الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رأسمالية «المحسوبية» في أفغانستان

رأسمالية «المحسوبية» في أفغانستان
26 فبراير 2010 21:42
احتفل أكبر بنك خاص في أفغانستان-والذي يعود تأسيسه إلى المقامر الأفغاني الوحيد المشهور عالمياً- بعامه الخامس في الخدمة خلال الصيف الماضي، وذلك بتنظيم سحب خاص بالمودعين في "قصر باريس" بوسط العاصمة كابول، حيث سيحصل الفائزون على جوائز تشمل تسع شقق في العاصمة الأفغانية، وحوافز مالية تقدر بمليون دولار. وقد روج بنك كابول لهذا الحدث باعتباره أكبر سحب ينظم في آسيا الوسطى، لكن ما لم يُروج له بنك كابول، هو الهدايا الضخمة التي وزعها مديره على النخبة السياسية الحاكمة المدعومة أميركياً، تلك الهدايا التي شملت قروضاً بملايين الدولارات لشراء فيلات فخمة من قبل أفراد من عائلة الرئيس حامد كرزاي، بالإضافة إلى أعضاء الحكومة ومناصريه. وتعكس العلاقات الوثيقة بين بنك كابول ودائرة كرزاي أحد الملامح الأساسية لنظام ما بعد "طالبان" المضطرب الذي استثمرت فيه الولايات المتحدة أكثر من 40 مليار دولار، وفقدت فيه أرواح 900 جندي، وهو نظام قائم على رأسمالية المحسوبية التي تثري أصحاب العلاقات السياسية النافذة وتخيب آمال الجمهور الأفغاني العريض. وعندما سئل "شرخان فرنود"، مؤسس بنك كابول ومديره في حوار أجري معه حول شراء سياسيين لفيلات وتسجيلها باسمه قال: "أعرف أن ما أقوم به ليس صحيحاً، لكن هذه هي أفغانستان والمالكون لا يريدون أن يفصحوا عن أسمائهم". ومع أن القانون الأفغاني يمنع منح قروض خارجية وإبقائها طي الكتمان، كما يفرض قواعد محاسبة صارمة، إلا أن العديد من المستفيدين من القروض بمن فيهم مالكو بنك كابول نفسه، يقولون إن التدفق السهل للمال ليس أمراً غريباً في نظام تقليدي يرتكز على العلاقات أكثر من القانون. ويذكر أن الدور الغريب الذي لعبه البنك ومالكوه لم يُعلن عنه من قبل، بل فقط تم توثيقه من قبل جهات لتسجيل الأراضي والوثائق العامة، فضلاً عما كشفت عنه اللقاءات التي جرت في كابول وموسكو. وقد حاول العديد من الأشخاص المتورطين في موضوع القروض الكبيرة إخفاء الامتيازات التي حصلوا عليها من بنك كابول، فعلى سبيل المثال، حصل الأخ الأكبر للرئيس كرزاي ونائب رئيسه الأسبق على فيلات مسجلة باسم "فرنود" مدير البنك، رغم أن مدراء البنك يؤكدون خلو الدفاتر الرسمية من أية قروض، أو صفقات مولها "فرنود"، بما فيها مشتريات ابن عم الرئيس كرزاي وأخ محمد قاسم فهيم، نائبه الحالي، وأحد أمراء الحرب السابقين الذي تعاون مع القوات الأميركية للإطاحة بنظام "طالبان" في العام 2001. وفي الوقت الذي تُصعد فيه الولايات المتحدة من ضغوطها العسكرية على "طالبان"، يخشى المراقبون من المخاطر المحتملة على الاستقرار المالي، التي قد تثيرها النشاطات المالية غير المسجلة كتلك التي ينخرط فيها المصرفيون وبعض السياسيين، فمع أن أقل من 5 في المئة من الأفغان يتوفرون على حسابات بنكية، إلا أنه من بين الذين يتوفرون عليها هناك الجنود ورجال الشرطة الذين يتلقون رواتبهم عبر بنك كابول. وفي تعليق لمسؤول أميركي يراقب النشاط المالي في أفغانستان طلب عدم الإفصاح عن اسمه، قال إن البنك يملك سيولة كبيرة، لكن في حال اندلاع الأزمة فإن المودعين الأفغان "لن يصطفوا خارج البنك ليطالبوا بمدخراتهم، بل سيلوحون بالرشاشات". وفي هذا السياق أعطى مدراء بنك كابول تفسيرين متباينين في لقاءين منفصلين لانخراط البنك في شراء مساكن، فحسب مدير البنك فرنود الذي فاز في العام 2008 بجائزة قدرها 120 ألف دولار في إقصائيات لعبة البوكر التي نظمت في أحد الكازينوهات بلندن "اقترض هؤلاء الأشخاص- الذين اشتروا منازل- المال من البنك"، لكن كبير مدققي البنك "راجا جوبلاكريشنان" يُصر في المقابل على أن القروض لم تأت مباشرة من بنك كابول، بل جاءت من مؤسسات تابعة للبنك ومستقلة عنه في الوقت نفسه مثل وكالة لتحويل الأموال تدعى "شاهين إكستشنج" يملكها فرنود. وفي جانب منه يرمز بنك كابول إلى مدى التغييرات التي طالت أفغانستان منذ عام 2001 عندما لم يكن في البلاد بنوك خاصة، ولا اقتصاد حقيقي يمكن الحديث عنه، وقد فتح بنك كابول أكثر من ستين فرعاً مع إعلان خطة مستقبلية لفتح 250 فرعا آخر، ويؤكد البنك أيضاً أن لديه أكثر من مليار دولار من الودائع لما يفوق المليون أفغاني. والنتيجة أنه في الوقت الذي يتم فيه تكريس نظام السوق الحر كما تمنت واشنطن، تحولت المؤسسات المالية إلى بقرة حلوب بالنسبة لمالكيها والأصدقاء من السياسيين، فعلى سبيل المثال، يمول بنك كابول شركة الطيران الفاشلة التي يملكها "فرنود"، وتسير ثلاث رحلات جوية في اليوم، كما أن مدراء البنك ساهموا في تمويل الحملة الانتخابية للرئيس كرزاي، التي شابتها العديد من الخروقات في السنة الماضية، علماً أن البنك مملوك في جزء منه لأخ الرئيس، محمود كرزاي، بالإضافة إلى حسين فهيم، أخ نائب الرئيس كرزاي. ويقول "فرنود" إنه يريد أن يباشر الأعمال "بطريقة صحيحة"، وبأنه لا يحصل على أي امتيازات كنتيجة لعلاقاته السياسية، مشيراً أن تسجيل ممتلكات المدينين باسمه، يعني أن أموال البنك في أمان، وبأنه رغم ركود سوق العقارات، يستطيع مصادرتها في حال تعثر المدينون عن السداد. وتظهر البيانات العقارية، بالإضافة إلى لقاءات مع مدراء حاليين وسابقين في بنك كابول، أن "فرنود" وشركاءه في البنك استثمروا ما لا يقل عن 150 مليون دولار في القطاع العقاري. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
المصدر: كابول
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©