الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في معظم بقالات لندن العربية.. يبيعون اللحم الحلال.. وهماً

في معظم بقالات لندن العربية.. يبيعون اللحم الحلال.. وهماً
12 مايو 2007 23:56
لم تعد مظاهر التواجد العربي اللافت في لندن تقتصر على الصحف اليومية ومحطات التلفزيون أو حتى على المقاهي والمطاعم، بل تجاوزت ذلك الى المحلات التجارية والبقاليات التي تبيع جميع أصناف المواد الغذائية من علب الفول والحمص الى أكياس الكسكس المغربي والهريسة التونسية وحتى معلبات ورق العنب والفلافل والكبة اللبنانية والزعتر والبرغل الأردني وصولا الى الخبز العربي واللحم ''الحلال''· ولا نبالغ بالقول إن المحلات والبقالات العربية المنتشرة في جميع ارجاء لندن وغيرها من المدن البريطانية الكبرى تتوفر على منتوجات وسلع غذائية عربية لا تتوفر في أسواق القاهرة أو بيروت أو دمشق· ولا يجب أن يستغرب زوار لندن اذا ما شاهدوا في اي شارع او زقاق محلات ترفع يافطات باللغة العربية وتحمل أسماء مثل ''أسواق الشرق الأوسط'' أو ''المأكولات اللبنانية'' أو ''الوادي الأخضر'' أو''البيدر'' ···الخ· غير ان الملاحظ أن الكثير من المحلات العربية باتت في الفترة الأخيرة محط أنظار الهيئات الصحية والرقابية البريطانية بعد مخالفة الكثير منها للشروط الصحية أو قيام التجار بتهريب الكثير من السلع غير المطابقة للمواصفات البريطانية· لندن - نواف التميمي: خلال جولتنا على عدد من المحلات والبقالات العربية في وسط لندن وضواحيها لم ينكر اصحاب المحلات الذين تحدثنا إليهم وجود مخالفات وتجاوزات صحية في تجارة المواد والسلع الغذائية العربية، غير ان القاسم المشترك الذي لاحظناه هو إلقاء كل منهم باللوم على جهات أخرى مثل الموردين أو الوسطاء أو المهربين· وفي هذا السياق قال حامد العزوني صاحب محلات ''البيدر'':''هناك مواد غذائية وسلع ذات منشأ عربي تصل الى الأسواق في بريطانيا عن طريق التهريب،غير أن التاجر هو صاحب القرار في قبول أو رفض الشراء، خاصة إذا كانت الجهة الموزعة غير معروفة''· واعتبر العزوني أن التشدد في الرقابة الصحية على المواد الغذائية ضروري خاصة بالنسبة لسلع مثل الألبان والاجبان وقال: ''غالبا ما تكون المواد الحافظة في بلداننا العربية غير مطابقة للمواصفات الدولية، ومع ذلك فإن التجار يلجؤون الى تهريب مواد مثل الجميد او اللبن الناشف الذي يدخل في إعداد وجبة المنسف المعروفة في فلسطين والأردن وسوريا، وكذلك الجبنة مع أنها غير مطابقة للمواصفات الصحية البريطانية''· سلع مزيفة من جانبه قال حسن مرتضى من المحلات الشرقية : المشكلة ليست في التهريب ، بل في المعامل التي تقوم باستيراد كميات كبيرة من المواد الغذائية، كالزيتون والمخللات والاجبان واللحوم المجففة والمملحة، وغالبا ما تحدث المخالفات أثناء مرحلة التغليف والتعليب هنا في بريطانيا إذ لا تراعى شروط السلامة والصحة العامة نتيجة الإهمال والثقافة الصحية المتدنية او المبالغة في استخدام المواد الحافظة، كما يقوم البعض في تزييف التاريخ الحقيقي لانتهاء الصلاحية لتأمين هامش بسيط للربح''· وفي مقابل ما يقوله اصحاب المحلات التجارية، اخبرنا ديل بروك المسؤول في هيئة البيئة والصحة البريطانية أن ''الهيئة أصدرت مؤخرا قرارا بتحويل عدد من المحلات التجارية التي تبيع بعض المنتجات الغذائية المهربة الى المحاكم لمخالفتها إجراءات الصحة والسلامة العامة، ووضعت شروطا صحية صارمة على كافة أنواع الأغذية ومدخلات إنتاجها وعلى المحلات التي تبيع المواد الغذائية مع إجبار التجار على إبراز المعلومات الخاصة بالمحتويات ومكان التصنيع أو التعليب والوزن والصلاحية''· مخالفات للشروط الصحية واضاف ديل بروك : ''غالبية التجار يعرفون القوانين والإجراءات، ولكن بعض المعامل الصغيرة تخرق الإجراءات بصورة خطيرة، وخاصة تلك العاملة في منتجات اللحوم والأسماك والاجبان والعسل والمكسرات، وقد تبين ان شروط التخزين والتعليب السيئة تسمح بوجود أنواع من العفن تلحق أضرارا بالغة بالصحة · في جولتنا على المحلات العربية في أحياء ايدجوار رود فولهام و ايلينغ و اكتون أخبرنا التجار ان بعض المواد الغذائية تستورد عن طريق طرف ثالث وليست مباشرة من بلد المنشأ، وبالتالي يصعب التأكد من النوعية وشروط السلامة الصحية، مثلا منتجات بلدان شمال أفريقيا تمر أحيانا عبر مستوردين كبار في بلجيكا وفرنسا· وأكد لنا تجار فضلوا عدم ذكر اسمائهم او أسماء محلاتهم وجود عصابات تقوم باستيراد سلع أوشكت صلاحيتها على الانتهاء وتكسيها بعلامات تجارية جديدة مع تاريخ صلاحية جديدة يمتد لسنة أو أكثر· في الجانب الآخر من المعادلة يبدو أن المواطنين العرب منقسمون الى أكثر من فريق فيما يخص البضائع أو اللحوم التي تباع في المحلات والمتاجر العربية· تقول السيدة جميلة حسن(جزائرية الأصل): أنا لا اتردد على المحلات العربية إلا عند الضرورة القصوى، فقد تعودت منذ سنوات على التسوق من المتاجر الكبرى لأنني أضمن النوعية وكذلك الأسعار معقولة في حين لا أثق بما تعرضه المحلات العربية ناهيك عن الأسعار التي تتسم بالكثير من الاستغلال''· وتضيف السيدة جميلة: بالنسبة للمواد الغذائية العربية فانا أحضرها من الجزائر كلما ذهبت في اجازة أو اطلبها من الاهل والأصدقاء وبالتالي لا داعي لشرائها من المحلات العربية· من جهته يقول محمود حسن (لبناني):إن المحلات العربية ورغم أنها توفر جميع أنواع وأصناف المواد الغذائية التي تستورد من لبنان أو مصر أو المغرب العربي الا أن هذه المواد غالية الثمن وضعيفة الجودة· ليس بحلال··· المعضلة الأخرى، في موضوع الأغذية الموجهة للعرب والمسلمين في بريطانيا هي المتعلقة باللحوم بأنواعها وخاصة ما يسمى بـ''اللحم الحلال'' الذي يباع أغلى من ذلك الذي لا يحمل هذه الصفة ويزيد ثمن الكيلو الواحد من اللحم ''الحلال'' من 2 الى 3 جنيهات إسترلينية مقارنة بأسعار اللحوم ''غير الحلال''، ولهذا فالمشكلة هنا ليست في السلامة الصحية فقط وإنما أيضا في تضليل المستهلك· يقول محمد يعقوب من شركة ناشيونال حلال لتوزيع اللحوم: ''للأسف لا توجد هيئة مسلمة واحدة تقوم بالإشراف على موضوع الذبح في المسالخ، وبالتالي يباع اللحم على انه مذبوح بالطريقة الشرعية وهو غير ذلك، بفتاوى غريبة مثل جواز''البسملة'' على اللحمة أثناء التقطيع في المحل او أثناء الطبخ ''· من جانبه قال زياد العالول مدير الفرع البريطاني لشركة ''طاهرة'' للحوم :''من الصعب ضبط محلات الجزارة العربية او تلك التي تبيع لحم ''حلال'' والسبب هو تعدد الجهات التي تمنح شهادات ''الحلال''· بالنسبة لنا في ''طاهرة'' هناك مندوب دائم في المسلخ من الهيئة الإسلامية العالمية يشرف على عمليات الذبح''· ويقول العالول إن ''الغش في اللحوم لا يتعلق فقط بصفة ''حلال'' ولكن أيضا بالنوعية فهناك درجات ، والمستهلك يدفع ثمن صنف أول وهو من صنف ثان او ثالث''· ويضيف العالول: ''بالنسبة لنا ترددنا في البيع في محلات الجزارة، لأننا كعلامة تجارية لا يمكننا أن نضمن ان يتم بيع لحوم غير مطابقة للمواصفات الى جانب اللحوم التي تحمل علامتنا التجارية ولهذا اعتمدنا المحلات البريطانية الكبرى التي تدقق في النوعية والمواصفات''· ويؤكد العالول ان أكثر من 70% من اللحم الحلال الموزع في بريطانيا لا علاقة له بـ''الحلال''· هذا الرأي يؤكده بشكل قاطع د· يونس التيناز كبير مفتشي البيئة والصحة في بلدية هاكني (شمال شرق لندن) بالقول:'' أنا اتحدى مئات المؤسسات والافراد الذين يدعون انهم يملكون تراخيص من مؤسسات الدولة البيئية والصحية تخولهم منح شهادات (حلال) للحوم البيضاء والحمراء''· ويضيف: ''ان هؤلاء الذين حولوا تراخيص وشهادات الحلال الى مهنة تدر الاموال يمارسون او يساهمون في الواقع في عملية غش تجاري· ويقول التيناز : ''من موقع مسؤولياتي الوظيفية والأخلاقية والدينية أجزم بأن ما يزيد على 90 % من اللحوم الموسومة بـ(حلال) لا علاقة لها بالحلال· ويؤكد د·التيناز: '' قضية لحم الحلال باتت مصدر اثراء غير مشروع حلقاتها متعددة تبدأ بمن يمنح شهادات لحم حلال، ويشارك فيها مؤسسات وأفراد يتواطأون مع المحلات الكبرى والمسالخ بهدف زيادة الربح· ونحن نرى بعد التدقيق والبحث والدراسة ان لحوم الحلال كما تنص على شروطها تعاليم ديننا بمذاهبه المختلفة غير متوفرة في السوق البريطانية والأوروبية عامة· وعن موضوع اللحوم تقول السيدة أمينة الفاسي(مغربية) إنها تفضل شراء اللحم من المحلات العربية لأنها مذبوحة على الطريقة الاسلامية ''غير أنني لا أطمئن لالتزام أصحاب المحلات بالشروط الصحية''· وفي ذات السياق يقول عبداللطيف التاجي(عراقي):'' رغم معرفتي التامة بأن هذه اللحوم لم تذبح على الطريقة الاسلامية الا انني أميل لشرائها فقط من الناحية النفسية وأخشى ان أشتري من المتاجر البريطانية التي تقوم باستخدام ذات السكاكين والأدوات في تقطيع وتخزين لحوم الأغنام والابقار والخنزير''· ويختلف مع هذه الآراء الكثير من الأشخاص الذين عرضنا عليهم الموضوع، بالقول إن اللحوم التي تباع في المتاجر البريطانية هي أجود وافضل ومطابقة للشروط الصحية خلال عمليات الذبح والنقل والتخزين،أما فيما يخص مسألة ''الحلال'' فهي جدلية وهناك من يقول بأن ''النية'' هي الأساس أو أن ''البسملة'' خلال الطهي أو الأكل كافية لـ''تحليل'' اللحم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©