الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«السلام على دجلة» رؤية موشومة بالبؤس

«السلام على دجلة» رؤية موشومة بالبؤس
18 ديسمبر 2014 01:43
دبي (الاتحاد) فيلم «السلام على دجلة ـ حرب العراق وعشر سنوات من العيش في بغداد»، يستهله المخرج الياباني واتاي تاكاهيرو بلقطات ذكية ولماحة، حيث يستعرض ضفاف نهر دجلة في بغداد، وقد بدت وكأنها مكب للنفايات والقاذورات، في إشارة دالة، تختزل حال العراق والعراقيين، الذي أطلقوا على النهر اسم «دجلة الخير». الفيلم يرصد حال العراق على مدى السنوات العشر الأخيرة، من خلال متابعة أحوال أسرتين بغداديتين، استحالت حياة أفرادهما إلى جحيم. مخرج الفيلم الصحفي الياباني تاكاهيرو وصل إلى بغداد للمرة الأول، قبل أسبوعين من الحرب الأميركية، التي أطاحت بنظام صدام حسين في إبريل عام ألفين وثلاثة، فجال بكاميرته على أسواق العاصمة، موثقاً وفرة السلع وإيقاع الحياة، التي يغلب عليها الأمل المرسوم بعيون الناس، حيث كان التبشير بالحرية والديمقراطية يغطي سموات العراق وأهله. فوثق بكاميرته صورة الشاب علي فارس، وهو يعتلي نُصُبْ صدام حسين بساحة الفردوس، ويلف الحبل عليه، لتطيح به الدبابة الأميركية. ولكننا وجدنا علي يقول أمام الكاميرا عام 2013: «كنا نحسبها لعبة، ولكن بعد عشر سنين لا حرية، ولا ديمقراطية، ولا شغل، والقادم أعظم». الفيلم يوثق وقائع الغارات ونتائج القصف الجوي، وسجل بلقطات جارحة أكوام الضحايا من الأطفال في مستشفى اليرموك. عقب ذلك تنتقل الكاميرا إلى بيت علي سكبان، الذي لم تنج من صغيراته الأربعة سوى غفران ذات الأعوام السبعة، التي شاهدت بأم عينها أشلاء شقيقاتها موزعة على ما تبقى من جدران البيت. وتابعت الكاميرا حال الأسرة لمدة ثلاثة شهور، حيث توجه الشاب علي بعد أن ضمد جراحه إلى مكتب المعونات الأميركي، للحصول على تعويض يرمم به بيته، ويسد رمق من تبقى من أسرته، وبعد مراجعات شبه يومية لمدة ثلاثة شهور، تمخضت مساعدات المكتب الأميركي، عن عرض لعلي بوظيفة جندي حراسة لدى الجيش الأميركي، فخرج يصرخ بالشوارع مناشداً الدنيا لقمة خبز من دون مجيب. عاد تاكاهيرور إلى بغداد أواخر عام 2004 فوجد علي وقد رزق بشهد، أما حاله فما زال كما هو، يعمل بالأجرة في ترميم البيوت المهدمة، مستعيناً بالمعارف والأقارب لسد القليل من حاجات الأسرة. وعاد المخرج للمرة الثالثة إلى بغداد عام 2006، فوجد علي وقد رزق بعبدالله، ولكن شقيقه الفتى الوحيد قتل بعد التحاقه، بـ»كتائب الصحوة» التي شكلتها العشائر، كما قتل خاله الذي كان من أكثر المعينين له في محنته. فغادر تاكاهيرو العراق وعندما عاد عام 20013، وجد أن علي نفسه قتل برصاص مسلحين عابرين بسيارة مدنية، وهم يستهدفون محل خضار يعود لابن أخته عام 2008، ليواصل الشيخين العجوزين مكابدة قسوة الحرب، التي أكلت أبناءهما، بظل ثلاثة أحفاد ناجين من محرقة الحرب، (غفران 17 عاماً وشهد 9 أعوام وعبدالله6 أعوام). وكذلك الحال بالنسبة للأسرة الثانية، التي فقدت بالغارات الأميركية الأولى طفلتين، ونجت مريم بعد أن بترت ساقيها، إلا أن مريم، لم تستسلم للعجز فالتحقت على كرسي متحرك بفريق لكرة «التنس»، وتفوقت ونالت عشرات الجوائز المحلية والإقليمية والدولية، وكأن المخرج أراد أن يترك قبساً من أمل أمام العراقيين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©