الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأم في كل الأوقات

21 مارس 2016 23:53
هذا الكائن طاقة متقدة فيها أسرار نحن نجهلها لا يعلمها إلا الله، أعيادها ليست مثل الأعياد الأخرى في موسم سنوي، أعيادها عند انتهاء من كل صلاة، أعيادها في كل صباح ومساء، هذا الكائن البشري لم نعطه حقه ولا هو يسأل عن حقوق، فهو يعطي حتى وهو يحتضر، فبرغم تعلقي بأمي وتعلقها بي وبإخواني فإن ما عرفت ما تحتويه من كنوز لا حصر لها من الحب والعطاء لم نكشفها بعد، ونعتقد أنها الصيرورة في الحياة ليس إلا، ولا نعلم بحدود نعمتها وحنانها ولا اتساع مقدرتها على استيعابنا والتسامح مع تقصيرنا وهفواتنا في نسيان تبجيلها بما تستحق، نعتقد أننا بهدية وقبلة على جبينها أعطيناها ما تستحق، فمساحتها مدى ليس له نهاية وقد لا يدركه الجاهلون وإلا كيف لا ندخل الجنة إلا من تحت قدميها وما أدراك ما الجنة، فما جعل الله ذلك إلا درساً. ما أصغرنا مهما كبرنا وما أجهلنا مهما علمنا، ولكني اكتشفت في مداعبة والدي صورة جدتي رحمها الله وعيناه تترقرق كطفل ضائع سرد لي ما كنت أجهله فقال إن الأم محيط عميق فيه أسرار الدنيا، فالكثيرون يعتقدون أن اليتم يخص الأطفال الذين لم يبلغوا رشدهم، ولكن هذا المخلوق فيه من سحر الحياة ما نفتقده حتى لو بلغنا من الكبر عتيا. تستطيع أن تخفي أثقال وهموم الدنيا على أهلك وأولادك وإخوانك بضحكات وتمازح وتدعي الفرح، ولكن الأم بين ضلوعها من صناعة الخالق الأجهزة التي تخترق كذبك بمجرد أن تنظر إليك أو تتحسس جسمك، فتكشف زيف سعادتك، فما انطلى على الآخرين لا ينطلي عليها، فمهما كبرنا في العمر والعلم فإننا نكون في لحظة من الزمن نرتمي على صدرها عندما تضيق بنا الدنيا، وما إن تمتلئ أنوفنا بأريج رائحتها المقدسة حتى ننهض من الانكسار إلى الثقة، فمن يحبنا أكثر منها؟ ومن يزعجه غيابنا غير المعتاد ويبحث عنا في كل زوايا البيت؟ هي الأم، ولأن الإنسان خلقة الله جهولاً لا يكتشف النعم إلا بعد زوالها، وأنا اكتشفت من والدي ما كنت أجهله وعرفت أن الأم طاقة رهيبة ننهل منها الحنان المتدفق في نفوسنا البائسة والضياء المنير في طرقنا المظلمة والثقة المطلقة لانكساراتنا المتعددة. منال النخعي?
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©