الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مانديلا.. رجل مصالحة عرقية لم تكتمل

7 ديسمبر 2013 00:58
جوهانسبرج (أ ف ب) - سيبقى الإرث الأساسي لنيلسون مانديلا الذي توفي فجر أمس عن 95 عاما، هو إنجاز المصالحة في جنوب أفريقيا، المهمة المستحيلة على ما يبدو في أمة مزقتها عقود من القمع العنصري، وحيث لا تزال الأحكام المسبقة مصدر انقسامات بين المجموعات. فجنوب أفريقيا العام 1990 لدى خروج نيلسون مانديلا من السجن، كانت تخرج من ثلاثة قرون ونصف من هيمنة الأقلية البيضاء بينها أكثر من أربعين سنة من نظام عنصري فريد في العالم هو “الأبرتايد”. وبمساعدة براجماتية من آخر رئيس لمرحلة الفصل العنصري فريديريك دو كليرك، فرض مانديلا في جنوب أفريقيا عملية انتقالية سلمية نحو الديموقراطية. وقال أول رئيس للبلاد منتخب ديموقراطيا أثناء تنصيبه في مايو 1994 “حان وقت تضميد الجروح وحان وقت ردم الفجوات التي تفصل بيننا.. آن أوان البناء”. وللمرة الأولى في التاريخ، تمكنت الغالبية السوداء في البلاد من الانتخاب. وطيلة فترة رئاسته، كثف مانديلا مبادرات الصفح وذلك بهدف تشجيع الغالبية السوداء وطمأنة الأقلية البيضاء التي لا تزال ممسكة بالمفاصل المالية والعسكرية في جنوب أفريقيا. وزار رئيس الدولة السابق بيتر بوتا وشرب الشاي لدى بيتسي فرفويد (94 عاما) أرملة مهندس نظام الفصل العنصري هندريك فرفويد الذي حظر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في 1960. وأقام مأدبة عند إحالة رئيس أجهزة الاستخبارات إبان الفصل العنصري نيتس برنارد إلى التقاعد، واستقبل إلى مائدة الغداء بيرسي يوتار مدعي المحاكمة في 1963 التي قضت بإرساله إلى روبن آيلاند. وصورة الرئيس الأسود الأول لجنوب أفريقيا مرتديا بدلة الفريق الوطني لفوزه في كاس العالم بالركبي في 1995، معبرا عن فرحة الأفريكان (جنوب الأفريقيين المتحدرون من هولندا) وعن تأييده في الوقت نفسه لرياضتهم التاريخية، تدل بالنسبة للكثيرين على قمة الفرحة التصالحية. وكثف مانديلا الاهتمام بالبيض الذين يعدون خمسة ملايين نسمة ويتحدر القسم الأكبر منهم من أوائل المستوطنين الهولنديين والبريطانيين في جنوب أفريقيا. ورد مانديلا أكثر من مرة على منتقديه في التيارات المؤيدة للأفارقة أو في الصحافة السوداء الذين كانوا يأخذون عليه تقديم الكثير من المبادرات حيال البيض، قائلا “لو لم تكن المصالحة سياستنا الأساسية، لكنا شهدنا حمام دم”. وكانت الحكومة الأولى بعد الفصل العنصري متعددة الأعراق، السود والبيض والهنود والخلاسيون، واليوم أيضا تجد كل مجموعة تمثيلها. وفي 2010، أنشدت أمة متعددة الأعراق أثناء مباريات كاس العالم في كرة القدم التي نظمت في جنوب أفريقيا، النشيد الوطني الذي يمزج بين لغات الكوزا والزولو والسوتو والأفريكانية والانجليزية. ورأى مانديلا في هذا الحدث تكريسا لعمله إذ أن التشارك في الاحتفال بحدث رياضي بقي لفترة طويلة محرما على معازل السود. وعلى الرغم من تقدمه في السن، حضر حفل الاختتام في جوهانسبرج. وفي كتاباته كشف مانديلا كم أثرت فيه خلال طفولته طريقة تسوية النزاعات التقليدية. وقال إن “قاعدة الأغلبية كانت غريبة عليها. فالأقلية يجب ألا تُسحقَ بالأكثرية”.وأضاف إن “سنواته الطويلة وحيدا” في السجن عززت أفكاره. وكان المحور المركزي للمصالحة لجنة الحقيقة والمصالحة التي أُنشئت في نهاية 1995 وترأسها الأسقف ديزموند توتو الضمير الحي للنضال ضد الفصل العنصري. واستمعت هذه اللجنة إلى أكثر من ثلاثين ألف ضحية وجلاد واقترحت العفو والصفح مقابل اعترافات علنية. ومع ذلك، لم تسلم جلساتها من الانتقادات بينما عبر البعض عن أسفهم لأن المسؤولين عن الفظائع من رئيس الدولة ووزراء وقادة للشرطة والجيش أفلتوا منها. وما زالت العلاقات العرقية متوترة في البلد الذي رحل عنه مانديلا. ومنذ 2006، يقول سكان جنوب أفريقيا إن العلاقات تتدهور بعدما كانت في أحسن حال مطلع الألفية، والزيجات بين الأعراق تبقى استثناءات. وقال مانديلا نفسه محذرا من قبل إن “شفاء شعب جنوب أفريقيا عملية وليس حدثا محددا”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©