الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدستور المصري الجديد... خطوة أولى في خريطة الطريق

الدستور المصري الجديد... خطوة أولى في خريطة الطريق
5 ديسمبر 2013 00:30
كريستين تشيك القاهرة انتهت لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور المصري من صياغة وثيقة جديدة حافظت في مجملها على امتيازات عديدة للمؤسسة العسكرية، فيما سعت من جهة أخرى إلى إضعاف تواجد الإسلاميين والحد من النفوذ الذي اعتمدوا عليه خلال فترة الرئيس المعزول، محمد مرسي. هذا ويمثل اعتماد دستور جديد في مصر الخطوة الجوهرية الأولى في المرحلة الانتقالية المعروفة باسم خريطة الطريق التي يُفترض أن تقود إلى التأسيس لحكم منتخب بعد التحرك العسكري لشهر يوليو الماضي الذي جاء بعد انتفاضة شعبية أكدت رفض حكم «الإخوان». ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن الوثيقة المعدلة جاءت بتحسينات مهمة مقارنة بالدستور السابق، وإن كان البعض يبدي مخاوف حقوقية. لكن يضاف إلى ذلك الأجواء المحتقنة على الساحة المصرية بالنظر إلى استمرار العنف اليومي في شوارع المدن المصرية، حيث استخدمت الشرطة يوم الأحد الماضي الغاز المسيل للدموع لتفرقة المتظاهرين الذين احتشدوا في ميدان التحرير للتعبير عن معارضتهم للحكومة المدعومة من الجيش، فيما تجمع الطلبة بجامعات مصرية عدة احتجاجاً على قتل طالب بجامعة القاهرة في الأسبوع الماضي خلال مواجهات مع قوات الشرطة. وقد أكد أعضاء لجنة الخمسين بعد انتهائهم من التصويت على الدستور بنداً بنداً في وقت متأخر من يوم الأحد الماضي أنهم سلموا الدستور إلى الرئيس المؤقت أول من أمس. ومن المتوقع أن يحدد الرئيس موعداً لطرح الدستور للاستفتاء العام لمعرفة ما إذا كان سيتم المصادقة عليه، أم لا. ويُذكر أن لجنة الخمسين المنوط بها تعديل الدستور كانت قد عُينت من قبل الحكومة المؤقتة التي نصبها الجيش في شهر يوليو الماضي، ومن بين أعضائها الخمسين لا يوجد سوى اثنين من الإسلاميين، غير المنتمين إلى جماعة «الإخوان المسلمين». وقد عكفت اللجنة على إعادة الصياغة في وقت استمرت فيه السلطات الجديدة في حملتها ضد «الإخوان» ومؤيديها، حيث اعتقل الآلاف وصدرت أحكام مشددة ضد البعض الآخر. ومنذ سقوط نظام «الإخوان» في الثالث من شهر يوليو الفائت سقط ما لا يقل عن 1300 شخص، ولقي 43 من العناصر الأمنية حتفهم خلال المواجهات، وسارع ما يعرف بالتحالف المناهض للانقلاب الذي تقوده جماعة «الإخوان» إلى رفض الوثيقة الدستورية الجديدة، مؤكداً في بيان صادر عنه أن اللجنة «لا تتمتع بالمشروعية»، وأنها «ستنتج دستوراً للجيش فقط». ومن بين التغييرات المحتملة على خريطة الطريق التي يتحدث عنها المراقبون إعادة ترتيب أولوياتها بعدما رفضت اللجنة بنداً كان ينص على البدء بإجراء انتخابات برلمانية أولاً لتعقبها الانتخابات الرئاسية. وبدلاً من ذلك ينص الدستور الجديد على إيكال تحديد الترتيب إلى الرئيس المؤقت، عدلي منصور، وهو ما يعني حسب بعض الناشطين أن اللجنة التي تضم عدداً مهماً من المؤيدين لدور الجيش بصدد الإعداد لانتخابات رئاسية، وما هو ما يرجح احتمالات صعود وزير الدفاع المصري الفريق الأول، عبد الفتاح السيسي، إلى سدة الرئاسة. ورأى محمد أبو الغار، رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي المصري، وأحد أعضاء اللجنة، أن بعض أفراد اللجنة يعتقد بأن عقد انتخابات رئاسية أولاً من شأنه تعزيز الاستقرار في مصر، لأنه سيكون هناك رئيس منتخب يعمل بمقتضى دستور جديد قبل الانطلاق في انتخابات تشريعية، بيد أن أبو الغار الذي ساند التحرك العسكري لإزالة محمد مرسي من السلطة قال إن لديه تحفظات بشأن بعض بنود الدستور الجديد، بما فيها تلك التي تعرضت لانتقادات واسعة والمتعلقة بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، لكن إجمالا يرى رئيس الحزب أن هناك «تحسناً مهماً» مقارنة بدستور 2012، فبموجب الدستور الحالي يقول أبو الغار «لا تقل مسألة الحريات والحقوق تقدماً عن الدستور الفرنسي». ومنذ ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، عرفت مصر ثلاث جمعيات تأسيسية، واستفت على دستورين، وفي كل مرة كانت العملية تواجه عراقيل وصعوبات جمة. ففي شهر أبريل 2012 قضت المحكمة بحل الجمعية التأسيسية الأولى التي اختارها برلمان منتخب يهيمن عليه الإسلاميون، فيما انسحب أغلب الأعضاء خارج التيار الإسلامي من الجمعية التأسيسية الثانية لأن العملية افتقدت للتشاركية على حد قولهم، وإن كان ذلك لم يحل دون اعتماد الدستور بعدما لجأ مرسي إلى تحصين عمل الجمعية التأسيسية من الطعن القضائي، الأمر الذي فاقم من الاحتجاجات التي أدت في النهاية إلى الإطاحة به من السلطة. ويعطي النص المقترح للمجلس الأعلى للقوات المسلحة حق اختيار وزير الدفاع الذي حددت مدة ولايته بثماني سنوات، كما تخلى الدستور عن الإضافات الإسلامية مثل التفسير المرتبط بمبادئ الشريعة الإسلامية والدور الاستشاري لمؤسسة الأزهر، فضلاً عن حظر تشكيل الأحزاب السياسية على أساس ديني. وفي حين يشير بعض النشطاء الحقوقيين إلى مواطن التحسن في الدستور الجديد من قبيل إلزام مصر بالتقيد بالمواثيق الدولية، وإنشاء لجنة بشأن التمييز، وتجريم الاتجار بالبشر والتعذيب، وحذف جرائم القذف التي أضافها الإسلاميون إلى دستور 2012، فإن البعض الآخر مثل عمرو عبد الرحمن، مدير قسم الحريات المدنية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية يجادل بأن مشروع الدستور الحالي «ما زال بعيداً عن المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر في مواثيق دولية». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©