الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيت بلا جدران!

بيت بلا جدران!
5 ديسمبر 2013 20:57
عندما أراد أخي أن يتزوج طلب منا جميعاً أن نشاركه في الاختيار والترشيح، ولم يكن أمامي أفضل من ابنة زميلتي في العمل التي تربطنىي بها علاقات قوية ونتزاور عائليا» ونشأت علاقة صداقة أيضاً بين زوجي وزوجها، وتكاد كل منا تعرف كل شيء عن الأخرى، لذلك لسنا بحاجة إلى جمع معلومات عن بعضنا، وابنتها خريجة جامعية ولا تعمل واثق بأخلاقها، وفي الوقت ذاته اعتبرها مثل ابنتي، ولذلك أجمعت الأسرة على هذا الاختيار وأخي نفسه أعجب بها ووافق بعد أول لقاء، وشعر كل منهما بارتياح نحو الآخر، وتحملت أنا كل مسؤوليات الاتفاقات بين الأسرتين وشاركت في اختيار الأثاث والمفروشات وحتى مكان العرس، وقد كنت سعيدة بالقيام بهذا الدور وبذل هذا المجهود الكبير من أجل أخي الصغير آخر العنقود. الحقوق الزوجية زوجة أخي عمرها أربعة وعشرون عاماً وأخي يكبرها بثلاثة أعوام، ولكن لم أتوقع ان تكون الفتاة بهذه السذاجة وعدم تقدير المواقف وعدم معرفة الحقوق الزوجية، فقد اتخذت منها وسيلة للفضفضة مع أمها وتنقل إليها بشكل تفصيلي كل ما يحدث بينها وبين زوجها، وهي لا تدري أن سراً يذاع في ساعة صفاء مع الأصدقاء او الوالدين او معلومة صغيرة عن العلاقة الخاصة بين الزوجين تؤدى الى الخراب المستعجل للبيوت وتتحول الى خنجر يطعن روابط الثقة والاحترام فى عش الزوجية. ومع كل أسف الجميع الآن يفضفضون سواء فى البيت او في العمل، والرجل والمرأه متهمان بنقل الأسرار العائلية، والسبب الأساسى وراء ذلك الاختلاط الزائد فى العمل وطول الفترة التى يقضيها الزملاء معاً التى قد تصل الى أكثر من ثماني ساعات يومياً، بينما في الماضي كانت المرأة تخجل من أن تحكى لزميلتها عن حياتها ومشاكلها لكن لم يعد ذلك موجوداً، وأصبحت الأسرار الزوجية موضوعاً للنقاش على مائدة الحوار بين الزملاء والجيران بلا قيود او تحفظات، ولم يلتزموا بأن تكون الفضفضة فى حدود الأمور العامة ويجب ان تحتفظ المنازل بخصوصيتها فلا دين او تقاليد او عادات تسمح لأى احد بأن يفضح بيته على سبيل الفضفضة، وهذا نوع من انواع الخيانة، ولا يعرفون ماذا يحدث عندما يكتشف الزوج او الزوجة ان تفاصيل علاقتهما الخاصــة وقد اصبحت حديث الأصدقاء والأهل والجيران. وهكذا وعلى هذا المنوال أصابتني الصاعقة تلو الآخرى وأنا اسمع وأرى زميلتي تتحدث لزملائنا وزميلاتنا عن كل ما يحدث في بيت أخي بكل تفاصيله بل ودقائقه التي لا نعرف نحن إخوته وأخواته وأمه وأبوه عنها أي شيء، لأن أخي مستقل بمسكنه ولا يتحدث معنا في شيء من ذلك وهكذا اعتدنا جميعاً بأن تكون حياتنا الزوجية بعيداً عن أي أحاديث حتى مع أقرب الأقارب إلا فيما يكون عاما ويمكن التشاور حوله. مادة للنقاش من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في تصرفات وسلوك الشخص بين العزوبية والزواج، فنحن نعرف أن أخي كان لا يضع ثيابه المتسخة فى سلة الغسيل مثلا، ولا يفكر بأن مثل هذه الأمور تثير غضب زوجته، فهذا التصرف التافه وجدت زميلتي تتحدث عنه وتجعله مادة للنقاش والحوار، ولم يقف الأمر عند هذا بل راحت تطلق عليه صفات من عندها مثل الإهمال وعدم الإحساس، وكانت والدة زوجة أخي تستغل ذلك فى إثارة المشاكل بين ابنتها وأخي ولا تكف عن التدخل فى حياتهما واصبحت هي التي ترسم لابنتها كل الخطوات، بدلا من ان تنصحها بالصبر أو التفاهم والحوار وأن يبدي كل منهما للآخر ملاحظاته عن تصرفاته. ومع ذلك تعترف حماة أخي بأن ابنتها ورثت الثرثرة منها، وتدير منزلها على طريقة أمها فالزوجة لايمكن أن تفوت أى شيء من دون أن تتحدث عنه باستفاضة، فقد تضحك كثيرا عليه إذا أخطأ بكل عفوية في نطق كلمة ما كما يحدث معنا جميعاً وباستمرار، ولا أعرف زوجة مثلها يمكن أن تضحك لأيام متصلة لأنه تعثر في السجادة اثناء سيره داخل الشقة، وتعيد المشهد كأنه سبة أو فضيحة، وتنقله أيضا إلى أمها التي ترويه هي الآخرى وتضحك ملء فمها. وتعتبر زوجة أخي أن استحواذها على الريموت كنترول الخاص بالتلفاز في المنزل انتصار عليه، وأنها وحدها التي تتحكم فيما يشاهدان ومنعه من مشاهدة المباريات ويستجيب لها حتى لا تحدث مشكلة، ترى أن ذلك نوعا من السيطرة عليه وقوة شخصيتها أمامه، ثم ها هو لا يسلم من الثرثرة الكثيرة والهجوم عليه وهي تسخر منه بسبب سمنته بعد الزواج وتؤكد انه فقد جاذبيته فى نظرها وأنها ليست سعيدة معه. إنني كنت السبب والوسيط في الجمع بين هذين الزوجين، ولأنني أكثر من يسمع هذا الكلام وأجد بيت أخي مفتوحا من كل الجوانب بلا جدران تحمي وتستر ما يحدث داخله، فقد كنت أتالم وعاجزة عن التصرف ولا ادري كيف اعالج هذه المشكلة التي تزداد وانني على يقين بأن أخي لا يعرف من ذلك شيئا ولا يدري ان لسان زوجته لا يتوقف عن الحديث حول حياتهما وكل ما يتعلق بهما من خصوصيات، وأخشى إن اخبرته أن يقدم على تصرف لا تحمد  عواقبه، فهو مع هذا الصبر الذي يتذرع به لن يقبل بذلك أبداً، وقد تأثرت علاقتي بزميلتي لأنني لم اكن اتوقع أبداً ان يصل بها الأمر إلى هذا الحد وأن تجعل كل أسرار بيت ابنتها متاحة مباحة للجميع كما لو كانت قصة شخصية غريبة لا تخصها من قريب او بعيد. لجأت أولا لأسلوب مغطى في النصح أي بشكل غير مباشر لزوجة أخي نفسها، وقمت بزيارتها وتحدثت معها بضمير الغائب على غرار كل لبيب بالإشارة يفهم، ونقلت لها رأي علماء الدين والنفس في إفشاء الأسرار الزوجية، واعتباره فعلا محرما ينتهك خصوصية البيوت وله العديد من العواقب الوخيمة التى تؤدى الى انهيار بيت الزوجية والشرع يقول إن من باب أن الزوجة عليها أن تطيع زوجها فلا يجوز لها ان تفشى شيئا لايريد الزوج افشاءه حتى ولو شعرت بأن هذه الأمور عادية وأن التحدث عن العلاقة الزوجية بين الزوجين من الحرام البين ويتنافى مع الحياء والخصوصية التى بينهما، وهذا غير جائز شرعا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «ان من شر الناس منزلة يوم القيامة الرجل يفضى الى امرأته وتفضى اليه ثم ينشر احدهما سر صاحبه». ونقلت لها تأكيد العلماء على أن كشف الأسرار محرم شرعا لأنه يؤدي إلى تفكك الأسرة، ويجب أن تحاط تلك الأسرار بسياج من الكتمان والأمانة والحياء، حفاظاً على الرباط المقدس، وصونها من القيل والقال، بالاحترام المتبادل بين أطرافها، وان تتمسك بالخصوصية، وأن الحديث عن الأحوال والمشاكل الزوجية لا يجوز حتى للأقارب. لكن كما يقولون كنت مثل من يؤذن في مالطا، رغم تكرار هذه المحاولة وبطرق مختلفة، أحيانا أستغل برنامجا إذاعيا أو تليفزيونيا يتحدث عن نفس الموضوع وأنقله لها وأجعلها طرفا في الحوار حتى تفهم أو تتوقف عما هي فيه إلا أن هذا كله يمر عليها مر الكرام ولا يعنيها من قريب او بعيد، وهذا كله فعلته مع زميلتي أمها ايضا، من دون تقدم وتتجاهل ما أقول وتلقي به وراء ظهرها وتجد متعة خاصة في نشر وإذاعة ما يحدث في بيت ابنتها وقد تتباهى بأنها هي التي تدير هذا البيت على بعد وتخطط لابنتها كل ما تفعله، وتدفعها دائما لأن تكون ندا له ولا تمنحه الفرصة لأن تكون له كلمة في بيتها. مرت أربع سنوات على هذه الزيجة التي جعلتني أؤمن بصحة القول «امش في جنازة ولا تمشي في جوازة»، ضميري يؤنبني من كل جانب، من ناحية أنني وراء الاختيار، وعجزي عن إيقاف هذه المهزلة، ثم عدم قدرتي على إبلاغ أخي بما يحدث من زوجته وحماته، ومن المؤكد أن أسرار بيته لم تفش هنا فقط في العمل وإنما لابد أن حماته قد نشرتها بين جيرانها وبين أقاربها جميعا، وأصبح من الحقيقة أن الزوج آخر من يعلم. وإذا كنت قد تذرعت بالصبر أمام كل ما حدث من قبل فإنني لم أطق صبرا على ما جاء بعد ذلك فقد كان أقل ما يوصف به انه من الأهوال، إذ قالت إن أخي لديه مشكلة صحية تمنعه من الإنجاب، ولم ترد ان تخبر احدا واتفقت مع زوجها ان يظل الأمر سرا بينهما، ولكن لم يعد سرا وها هو قد فشا والمؤكد أنه خرج عن طور السرية التي بينهما واتفقا عليها وطالما وصل لحماته فهو في وكالة انباء يعرف به القاصي والداني، وشعرت بأن زوجته وحماته وغالبية أقاربهما يعاملونه بشفقة لم نعتدها من قبل وبالطبع لم نفهم الأمر فى البداية، ثم تطور إلى الحديث عن حقوقها في ان تصبح أماً وتشبع غريزتها الطبيعية، وقد يكون الطلاق هو الاختيار بعد أن منحته المهلة الكافية. يومها نفد صبري وخوفا على أخي لم أستطع التمهل وخرجت من العمل إلى بيت امي مباشرة، وكان لا بد أن أخبرها بكل ما أعرف وما سمعت، وكادت أن تفقد الوعي من هول ما تسمع لأول مرة وأنا اعاني منه كل هذه السنين، ثم استدعينا أخي وبكل هوادة ناقشناه فيما حدث بشكل غير مباشر وبعد جهد جهيد وتضييق الخناق عليه، ألقى على مسامعنا ما أصابنا بالذهول، إنه يعرف كل ما يدور لكنه يصبر عليها أملا في الإصلاح، لكن هذا الذي تدعيه بأنه لا ينجب فقد جاءت به معكوسا وهي التي لا تنجب حسب ما أكد الأطباء. حدثت مواجهة بين أخي وزوجته وهو يصر الآن على تطليقها، أو قطع لسانها بشكل فعلي، ومازلت أحمل نفسي مسؤولية كل ذلك.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©