات بين إسرائيل و”حماس” تعززت قوة الفصائل الإسلامية المقاومة بعد الاعتراف السياسي الذي جنته “حماس”، حيث تحولت غزة على مدى الأسبوع الماضي إلى محج لوزراء الخارجية، سواء من تركيا، أو من الدول العربية الذين جاؤوا لإبداء تعاطفهم مع سكان القطاع في اختلاف واضح عن المواقف القديمة للدول العربية تجاه “حماس”، وحتى إسرائيل والولايات المتحدة اعترفتا أيضاً ضمناً بالدور المحوري لـ”حماس” في قطاع غزة من خلال الانخراط معها في مفاوضات مباشرة، وذلك على رغم كون إسرائيل والغرب يعتبران “حماس” منظمة إرهابية. وبعد انتهاء الحرب سعى وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، إلى الدفاع عن قراره، بعدم الإقدام على اجتياح بري للقطاع، ولاسيما أن باراك كان أيضاً وزيراً للدفاع في إسرائيل عندما شنت هذه الأخيرة عمليتها البرية في 2008 ضد غزة وما تلا ذلك من إدانة دولية، حيث قال باراك: “نحن لا ندخل مغامرة عسكرية بسبب مزاج عارض، وبالتأكيد لا نفعل ذلك بضغط من الرأي العام الذي ينقلب مع أول جندي يسقط في المعركة”، مضيفاً أن العالم أيضاً قد ينقلب على إسرائيل في حالة الاجتياح البري، محيلاً إلى التحذيرات الأميركية والغربية من التكلفة العالية للعملية البرية. وبالإضافة إلى “حماس” التي تعززت سلطتها في غزة برزت مصر أيضاً باعتبارها الوسيط الذي لا غنى عنه في المنطقة لتعود إلى مكانة القوة الإقليمية المؤثرة. وسيكون على الرئيس المصري، محمد مرسي، الاضطلاع بدور مباشر كحكم بين إسرائيل و”حماس” عندما تعترض طريق الهدنة أية تحديات، أو مشاكل، وذلك على رغم الصعوبات الداخلية التي يواجهها الرئيس المصري، ولاسيما فيما يتعلق بدفع عجلة الاقتصاد؛ وكان رئيس المكتب السياسي لحركة، “حماس”، خالد مشعل، وقائد الجهاد الإسلامي، رمضان شلح، قد التقيا يوم الخميس الماضي مع مسؤولين في الاستخبارات المصرية لترتيب الوضع بعد الهدنة وتثبيت ما جاء فيها من تفاصيل، وخاصة فيما يتعلق بفتح المعابر الحدودية التي تتطلب تقديم تنازلات من الطرفين، “حماس” وإسرائيل. هذا ويرجع تاريخ الحصار المفروض على قطاع غزة إلى 2007، عندما أغلق الرئيس السابق، حسني مبارك، معبر رفح مانعاً حركة التجارة وتنقل الأفراد، وبعد 2010 خففت إسرائيل من الحصار بسماحها لـ”حماس” باستيراد البضائع مبقية على منع التصدير، وإثر سقوط مبارك في العام الماضي خففت مصر من قبضتها على معبر رفح، ولكنها رفضت مطالب “حماس” باستئناف علاقات تجارية كاملة مع غزة خشية ارتباط هذه الأخيرة بمصر وإقدام إسرائيل على ربطها بسيناء، وتعميق الهوة الفلسطينية بين غزة والضفة الغربية. وعلى رغم التقارب الأيديولوجي بين “حماس” و”الإخوان المسلمين” في مصر، فإنه من غير المرجح أن تدخل القاهرة تغييرات جوهرية على معبر رفح، حسب ما قاله مسؤول بارز في “حماس” رفض الكشف عن اسمه. وأضاف العضو في “حماس” الذي شارك في المفاوضات بالقاهرة أن مرسي تعامل خلال المفاوضات مع “حماس” كوسيط وليس كأحد المسؤولين السابقين في “الإخوان المسلمين”، أما إسرائيل فتعول على مصر لوقف تهريب الأسلحة عبر سيناء إلى داخل غزة، حيث تمكنت “حماس” في السنوات الأخيرة من بناء ترسانتها الصاروخية بفضل الأسلحة القادمة من إيران، وهو ما أكده خالد مشعل نفسه الذي وجه الشكر لطهران على وقوفها مع المقاومة. إبراهيم بارزاك وكارين لوب محللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة “كريستيان ساينس مونيتور”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©