الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا وشمال أفريقيا... علاقات جديدة

25 نوفمبر 2012
تراكمت التطورات في الشرق الأوسط خلال السنة الماضية، بما فيها إسقاط أنظمة حكم في تونس ومصر وليبيا، وتركت معظم الأوروبيين في حيرة وارتباك، حول العلاقة التي يجب أن تكون بينهم وبين دول شمال أفريقيا في هذا المشهد الاجتماعي والسياسي المتغير. اعتاد الأوروبيون قبل الثورات في المنطقة على الحفاظ على علاقات سلمية مع دول شمال أفريقيا. وفي هذا السياق اتخذت علاقات الأوروبيين وسياساتهم ومصالحهم الدولية أولوية كبيرة، وغطّت أحياناً على القضايا المحلّية، مثل الفقر والبطالة والتمييز. واليوم، وفي مشهد عالمي متغيّر، يجب علينا أن نتذكر أننا لا نستطيع أن نقف ببساطة، ونهتف لنهاية هذه الأنظمة التي سقطت. نحتاج نحن الأوروبيين لأن نرعى وبنشاط علاقات جديدة مع شعوب وحكومات هذه المنطقة المتغيرة. تعتبر مجموعة معينة من الناس حاسمة في إيجاد هذه العلاقات الجديدة بين المنطقتين. وضمن هذا الإطار، فإنه بوجود جذور لها على جانبي البحر الأبيض المتوسط، تعتبر مجتمعات الشتات من تونس وليبيا ومصر التي تعيش في أوروبا أساسية في بناء الجسور عبر البحر الأبيض المتوسط بين أوروبا وهذه الدول. كانت العلاقات بين الأوروبيين وسكان شمال أفريقيا صعبة في معظم حالاتها نتيجة لتاريخ الاستعمار الأوروبي. وبدأت ذكريات الهزيمة والظلم والمجتمعات المهملة والنزاعات، التي جرى إسكاتها تظهر نتيجة للتغييرات وحراك الحرية في المنطقة. أصبحنا نحن كأوروبيين معتادين على الحفاظ على علاقات سلمية وعلاقات صداقة ضيقة مع دول يقودها سياسيون طغاة، حافظوا أحياناً وعملوا على رعاية هذه العلاقات بشكل عاد بالضرر على حريات شعوبهم. يبقى الشك قائماً على جانبي البحر الأبيض المتوسط، ففي جنوب الكرة الأرضية، تتساءل المجتمعات والحكومات إذا كان الغرب سيدعم بشكل حقيقي العمليات التي باشرتها دول “الربيع العربي”، وفي الشمال، يفكر العديد من القادة السياسيين الأوروبيين بقلق في السبل التي ستتبعها هذه الديمقراطيات الجديدة، وأين ستقف حكوماتها في علاقتها معهم. يحتاج أي حوار صادق ومفتوح بين الدول الأوروبية والشمال الأفريقي لأن يبدأ حتى يتسنى لها إنشاء علاقة صادقة ومتساوية. يعني ذلك بالنسبة للأوروبيين الحاجة لأن نتحدث عن أخطائنا، وإثبات أننا على استعداد لإعادة دراسة التاريخ، والعمل باتجاه تطوير شعور بتاريخ مشترك. يمكن للمجتمعات المنتشرة على ضفتي البحر المتوسط أن تكون طرفاً فاعلاً في أسس عملية تسوية تتعامل مع الذكريات والتاريخ التي تجمع هذه المجتمعات. وبسبب الرابط الذي لا يمكن إنكاره بينها، والعلاقة على جانبي البحر الأبيض المتوسط، تحمل هذه المجتمعات وزناً كبيراً في تذكيرنا بهذا التاريخ، وبالدور الذي تستمر بلعبه في العلاقات التي نملكها اليوم. وهذه المجتمعات تستطيع أن تشكّل جسراً بين ساحلي البحر الأبيض المتوسط والتوسط في هذه العلاقة، كما تملك هذه المجتمعات القدرة على فهم وتفسير التاريخ وسوء الفهم، وكذلك توقّع الشكوك والمخاوف والذكريات الأليمة والتعامل معها. بدأت منظمات وجمعيات غير حكومية متنوعة في أوروبا والعالم العربي كذلك بإدراك أهمية الحاجة إلى الحوار، ولفهم أعمق للآخر، والسعي من أجل تحقيق التفاهم اللازم لضمان تسوية قضايا ومشكلات سابقة على المستوى العالمي. وينطوي تطوير علاقات كهذه بالطبع على عقد حوار موضوعي وحقيقي وإدراك أن كلا الجانبين يتعامل مع واقع معقّد. تسعى مبادرات مثل برامج تبادل الأفراد، التي تموّلها مؤسسة “آنا ليند”، والتي تهدف إلى “جمع الناس معاً عبر البحر الأبيض المتوسط لتحسين الاحترام المتبادل بين الثقافات”، إلى تشجيع شعور بالرؤية المشتركة بين منظمات المجتمع المدني العربية والأوروبية. وتشجّع حركة أخرى هي “مبادرة الحوار”، وهي أحد برامج المنظمة الفرنسية “مبادرات التغيير”، الحوار عبر الثقافات من خلال المؤتمرات، وتهدف إلى إيجاد مساحات للحوار يمكن فيها التعامل مع الذاكرة الجماعية وسوء الفهم حول “الآخر”. ويستطيع الأفراد الذين يشكّلون جزءاً من مجتمعات الشتات أن يفهموا تعقيدات الطرفين وذكائهما، والمساعدة على بناء وتشكيل علاقات، لأنهم خبروا ويشكلون جزءاً من الثقافتين. وهم أساسيون في الحفاظ على وتطوير حوار ورؤية مشتركة لمستقبل العلاقات الأوروبية والشمال أفريقية. نحن بحاجة لأن نفكّر بمستقبل هذه العلاقة المتوسطية ككل، والاعتراف بالروابط الأساسية والجسور التي تستطيع مجتمعات الشتات توفيرها ودعمها. مارين بيجو ناشطة في منظمة «مبادرات التغيير»-باريس ينشر بترتيب مع خدمة “كومون جراوند” الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©