الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقترح قانون يجرّم ضرب الزوجة في الجزائر

مقترح قانون يجرّم ضرب الزوجة في الجزائر
7 ديسمبر 2013 21:02
حسين محمد (الجزائر) - كشف مؤخراً عن أرقام كبيرة تخصّ تفاقم العنف ضد النساء في الجزائر؛ إذ كشفت مصالحُ الأمن عن أكثر من 7 آلاف حالة سُجِّلت بين 1 يناير و31 أكتوبر من السنة الجارية 2013، واغتنمت بعض الجمعيات المهتمة بالدفاع عن حقوق المرأة المناسبة لدعوة البرلمان إلى التصديق على مقترح قانوني جديد قدِّم إليه، «يجرِّم» العنف ضد الزوجة، ودافعت الجمعياتُ النسائية عن المقترح القانوني. وقالت إنه سيحجِّم ظاهرة العنف المتفاقمة ضد الزوجات، في حين رأى المعارضون له أنه سيسهم في تفاقم النزاعات العائلية وارتفاع نسبة الطلاق، ودعوا البرلمان إلى عدم التصديق عليه. 7 آلاف حالة عنف كانت خيرة مسعودان، العميد في الشرطة، كشفت النقاب مؤخرا عن تفاقم العنف ضد النساء في الجزائر، وأكَّدت أن عدد الحالات المبلّغ عنها بلغ 7010، منهن 5034 امرأة تعرضن للعنف الجسدي و1637 ضحية «سوء معاملة» و27 جريمة قتل عمد، بينما لا يُعرف عددُ الحالات غير المبلّغ عنها، والتي يرى مراقبون عديدون أنها أضعاف هذا الرقم بكثير. ودفع الوضعُ ببعض الجمعيات النسوية إلى المطالبة بمناقشة البرلمان لمقترح قانوني تقدّم به 40 نائباً ينص على «تجريم عنف الزوج ضد زوجته»، وتحويله إلى جنح يعاقَب عليها، والتصديق على مقترح القانون. إلى ذلك، تقول رقية ناصر، رئيسة «شبكة وسيلة» لحقوق المرأة «هذا المقترح القانوني ليس جديداً، بل وُضع قبل نحو 5 سنوات في عهد البرلمان السابق، وقام بعض النواب الآن ببعثه ومطالبة البرلمان بمناقشته والتصديق عليه بغرض وضع حدٍّ للعنف المتزايد ضد المرأة». وعن مبررات تقديم هذا المقترح القانوني من بعض نواب البرلمان ودعمه من الجمعيات النسوية، تقول رقية «تفاقم العنف ضد النساء بشكل لم يعد ممكناً السكوتُ عنه، أنا طبيبة أعصاب، واستقبلتُ حالات كثيرة لنساء تعرّضن للضرب المبرّح من أزواجهن، ومنهن حالة سيدة في الـ56 من عمرها حُملت إليّ وهي مشلولة، وتبين لي بعد فحوص معمّقة والحديث معها مراراً أن السبب يعود إلى قيام زوجها بخنقها كل مرة ثم تركها وهي بين الحياة والموت، فأفضى ذلك إلى تضرر في دماغها أدى بمرور الوقت إلى إصابتها بالشلل، وهناك من تعرّضن لتعذيب حقيقي على أيدي أزواجهن، هذا الوضع غير مقبول، المفروض أن يكون البيت منبعاً للحنان والمعاملة الحسنة وليس للعنف وإساءة المعاملة، ولذا دعمنا مقترح القانون الجديد لوضع حد للظاهرة، علماً بأن هناك قانوناً مماثلاً صدر في إسبانيا وتمكَّن من معالجة عنف الأزواج ضد زوجاتهم، والتكفل بالأطفال ضحايا العنف بتوفير الرعاية المادية والمعنوية لهم». وقللت رقية من شأن «الوساطات العائلية»، المعروفة في الجزائر والمجتمعات العربية والشرقية عموماً لأن المجتمع «يطالب المرأة دوماً بتحمّل زوجها والصبر على أذاه، ما يجعله يتمادى، الحل في اللجوء إلى القضاء للشكوى من الزوج إذا ضرب زوجته، ولا بأس بالوساطات القضائية قبل رفع الدعاوى القضائية». وتذهب رئيسة «شبكة وسيلة» بعيداً في مطالبة الزوجة باللجوء إلى القضاء إذا أُقرّ المقترح القانوني الجديد «يمكن للزوجة حتى مقاضاة الزوج إذا تلقت صفعة منه، الضرب مرفوض حتى وإن كان خفيفاً أو رمزياً، ومن يتحدث عن الدين في هذه المسألة أسأله: ألا يطالب الإسلام بإكرام المرأة ويؤكد أنه لا يهين النساءَ إلا لئيم؟ الإنسان لا يمكن أن يسكت عن الظلم». قانونٌ منحاز بالمقابل، لقي مقترحُ القانون استنكار أطراف أخرى ورأته غير موضوعي، إذ لا يُعقل أن تقاضي زوجة زوجها بحجّة أنه صفعها وفي الوقت نفسه تستمر حياتهما الزوجية في كنف المودة والرحمة، فضلاً عن العواقب الوخيمة التي يمكن أن يجرّها على الأسرة والمجتمع. إلى ذلك، تقول الشائعة جعفري، رئيسة «المرصد الجزائري للمرأة»، وعضو «المجلس الوطني للمرأة» التابع لوزارة المرأة وقضايا الأسرة، إن هذا المقترح القانوني الذي تدعِّمه الجمعيات النسوية، سيفاقم النزاعات الزوجية أكثر مما يحلّها، ويرفع نسبة الطلاق المرتفعة أصلاً في السنوات الأخيرة «المجتمع لا يقبل بوصول النزاعات الزوجية إلى العدالة إذا كانت نزاعات صغيرة، هذه الأمور قد تحدث في أوروبا، ولكنها مرفوضة اجتماعياً في الجزائر والمجتمعات المحافظة». وتؤكد جعفري أنها «ضد العنف من أي طرف كان، وكل عنف يجب أن يُحارب، ولكن لا يُعقل أن تطالب المرأة بالمساواة في الحقوق والواجبات، ثم تقع في تناقض وتقول إنها كائن ضعيف بحاجة إلى حماية عن طريق وضع قانون خاص بها، عوض سنِّ قانون يجرّم الطرف المعتدي بغض النظر عن جنسه، فماذا عن الرجال الذين يتعرضون للعنف من زوجاتهم؟ أنا مع تجريم العنف من أي طرف كان؛ أي قانون لتجريم أي طرف يخطئ بحق الطرف الآخر، وليس الزوج وحده». حكمان من الأهل ترى جعفري أن «الحل لا يكمن في اللجوء إلى القضاء لدى أدنى الخلافات، بل في العودة إلى تعاليم ديننا التي تخلينا عنها والتي تنص على ضرورة إرسال حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة للنظر في نزاعاتهما وحلِّها وديا والإصلاح بينهما، أي الوسيط الأسري، ويمكن أن يكون هذا الوسيطُ محامياً أيضاً مثلما تفعل الدول المتحضرة». وتؤكد رئيسة «المرصد الجزائري للمرأة» أن «مقترح القانون لن يمرّ بهذه الصيغة المنحازة، لأنه سيفاقم النزاعات الزوجية ونسبة الطلاق، وينشر البغضاء بين الأزواج، ويقضي على مقاصد الزواج التي نص عليها الإسلام وهي السكينة والمودّة والرحمة». من جهته، يرى فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان بالجزائر (حكومية)، أن النصوص القانونية التي تعاقب الذين يمارسون العنف ضد المرأة موجودة وكافية، ولكن المشكلة أنها غير مطبقة، لأن الكثير من حالات العنف لا تقوم المرأة بالتبليغ عنها لأسباب عديدة، ومنها الرغبة بالحفاظ على الحياة الزوجية وخشية حدوث ضرر معنوي شديد للأطفال، ولذا تبقى الكثير من حالات الضرب المبرّح بلا عقاب». أما المواطنون، فقد أثار المقترح القانوني استغرابهم وذهولهم، لأن إقراره وتطبيقه بالصيغة التي تريدها الجمعيات النسوية سيعني أن المحاكم ستعجّ بعشرات الآلاف من القضايا التي حدثت فيها مناوشات بين الزوجين ترى فيها الزوجات «ظلماً» و»تعسفاً» ينبغي أن لا يمرّ دون عقاب، ويرون أن مقاضاة الزوج بتهمة توجيه صفعة لزوجته في لحظة غضب أو تعكّر مزاج، واعتبار ذلك «جريمة»، هو مبالغة وأمرٌ غير معقول ولن يؤول إلى نتيجة غير تكريس الخلافات والنزاعات الزوجية ودفع الزوجات إلى الجرأة على أزواجهن وتهديدهم بالمحاكم في كل مرّة، ومن ثمة غياب الألفة ونشر البغضاء والتوتر بين الأزواج وبالتالي ارتفاع حالات الطلاق كتحصيل حاصل. عنف شامل لم يستثن العنف الذكوري اتجاه المرأة أي فئة، إذ شمل 4713 امرأة قابعة بالبيت و374 جامعية و67 متقاعدة. وغالباً ما يكون مرتكبو العنف هم الأزواج ثم الإخوة والآباء وحتى الغرباء. حيث يأتي الأزواج في المرتبة الأولى بـ1608 حالات، ويليهم الأبناء بـ538 حالة والإخوة بـ418 حالة. وتتحدث مصادر أخرى عن أكثر من 9 آلاف حالة عنف في هذه الفترة مقابل 12631 حالة طيلة سنة 2012.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©