الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب.. وتكريم الجيش

14 فبراير 2018 21:59
من بين أفضل ذكريات طفولتي تجمع أفراد العائلة في الشرفة الأمامية لمنزل عمتي بمدينة «لينشبيرج» بولاية أوهايو، وهي مدينة أصغر من «هيلزبورو» التي أتواجد فيها حالياً، وتبعد عنها 12 ميلاً، لمراقبة العرض العسكري السنوي في «يوم الشهيد» الذي تحتفي فيه الولايات المتحدة بتضحيات أبنائها في الحروب. ومثل العروض العسكرية في المدن الصغيرة، كان الموكب يشمل شباب وفتيات الكشافة، وممتطي الجياد، وسياسيين محليين يلقون الحلوى من سياراتهم على الأطفال المتدافعين، وفرقة مشاة المدرسة الثانوية «لينشبيرج كلاي»، ومحاربين قدامى من القوات المسلحة، ومعظمهم شارك في الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية، وبعضهم كان يحمل البنادق، بينما يرفع حرس الشرف بفخر العلم الأميركي، والذي يحييه الجميع، بينما يضع الحضور المصطفون على الأرصفة أيديهم على صدورهم. وكان موكب العرض العسكري يشقّ طريقه بين مباني المدينة، لينتهي به المطاف عند مقبرة «لينشبيرج»، حيث يلقي أحد المتحدثين كلمة عن التضحية والوطنية، وتُتلى الصلوات، ويكسر سيل طلقات البندقية حاجز الصمت، بينما يعزف عازف البوق موسيقا النهاية. وبعد ذلك، يمضي كثير من الحضور في هدوء إلى حال سبيلهم متجهين إلى منازلهم القريبة من أجل تناول ما تيسّر من الطعام، ويبقى آخرون من خلفهم، ليضعوا الزهور أو الأعلام أمام شواهد القبور التي يرقد فيها بسلام أحد أفراد أسرهم، ومن ثم يقفون لبضع دقائق في صمت أو تلاوة الصلوات أو التذكر، وفي كثير من الأحيان تنهمر من عيونهم العبرات. ويُثمّن الأميركيون في كل مكان أولئك الذين خدموا في الجيش، لكن في المدن الصغيرة، حيث تجعل العادات والإمدادات من العروض العسكرية والاحتفالات الوطنية الأخرى أمراً شائعاً، فإن ذلك الامتنان يكون أكثر وضوحاً بكثير وبصورة منتظمة. وتكريم محاربينا القدامى والحريات التي دافعوا عنها في «يوم الشهيد»، من خلال عروض عسكرية بسيطة في المدن الصغيرة أو الطقوس المتواضعة التي تجرى في المقابر في معظم المدن الصغيرة أو الكبيرة في أنحاء الولايات المتحدة، هي تعبير صريح عن معاني الوطنية، لكنها بعيدة كل البعد عن ذلك النوع من التفاخر والاستعراض العسكري لإظهار القوة المزمع إجراؤه في «شارع بنسلفانيا» الذي دعا إليه الرئيس دونالد ترامب. ويتصور منتقدو الرئيس أنه يحاول تمجيد نفسه تحت غطاء تكريم قواتنا المسلحة، لكنني أزعم أن الرئيس يرغب في مجرد الإشادة بالرجال والنساء الذين يخدمون في الجيش الأميركي، بينما يذكر أعداءنا بقوة وعنفوان جيشنا. وعلى مرّ السنين، شاهدت التظاهرات والعروض العسكرية المتلفزة في أماكن مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية، ولم تجعلني أبداً أكثر خوفاً من تلك الدول، وبالتأكيد لم تدفعني لاحترامها بدرجة أكبر. وبدلاً من ذلك، شعرت دوماً بأنها تمثل تهديدات فارغة من قبل قادة لا يشعرون بالأمان، يحاولون التنمّر بالعالم وإرضاء غرورهم. وليس ذلك ما تفعله الولايات المتحدة الأميركية! وفي «هيلزبورو»، يُقام احتفال في «يوم الشهيد» ترعاه جمعية «محاربين قدامى في الحروب الخارجية»، بمقر «النصب التذكاري» الذي تم بناؤه في عام 2012، بميدان المحكمة، وسُجّلت عليه أسماء جميع من قتلوا من «مقاطعة هايلاند» أثناء القتال في حروبنا المختلفة. وتم تمهيد الممشى بأحجار اشتراها أقارب مقاتلين ونُقشت عليها أسماء الذين خدموا في الجيش الأميركي. سيدي الرئيس.. إذا أردت تكريم قواتنا المسلحة، والإشادة بكل من خدموا فيها، فإنني أدعوك إلى زيارة «هيلزبورو» في مايو المقبل، وتشريفنا كضيف في احتفال يوم الشهيد. وستجد ترحيباً واحتفاء وتقديراً كبيراً من قبل مجتمع أيّد انتخابك، ولا يزال يؤيدك. وستوجّه بذلك رسالة إلى بقية دول العالم مفادها أن جنود وبحارة أميركا، ودباباتها وطائراتها وأسلحتها لا تُوظّف بلا جدوى في الاستعراضات المبهرجة في الداخل، وإنما عندما تقتضي الضرورة القصوى دفاعاً عن التحرر والحريّة في الداخل والخارج. وهنا في «هيلزبورو» نُكرّم قواتنا المسلحة بإبداء احترام شديد يعكس فهمنا للخسائر البشرية التي تستلزمها حروبنا والتكلفة المرتفعة ضريبة الحرية، بدلاً من استعراض القوة أو التهويل. سيدي الرئيس.. لقد كرمت جيشنا بإصرارك على تمويل احتياجاته، وبإظهار وطنيتك من خلال خطاباتك وتصريحاتك. ولا تشك دولة على الأرض في تفوّق جيش الولايات المتحدة. ويجب أن يعلم أعداؤنا أنهم عندما يشاهدون دباباتنا وطائرتنا وجنودنا يتحركون، فإنه سيكون يوم شؤم عليهم، وليس استعراضاً لنا! *كاتب أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©