الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

زهور كرام: التمييز بين أدب الرجل والمرأة ينهار عربياً

13 مايو 2007 00:43
حوار ـ محمد نجيم: ترى الروائية والناقدة المغربية الدكتورة زهور كرام أن الأدب تعبير إنساني وهذا منطلق موضوعي تفرضه الممارسة الإبداعية إنتاجاً ونقداً، وذلك لأن العملية الإبداعية تستمد شرعية تحققها من منطقها الداخلي الذي يجعل من نص ما نصاً إبداعياً· وتقول إن الإنسان حالة تطورية، وكل فعل ينتجه الإنسان إذا لم يتم بوعي لن يخدم تطور الحالة، فالمسألة مرتبطة بشكل خاص بالوعي بممارسة مجموعة من الأفعال الإنتاجية التي تنشط التفكير لكي يفعل بدوره في حالة التطور· '' الاتحاد'' التقتها في المملكة المغربية وحاورتها حول الكتابة والنقد وقضايا مختلفة تمس العملية الإبداعية الكتابية، وكان الحوار التالي: كتابة الرجل والمرأة * ذاع بشكل خطير الترويج لفصل الكتابة فيما يخص الجنسين: كتابة الرجل، كتابة المرأة، هل ترين من مسوغ لهذه التجربة التصنيفية المفارقة؟ ** الأدب تعبير إنساني· هذا منطلق موضوعي تفرضه الممارسة الإبداعية إنتاجاً ونقداً· لأن العملية الإبداعية تستمد شرعية تحققها من منطقها الداخلي الذي يجعل من نص ما نصاً إبداعياً· ومن ثمة، فلا يمكن لعناصر خارج إبداعية أن تخلق من نص ما نصاً إبداعياً إذا كان يفتقد إلى شروط إبداعه الداخلية· هذا منطلق لايجادل فيه كل من يدرك عملية تكون العملية الإبداعية· النص إما أن يكون نصاً أو لا يكون سواء أكان كاتبه رجلاً أم امرأة· مهما حاولنا دعمه بشروط خارجية · النص يدافع عن إبداعيته بتجليه الفني والجمالي والمعرفي· فالعناصر الخارجية قد تسمح بالتحسيس بالنص، ونشره وتوزيعه على أكبر عدد من القراء، ولكن لا تستطيع أن تخلق إبداعيته· الانطلاق من هذه القناعة المعرفية تجعلنا نلغي إمكانية التمييز بين أدب تكتبه المرأة وآخر يكتبه الرجل، من منطلق أن الجنس أو النوع يطور الكتابة أو يعطيها بعداً تفضيلياً· لكن، بما أن المشهد الثقافي قد شهد ظهور مصطلحات تميز كتابة المرأة عن كتابة الرجل، كان لابد من الوقوف عندها لتمثلها في سياقها الإنتاجي· لا يمكن أن نلغي من النقاش ما يتجدد من مصطلحات· لأن نشاط هذه التعابير يؤثر على عملية إدراك النص الأدبي، وفي حال تجاهل هذه المصطلحات والتعامل معها بإقصاء، تصبح لها سلطة توجيه القراءة، فتؤثر على الخطاب النقدي· لهذا اعتبرت - كما كتبت ذلك في كتابي النقدي حول السردي النسائي- أن تحليل هذه المصطلحات في سياقها الإنتاجي فيه خدمة لثقافة المفاهيم، وأيضاً فيه قراءة للخطابات الموجهة لهذه التعابير· وعليه ، فالمسألة في هذا التمييز تعود بالأساس إلى الرغبة في الإصغاء إلى كتابة المرأة عندما انتقلت من موضوع يحكي عنها الكتاب إلى ذات حاكية ومحكية في الوقت نفسه· تزامن ذلك مع نشاط خطابات دعم أحقية المرأة في الممارسة السياسية والحقوقية والاجتماعية· فكانت الدعوة أيضا إلى أحقيتها في التعبير الرمزي· ما يكتب الآن من روايات في العالم العربي يجعل مثل هذه الطروحات التي تميز بين كتابة تكتبها المرأة وأخرى يكتبها الرجل تنهار· مثلما نجده في رواية '' القارورة'' للكاتب السعودي ''يوسف المحيميد'' حيث المرأة هي السارد، والمحكي كله يمر عبر عين المرأة· سؤال النقد هو سؤال إبداعية النص أولاً وأخيراً· لكن يبقى أن هذا التمييز بين كتابة المرأة والرجل كان له دور مهم في الالتفات نحو كتابات المرأة، لأن باسم هذا التعيين نشهد إقبالاً اليوم على كل ماتنتجه النساء· إنصاف المرأة الكاتبة يبدأ من قراءة نصوصها كأعمال إبداعية قائمة بذاتها من دون الرهان على موضوع المرأة· الكتابة والعمل الاكاديمي *تمارسين الكتابة السردية والعمل الأكاديمي، كيف توفقين بين الأمرين؟ **الإنسان حالة تطورية، وكل فعل ينتجه الإنسان إذا لم يتم بوعي لن يخدم تطور الحالة· إذن المسألة مرتبطة بشكل خاص بالوعي بممارسة مجموعة من الأفعال الإنتاجية التي تنشط التفكير لكي يفعل بدوره في حالة التطور· لم أشعر يوما بتعارض أو بخصام بين الكتابة الإبداعية والنقدية، وبين العمل الأكاديمي· لأن كل جانب يمدني بأسلوب معين وطريقة خاصة في التفكير ومعجم خصب يطور علاقتي باللغة ومن ثمة يجعلني أمارس حريتي في إنتاج المعرفة· الكتابة الإبداعية ترتقي بي إلى لحظة الشفافية مع اللغة والذات، وتدربني على فعل الحكي· والنقد يعملني مبادئ القراءة أي مبادئ التفكير لأن قراءة نص هي ممارسة التفكير في هذا النص، ونحن لا يمكن أن نفكر في غياب المنهجية واستعمال أدوات التفكير، وتنشيط الملاحظة والدهشة أيضاً· أما العمل الأكاديمي فإنه يرتقي بي إلى الانخراط في المعرفة بشكل علمي ويجعلني أتطور كل يوم· والبحث الأكاديمي يدربني على ثقافة المشاريع وحس الملاحظة والإيمان بمفهوم النسبية واحترام الآخر كفاعل ضروري في العملية العلمية· *تتوسع '' الكتابة النسائية الإبداعية'' في المغرب بشكل ملفت، كيف تقيمين هذه المنجزات لحد الساعة، جمالياً ودلالياً، خاصة وأنك جزء من هذه التجربة الغنية، ومتتبعة لمسارها ولكم كتابات نقدية في ذلك؟· **إيقاع الكتابة النسائية بالمغرب يرتفع بشكل ملفت للنظر، خاصة منذ بداية العقد التسعيني من القرن العشرين، وارتفع أكثر مع بداية القرن الحادي والعشرين وهذا ما تم تسجيله في البيبليوغرافيا الأخيرة التي أصدرتها رفقة الباحث المغربي الدكتور محمد قاسمي حول المبدعات المغاربيات· وتنسجم هذه النقلات في الكتابة النسائية في المغرب مع شروط حقوقية واجتماعية وسياسية ساهمت في تحرير الإبداعية المغربية بشكل عام· ولهذا فارتفاع نسبة المنشورات الإبداعية في المغرب بشكل عام في ارتفاع متزايد· والزمن الذي نعيشه بكل تجلياته الحقوقية، سواء كتجربة معاشة أو كثقافة نظرية، وتطور وسائل التواصل عبر الاتصال والنشر الالكتروني، فإن هذا الجو ساهم في تحرير القلم النسائي المغربي، ومكننا الآن من كتابات تخصب العملية الإبداعية المغربية؛ وما نحتاجه الآن هو نقد رصين وموضوعي يتقدم نحو هذه الكتابات من دون خلفية ذهنية تعطل النظر في الأبعاد الجمالية والتقنية والأسلوبية لكتابة المرأة · ما أسجله بخصوص هذه التجربة هو تنوعها وعدم اختناقها في ممارسة متشابهة· كما ألاحظ أن كل كاتبة تبني أسلوباً خاصاً بها· ''قصصية افتراضية'' *راجت في الآونة الأخيرة كتابات سردية تسمي نفسها'' كتابات قصصية افتراضية''، هل لك أن تفسرين لي هذا العمل الجديد؟· **هناك ممارسات جديدة ومختلفة في الكتابة الإبداعية، ليس فقط في القصة وإنما في الرواية والشعر والمسرح· وهي ممارسات ذات علاقة بالتطور التكنولوجي الحديث الذي أصبح من أهم الوسائط التواصلية والتي عبرها يعبر إنسان هذا الزمن· أصبحنا نسمع الآن ما يسمى بالكتابة الرقمية والأدب الافتراضي والتفاعلي والتشعبي والنص الألكتروني وهي كلها تعيينات اصطلاحية للكتابة التي تتم الآن عبر الوسائط الألكترونية· طبعا المسألة تحتاج إلى تراكم لمثل هذه التجربة حتى يمكن أن تفرز نظامها الفني والتقني وأيضا الجمالي· لأن التراكم يسمح بقراءة المنطق الفني الذي يمنح للتجربة شرعيتها· لكن، مادمنا نعيش هذا الانفتاح الكبير على الوسائط الرقمية، فلابد أن ننتظر ظهور تجارب تعكس علاقة المبدع مع هذه الوسائط· لا أعتبر الظاهرة نشازاً إنما هي منتوج الزمن الذي نعيشه· وكل زمن يعبر مبدعوه بوسائط تفكيرهم· إنما المسألة تحتاج إلى تبصر نقدي وقبل هذا تحتاج إلى تراكم للنصوص الرقمية· الجوائز الأدبية * مارأيك في الجوائز الأدبية التي ظهرت في المنطقة العربية وخاصة تلك التي تقدم في منطقة الخليج ؟ **الجوائز لها دور حضاري مهم إذا كان التفكير فيها يتم لصالح خدمة الكتاب العربي، وتشجيع قراءته، والمساهمة في نشره على أبعد الحدود· وإذا كانت تنطلق من فلسفة واضحة في مشروع ثقافي إبداعي عربي فإنها تقدم فكرة رائدة ليس عن الكتاب العربي وإنما أيضاً عن المؤسسين لفكرة الجائزة· هناك جوائز محترمة وتنطلق بالفعل من مشروع حضاري عربي، كما أنها قدمت لمجموعة من الكتاب الاعتبار المادي والمعنوي المهمين· وأذكر هنا جائزة العويس التي وعن تجربة تتميز بموضوعية في التحكيم· ولهذا فالمسؤولية تبقى على المحكمين وليس على مجلس الجائزة· وعندما ندافع بموضوعية عن مشروع كاتب فنحن ندافع عن ثقافة الموضوعية والديمقراطية· لأن الموضوعية والديمقراطية وخدمة الإبداع العربي ليس شعارات، وإنما ممارسة وفعل وجرأة وثقافة في إبداع الفكر الحر وفي الدفاع عن النزاهة والشفافية· شخصيا أومن بأن كل فعل لن تتحقق إيجابيته إلا بانخراط الكل فيه· قد تكون هناك جائزة غير مهمة ولكن طبيعة المحكمين تخلق منها مشروعا ثقافيا مهماً·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©