السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: علاج الأمراض العضوية بالقرآن.. وسـيلة للدجل والاحتيال

العلماء: علاج الأمراض العضوية بالقرآن.. وسـيلة للدجل والاحتيال
6 ديسمبر 2013 00:59
حسام محمد (القاهرة) - شاعت في هذا العصر ظاهرة المتخصصين في العلاج بالقرآن، الذين يزعمون أنهم يستطيعون أن يعالجوا أي مريض عن طريق قراءة آيات معينة من القرآن، وقد يستجيب بعض الناس فيشفى، بينما آخرون لا يؤثر فيهم هذا العلاج، ولقيت تلك الأساليب رواجاً بين أعداد هائلة من أصحاب الأمراض والحاجات الاجتماعية والنفسية، الذين لجأوا إلى أقصر الطرق لإجابة مطالبهم عن طريق هؤلاء الذين استحدثوا طرقاً شتى للعلاج بالقرآن، ووصل الأمر إلى إنشاء مواقع على الإنترنت عن العلاج بالقرآن والرقية الشرعية وهناك أسماء لمعالجين نالوا شهرة في هذا المجال فاقت شهرة نجوم السينما، بل وصل الأمر إلى المطالبة بإنشاء عيادات شرعية لعلاج الحالات المستعصية على الطب. حملة القرآن ويقول الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: لابد أن يعي الجميع أن القرآن الكريم ليس كتاب طب نأخذ منه آيات معينة لنعالج بها مثلاً شلل الأطفال أو سرطان الدم أو مرض السكري أو الكبد وغيرها والدليل أن هناك الكثير من علماء المسلمين من حملة القرآن الكريم وهم أكثر حفظاً وفهماً منا للقرآن الكريم مرضى بأمراض عضوية عديدة، وكان من باب أولى أن يعالجوا أمراضهم البدنية بالقرآن الكريم، وتذكر كتب التاريخ الإسلامي أن الإمام مالك بن أنس صاحب المذهب الفقهي المعروف كان يعاني مرض سلس البول فلماذا لم يعالج نفسه رغم أن المرض حبسه عن الناس، وهو من كان يقصده أهل الأرض وأمراء المسلمين ليتزودوا منه علماً. البعد الروحي ويضيف: والآيات التى تدل على أن القرآن علاج تقتصر على الأمراض التي ترتبط بالبعد الروحي للإنسان والمرتبط بعلاقته بالله تعالى ولكن لا تدل على أنه علاج للأمراض التي ترتبط بالبعد العضوي وهو الأمر الذي تشير إليه الكثير من كتب التفاسير ويقول ابن كثير في تفسير الآية: «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا «الإسراء:82» أَيْ يُذْهِب مَا فِي الْقُلُوب مِنْ أَمْرَاض مِنْ شَكّ وَنِفَاق وَشِرْك وَزَيْغ وَمَيْل فَالْقُرْآن يَشْفِي مِنْ ذَلِكَ كُلّه وَهُوَ أَيْضًا رَحْمَة يَحْصُل فِيهَا الْإِيمَان وَالْحِكْمَة وَطَلَب الْخَيْر وَالرَّغْبَة فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا إِلَّا لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاتَّبَعَهُ. ورفض اتخاذ العلاج بالقرآن كحرفة، إذ لم يعرف ذلك عن السلف، وحديث أبي سعيد الخدري وقع في الروايات الصحيحة الثابتة الدلالة على أن الذي رقى هو أبوسعيد الخدري إما تصريحاً وإما بالتورية، ولهذا لابد أن يتوقف الناس عن الذهاب لمن يحترفون ما يسمى العلاج بالقرآن، خاصة لو كانوا يحصلون على أجر لقاء ما يفعلونه، لأن العلماء أفتوا بعدم جواز تحديد أجر ثابت ومسبق، وجواز أخذ ما يدفعه المعالج برضاه وحسب سعته، وألا يعتقد المعالج أنه واسطة بين الناس والله تعالى«اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله»، فقد روي أن رجلاً جاء سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال: يا صاحب رسول الله استغفر لي، فاستغفر له، فجاءه آخر فقال استغفر لي فقال: لا غفر الله لك ولا له، أو تحسبني نبياً». أمراض الصدور ويرى الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة أن الحقيقة التى لابد أن يؤمن بها كل مسلم هي أن القرآن الكريم فيه هدى ونور وشفاء لأمراض الصدور يهدي الله تعالى به من يشاء من عباده وليس معنى أنه شفاء أن نترك التداوي فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على التداوي، وأرشد إلى اختيار المهرة من الأطباء والإسلام شرع لنا الأدوية الروحية، مثل الاستعاذة بالله والدعاء، فالإنسان يرقي نفسه أو يرقي مريضه بقول:«اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنتَ الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا». أو«أرقيك والله يشفيك»، أو كما كان عليه الصلاة والسلام يرقي الأطفال مثل الحسن والحسين «أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامّة» فالرقى والتعاويذ والأذكار والأدعية مشروعة، ولكن بجوار الأسباب المادية التي تكملها الأسباب الروحية. وقال: أما إذا كان المسلم يعاني مرضاً عضوياً فلا بد من علاج هذا المرض العضوي، وإذا كان مصابًا بفيروس فلا بد من علاج هذا الفيروس، فهذا هو الذي شرعه الإسلام وعاشه المسلمون فنحن لم نرَ في الصحابة مَن فتح بيته، وقال»أنا متخصص في العلاج بالقرآن حتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذى كان يتلقى الوحي السماوي لم يفعل هذا وإنما شرع الطب وشرع التداوي بما يعهده الناس. الرقية الشرعية ويقول الدكتور محمد غنايم أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة: إن العلاج بالقرآن في معناه المنتشر حالياً له شقان شق يخص ما يتعرض له الإنسان من تغيرات نفسية وضيق وضجر فتأتي الرقية الشرعية بآيات من القرآن وذكر الله فيتحول التوتر والقلق إلى اطمئنان يقول تعالي: «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب» وهذا شيء أجمع عليه العلماء ولا إنكار له لأن تلاوة القرآن وذكر الله يأتي بالطمأنينة وراحة البال. أما الشق الثاني فهو المبالغات التي نراها من بعض الناس المعالجين، حيث إنهم يقيمون القرآن وهو علاج معنوي لحالة الإنسان مكان الدواء الحسي الذي يعالج الأمراض، وهو ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «تداووا عباد الله فإن لكل داء دواء إلا السام» ويلتقي الأمران عند المؤمن أنه يسعى إلى الطبيب المعالج لتشخيص مرضه وعلته، ويصف له الدواء اللازم لعلاجها، وفي الجانب الآخر يأتي الدعم المعنوي الذي يزيد من قوة تحمل المريض، ويعظم الأمل في قلبه فيحصل الشفاء بإذن الله. ويضيف: أما أن نعالج الكلى بقراءة آيات ونعالج الكبد بقراءة آيات ونعالج القلب بقراءة آيات والعين كذلك فهذا نقص في الوعي والفهم لأنه ضد ما يدعو إليه القرآن. استشارة الأطباء وتقول الدكتورة آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر: القرآن فيه شفاء لما في الصدور يقيناً أما في حالة الأمراض العضوية فيجوز أن نقوم بالرقية الشرعية للمريض لكن مع الأخذ بالأسباب الدنيوية مثل استشارة الأطباء وتناول الأدوية التي تكون سبباً في الشفاء، أما ظاهرة العلاج بالقرآن والتي يتخذها البعض مهنة فهذا مخالف لطبيعته ككتاب نزل بالهدى ولا تقتطع منه الآيات لعلاج الأمراض المختلفة عند البشر، ويمكن لأي إنسان أن يصلي لله ثم يقرأ مباشرة من كتاب الله ولسنا في حاجة لمعالجين بالقرآن لحل أزماتنا ومشكلاتنا النفسية والعضوية، يقول الله عز وجل «ألا بذكر الله تطمئن القلوب». الرقية الشرعية خلصت الدكتورة آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر إلى أنه من الضروري العودة للمنهج الإسلامي الصحيح الذي يتوارى خلفه من يروجون لطبيعة المرحلة التي نعيشها الان بل يصل الأمر إلى الترويج إلى أن ما يحدث هو اقتداء بما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم والسؤال هل نحن الآن على هذا النقاء والقرب من الله ليقبل دعاءنا؟. وقالت: أما الرقية والدعاء فهو مطلوب في كل زمان ومكان ولكنه ليس لعلاج الأمراض التي تحتاج لطبيب أما التحسب من النظرة وبعض الشكاوى النفسية أو حالات الهموم والتراكمات التي تصيب الكثيرين نتيجة ضغوط الحياة، فهي لا تدخل في مرض الحسد الحقيقي ومقبول أن نشفي أنفسنا بقراءة القرآن أو تلاوة بعض آياته كرقية تهدئ من الروع وتدخل السكينة في القلوب، وهذا الفعل لا يحتاج إلى وسيط بين العبد وربه، ويمكن أن نفعل ذلك بأنفسنا ولا سيما وأن الأمر يدخل في بند التحريم كذهاب النساء إلى هؤلاء الدجالين، واستخدامهم كذرائع تحت مسميات قد تؤدي إلى اعتداء على حرمات الله مثل لمس جسد المرأة بحجة قراءة بعض الآيات القرآنية، فهذا عمل شيطاني غير مقبول، ومن هنا كان درء هذه الذرائع أمراً ضرورياً لحماية أعراض النساء وعفافهن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©