الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شباب مغاربة «يشمون» أجسادهم مسايرةً للموضة

شباب مغاربة «يشمون» أجسادهم مسايرةً للموضة
7 ديسمبر 2013 21:03
سكينة اصنيب (الرباط) - انتشرت ظاهرة الوشم في الآونة الأخيرة في المجتمع المغربي، وأصبحت موضة تكتسح أوساط الشباب وتتطور بصورة تتلاءم مع الموضة والأزياء، سيما بعد أن اتخذها بعض المشاهير عنوانا لشخصيته كاللاعب ديفيد بيكام والنجمة أنجلينا جولي. وبينما يختار الشباب رسم أفعى أو تنين أو جمجمة للتعبير عن القوة والصلابة أو رسم وجوه مخيفة مستوحاة من أفلام الرعب، تقبل الفتيات على رسم وردة أو سمكة، بينما يلجأ آخرون ممن اتخذوا الوشم رباط حب وعلاقة إلى كتابة اسم الحبيب أو رسم صورته على الجسد كدلالة على الحب، الذي يجمع بينهما خاصة وأن ما رسم بالوشم يصعب إزالته إلا بماء النار أو بإجراء عملية جراحية مكلفة. أمنية غالية يعتبر الحصول على وشم «التاتو» أمنية غالية لدى الشباب في المغرب حيث لم يعد الوشم رمزا للعصابات والفئات المنحطة أو رمزا قبليا كما في السابق، بل أصبح يحمل الكثير من المعاني كالصداقة والحب كما يعتبره كثيرون علامة على تميزهم عن غيرهم ووسيلة لإثارة انتباه الآخرين. وفي أحد مراكز التجميل بالمغرب، تقول حنان (18 سنة)، التي كانت تتعمد إظهار الوشم المرسوم على كاحلها، إنها في بداية وضعها للتاتو كانت تخفيه دائما عن أنظار والديها، وتبدل الحال بعدما لاحظت إقبال الفتيات عليه. وتضيف «أصبحت أشاهد رسومات مختلفة على أكتاف البنات وأيديهن، وهذا ما شجعني على إظهار الوشم الذي أضعه علنا»، مشيرة إلى أن «الفتيات يضعن الوشم لمسايرة الموضة ولإظهار المفاتن حيث تقوم الفتيات بوضعه في أسفل الظهر، وهناك من تختار وضع فراشات وزهور ونقوش فرعونية على أيديهن وأكتافهن وأرجلهن». وتقول حنان، التي اختارت وضع الوشم على الكاحل «هذا الوشم رمز للصداقة التي تربطني بمجموعة من الفتيات؛ فقد فرض علي انضمامي إلى شلة بنات تربطهن صداقة عميقة وضع تاتو خاص بالمجموعة، وهو عبارة عن جذع شجرة». وتؤكد سارة (22 سنة)، التي جربت الوشم في السابق وجاءت إلى المركز لإضافة بعض الخرز وتغميق اللون أن «التاتو رمز التفرد والتميز وهو أمر طبيعي وخاص بالشباب، ولا أعرف لماذا يرفضه الناس في مجتمعنا، فالوشم له معنى لدى شباب هذا الجيل، على الآخرين احترامه كما احترمت تقاليعهم السابقة من شعر منكوش ولباس غريب». وتضيف «الوشم أصبح جزءاً من جسمي ولم أعد أعتبره غريباً عني وعندما أشعر أنه بدأ يزعجني أو يضايقني نفسياً سأزيله بالليزر»، وعن بداية ولعها بالتاتو. توضح سارة «رأيت مذيعة في قناة عربية تضعه على كتفها، أحببت الفكرة وقررت رسم الوشم نفسه على ظهري وهو عبارة عن وردة صغيرة». وفي أحد الشوارع التي يكثر بها شباب يتمتعون بموهبة في فن الرسم، يتجولون في الأحياء الشعبية بأدوات بسيطة، عبارة عن مواد ملونة وقارورات كحول مركز، وقطن طبي، ورسومات على أوراق لاصقة، ويجرون عمليات الوشم غالبا في الشوارع أو تحت ظلال الأشجار، قال عزيز (20 سنة)، الذي جاء لكتابة اسم حبيبته على كتفيه. «فكرت في هذه الصيحة كدلالة على حبي الشديد لهذه الفتاة لأنه من غير المعقول أن ترافقني أخرى ما دمت أحمل هذا الاسم على جسدي». ويضيف «قبل عام بهرت بالنقوش التي وضعها أعضاء فرقة أجنبية وكانت عبارة عن قلوب وزهور ونسور مختلفة الأشكال والألوان فأعجبتني الفكرة وقررت تجربتها فوضعت وشما عبارة عن صورة نسر محلق بجناحيه لا زلت أحتفظ به في ذراعي». تعويذة وعلاج حول تاريخ الوشم، يقول علي العماري، أحد المختصين في عمل الوشم، إن «الوشم معروف منذ القدم حيث استخدمته الشعوب القديمة لأغراض متعددة فبعضها استخدمه كتعويذة ضد الموت، وآخرون استخدموه ضد الروح الشريرة وللحماية من السحر والمرض، أما العرب فقد استخدموه كعلاج للمرض واتخذوه فيما بعد للزينة والتجميل». ويشير إلى أن هناك أنواعا عديدة من رسومات الوشم «أغلبها رسومات من الطبيعة كالحيوانات والنباتات ويتم الاختيار حسب رغبة الزبون فالبعض يختار الرسومات التي تعبر عن القوة والصلابة، مثل رسومات الحيوانات المفترسة كالتنين والجمجمة والأفعى وغيرها، وآخرون يختارون الرسومات التي تعبر عن الحب الجارف، أو الصداقة أو العرفان بالجميل لشخص معين، وآخرون يقلدون مشاهير الرياضة والفن في رسوماتهم المعروفة والمثيرة». ويضيف العماري المنهمك في رسم وشم لأحد زبائنه كان عبارة عن أفعى على الساعد «يقبل الشباب من الجنسين على رسم الوشم إلا أن الذكور أكثر من الفتيات، كما أنهم أكثر إقبالا على الرسوم العنيفة أو الكبيرة عكس الإناث اللاتي يفضلن الورود والوجوه الصغيرة، كما أن الكتف أكثر أماكن الجسد التي يوشم فيها وأحيانا اليد والبطن والصدر». وعن عملية الوشم، يقول العماري أنها «تستغرق من ساعة إلى ساعتين حسب مهارة الواشم والرسم المنتقى، وتتطلب عملية الوشم دقة متناهية لأنها عبارة عن ثقوب يتم تحديد مكانها في الجسم بقلم دوار في مقدمته إبرة تحمل الصبغة إلى الجزء المخصص في الجلد والمراد الرسم عليه». أما بالنسبة للأسعار فيقر علي أنها غالية بسبب ندرة المتخصصين. ويقول «الأسعار تتحدد على حسب مساحة الرسم ولونه، فكلما كان الرسم كبيرا وبأكثر من لون يزيد السعر، أما بالنسبة للرسومات الدقيقة وذات الألوان المتعددة فيتم زيادة سعرها وكذلك تتم زيادته عند رغبة الزبون في وضع خرز دائم على الرسمة لأن هذا الخرز يتم غرزه في الجسم بطريقة احترافية». وفي مشغلها الصغير، الذي علقت على جدرانه صورا لفنانات وعارضات يحملن أوشاما مختلفة، تقول عائشة التي كانت مختصة بوضع الحناء قبل أن توسع نشاطها برسم الوشم «معظم الفتيات يخترن أسفل الظهر أو أعلى الصدر لطبع الوشم»، وتثني عائشة على انتشار هذه الموضة بين الشباب لأنها فتحت باب رزق جديدا أكثر ربحا من نقش الحناء فتكلفة الوشم أعلى من نقش الحناء. وتؤكد عائشة المنهمكة بوشم رسم دقيق لصورة امرأة على ساق فتاة أن جودة الوشم، الذي ترسمه تكاد تضاهي التصاميم المعقدة الموجودة في صور المجلات الأجنبية. وتقول إنها قادرة على رسم أي شيء تطلبه الزبونة. جمال اليوم وهم الغد يحذر الأطباء من الوشم وما قد يسببه من أمراض، ويؤكد طبيب الأمراض الجلدية سعيد الفاسي أن «احتمالات انتقال العدوى من الأدوات المستخدمة في الوشم غير المعقمة واردة، وهو ما يفتح المجال لعدة أمراض بالانتقال من شخص لآخر مثل التهاب الكبد الوبائي وفيروس إتش.آي.في المسبب للإيدز، وسرطان الجلد والصدفية بالإضافة للعديد من الإصابات البكتيرية، كما قد تطرأ تغيرات سلوكية على الواشم حيث أن أغلب المواد الكيميائية المستخدمة في الحبر هي صبغات صناعية صنعت في الأصل لأغراض أخرى مثل طلاء السيارات أو أحبار الكتابة». ويضيف أن «إزالة الوشم تصيب الجلد ببقع أو ما يعرف بأكسدة الخلايا، كما إن الكثير من الأشخاص الذين وضعوا الوشم ندموا بسبب تغير لون الجلد والإصابة بالحساسية». ويشير إلى أن هناك حالات مرضية يستخدم فيها الوشم كأسلوب للزينة بغرض إخفاء بعض العيوب وآثار الجروح والحروق «حيث يرسم الطبيب الوشم بتقنية معينة يندر فيها احتمالات التلوث». وتعزو سعاد الراضي أخصائية اجتماعية سبب لجوء الشباب إلى الوشم إلى أسباب عدة من بينها تقليد الغرب والفراغ القاتل، وعدم إحساسهم بالثقة والأمان من حولهم، بالإضافة إلى عدم وجود ثقافة دينية رادعة. وتؤكد أن الدراسات تشير إلى أن الواشمين يعانون من اضطرابات سلوكية وانحرافات ومشكلات نفسية مزمنة. وتقول إن «معظم من يضع الوشم يضعه في لحظة طيش وغالبا ما يندم عليها وأحيانا يتسبب هذا الوشم بإصابة حامله بالاكتئاب الدائم». وتدعو الراضي المؤسسات التعليمية إلى تشديد الرقابة على هذا السلوك، وفرض عقوبات زجرية على كل الواشمين حتى يعدلوا عن قرارهم، وتضيف أنه من واجب الأسر أن تمنع أبناءها من تقليد الغرب سيما أنهم في مرحلة عمرية تتأثر بأي شيء، وتتغير قناعاتها من وقت لآخر فإذا أحجمت الأسر عن نصيحة أبنائها ومنعهم من وضع الوشم على أبدانهم فإن الأبناء حين يكبرون سيصبحون ناقمين على عوائلهم ومحيطهم الذي لم يمنعهم من وضع الوشم، لا سيما أن إزالته مكلفة وصعبة». الزواج بالوشم تؤكد سعاد الراضي أخصائية اجتماعية أن الوشم يسبب نفور المجتمع من الواشم، ويقلص فرص الاندماج والعمل أمامه، معتبرة أن أخطر أنواع الوشم هو الزواج بالوشم، «حيث لوحظ مؤخرا انتشار هذه الموضة بين الشباب حيث يقوم العاشقان بكتابة عقد الزواج بالوشم على جسدهما أو يرسمان صورهما كنوع من الارتباط الأبدي مما يمثل إنذارا خطيرا لمنظور هذا الرباط المقدس لمؤسسة الزواج».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©