السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دمرني الزلزال..

16 ديسمبر 2015 22:48
قبل عشرين سنة بالتمام والكمال ضرب كرة القدم الأوروبية زلزال قوي غير التضاريس، فكأني بالكرة الأوروبية ودعت عهداً، واستقبلت عهداً آخر، ودعت عهد الاستعباد، واستقبلت عهد التحرر، أما من كان صاحب هذا الزلزال العنيف فهو جون مارك بوسمان. وبوسمان هذا لاعب بلجيكي، كان سنة 1990 قريباً من نهاية عقده الاحترافي مع ناديه لييج، عندما عبر عن رغبته في الانضمام لنادي دانكيرك الفرنسي، إلا أن مشغله رفض السماح له بالرحيل، فما كان منه إلا أن تقدم للعدالة البلجيكية طالباً منها إطلاق سراحه. بعد خمس سنوات من التقاضي سينجح بوسمان في ربح قضيته، ولكنه حيال ذلك لم يستفد إلا من تعويضات ناهزت 400 ألف أورو، سدد منها أتعاب المحامين، واستثمر في مشروع باء بالفشل، ليجد نفسه على حافة الإفلاس، فيقبل على شرب الكحول، ويرتمي في حضن الإدمان والاكتئاب.المحزن والغريب في الأمر أن بوسمان هذا سيكون مصدراً لسعادة الآلاف من اللاعبين حول العالم بل ومصدراً لثرائهم الفاحش، ولكنه يعيش اليوم في فقر مدقع لا يلتفت له إلا القليلون، ولا ترثي لحاله إلا القلة القليلة، فكيف لمن صنع ثورة بأوروبا، أن تكون نهايته بهذه الكارثية؟ حتى أعود لأصل الحكاية، فإن بوسمان الذي قرر سنة 1990 بالاعتماد على براعة ودهاء محاميه مقاضاة ناديه لييج لرفضه السماح له بالانتقال لدانكيرك الفرنسي مع نهاية عقده، سيحدث رجة عنيفة في المنظومة الكروية الأوروبية، إذ سيجبر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على احترام التجول الحر للعاملين بين دول الاتحاد وعلى احترام أساسات العقد.هذا الحكم الذي صدر يوم 15 ديسمبر 1995 وضعنا في صورة فسيفساء جديد لكرة القدم العالمية التي تعيش اقتصادياً ورياضياً على القارة الأوروبية، فلم تعد هناك سلطة استعبادية للأندية على اللاعبين، وأصبحت حرية التجول الممنوحة للاعبين الأوروبيين في قارتهم.ولأن الأندية الكبرى لا يمكن أن تترك أي قانون يكبل أيديها حتى لو كان قرار بوسمان نفسه، فإنها ستستفيد من الوجه الأول للقرار بالاستحواذ على أمهر اللاعبين الأوروبيين وغير الأوروبيين لتزيد في تفقير الأندية الصغيرة.بعد 20 سنة يجد بوسمان نفسه مودعاً في قفص الحاجة يقول مع نفسه: «بماذا أفادني هذا الزلزال الذي أعلنته على الكرة الأوروبية، لقد كشف للاعبين عن خزائن ذهب، منها أصبحوا أثرياء، أما أنا فدمرني الزلزال.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©