الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بريطانيا تعارض ميزانية الاتحاد الأوروبي

25 نوفمبر 2012
عندما ذهب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى بروكسيل يوم الخميس من أجل بدء المفاوضات حول ميزانية جديدة للاتحاد الأوروبي، كان عليه تذكر أخذ حقيبة اليد معه. غير أنه بدلاً من أن يتعلق الأمر بنصيحة بخصوص الاكسسوارات، فإن الرسالة التي بعث بها إلى كامرون حلفاؤه المحافظون الأسبوع الماضي كانت تذكيراً له حتى يكون مثل تاتشر التي اشتهرت بحمل حقيبة اليد والتعامل بصرامة مع الزعماء والمسؤولين الأوروبيين. غير أن هذا لا يعني أن كامرون كان بحاجة إلى التذكير، إذ بينما كان يستعد للاستمرار في موقفه الرافض في بروكسيل، يبدو أنه كان مدركاً جداً لحقيقة أن بلاده باتت تضيق ذرعاً بالاتحاد الأوروبي أكثر، وفي وقت أخذ فيه البعض داخل الاتحاد الأوروبي يضيق ذرعاً ببريطانيا أكثر أيضاً. والواقع أن الجولة الصعبة من المفاوضات بين كاميرون و26 من قادة الاتحاد الأوروبي الآخرين الأسبوع الماضي، توضح هذه الفكرة أكثر من أي وقت مضى. فقد رفض كامرون صراحة مقترحاً للمفوضية الأوروبية يقضي بتخصيص 1?3 تريليون دولار لعمليات الاتحاد الأوروبي بين 2014 و2020، أي بزيادة قدرها 5 في المئة تقريباً، في وقت يتميز بالتقشف الحاد في معظم أوروبا التي عصفت بها الأزمة. وبدلاً من ذلك، دفع كامرون في اتجاه خفض الميزانية. وحيث لم ينل كاميرون ما يريده، فإنه لم يتوان عن التهديد بفيتو بريطاني، بل ذهب إلى حد التلميح الأسبوع الماضي إلى أن بروكسيل -العاصمة الإدارية للاتحاد- “تسرق من جيوب” الأوروبيين. والواقع أن حتى حزب العمال المعارض يدعو إلى التفاوض بصرامة حول الموضوع مع قادة الاتحاد. غير أن النقاش حول الميزانية ليس سوى واحد من أعراض ما يقض مضجع بريطانيا: الملل من الاتحاد الأوروبي. فكامرون يتعرض لضغط كبير من عدد متزايد من المتمردين داخل حزبه المحافظ من أجل إجراء استفتاء حول دور أصغر لبريطانيا في الاتحاد، أو انسحاب كلي منه بحلول عام 2014. ذلك أن الجمهور البريطاني، الذي ضاق ذرعاً بالهجرة من القارة الأوروبية، ويشعر بالغضب مما لا نهاية له من مراسيم الاتحاد الأوروبي، يرغب في التغيير. وفي هذا الإطار، تؤكد استطلاعات الرأي الحديثة اتجاهاً يُظهر أن أكثر من نصف الناخبين البريطانيين مستعدون للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، في حين يرغب أقل من الثلث في البقاء فيه. وفي هذا السياق، كتب عمدة لندن، بوريس جونسون، الذي يعد من بين قادة حزب المحافظين الأكثر تأثيراً، يقول في مقال رأي بصحيفة “التيليجراف”: “لابد أن المسؤولين في بروكسيل قد فقدوا صوابهم حتى يقترحوا زيادة في الميزانية”، مضيفاً: “إن الأمر أشبه بتقديم الهيروين لرجل مدمن. ويشبه تقديم الآيس كريم لأبدن طفل في القسم، بينما يلتزم بقية الأطفال بنظام حمية غذائي، ثم نطلب منهم دفع ثمن الآيس كريم”. ومن جانبهم، ضاق عدد من الزعماء الأوروبيين ذرعاً بهذه الدولة الجزيرة التي تتبنى مواقف معرقلة ولا تكف عن انتقاد الاتحاد، حيث تلقي عراقيل تلو العراقيل في طريق مشاريع الاتحاد الأوروبي وتجد متعةً في عزلتها عن منطقة اليورو، التي تهدف إلى تشكيل شكل أعمق من الوحدة الأوروبية لا ترغب بريطانيا سوى في دور صغير فيه. والجدير بالذكر أن ميزانية الاتحاد الأوروبي تمول من قبل دول الاتحاد الـ27، بحيث تدفع الاقتصادات الأكبر أكثر من غيرها، وينتهي الأمر ببعض الدول المتوسطة والأصغر إلى الاستفادة من تلك الأموال. وتُستعمل أموال الميزانية لتغطية كل شيء من الإعانات الزراعية الكبيرة إلى الرواتب الإدارية. غير أن المتشككين المحافظين في مشروع الوحدة الأوروبي في بريطانيا ليسوا الوحيدين الذين يتبنون موقفاً متشدداً بشأن الميزانية. ففي 2005، تمكن رئيس الوزراء حينها توني بلير، من حزب العمال، من تأخير اتفاقية بأشهر من أجل الحصول على اتفاقية أفضل بعض الشيء بالنسبة لبريطانيا بشأن ميزانية الاتحاد الأوروبي. غير أنه بالنظر إلى أن أوروبا مازالت متأثرة بأزمة الديون التي ضربت المنطقة، فـ”هناك شعور بالإحباط تجاه المملكة المتحدة أكبر من ذاك الذي كان موجوداً في 2005”، كما تقول بينيديكتا مارزينوتو، الباحثة في “بروجل”، وهو مركز بحوث في بروكسيل. البعض يصور المعركة على أنها بين واحد (بريطانيا) مقابل 26 (بقية الاتحاد الأوروبي)؛ إلا أنه وعلى غرار كل الأشياء في السياسة الأوروبية، فالأمر ليس بتلك السهولة. ذلك أن بعض البلدان، وخاصة السويد وهولندا، تعتبر أقرب إلى موقف بريطانيا المتشدد منها إلى مواقف أخرى. كما أن ألمانيا المشهورة بسياساتها المقتصدة تبحث أيضاً عن مدخرات، قد تحصل عليها على شكل صفقة توافقية طرحها رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رامبوي، الذي يقال إنه يقترح مخططاً أكثر تقشفاً من زملائه في المفوضية الأوروبية. غير أن البعض -مثل فرنسا- لا يخفون إحباطهم وخيبتهم. ففي تصريحات تشير إلى أن المعركة الوشيكة، انتقد الرئيس الفرنسي الأسبوع الماضي دولاً تطلب التخفيض “في الوقت نفسه الذي ندعو فيه إلى التضامن والتعبئة من أجل تحقيق النمو”، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية. أنتوني فايولا لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة “واشنطن بوست وبلومبورج نيوز سيرفس”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©