الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

وقفة تأمُّل في نهاية العام

19 ديسمبر 2014 00:32
نعيش في هذه الأيام نهاية عام ميلادي، ونستعد لاستقبال عام جديد، فعلينا أن نأخذ العبرة من مرور الأيام والشهور والأعوام، فالحياة مهما طالت قصيرة، وهي محدودة بين نطفة وجيفة، ورحلة الحياة تختصرها ثلاث آيات في القرآن الكريم: ?{?مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ* ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ?}? (سورة عبس الآية (19-21)، وجاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني في تفسير الآيات السابقة: [?{?مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ?}? أي من ماء مهين حقير بدأ خلقه، فقدَّره في بطن أمه أطواراً من نطفة ثم من علقة إلى أن تمَّ خلقه، قال ابن كثير: قدَّر رزقه، وأجله، وعمله، وشقيّ أو سعيد، ?{? ?ثُمَّ ?السَّبِيلَ ?يَسَّرَهُ?}?? أي ?ثم ?سهَّل ?له ?طريق ?الخروج ?من ?بطن ?أمه، ?قال ?الحسن ?البصري:?? كيف ?يتكبَّر ?من ?خرج ?من ?سبيل ?البول ?مرتين?؟ ?يعني ?الذكر ?والفرج، ?{??ثُمَّ ?أَمَاتَهُ ?فَأَقْبَرَهُ?}?? أي ?ثم ?أماته ?وجعل ?له ?قبراً ?يُوارى ?فيه ?إكراماً ?له?، ?ولم ?يجعله ?ملقى ?للسباع ?والوحوش ?والطيور، ?قال ?الخازن: ?وهذه ?تكرمة ?لبني ?آدم ?على ?سائر ?الحيوانات] (?صفوة التفاسير للصابوني 3/520)?. وما أحوجنا في مستهل كل عام، وحين تطوي عجلة الزمن عاماً كاملاً من حياتنا، أن نقف قليلاً، لنحاسب أنفسنا على الماضي، ولنستعرض أمام ناظِرَيْنَا ما قدمناه، فنستدرك ما فات ونتوب من العثرات، ونحمد الله عز وجل على ما وفقنا إليه من صالح الأعمال، ثم نعقد العزم على أن نواجه العام الجديد، بقلوب مؤمنة ونيات صادقة، ورغبة أكيدة في فعل الخير والطاعات، واتباع الحق، والحرص على طاعة الله سبحانه وتعالى وتقواه، والبعد عن الشر والمعاصي واجتناب الباطل، فبارك الله فيمن طال عمره وحَسُنَ عمله، كما جاء في الحديث: (أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ‏? ?أَيُّ ?النَّاسِ ?خَيْرٌ??، ?قَالَ?: ?مَنْ ?طَالَ ?عُمُرُهُ ?وَحَسُنَ ?عَمَلُهُ?، ? ?قَالَ: ?فأَيُّ ?النَّاسِ ?شَرٌّ?، ?قَالَ?: ?مَنْ ?طَالَ ?عُمُرُهُ ?وَسَاءَ? ?عَمَلُهُ (??أخرجه الترمذي)?. حاسبوا أنفسكم إننا في هذه الوقفة، نتذكر قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن تُوزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، كما في قوله سبحانه وتعالى: ?{?وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا* اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا?}? (سورة الإسراء الآية (13-14)، ، فمن المعلوم أننا سَنُسْأَل يوم القيامة عن كل شيء، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تَزُولُ قَدَمَا ْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ) (?أخرجه الطبراني)?. ونحن في هذه الأيام نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء أن يجعل هذا العام خيراً من سلفه، وأن يجعل خلفه خيراً منه. اغتنم خمساً إن عمر الإنسان قصير، وإن حياته أثمن من أن تضيع فيما لا ينفع، وقد ذكرت كتب السيرة أنه لمّا حضرت الوفاة نوحاً عليه الصلاة والسلام، قيل له: يا نوح كم عشتَ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ألف سنة، قالوا: كيف وجدتَ الحياة؟ قال: والذي نفسي بيده ما وجدتُ الحياة إلا كبيتٍ له بابان، دخلتُ من أحدهما وخرجتُ من الآخر!! فيا أبناء الستين والسبعين ماذا تنتظرون؟ إنكم لن تعمّروا كما عَمّر نوح عليه الصلاة والسلام، ولا قريباً من ذلك، لذلك يجب علينا أن نُعَمِّرَ أوقات حياتنا بالباقيات الصالحات من الأقوال والأفعال، فظروف المستقبل ليست ملكاً لأحد، وأمرها إلى الله تعالى. لذا ينبغي اغتنام الفرصة التي بين أيدينا، لقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ‏? ?قَبْلَ ?هَرَمِكَ، ?وَصِحَّتَكَ ?قَبْلَ ?سَقَمِكَ، ?وَغِنَاكَ ?قَبْلَ? ?فَقْرِكَ، ?وَفَرَاغَكَ ?قَبْلَ ?شُغُلِكَ، ?وَحَيَاتَكَ ?قَبْلَ ?مَوْتِكَ) (?أخرجه الحاكم)?.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©