الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتدام الجدل حول مستقبل اسكتلندا

5 ديسمبر 2013 00:31
بيتر جيوهيجان رئيس تحرير مجلة «بوليتيكال انسايت» في التاريخ الحديث للمملكة المتحدة، قليل من المستندات الحكومية كان يتم انتظارها بشغف كما هو الحال في «الكتاب الأبيض» الذي أصدرته حكومة اسكتلندا حول الاستقلال - وهو عبارة عن وثيقة تدور حول وضع اسكتلندا حال خروجها بمفردها إلى الساحة العالمية. وذكر رئيس حكومة اسكتلندا «أليكس سالموند»، الذي يحبذ الاستقلال أن هذه الوثيقة «سيتردد صداها على مر العصور»، أما نائبته «نيكولا ستورجن»، فقد وعدت الناخبين الاسكتلنديين بأن هذه الوثيقة «ستجيب على كافة أسئلتهم». وقد أزيح الستار أخيراً عن الكتاب الأبيض، الذي يتألف من 670 صفحة، في جلاسكو في 26 نوفمبر الماضي، ولخص «سالموند وستورجين» هدفهما بالنسبة للشعب الأسكتلندي في هذه الوثيقة التي تعلن «مستقبل اسكتلندا». ستكون هناك فوائد كثيرة للاستقلال، وفقاً لما جاء في الكتاب الأبيض: ستصبح اسكتلندا عضواً في الاتحاد الأوروبي وتنبذ الأسلحة النووية، لكن الدولة ستبقي على عملتها (الجنيه الاسترليني) وتعترف بالملكة رئيساً للدولة. كما ستطور الحكومة الاسكتلندية الخدمات العامة، ومن بينها إنشاء الإذاعة الوطنية الجديدة وأحداث «ثورة» في مجال رعاية الطفل. ويأمل «سالموند» وحزبه «الحزب الاسكتلندي الوطني»، الذي يتزعمه منذ أكثر من عقدين، في أن يتمكن الكتاب الأبيض من إقناع الناس بالتصويت بـ«نعم» في الاستفتاء الذي سيجري في سبتمبر 2014، لينهي 306 عاماً من الوحدة مع إنجلترا. وحتى الآن، لا يزال الاسكتلنديون متشككين حول الاستقلال. وقد صوتوا بـ «لا» في الاستفتاء الذي أجري قبل صدور الكتاب الأبيض. ولكن في الواقع، قد لا يكون جدل التصويت بـ«نعم» في مقابل «لا» واضحاً كما يقول الكثير من النقاد وصناع السياسة، وحتى إذا لم تنجح حملة الاستقلال، فإنه من المرجح أن تواصل اسكتلندا تباعدها سياسياً عن المملكة المتحدة، كما يشير البعض، وتطالب بمزيد من الحكم الذاتي في إطار هذه العملية. تاريخياً، كان استقلال اسكتلندا بمثابة ملمح هامشي للسياسة البريطانية. وقد تأسس الحزب الاسكتلندي الوطني، الذي يؤيد استقلال اسكتلندا، في عام 1943، لكنه خاض الانتخابات لأول مرة عام 1967. ومنذ ذلك الحين، ناضل الحزب لتحقيق مكاسب كبيرة. وفي 1997 كان إنشاء برلمان ذو صلاحيات محدودة لاسكتلندا بمثابة نقطة تحول في مصير الحزب. وفاز الحزب، بزعامة سالموند بإدارة أقلية في انتخابات البرلمان ذي الصلاحيات المحدودة لعام 2007. وفي عام 2011، حصل القوميون على أغلبية مطلقة، مما منحهم الفرصة لتحقيق حلمهم بالتصويت على الاستقلال. ويعتبر الحزب الاسكتلندي الوطني هو القوة المحركة للتصويت لحملة «نعم» لاستقلال اسكتلندا، والتي تحظى أيضاً بدعم «حزب الخضر» الاسكتلندي وغيره من الأحزاب الأصغر. أما حملة «معاً أفضل»، التي تدافع عن البقاء في المملكة المتحدة، فتلقى دعم أكبر ثلاثة أحزاب في بريطانيا:أحزاب العمل والمحافظين والديمقراطيين الليبراليين. ويتزعم هذه الحملة «أليستر دارلينج»، مستشار وزير المالية السابق في عهد رئيس الوزراء السابق «جوردون براون». وقد هاجم النقاد من حملة «معاً أفضل» المزاعم القومية أن الاستقلال يتطلب حداً أدنى من التغييرات المؤسسية. وتساءل «دارلينج» أي عملة سنستخدمها؟ من سيحدد لنا معدلات الرهن العقاري؟ إلى أي مدى سترتفع الضرائب؟ كم ستبلغ المعاشات التقاعدية التي سندفعها؟ كما حذر مؤيدو «معاً أفضل» من أن حيوانات «الباندا» ستؤخذ من حديقة حيوان أدنبرة بمقتضى هذا الاستقلال، وأن إنجلترا ستضطر إلى تفجير اسكتلندا التي تقع في الشمال إذا تم غزوها من قبل قوة أجنبية، والتي ستهدد بدورها جارتها الجنوبية. وفي سعيهم للإجابة على هذه الأسئلة مع مقترحات تفصيلية مثل تلك التي وردت في الكتاب الأبيض، فإن المواطنين الإسكتلنديين يدافعون عن وضعهم على نحو مفهوم. يقول «جيمس ماكسويل»، وهو كاتب اسكتلندي في مجلة «نيو ستيستسمان» أنه بينما يتصارع القوميون والوحدويون حول الكتاب الأبيض، فإنه من غير المرجح أن تحقق الوثيقة نجاحاً باهراً للناخبين الاسكتلنديين. «أن الوثيقة لا تحمل أي فائدة للاسكتلنديين العاديين». ويتوافق تأييد الاستقلال مع الدخل والحالة الاجتماعية: وبوجه عام، فإن الاسكتلنديين الأكثر فقراً سيصوتون بـ «نعم» في الأغلب في الاستفتاء القادم أكثر من أولئك الأغنياء. يقول «ماكسويل» إن «الاسكتلنديين المهنيين لن يرغبوا ببساطة في المقامرة حول تغيير دستوري جذري، حتى وإنْ كان البديل هو تقشف ممتد وانخفاض مستوى المعيشة في المملكة المتحدة». ولكن إذا رفض الاسكتلنديون الاستقلال في العام القادم، فإن الوحدويين، على المدى الطويل، قد يجدون أنفسهم في الجانب الخاطئ من التاريخ، حسبما ذكر «مايكل كيتينج»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أبردين. ويضيف «كيتينج» أن الدعوات إلى الاستقلال في اسكتلندا، هي نتاج لتوترات تتعلق بالعلاقات التي تربط المملكة المتحدة ومفهوم الدولة القومية، وحتى من دون الاستقلال الكامل، فإن المطالبة بمزيد من الحكم الذاتي في اسكتلندا ستزدان على الأرجح. وبينما تظهر استطلاعات الرأي أن الوحدويين في طريقهم، على الأرجح، للفوز في الاستفتاء الذي سيجرى العام المقبل، إلا أن مستقبل وضع اسكتلندا في المملكة المتحدة غير مؤكد على الإطلاق. ومن ناحية أخرى، فإن حملة «نعم اسكتلندا» تحمل الأمل في أن الكتاب الأبيض سيعطل كل شيء، وعاجلاً، وليس آجلاً: فإن حكومة الحزب الاسكتلندي الوطني، قد حددت بالفعل موعداً لإعلان الاستقلال الرسمي عقب التصويت بـ «نعم» ليكون ذلك في 14 مارس 2016. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©