السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

فيرجسون.. عاشق التحدي

فيرجسون.. عاشق التحدي
13 مايو 2007 23:46
أنور إبراهيم: عندما يصل الأمر بمدرب إلى حد التصريح بقوله: لن أترك قلعة أولد ترافورد مهما كان الأمر وان الموت وحده هو الذي يفرقه عن مانشستر يونايتد، فمن المؤكد أن الارتباط بينه وبين هذا النادي لا ينفصم أبدا بحكم العشرة الطويلة التي تمتد الى ما يقرب من 21 سنة·· أتحدث عن الاسكتلندي الذي حصل على لقب سير في إنجلترا في سابقة لا تتكرر كثيراً مع الرياضيين الأجانب·· إليكس فيرجسون المدير الفني للمان يونايتد صاحب اليد الطولى والكلمة المسموعة في هذا النادي الإنجليزي العريق·· استطاع فيرجسون أن يصارع كل الأمواج ويتصدى لكل التيارات المعاكسة ليستقر على قمة الجهاز الفني كل هذه المدة الطويلة· لم تهزه الهزيمة الثقيلة صفر/3 من ميلان الإيطالي في الدور قبل النهائي لدوري الأبطال الأوروبي وخروجه من هذه البطولة لأنه يؤمن بأنه لكل جواد كبوة ويعترف بأنه لم يكن الأفضل في ذلك اليوم· احتفل فيرجسون مع نجوم فريقه ولاعبيه أخيراً بالفوز ببطولة الدوري الإنجليزي للمرة التاسعة في تاريخه مع هذا النادي وهو انجاز لم يسبقه اليه أحد في انجلترا وربما في أي مكان آخر· تعالوا نتعرف عن قرب إلى هذا الاسكتلندي العنيد عاشق التحدي وشعلة الحماس التي لا تنطفئ أبداً، في هذه السطور·· عمر ثانٍ خبرته في التدريب فاقت كل الحدود واستمراره في تدريب فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي كل هذا العمر (21 سنة) دليل قوي على انه مدرب نابغة وصاحب شخصية مختلفة، وإليكس فيرجسون قاد المان يونايتد كمدرب لأكثر من ألف ومائة مباراة منذ تولي تدريب هذا الفريق يوم 16 نوفمبر ,·1986 عمر ثانٍ تعاقبت عليه خلاله أجيال وأجيال من نجوم مانشستر·· وفي عهده الطويل لم يقف الفريق على لاعب مهما كان وزنه وثقله وتأثيره على أداء الفريق ككل، فقد اختلف مع لاعبين كثيرين بسبب معارضتهم لأسلوبه وطريقته، وتركهم يرحلون غير آسف عليهم أمثال بول اينس (1995) وجاب ستام (2001) ورود فان نستلروي (2005) أو ديفيد بيكهام وروي كين اللذين حاولا أن يسيطرا على مقاليد قيادة الفريق في وجوده فلم يسمح لهما بذلك ورحلا· أما البعض الآخر الذين اختلف معهم أمثال لي شارب ودوايت يورك فقد نسوا أنهما يتعين عليهما أن يبذلا جهداً أكبر لأنهما يلعبان في مانشستر ويرتديان فانلته، الطريف أن كل من اختلف فيرجسون معهم تراجع مستواهم بعد رحيلهم من مانشستر· ويعلق ريان جيجز نجم الفريق وأحد أعمدته الأساسية على ذلك بقوله: سير إليكس فيرجسون على حق دائماً حتى لو أخطأ فهو على حق·· وقوته تكمن في كونه مستبد برأيه وفكره وعنيد واليوم الذي سيداخله أي ذرة شك في نفسه سينتهي ولكن هذا اليوم لم يأت بعد ومازال بعيداً· متعة الجماهير والنتائج ليست هي الشيء الوحيد الذي يبحث عنه فيرجسون على امتداد تاريخه الطويل مع مانشستر، وإنما يسعى أيضاً وأبداً إلى تقديم العرض الذي يمتع به الجماهير ويسعدها لأن عشاق كرة القدم يفضلون مانشستر على تشيلسي أو الأرسنال أو حتى ليفربول·· فالشياطين الحمر عندهم هم الأفضل·· وحقيقة الأمر أن فيرجسون جعل الفوز أمراً مهماً ولكنه جعل الفوز مع اللعب هو الأهم ويعلق على ذلك بقوله: الفوز بالبطولات والألقاب شيء طيب ويسعدني ولكن ما يجعلني أشعر بالفخر الشديد هو تخليد أسلوب لعب هذا الفريق منذ الأزل فعندما تشاهدون بوبي شارلتون أو دينيس لو أو جورج بست نجوم مانشستر الكبار القدامى وهم يلعبون ستفهمون فوراً حقيقة كرة المان يونايتد· حماس لا يفتر وعلى الرغم من تجاوزه الخامسة والستين من عمره، إلا أن حماسه لم يفتر أبداً ويبدو دائماً كما لو كان شاباً في العشرين، ويعلق فيرجسون على ذلك بقوله: النادي هو الذي يجعل قدماي ثابتتين على الأرض، وحياة إليكس فيرجسون كلها تدريب وحب لأرض الملعب وهو أول من يذهب للتدريبات وآخر من يرحل ويغادر مركز التدريب في كارينجتون، ومع ذلك يؤكد ان النادي لا يتوقف عليه وانه سيواصل ازدهاره وتألقه حتى لو رحل هو، ولكن فيرجسون ومانشستر بينهما وحدة كاملة إلى حد الاندماج في بعضهما بعضاً إذ نجح هذا المدرب الاسكتلندي القادم من حي جوفان جنوب غربي جلاسكو ان يثبت وجوده في هذا النادي الانجليزي الأسطورة·· أول ناد إنجليزي يحرز بطولة دوري الأبطال الأوروبي عام ،1968 ولكنه أيضاً النادي الذي لم يفز بأي بطولة دوري محلي قبل مجيء فيرجسون وتحديداً منذ عام ·1967 البحث عن الأفضل وتقول صحيفة ''ليكيب'' الفرنسية: لقد كان مانشستر يونايتد في حاجة الى شخص من نوعية فيرجسون لكي يعيده مرة أخرى إلى القمة، وفي المقابل كان فيرجسون في حاجة الى هذا التحدي لكي يروي ظمأه وتعطشه ونهمه للغزو وفتح آفاق جديدة، وكأن الاثنين مصنوعان لبعضهما بعضاً حسبما يقول ديفيد ميك أقدم صحفيي مانشستر يونايتد، والسبب في مقولته هذه انهما في رأيه يرغبان دائماً وبأي ثمن في أن يكونا الأفضل· وتقول صحيفة ''ليكيب'' الفرنسية: هكذا كان فيرجسون دائماً فعلاً·· يريد أن يصبح أفضل لاعبي جيله ولكن مشواره كلاعب في عدد من أندية اسكتلندا انتهى بلا أي شيء يذكر عام ،1974 ولكن الحال اختلف عندما بدأ سلك التدريب وخاصة عندما درّب فريق أبردين وحقق معه نتائج طيبة وسمعة جيدة في بداية الثمانينات، ونجح وقتها في كسر احتكار القطبين الكبيرين الرينجرز وسيلتيك وهي معجزة لم تتكرر، بل أن أبردين فاز أيضاً بكأس أوروبا للأندية أبطال الكؤوس عام 1983 بعد تغلبه على ريال مدريد 2/1 في المباراة النهائية· بداية متواضعة ولكن الأمور لم تسر سيراً حسناً دائماً مع فيرجسون ففي بداياته مع مانشستر يونايتد كانت نتائجه متواضعة بل وخسر أولى مبارياته مع الفريق يوم 8 نوفمبر 1986 من فريق أوكسفورد صفر/،2 كما أنهى مانشستر في عهده الدوري عامي 86 و1989 في المركز الحادي عشر، وعلى الرغم من ذلك لم يسارع مسؤولو النادي إلى الإطاحة به مثلما في أماكن كثيرة من عالمنا العربي، والأنكى من ذلك أن فيرجسون خسر مع مانشستر 11 مباراة متتالية عام 1990 وتعليقاً على ذلك يقول الصحفي الإنجليزي ديفيد ميك: لقد أخذ فيرجسون الكثير من الوقت لأنه كان عنده شغل كثير ينجزه مع الفريق حيث كان يضطر أحياناً إلى تغيير كل شيء مهما كان غرور اللاعبين أو ثقافتهم التافهة· منعطف حاسم وموسم 89/90 كان منعطفاً حاسماً في تاريخ النادي وتاريخ مانشستر عندما فاز بالكأس (كأس إنجلترا) وأعقب ذلك بنجاح رائع عندما فاز على برشلونة في نهائي كأس أوروبا للأندية أبطال الدوري وكان الهولندي الطائر كرويف مدرباً للبارسا وقتها·· كان ذلك عام 1991 وانتهت المباراة 2/1 وهو أول تفوق إنجليزي على الساحة الأوروبية منذ عودة الأندية الإنجليزية للعب في المسابقات الأوروبية بعد 6 سنوات من كارثة ستاد هيسيل· الغريب أن هذا اللقب الأوروبي لم يرض غرور مشجعي مانشستر يونايتد لأن شغلهم الشاغل كان هو الدوري المحلي وخاصة ان 19 سنة مرت على آخر بطولة حصل عليها ناديهم، والسير إليكس فيرجسون يتفق مع الجماهير في هذا الاتجاه ويعلق قائلاً: تخيلوا برشلونة أو ريال مدريد أو يوفنتوس وميلان استمروا كل هذه الفترة (19 سنة) من دون أن يحصل أي منهم على بطولة الدوري في بلده·· طبعاً شيء لا يعقل ولا يمكن تصوره· طفرة جديدة وفي عام 1992 أحدث فيرجسون طفرة جديدة في مانشستر عندما اشترى نجم فرنسا الشهير آنذاك إيريك كانتونا من فريق ليدز يونايتد، وكان هذا اللاعب القادم من وراء بحر المانش سبباً في السيطرة والهيمنة المانشسترية في التسعينات، وكان أجمل تعليق لفيرجسون على انتقال كانتونا للمان يونايتد قوله: إيريك وجد الناي الذي يبحث عنه منذ بداية مشواره الكروي، ومانشستر وجد القائد الذي كان ينشده منذ فترة طويلة، والقدر هو الذي جمع بينهما في تلك اللحظة وكان هذا هو الزواج النموذجي·· وحب فيرجسون لكانتونا كان كبيراً لدرجة دفعته ذات يوم إلى الإدلاء بتصريح غريب بعض الشيء إذ قال تحديداً بعد فوز مانشستر على بايرن ميونيخ 2/1 في نهائي كأس أوروبا للأندية أبطال الدوري في برشلونة عام ،1999 انه حتى وان كان كانتونا قد اعتزل اللعب قبل ذلك بعامين، إلا أنه ساهم في هذا الفوز لأنه هو الذي زرع الثقة في هؤلاء اللاعبين· ضد النسيان وسجل فيرجسون المشرف مع الشياطين الحمر يضعه على رأس قائمة مدربي هذا النادي على مر تاريخه·· وخطوة وراء خطوة، وربما ببطء ولكن بثقة، استطاع أن يساهم في إنشاء مركز تدريب ممتاز للنادي، وستاد سعته 76 ألف متفرج، وفلسفة لعب جعلت منافسيه يحلمون بانتهاجها على الرغم من أن مانشستر لم يفز بالدوري منذ عام ،2003 وفيرجسون من الشخصيات المزعجة أحياناً والمثيرة للضجر أحايين أخر ولكنه صاحب ذاكرة حديدية والبعض يقول انه يتذكر كل الأهداف والأخطاء والكروت الصفراء والحمراء وضربات الجزاء على امتداد أكثر من عشرين عاماً·· ويتذكر أيضاً كل الألقاب التي حصل عليها مانشستر·· بالمناسبة مانشستر حصل في عهده على 9 ألقاب دوري انجلترا و5 بطولات كؤوس، ومرتين كأس الرابطة الانجليزية وخمس مرات كأس شاريتي شيلدز، ومرة كأس الانتركونتننتال، ومرة كأس أوروبا للأندية أبطال الكؤوس، ومرة كأس أوروبا للأندية أبطال الدوري، ومرة كأس السوبر الأوروبية، وعلى الرغم من كل هذه الألقاب إلا ان فيرجسون يقول دائماً إن الماضي لا يعنيه وإنما هو يركز دائماً على المستقبل· حقاً·· انه لا ينسى شيئاً أبداً - هكذا يقول ريان جيجز أقدم لاعبيه - صحيح أنه لا يدير وجهه نحو الماضي، وإنما عقله أشبه بالإسفنجة الضخمة التي تمتص كل شيء·· وهو أيضاً موسوعة شاملة في موضوعات متفرقة ومتنوعة تبدأ من الكرة الأوروبية والعالمية مروراً بالموسيقى الكلاسيكية، وأياً كان موضوع الحديث فإنه لديه معلومات ووجهة نظر مبنية على أسس علمية وغالباً ما يكون على حق·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©