السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«السدو».. فن تدبير العَيش

«السدو».. فن تدبير العَيش
7 ديسمبر 2011 21:03
بصبر النساء المعتاد، بمرحهنَّ الضافي، بحزنهنَّ المتواري خلف عيون تهاجر الى الأزرق، بأرواحهنَّ الباذخة في عطائها، طوَّعت النساء الإماراتيات شظف الحياة في الماضي فحوّلنه إلى عطاء يدهش العين، ويثير في العقل سؤالاً أزلياً عن قدرة المرأة الهائلة على نفخ الروح في الذابل من الأشياء... على الخروج من العسر إلى اليسر... على تدبير العيش بأقل الممكنات. أجل، فن تدبير العيش هو المعنى الكامن في ما أنجزته المرأة الإماراتية عبر تاريخها متكئة على وعيها الفطري لدورها في إنتاج الحياة. في تلك الظروف الصعبة كنَّ حجر الأساس في الأسرة والمجتمع، مارسنَ أدوارهنَّ المتعددة بكامل بهجتهنَّ ومسراتهنَّ، وعزفنَ على وتر هارب من حرِّ القيظ أحلامهنَّ، وربما زارهنَّ الحزن مرة فدسسنَهُ بين الخيوط وأقفلنَ عليه الباب. في الزمن الصعب كنَّ أكثر من شموع تنير الحياة، ربما كانت ضحكاتهنَّ تهب مثل نسيم يأتي على جناح الأصيل فيشيع البرودة في الفريج، ويروي ذلك النبع الخالد الذي يسمى الحلم. أجل... الحلم الذي نسجته أصابعهنَّ بصبرِ معتق، ودأبِ بحرٍ لا يكف عن ولادة الموج. وفي أحلك الظروف صنعنَ طاقات فرحهنَّ الشخصي ليطللن منها على “ساحاتهنَّ” المنسوجة على مهل. ترتيب الحياة غير أنَّ نساء الإمارات “الأوليات” وهنَّ يرتِّبنَ الحياة ويدبرنَ شؤونهنَّ وشؤون أسرهنَّ فعلنَ هذا بروح مفعمة بالجمال عكسها حصاد أياديهنَّ التي غزلت من السدو تفاصيل مشهد يمتلئ بمفردات نفعية وجمالية في الوقت نفسه. لم تكن الخيارات كثيرة أمام أرواحهنَّ الذاهبة الى فعل الجمال، لا المواد ولا الأدوات ولا الألوان... وحده هدوء البال ورغبة الروح في اجتراح الأحلى لذلك البيت المتواضع “بيت السدو” هو ما كان يجعلهنَّ معبآت بالألق وهنَّ يَصُغْنَ مفردات البيوت على هوى أرواحهنَّ ويؤثثنها بالصوف المطرز بكثير من الحكايا وما تيسَّر من الشعر. من صوف الخراف وشعرها صنعت المرأة الإماراتية حياة زاهية في بيوت الشعر أو بيوت السدو، وأثثتها بـ “ساحات” ضاجة بألوان الفرح والجمال ربما لتكسر أحادية اللون في الصحراء وصرامته ومحدوديته، ولتخرج من الرتابة اللونية المحيطة إلى آفاق لونية أخرى تشيع في بيتها الحيوية والجمال. لم تكن الأصباغ التي نعرفها اليوم موجودة فما كان منها إلا أن تفرست في ما حولها لتخترع الألوان التي تحب. وجدت ضالتها في بعض المواد والأعشاب والنباتات الصحراوية التي كانت كريمة معها فمنحتها ما أرادت، الفوّة و الكركم والسدر والزعفران وقشور الرمان والنيلة والوسمه وغيرها من النباتات التي منحتها عبر خلطات متنوعة عائلة من الألوان. ثم إنها بحثت عما يحفظ اللون ويبقيه بهياً مشرقاً ومرة أخرى لجأت الى ما حولها فهدتها خبرتها إلى خلطة من “الشب” و”الفوة” واللومي الأسود لكي تفعل فعل “مثبت” اللون. وإمعاناً في المزيد من الجمال اخترعت “إكسسوارات” لمنتجاتها من المزاود والخروج والقواطع فزينتها بالدرز والجدائل الملونة والودع والجلود. حارسات الذاكرة هذا غيض من فيض تخبئه منتجات السدو التي ترتبط بالمرأة بشكل خاص وتبوح به خيوطها ونقوشها وألوانها الضاجة بالحياة. ولا عجب، فالنساء هن عادة حارسات الذاكرة، القيِّمات على شؤونها، الواقفات على حدودها لصد ما يهب عليها من رياح التشويه أو يعرضها للضياع او الاندثار. وهنَّ بذلك يحافظن على الهوية ويحرسن الروح الجمعي ويحفظن للمجتمع خصوصيته الحضارية ربما من دون أن يدركن أهمية ما يفعلن، يفعلنه هكذا، ببساطة متناهية لا تمت الى المسميات الكبرى بصلة ولا تعرف شيئاً عن مصطلحات الباحثين المنشغلين بالدلالات السوسيولوجية المختلفين على التعريفات والماهيات والمجالات وغيرها مما يثيره البحث في التراث المعنوي أو غير المادي من إشكالات.. هنَّ يعرفن شيئاً واضحاً وحقيقياً يكبر بين أيديهنَّ ويتخلق كما تتخلق الحياة في أرحامهنَّ، يفرحن به إذا اكتمل ويطوينه إذا جنَّ الليل على أمل بأن يكملنه في نهار آخر. بيد أن ارتباط السدو.. مهارات النسيج التقليدية في دولة الإمارات” بالنساء وعوالمهنَّ لا يعني غياب الرجال الكامل عنه، فثمة رجال يمارسونه وإن بشكل أقل، وهم في العادة من يقومون بجزِّ صوف الخراف والإبل والماعز وتنظيفه لتقوم النساء من ثمَّ بنسجه وإنتاج مصنوعات مختلفة منه، لا سيما إكسسوارات الزينة للإبل والخيول. يدور المغزل... تدور كرات الصوف حول نفسها لتتحول الى خيوط تصلح للنسج.. تدور فناجين القهوة بالهال على الحرفيين في جلساتهم الجماعية التي تعتبر طقساً أساسياً من طقوس هذه الحرفة... تدور الأحاديث والحكايا والأخبار وربما يتسع المجال لشيء من الشعر فتتلون الجلسات فيما يتلون النسيج بألوانه الصاخبة: أحمر، برتقالي، أصفر، بني، فيما الأسود يبقى صامداً يحتل خلفية المشهد المنسوج من دون أن يرف له لون. تنغزل الخيوط، تتداخل الألوان، تولد نقوش وأشكال هندسية هي غالباً مثلثات أو أشكال هرمية صغيرة متكررة تخبرك بما يقبع خلفها من انتظام دقيق ينبغي أن يسير وفقه العمل... تقرأ فيها تناسق الروح البشرية في تكيفها مع المكان مهما كان شحيحاً، تقرأ رغبة الإنسان في اجتراح حياة أكثر ثراء، وفي تكرارها المنتظم تستعيد فلسفة الفنون الإسلامية لا سيما الزخرفة التي تذكرك بالوحدانية والإشراقات الروحية المصاغة في خطوط أفقية متوازية تحيلك الى مظاهر الطبيعة التي أحاطت بالبدوي وامتداد الصحراء الأفقي وتعاقب الليل والنهار. تلك حكاية لا تنتهي فصولها بانتهاء النسيج، الذي ينتظر دوره ليدخل في دورة الحياة محتلاً مكانه في “بيت الشعر” أو على ظهر جمل أو فرس، بل تبدأ به حين تسلمه مهمة البوح بما يخفيه من مكنونات ودلالات يقرأها العارفون بشأن الإبداع اليدوي وتمثيلاته المختلفة. من جهتها، قرأت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث وإدارة التراث المعنوي فيها هذه الدلالات قراءة صائبة بعين بصيرة وثاقبة، وعرفت ما تتوفر عليه الحرف التقليدية من أهمية ثقافية واجتماعية وحضارية، فما كان منها إلا أن وضعتها على قائمة اهتماماتها، وجعلت التعريف بها ونشرها وصونها والحفاظ عليها كتراث حي، وذي استمرارية وديمومة، هدفاً من أهدافها. ومن أجل ذلك سعت بجهد حثيث لخدمتها وتوسلت إلى ذلك سبلاً شتى لتجعلها ملمحاً أساسيا في قسمات وجهها الثقافي، ولعل نجاحها في تسجيل “السدو” في قائمة الـ “يونسكو” للتراث الثقافي غير المادي للبشرية الذي يحتاج إلى صون عاجل، ليس سوى مظهر من مظاهر هذا الاهتمام. ولا عجب في ذلك، فالحرف التقليدية مثل غيرها من مفردات التراث غير المادي هي جُماع ما تختزنه الذاكرة الجمعية من خبرات حول الحرفة وتقنياتها وتشكيلاتها وخاماتها وطرق ممارستها التي تنتقل عبر الأجيال من خلال ممارسيها من الحرفيين، وما تشكيلاتها المصنوعة من خامات البيئة والمعالجة بطريقة يدوية إلا لوحات بصرية تنبئ بكل ما تحتضنه هذه الذاكرة من مرموزات وعلامات تؤشر على جزء مهم من حضارتها بما تحتويه من منظومات قيمية وأخلاقية وسلوكية وثقافية وعادات وتقاليد وأعراف اجتماعية تشكل في النهاية هوية المجتمع. والهوية تحمل ملامح الأرض والناس، وبالتالي فإن قراءة الهوية في المنتج الثقافي من خلال الشكل والرمز الذي يحمله تجعلنا نقرأ التاريخ الموروث الماضي والآتي معا. فهو يعد قراءة صادقة لما اتفق عليه الناس وما وجد هوى لديهم واحتضنوه وحافظوا عليه وتناقلوه ليصبح علامة لهم. ومن نافل القول التأكيد على أن الألفة مع العلامات والرموز هي قراءة لحجم الانتماء والالتفاف حول ثقافة أي أمة. بالمقابل، وعلى الضفة الأخرى، فإن طمس الهوية مرتبط بإخفاء معالم الثقافة التي تتميز بها أمة عن أخرى، لأن الهوية هي التي تمنح لكل ثقافة القيم الخاصة بها، وهي الشخصية القومية التي بدونها تذوب خصوصيات الأمم. دلالات في مسألة التسجيل هذه ثمة دلالات تطل برأسها لتؤشر على المعاني الثاوية في أعماق هذا التوجه منها: أن تسجيل السدو في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية الذي يحتاج إلى صون عاجل، ومن قبله “الصقارة” ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في نوفمر 2010، وتسجيل مدينة العين في قائمة التراث المادي العالمي في يونيو2011، هو تتويج لعمل دؤوب وجهود حثيثة على صعيد جمع التراث وتوثيقه والحفاظ عليه، وهي المهمة النبيلة التي تتصدى لها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. ويعكس نجاح الإمارات في تسجيل هذه المفردات ما شهده قطاع التراث من تطور واهتمام في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد توطيد العلاقة وتكثيف التعاون مع منظمة “اليونسكو”، وما بات يتميز به من منهجية عالية على مستوى الجمع والرصد والتوثيق وآليات العمل الأخرى. فضلاً عن تحوله من مجرد جهود فردية متناثرة إلى عمل مؤسساتي يتسم بالشمولية وتتوافر له الإمكانات المادية والخبرات البشرية المدربة، ولا يخفى ما لهذا من فوائد على الصعد كافة. وإذا كان إدراج السدو في قائمة اليونسكو للصون العاجل، من شأنه أن يسهم في تعزيز استمرارية هذه الحرفة التراثية، وتسليط الضوء على التراث المعنوي لدولة الإمارات، كما صرح معالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، فإنه في الوقت نفسه تشجيع للتنوع الثقافي والإبداع البشري على مستوى العالم والحوار بين الحضارات، وهو واحد من الأهداف الأساسية التي تعلنها وتركز عليها اليونسكو في كل مطبوعاتها ومنشوراتها. وذهاباً إلى الأبعد، يمكن النظر إلى هذه النجاحات، كما قال محمد خلف المزروعي مستشار الثقافة والتراث في ديوان سمو ولي عهد أبوظبي مدير عام هيئة أبوطبي للثقافة والتراث، كنجاح للإمارات في جعل العاصمة الإماراتية مركزاً ثقافياً مهماً يتوازى وأهميتها الاقتصادية العالمية المعروفة، ولتمتد العطاءات الإماراتية للإسهام في التنمية الثقافية العالمية. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فالهيئة التي وضعت على قائمة أولوياتها تسجيل عدد من ركائز التراث الوطني المتفردة في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في اليونسكو، إنما تنطلق في هذا من استراتيجية شاملة لصون التراث الثقافي المادي وغير المادي للدولة، وهي ماضية في جهودها لتسجيل مفردات أخرى منها الألعاب الشعبية، وفن العيّالة، وتراث “التغرودة”، بل أكثر من ذلك، أعد الخبراء والباحثون في التراث المعنوي في الهيئة قوائم جرد لما يزيد على 200 عنصر من بين عناصر التراث الثقافي غير المادي في الدولة، ضمن الإجراءات التي تتطلبها اليونسكو لاعتمادها في القائمة التمثيلية لديها. وتنطلق هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في هذا الاهتمام من نظرة عميقة إلى التراث الثقافي غير المادي بوصفه “بوتقة للتنوع الثقافي وعاملاً يضمن التنمية المستدامة”. وتتبنى خطة متعددة المستويات تهدف إلى صون وإحياء الحرف اليدوية التقليدية الإماراتية، ويتمثل الهدف الرئيسي لمشروعها في الحفاظ على الحرف التقليدية وما يرتبط بها من مهارات من خلال تطوير المنتجات الثقافية وبرامج التدريب ذات الصلة، ونقل القيم والتاريخ المرتبط بكل نوع من أنواع الحرف اليدوية إلى شعب دولة الإمارات العربية المتحدة وزوارها. وكجزء من المشروع دعت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث إلى تحديد وتسجيل منتجات الحرف اليدوية القديمة في الإمارات العربية المتحدة، والصور الفوتوغرافية، والمادة الأرشيفية ذات الصلة المحفوظة في البيوت الخاصة. أدوات العمل ولما كانت المسميات الخاصة بالسدو دقيقة ولا تحتمل الخطأ كان لا بد من الاستعانة بباحث متخصص في حقل التراث، فأهل التراث أدرى بشعابه، ولهذا استعرتُ لسان الباحثة في إدارة التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث محاسن عبد الرحيم وقيع الله لأسرد عنها بعض المعلومات التي تعبت هي في مطاردتها وهي تنجز بحثها الخاص بحرفة السدو والذي سيصدر لاحقاً في كتاب حيث جمعت المعلومات ودققتها وتوثقت منها عبر لقاءاتها مع سيدات متخصصات وممارسات لهذه الحرفة. تمر صناعة النسيج بثلاث مراحل هي: جزّ الصوف وتنقيته من الشوائب، ثم غسله ثم غزله وصبغه. أما الأدوات المستخدمة في هذا العمل فهي: ? المطرق: وهو عصا، رقيقة ولينة قابلة للثني، تشذب من غصون الأشجار، التي تنمو بالمنطقة، كالخيزران أو السدر أو العوسج، بمقاييس معينة، في الغالب يكون طولها، ما بين 100- 110سم متر، ومحيطها 4 سم تقريباً، ثم يضرب بها كل نوع من الصوف على حدة لتنقيته من الشوائب والأشواك والأوساخ. ? القرداش أو المنفاشة: وهي عبارة عن قاعدتين خشبيتين، كل قاعدة على حدة تسمى فردة، وتكون على شكل مربع ضلعه 40 – 50 سم تقريباً، وقد يقل الضلع، أو يكبر بقليل عن ذلك، كما يثبت في وسط كل قطعة من أعلى، قطعة خشبية ثانية، بطول ما بين 80 – 100 سم، وعرض ما بين 5 – 6 سم، وبسمك 1,5 – 2 سم تقريباً، بحيث يتدلى جزء منها، ليشكل مقبضاً، ثم تغرز فوق سطح كل فردة وعلى مسافات متقاربة، أسنان مدببة من الأخشاب. وقد استبدلت فيما بعد، بمسامير دقيقة من الحديد. ووظيفتها تنظيم وتسليك كتل الصوف، أو الشعر، أو الوبر. ? القدور: أوان من النحاس أو الفخار مختلفة الأحجام يتم فيها غسل الصوف، وتتميز بحوافها العالية. وفي مرحلة الغسل الثانية، وهي الأهم، لابد وأن تجهز المرأة لها، الطين أو الرماد، أو مسحوق نبات السدر أو “الصابون حديثاً”، والتي تستخدم كمواد تنظيف، كما تجهز القدر أو القدور التي، يتم فيها الغسل، وبعد ذلك يُغمر الصوف، والشعر، والوبر كل على حده، بعد تنقيته في قدر آخر، به ماء في درجة حرارة عادية، إذ يجب هنا الدعك المتواصل، بواسطة الأيدي والأرجل، وذلك لإزالة ما تبقى من أوساخ عالقة، ثم يترك القدر مغطى، لفترة ما بين 2 – 3 ساعات تقريباً، بعد ذلك يُجهز قدر به ماء، ويوضع فوق “الأثاثي” وهي ثلاثة حجارة توضع على شكل مثلث، وفي مساحته الداخلية تُوقد النار. ? الأوتاد: تحل محل الأثاثي في بعض المناطق الرملية، حيث يصعب الحصول على الحجارة، تُوضع على شكل مثلث في وسطه تُوقد النار، وتعرف بـ “التراكيب”. ? الأطناب: هي الحبال التي تشد بيت الشعر وينشر عليها الصوف بعد غسله وتنظيفه تماماً. ? التغزالة: هي عبارة عن قطعة من خشب الأشجار المتوفرة في بيئة الصحراء، تُشق من أحد أطرافها شقين، يُوضع بينهما الصوف بعد تنظيفه وتصفيته، وجمعه وليه، حيث مهمة التغزالة، المحافظة على الصوف حتى لا يتفرق. ? المغزل: هو الأداة الأساسية، والتقنية التقليدية الوحيدة، التي بدونها لا تستطيع المرأة البدوية أن تمارس عملية غزل الصوف، أي برمه، وتحويل كتله إلى خيوط متجانسة ومنتظمة، وناعمة الملمس. وباكتمال هذه العملية يكون الصوف، جاهزاً لمرحلة النسج مباشرة، أو لنسجه بعد الصبغ. والمغزل التقليدي القديم عبارة عن عصا، يثبت فيها رأس على شكل دائرة، بعد أن يُغرس في وسطه، قطعة سلك معقوفة الرأس، على شكل دائرة غير مغلقة كعلامة الاستفهام. وقد طُور هذا المغزل التقليدي حديثاً، بعد إجراء بعض التعديلات عليه، فصار يُصنع من الخشب، ثم يراعى تنعيم سطحه وتمليسه جيداً، لئلا يحدث من جراء الغزل جروح، أو آثار في الأيادي، لأن برم الخيط يتم بواسطتها، ثم تُثبت في الطرف العلوي منه قطعتان متقاطعتان من نفس الخشب، تكونان ما يعرف باسم “الفلكة”، التي تكون وظيفتها ضبط توازن عملية دوران المغزل، كما يغرز في وسط تقاطع هاتين القطعتين من أعلى، قطعة سلك من الحديد صغيرة طولها حوالي 1.5 سم تقريباً، تلوى لتُكون شكلاً معقوف الرأس، يٌطلق عليها اسم “السنارة” وتُشكل رأس المغزل. ? النول أو آلة السدو: آلة النسيج التي يتم بها النسج، وكان يصنع من خشب النخيل أو السدر، أما الآن فقد صُنع النول بكل أجزائه من أسطوانات مجوفة من المعدن، يُسهل فكها وطيها، وعموماً فإجراء العملية فيه متشابه، حيث تُشد عليه الخيوط عند بدء عملية السدو. كما أنه في بعض الأحيان، قد يُستخدم عدد من الأنوال، وذلك لتوفير الوقت والجهد. ? النول التقليدي، ويسمى بالنول الأرضي أو السطحي: وهو عبارة عن منسج أفقي يعطي شكل المستطيل، بعد أن تُشد عليه الخيوط، ويعتبر من أقدم وأبسط الأنوال التي استخدمتها نساء البدو في دولة الإمارات العربية المتحدة، وما زال منتشراً، ويعمل بكفاءة عالية. يصنع من خشب النخيل أو السدر، ويتكون من أجزاء بسيطة، تستطيع المرأة البدوية تركيبها بسهولة ويسر، عندما تكون هناك حاجة للنسيج، كما يمكنها فكها بعد أن تنتهي العملية، وما يميز النول خفة وزنه، الأمر الذي يسهل التنقل به من مكان إلى آخر، ولهذا هو يلائم طبيعة الحياة البدوية التي تعتمد على التنقل والترحال. ويتكون النول من عدة أجزاء هي: ? الأوتاد: أربعة قوائم أساسية يحتاجها النول، وكانت تصنع في الماضي من جذع خشب النخيل أو السدر، ثم فيما بعد صُنعت من المعدن، ويتراوح طول الوتد الواحد ما بين 30 – 40 سم تقريبا، حيث يُغرس نصف كل وتد في باطن الأرض، ويبقى النصف الآخر على السطح، كما تُشكل هذه الأوتاد رؤوس مستطيل، تثبت على الأرض لئلا تختلط خيوط السدو، أما مهمتها فهي حمل المعراضين الأمامي والخلفي. ? المعراض الأمامي، والمعراض الخلفي: يُشكلان الضلعان الأقصر للمستطيل، بحيث تجلس الناسجة، وأمامها الضلع الذي يمثل المعراض الأمامي، أما المعراض الخلفي فهو الضلع الذي يوازيه، ويُصنع المعراضان من خشب الأشجار، حيث يُثبت كل معراض فوق وتدين، ويكون طول المعراض الواحد ما بين 90 - 150 سم تقريباً، وذلك حسب عرض القطعة المراد نسجها، أما عرضه فغالباً ما يكون بين 4 – 6 سم تقريباً، وبين هذين المعراضين، تتم عملية النسيج التي تتكون من خيطين، وهما خيط السداة وخيط اللحمة، فخيوط السداة تشكل خيوط النسيج التي تُلف بالطول بين المعراضين، أما اللحمة فإنها تشكل خيوط النسيج التي تُنسج بالعرض، ويشار إلى خيط السداة الواحد بالطرف، بينما يشار إلى خيط اللحمة بالغرزة، فيما تُشير المساحة المربعة في مركز قطعة القماش إلى العلاقة بين عدد أطراف السداة، وعدد غرز اللحمة، وفي هذه المساحة تستطيع الناسجة أن تُدخل التصميم المعين. ? الزواف: تُستخدم عادة زافتان في عملية السدو، الواحدة تسمى زافة، وهما قطعتان تمثلان “شعبتين” من خشب الأشجار المحيطة بالبيئة أو من الأحجار، بحيث تكون القطعتان متساويتين في الحجم والارتفاع بقدر الإمكان، على أن يكون الارتفاع عن سطح الأرض ما بين 20 – 25 سم، أما المحيط فيتراوح ما بين 20 – 30 سم تقريباً، وأحياناً تُقعر كل قطعة في وسط سطحها الأعلى، هذا إذا كانت من جذوع الأشجار، ثم توضع القطع على جانبي النول متقابلتين، وذلك ليُسند عليهما عصاه النيرة. ? عصاه النيرة: هي عصا خشبية طولها حوالي 125 سم، وسمكها قرابة الستة سم تقريباً، يُسند أحد أطرافها على الزافة اليمنى، وبذلك تمر من فوق الخيوط المشدودة إلى أن يصل طرفها الآخر، ليُسند على الزافة اليسرى، بحيث تبعد مسافة 30 سم من المعراض الأمامي، ومهمتها الأساسية تنظيم سير عملية السداء، لتسهيل عملية رفع وخفض خيوط السداء المشدودة بين المعراضين، وذلك لتكوين ما يسمى النفس، الذي يعني في عملية السدو إفساح مجال أو مساحة تسمح بمرور الخيط، وليتسنى ذلك تقوم المرأة البدوية، بربط طرف خيط من أحد الحصوات “كرة خيط” في يسار عصاه النيرة، ويشد من الخلف إلى أن يمر أسفل أول خيط سداة، ثم يرفع إلى أعلى ليلف خلف عصا النير، ثم يُنزل إلى أسفل خيط السداة الثاني، وهكذا يستمر تكرار العملية من اليسار إلى اليمين، إلى أن يتم النزول إلى أسفل خيط السداة الأخير ويرفع إلى أعلى ويلف خلف عصا النيرة، ولكن هذه المرة يعقد الخيط جيداً، لتنتهي عملية التنيير، وبذلك تكون الناسجة قد تمكنت من شد كل خيوط السداة على ارتفاع مستوي، حوالي 20 سم بواسطة خيوط النيرة. ? المدراة: قطعة مستطيلة الشكل، تصنع من خشب الأشجار، تدبب من الطرفين وتًملس بحيث يكون سطحها ناعماً، لئلا تتشابك فيها خيوط السداة، ثم توضع بين عصا النيرة والمعراض الأمامي، ومهمتها فتح النفس، عندما تدخلها الناسجة داخل خيوط السداة وتفسح بها المجال، ليمر الميشع من اليمين عبر خيوط السداة، وهو حامل معه الخيط من الحصوة، ثم تضغط بها الخيط الذي دخل في اتجاهها، بعد ذلك تخرجها من بين خيوط السدو. وتكون بهذا الضغط قد أضافت فتلة خيط لنسيجها. ? الميشع: عبارة عن عصا من خشب النخيل أو السدر، تجهزها الناسجة بأن تقوم بلف خيط اللحمة من أحد الحصوات “كرة الصوف” حول الميشع، ومهمته تشبه لحد كبير مهمة إبرة الخياطة العادية، وذلك بإدخاله خلال النفس بين خيوط السداء ذهاباً وإياباً من اليمين إلى اليسار وبالعكس، وهو يحمل معه الخيط، وذلك لإضافة فتلة الخيط. ? القرن: وهو عبارة عن جزء من قرن الماعز أو الغزال، ويفضل قرن الغزال لوجود انحناءة بطرفه الحاد تساعد على مسك الخيوط، بعد أن يُسنن ويُنعم رأسه، تستعمله الناسجة لتفريق خيوط السدو، ثم العمل به مرة أخرى على إعادة تجميعها في ترتيب صحيح وبشكل محكم وقوي، وذلك بين الحين والآخر، أثناء حياكة الزخارف والنقوش، وبالرغم من أن هذا القرن ما زال ضمن أدوات السدو عند الغالبية من الناسجات، إلا أن هنالك أدوات من الحديد ذات مقابض خشبية تم صنعها حديثاً، تقوم بمهمة قرن الغزال لتجميع الخيوط. ? الحف: يُطلق عليه أيضاً عصا الحافة، وهو عبارة عن عصا من الخشب، تُوضع خلف خيوط النيرة لتساعد عند فتح النفس، على رفع وخفض خيط السداء. ? القلادة: وهي شريط من السدو، وتكون بجوار الناسجة لحين تدعو الحاجة لربط الخيوط بغرض فصلها عن بعضها البعض أثناء الحياكة، أو لربط كل خيوط السدو لحفظها متراصة، وذلك عند طي النول حين الانتقال به من مكان إلى آخر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©