إعداد - عدنان عضيمة
يتخيل خبراء حوادث السيارات (سيناريو) أقرب إلى الواقع يمكن أن يحدث كل يوم؛ ففي يوم ماطر، وفيما أنت تقود سيارتك بسرعة عالية فوق طريق منعزل وسط منطقة ملأى بالأشجار، يفاجئك غزال يقطع طريقك فتحاول أن تتجنبه بتدوير المقود إلى اليسار ثم إلى اليمين حتى لا تجنح إلى خارج الطريق ولا يتبقى أمامك أي خيار غير الخروج عن الطريق حتى لو كنت من أكثر سائقي السيارات مهارة· وفي هذه الحالة، سوف ترى كيف أن السيارة تتمايل يسرة ويمنى قبل جنوحها، وهذا بالذات ما يجعل التحكم فيها أمراً مستحيلاً عند السرعة العالية· وفي معظم الحالات التي تتشابه مع هذا السيناريو يمكن أن يعمل الحظ إلى جانب الغزال فيما تكون فرص السائق وركاب السيارة في النجاة قليلة جداً·
ولطالما تدارس الخبراء المتخصصون بابتكار الأنظمة الذكية في السيارات مثل هذا السيناريو وأعاروه انتباههم بعد أن تأكدوا من أن جنوح السيارات وفقدها لتوازنها بسبب الالتفاف السريع يمثل أحد أهم أسباب حوادث المرور· وجاء الحل على شكل مجموعة من الأنظمة الذكية التي تعمل بالتكامل مع بعضها البعض لتجنيب سائقي السيارات الحوادث القاتلة في مثل هذه الحالات· وأهم هذه التقنيات التي أصبحت شائعة في السيارات الحديثة (نظام التحكم بالثبات) Stability Control System الذي يمكن اعتباره سائقاً خفيّاً احتياطياً لا يمكن رؤيته ويندسّ ضمن أجهزة السيارة إلا أن في وسعه أن يراقب الأمور عن كثب ليتصرف في الوقت المناسب ويدرأ الأخطار عن الركاب· وربما كان أهم ما في هذا النظام هو أنه يستشعر الخطر المحدق بالسيارة عندما يفقد السائق القدرة على توجيهها والتحكم فيها ويعمل على التصدي لهذا الخطر خلال جزء المئة من الثانية وقبل حدوث المكروه· ويعود الكثير من الفضل في تطوير هذا النظام لخبراء مركز البحوث في شركة مرسيدس- بنز ولكنه أصبح الآن من التجهيزات الأساسية في كافة سيارات مرسيدس ومعظم السيارات الفاخرة الأخرى· وتتعدد تسمية النظام ذاته وتتنوع، حيث يمكن أن يأخذ الأسماء التالية في النصوص التي تتحدث عن الأنظمة الذكية في السيارات مثل:
Electronic Stability Program
StabilityTrak
Dynamic Stability Control
Stability Management
Vehicle Skid Control
وكثيراً ما يختلط الأمر على البعض بين (نظام التحكم بالثبات) و(نظام التحكم بالدفع) Traction Control System؛ على الرغم من أن لكل من النظامين وظيفة مختلفة تماماً عن وظيفة الآخر؛ وتنحصر وظيفة النظام الثاني بشكل أساسي بالتحكم بحركة العجلات بحيث يمنعها من الدوران غير المجدي عندما تغوص في الأوحال أو الرمال عن طريق تحرير عزوم دورانية متقطعة ولكنها شديدة القوة تزيد من قدرة السيارة على الخروج من الحفر· أما النظام الأول فتتلخص وظيفته بمساعدة السائق على التحكم بالسيارة عندما تتعرض للجنوح أو الميلان السريع·
ويتألف نظام التحكم بالثبات من مجموعة تجهيزات دقيقة وبالغة التعقيد مثل المجسّات والمعالجات المصغرة التي تتكفل باستشعار أي حركة تسبب ميلان السيارة إلى اليمين أو اليسار أو انزلاقها بسبب المرور فوق الجليد أو الطرق المبللة؛ ويقيس سرعة حدوث ذلك·
وعندما يستشعر النظام مثل هذه الحالات فإنه يوجه الأوامر المناسبة لنظام الكبح المستقل في كل واحدة من العجلات الأربع والذي يطبق بدوره عزوم الكبح الانتقائية selective braking torques في كل واحدة من العجلات الأربع وبحيث تضمن محصلة هذه العزوم والقوى عودة السيارة إلى توازنها في المستوى الأفقي بشكل آلي·
ويحدث كل هذا بالسرعة التي يستحيل معها على السائق ذاته استشعار ما حدث بالضبط· ولهذا السبب، يمكنإدراج هذا النظام في رأُس قائمة الأنظمة الذكية التي تهدف إلى زيادة مستويات الأمان وتجنب الحوادث أثناء قيادة السيارات· ويقدم سكوت باندوك مدير قسم تطوير الأداء في شركة كاديلاك وصفاً للنظام بقوله: (تم تصميم هذا النظام بحيث يقدم خدمة لا يمكن استشعارها بالأحاسيس عندما يبدأ العمل في اللحظة التي تترنّح فيها السيارة ويفقد السائق السيطرة عليها فيعيد إليها توازنها عن طريق حسابات معقدة لقوى الكبح المطبقة على كل واحدة من العجلات الأربع)·
ومنذ تم ابتكار هذا النظام للمرة الأولى قبل أكثر من عشر سنوات وهو يزداد تطوراً ودقة في الأداء· ويعد المعالج المصغّر بمثابة (الدماغ المركزي) للنظام؛ وهو الذي يتلقى المعلومات حول وضعية السيارة في كل لحظة عن طريق مجموعة المجسّات المتوزعة في نقاط مختلفة من نظام الاستناد ومحور عمود القيادة ونظام منع انغلاق المكابح ABS؛ ويمكنه أن يستنتج من هذه المعلومات ما إذا كانت السيارة في حالة توازن أم لا· وعندما يستشعر أي خلل أو انحراف للسيارة عن المستوى الأفقي بسبب الانزلاق أو التأرجح الناتج عن الدوران السريع عند المنعطفات، فإن المجسّات تستشعر هذا الخلل وترسل المعلومات إلى المعالج الذي يوجه الأوامر الفورية المناسبة والمحسوبة بدقة لنظام الكبح حتى يعيد للسيارة توازنها·
عدد اليوم
