الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصداقة من الإيمان وطريق تزينه علامات التقوى والصلاح

الصداقة من الإيمان وطريق تزينه علامات التقوى والصلاح
5 ديسمبر 2013 21:01
أحمد مراد (القاهرة) - أوضح علماء الدين أن الإسلام الحنيف جعل الصداقة من مقتضيات الحياة وضروريات المسلم، ومن أعظم شعب الإيمان، وكلما كان الصديق أشد حباً ومودة لصديقه كان أعظم منزلة عند الله تعالى، مشيرين إلى أن الإسلام يعتبر الحب في الله سبحانه وتعالى هو أعظم أنواع الصداقة بين الناس، والحب في الله هو أن تكون المحبة خالصة لله، فيكون خالٍ من أي غرض من أغراض الدنيا، بل يقوم على التقوى والصلاح. وشدد العلماء على ضرورة أن يلتزم المسلم بآداب الصحبة، حيث يجب أن يكون الصاحب ذا خلق ودين، وأن يكون ذا عقل راجح، وأن يكون عدلاً غير فاسق، متبعاً غير مبتدع ومن آداب الصاحب أن يستر عيوب صاحبه ولا ينشرها وأن ينصحه برفق ولين ومودة، ولا يغلظ عليه بالقول، وأن يصبر عليه في النصيحة ولا ييأس من الإصلاح. الصديق الصالح كما أوضح الداعية الإسلامي الدكتور منصور مندور من علماء الأزهر، أن الإسلام اهتم بأمر الصداقة اهتماماً كبيراً، فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وقال النبي صلى الله عليه وسلم تشبيها للفرق بين الصديق الصالح والصديق السوء: «‏مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ ‏الكير، ‏فحامل المسك إما أن ‏‏يحذيك ‏وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة»، ويعتبر الإسلام الحب في الله سبحانه وتعالى هو أعظم أنواع الصداقة بين الناس، والحب في الله هو أن تكون المحبة خالصة لله فيكون خالياً من أي غرض من أغراض الدنيا، ولا يقوم على الإعجاب بشخص لموهبة أو هيئة جميلة أو حديث ممتع أو مصلحة ما، بل يقوم على التقوى والصلاح، ويخبر النبي أن من احب شخصا يخبره أنه يحبه لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أنه يحبه». ولفت إلى أن الرسول صلوات الله عليه وضع أسس الحب والصداقة بين المسلمين منذ أن آخى بين المسلمين بعضهم مع بعض في مكة، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار بالمدينة، فهو بهذه المؤاخاة خلق رباطاً جديداً بين الأصحاب وصل إلى رباط النسب وأحياناً زاد عليه، واستمر الرسول في حياته اليومية يُقوِّى هذا الرباط ويُوصى به، وهناك العديد من الأحاديث النبوية في هذا الشأن، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الأصحاب عند الله تعالى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِه»، خطى الصالحين ويقول: وكان سلوك الرسول صلوات الله عليه هديا رائعاً في هذا المجال، فهو يتحدث عن أصدقائه أروع حديث ليضرب لنا المثل في طيب الصُّحبة، وصفاء الود، فهو يقول عن أبي بكر: «ما أحدٌ أعظم عندي يداً من أبي بكر، واساني بنفسه وزوجني ابنته». ويقول عن أبي بكر وعمر: «أبو بكر وعمر مِنِّى بمنزلة السمع والبصر»، وكان الرسول من أكثر الناس عرفاناً بالجميل، ومن هنا كان يوصي دائماً بالأنصار، ويذكر أنهم فتحوا له ولأصحابه قلوبهم وبيوتهم، وكانوا خير رفقة للمهاجرين، وهو في آخر خطاب يُلْقِيه يهتف بالمهاجرين . القدوة الحسنة ويضيف: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه جميعاً حتى أن أحداً منهم لم يكن يظن أن هناك من هو أكرم منه عند رسول الله، وكان إذا جلس إلى أصحابه صبر حتى ينصرف عنه أصحابه، وكان يُجيب من دعاه إلى داره، ويقبل الهدية ويثيب عليها، ويزور أصحابه، ويتعرف أحوالهم، ويعود مرضاهم، ويلاعب صبيانهم، وكان إذا التقم أحدٌ أذنه ليهمس له بشيء صبر له، ولم يُنَحِّ عنه رأسه حتى ينتهي الرجل من كلامه، وما أخذ أحدٌ بيده إلا استبقاها الرسول حتى يرسلها صاحبه، وكان ينادى الناس بأحب أسمائهم إليهم، وَيُكَنِّيهم تكريماً لهم، ولا يقطع على أحد منهم حديثه حتى ينتهي منه. وكان الرسول يحاول أن يتعرف على حاجات أصحابه ويعمل على قضائها لهم، وكان يكره أن يستخدم أصحابه في شيء يَخُصُّه، يروي أبو هريرة أنه ذهب مع الرسول إلى السوق ليشترى سراويل، فاشتراها من تاجر، وحاول أبو هريرة أن يحملها عنه، فقال الرسول: «صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله». مقتضيات الحياة ويشير الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر إلى أن الصداقة من أهم مقتضيات الحياة واعظم ضروريات الإنسان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» خياركم أحسنكم أخلاقاً الذين يألفون ويؤلفون»، وقال أيضا: «ود المؤمن للمؤمن في الله أعظم شعب الإيمان ومن أحب في الله وأبغض في الله وأعطى في الله ومنع في الله فهو من أصفياء الله»، وقال أيضا: «من آخى أخا في الله رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشيء من عمله»، وكلما كان الصديق أشد حباً ومودة لصديقه كان أعظم منزلة عند الله تعالى، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: «ألا أخبركم بأشبهكم بي خلقا؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: أحسنكم خلقاً وأعظمكم حلماً، وأبركم بقرابته، وأشدكم حباً لإخوانه في ربه، وأصبركم على الحق، وأكظمكم للغيظ، وأحسنكم عفواً، وأشدكم من نفسه إنصافاً». ويقول: ولا شيء في الحياة يسعد الإنسان ويسره أكثر من اكتساب صديق صالح يشاركه في مشاعره، ويغمره في عواطفه، يأنس إليه في الوحشة ويستعين به في الشدائد حتى قال أحد الحكماء: لو ملكت الدنيا لكانت لا تعدل عندي ذرة وفاء من صديق، ومودة أخ كريم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة راحة للمؤمن التهجد آخر الليل، ولقاء الإخوان، والإفطار من الصيام»، والصداقة مأخوذة من الصدق لأن الصديق يصُدق صديقه وُيَصِّدُقه، وقد حث الشرع على مصادقة الأخيار والبعد عن مصادقة الأشرار، فقال صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»، والصداقة إذا لم تكن على الطاعة فإنها تنقلب يوم القيامة إلى عداوة، قال تعالى: «الْأَخِلّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلّا الْمُتَّقِينَ». آداب الصحبة أوضحت الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن للصحبة آداباً لو تمسك كل من الصاحبين بها لما حدثت الفرقة بينهما، ولما وجد الشيطان طريقاً إليهما، ومن آداب الصحبة التي يجب مراعاتها أن تكون الصحبة والأخوة في الله عز وجل، وأن يكون الصاحب ذا خلق ودين، وأن يكون الصاحب ذا عقل راجح، وأن يكون عدلاً غير فاسق، متبعاً غير مبتدع، ومن آداب الصاحب أن يستر عيوب صاحبه ولا ينشرها، وأن ينصحه برفق ولين ومودة، ولا يغلظ عليه بالقول، وأن يصبر عليه في النصيحة ولا ييأس من الإصلاح، وأن يكون وفياً لصاحبه مهما كانت الظروف، وأن يزوره في الله عز وجل لا لأجل مصلحة دنيوية، وأن يسأل عليه إذا غاب، ويتفقد عياله إذا سافر، وأن يعوده إذا مرض، ويسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، وينصح له إذا استنصحه، ويتبعه إذا مات، وأن ينشر محاسنه ويذكر فضائله، وأن يحب له الخير كما يحبه لنفسه، وأن يعلمه ما جهله من أمور دينه، ويرشده إلى ما فيه صلاح دينه ودنياه، وأن ينصره ظالماً أو مظلوماً. ونصره ظالماً بكفه عن الظلم ومنعه منه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©