الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تريليونا دولار حجم صفقات الاندماج في 2007

تريليونا دولار حجم صفقات الاندماج في 2007
17 مايو 2007 22:04
إعداد - محمد عبد الرحيم - هدية سالم: شن الرئيس الأميركي جورج بوش ووزير الخزانة هنري بولسون حملةً لتشجيع الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة على الرغم من الجدل المحتدم حول محاولات الاستحواذ والاندماج الدولية، وقد أعلن بوش في حديث سابق له أن الولايات المتحدة بصفتها أكبر مستثمر في العالم وأكبر وجهة للمستثمرين الأجانب من مصلحتها الدفع بنظام حرية الاستثمارات الذي من شأنه أن يزيد فرص العمل أمام الأميركيين والمؤسسات الأميركية على السواء· وفي حديث سابق أجراه بولسون مع قناة ''سي إن بي سي'' التلفزيونية المتخصصة في الاقتصاد، أعرب عن قلقه من تراجع الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة عن مستويات الأرقام القياسية التي سجّلت عام 2000 عندما بلغت 321 مليار دولار، ثم بدأت في التراجع بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولاتزال تتراجع حتى وصلت عام 2005 إلى 109,7 مليار دولار·وتشير صحيفة ''وول ستريت جورنال'' إلى أن هبوط حجم الاستثمارات الأجنبية جاء متزامناً مع نمو الوعي والإدراك العالمي لموقف الولايات المتحدة الأميركية المعادي للاستثمارات الأجنبية والدول الأجنبية بشكل عام نتيجة لمواقفها من مسألة الحرب على العراق والاحتجاج العنيف الذي اندلع عام 2005 عندما سعت شركة ''كنوك'' الصينية العملاقة لإنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي بشراء شركة النفط والغاز الأميركية ''ينوكال'' مما لم يسفر في النهاية عن إتمام أي من تلك الصفقات·من جهة أخرى، أوضح البروفيسور ماثيو سلوتر من كلية دارث ماوث ـ والذي غادر مؤخراً منصبه كرئيس للمجلس الاستثماري الاقتصادي ـ أن التركيز الحالي على جذب الاستثمارات الأجنبية وما يصاحب هذا الأمر من تصريحات سيساعد على تهدئة المخاوف الأجنبية خاصة تلك المرتبطة بلجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة المعروفة اختصاراً CFIUS ومنذ أن تسلم بولسون وزارة الخزانة الأميركية العام الماضي حذر مراراً من الآراء المؤيدة ـ داخل الولايات المتحدة وخارجها ـ للشكوك التي تحوم حول جدوى التجارة الحرة التي يراها هو عصب الاقتصاد، وكان قد قال في بيان معدّ مسبقاً: ''أفضل طريقة لتقليص الفقر ورفع مستويات المعيشة تكمن في مزيد من الانفتاح، كي يتمكن عدد أكبر من الناس من الاستفادة من الاقتصاد العالمي الآخذ في التوسع''· وأشار إلى أن الدول النامية التي فتحت أسواقها للتجارة شهدت تقلصاً كبيراً مفاجئاً في الفقر، منوهاً بالنمو الملحوظ في اقتصاد عدد من الدول الآسيوية، وأشار بولسون إلى أن التركيز الأكبر حالياً يجب أن يتجه إلى تأهيل الموظفين في إكسابهم المهارات الضرورية اللازمة للدخول في المنافسة العالمية· يبدو أن الحواجز التي طال أمدها وظلت تقف حائلاً أمام الاستحواذ على الشركات قد بدأت تنهار واحدة تلو الأخرى وبشكل يستعصي على التجاهل، ففي كل يوم تقريباً تتواتر الأنباء عن عملية كبرى للتملك، بحيث تتمخض عن تغيير آخر مفاجئ على وجه الصناعة، بل إن المصرفيين بدأوا يتحدثون عن بروز عصر جديد في ارتفاع قيمة الشركات إلى مستويات تاريخية في الوقت نفسه الذي ارتفعت فيه أسواق الأسهم إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في بعض الأماكن خاصة في أميركا، أما المحصلة النهائية فقد تمثلت فيما يبدو في موجة قوية وغير مسبوقة من الصفقات التي يبدو أن القليل فقط من الشركات سوف تصبح آمنة وبمنأى عن هذا الهجوم الكاسح· وظلت الحدود الوطنية للدول وحجم هذه الشركات تمثل مجتمعةً العائق الأكبر أمام عمليات التملك والاستحواذ، إلا أن هذا الأمر لم يمنع ثلاثة بنوك في الأنحاء الأوروبية من أن تتحد وتقف صفاً واحداً لتعرض مبلغ 100 مليار دولار من أجل الاستحواذ على البنك الهولندي العملاق ''ايه بي ان آمرو'' مؤخراً، وظل من غير العملي في الماضي أيضاً بالنسبة للشركات والمؤسسات المالية الكبرى أن تتجه إلى شراء شركات التمويل التي تعاني وطأة الديون، إلا أن البنوك وبعض الشركات المالية الخاصة لم يروّعها هذا الأمر من عرض مبلغ 25 مليار دولار لشراء شركة ''سالي ماي'' المتخصصة في تقديم القروض للطلاب، بل إن الشركات العائلية خاصة تلك التي تنطوي على طبقة بالغة التحكم في الأسهم وعملية التصويت لم تمنع مؤسسة ''نيوز كورب'' لصاحبها روبرت مردوخ من عرض مبلغ بحوالي 5 مليارات دولار لتملك شركة ''داو جونز'' الناشرة لصحيفة ''اودول ستريت جورنال''· وذكر التحليل الذي ساقته الصحيفة نفسها أن ذلك الحاجز المتطاول والأكبر من نوعه على الإطلاق - أي الحكومة الأميركية - قد برهن هو الآخر على أنه ليس عصياً على التجاوز والتخطي، ففي الأسبوع الماضي تقدمت مؤسسة الكوا بعرض قيمته 26,9 مليار دولار لشركة إلكان الكندية في صفقة من شأنها أن تفضي إلى إعادة خلق أكبر عملاق في صناعة الألمنيوم والذي أنفقت الحكومة الأميركية فترة تقارب أربعين عاماً وهي لا تألو جهداً في تكسيره والحيلولة دون استحداثه· وكما يقول سكوت بارشي الشريك في مكتب كرافاث سوين آند مور القانوني: ''باستثناء أكبر 10 أو 15 شركة في العالم، فإنه لا توجد شركة أخرى بمنأى عن عمليات الاستحواذ بعد أن أصبح تمويل القروض والأسهم متوفراً بكثافة بالتزامن مع رغبة شركات التمويل الجامحة في المراهنة''، بل إن المستثمرين باتوا يتطلعون إلى المزيد من عمليات الاستحواذ والتملك في العام المقبل، حيث تسود مشاعر في ''وول ستريت'' بأن الوقت قد حان لتوجيه المزيد من الضربات في ظل ارتفاع قيمة الأسهم وتوافر حرية التمويل بقدر غير مسبوق، بالإضافة إلى التزام الديمقراطيين في الكونجرس الأميركي بتغيير القوانين بشكل يجعل إبرام هذه الصفقات في المستقبل أكثر صعوبة، أما التنفيذيون أنفسهم فقد باتوا أكثر سعادةً وسروراً بإبرام مثل هذه الصفقات نسبة لما يمكن أن تجلبه إليهم من دفعات مالية ضخمة بموجب البنود المضمنة في عقودهم· إلا أن المحرك الأكبر والأكثر أهمية الذي ظل يقف خلف تنفيذ هذه الصفقات مازال يتمثل في سوق الأسهم التي سجلت سلسلةً من الارتفاعات القياسية، فأسعار الأسهم العالية عادةً ما تسلّح كبار التنفيذيين بالثقة وبالوفرة في العملات اللازمة من أجل مطاردة الأهداف الأكبر حجماً، لذا نجد أن قيمة عمليات الاندماج حتى هذا الوقت من العام 2007 قد تجاوزت حاجز التريليوني دولار ـ أي أعلى من المستوى الذي حققته في كامل العام 2004 وبمعدل أكبر بـ60 في المائة مما بلغته في الفترة نفسها من عام ·2006 رفع الفائدة وقد يتغير هذا الاتجاه إلى الانخفاض والتراجع بوتيرة متسارعة متى ما عمدت البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة بشكل يؤدي إلى زيادة تكلفة التمويل، بل إن هذا الشعور الغامر بالحماسة في عمليات التملك يمكن أن يتمخض عن آثار بغيضة إذا ما تحول الأمر بالمشترين إلى الوقوع تحت وطأة كبرى من الديون، حيث إن بعض شركات الاستثمار الخاصة قد تجد أنفسها واقعة في هذه الإفلاس بشكل يفضي إلى آثار مدمرة على الاقتصاد المتسع، كما أن خفض التكاليف المطلوب لدفع الديون قد يعني في نهاية المطاف المزيد عمليات التخلص وطرد المستخدمين من الشركات· وفي غمرة اندفاعها في هذه الموجة من عمليات التملك والاستحواذ فمن المرجح أن تجد الشركات أنها قد توسعت بشكل مفرط وبشكل يجعل من الصعوبة بمكان أن تنجح في إدارة الكيان الجديد بالشكل المناسب والفعّال، وحتى هذه اللحظة فإن أصحاب الأسهم أصبحوا يباركون المقترحات الخاصة بالتملك والاستحواذ خاصة عندما تمضي هذه العمليات بشكل يضع في الاعتبار أداء الأعمال بتوفير ملحوظ في التكاليف· ويتجلى هذا الأمر في ارتفاع أسعار أسهم كل من شركتي: ''الكان''، و''الكوا'' في الأسبوع الماضي بسبب توقعات المستثمرين بأن الشركة المندمجة الجدية يمكن أن تحقق توفير في التكاليف بمبالغ قد تصل إلى مليار دولار، أما في الماضي فإن الشركة المتملكة في بعض الأحيان كانت تشهد تراجعاً حاداً في سعر أسهمها بسبب مخاوف المستثمرين من أن تؤدي عملية التملك باهظة الثمن إلى تأثر سلبي على النواحي المالية في الشركة· ويقدر مصرف ستاندارد آند بورز أن حوالي 43 في المائة من الصفقات التي تم إبرامها في هذا العام تمتعت بنوع من توفير التكاليف في أعلى مستوى لها في فترة 10 سنوات كاملة، وكذلك فإن أسعار الصفقات قد بلغت أعلى مستوى لها أيضاً منذ العام ،2002 حيث أنفق المشترون في المتوسط أموالاً نقدية هذا العام تفوق بـ 12 مرة قيمة الأموال النقدية في الشركة المستهدفة مقارنة بحوالي 10 مرات من تلك القيمة في عام 2006 وبقيمة تفوق بتسع مرات قيمة الشركة المستهدفة في عام 2000 وفقاً لإحصائيات شركة ''فاكت سيت ميرجرستات'' المتخصصة في توفير البيانات الخاصة بعمليات الاندماج· ويبدو أن المؤسسات وشركات التمويل الخاص قد اندفعت نحو طاولات المفاوضات متسلحة بكمية هائلة من مليارات دولارات التمويل المتوافرة بأسعار متدنية للفائدة والقليل فقط من الشروط المقيدة· ولعل صفقة شراء شركة ''سالي ماي'' تعتبر النموذج الأكثر صدقاً على تغير المناخ في ساحة الاستحواذ والتملك بسبب أن العادة قد جرت على تعمد الشركة المشترية إلى تحمل عبء ديون الشركة الأخرى المستهدفة، ولكن المنطق الجديد يشير إلى أن شركة ''سالي ماي'' المديونة أصبح بإمكانها أن تحزم قروضها الطلابية في شكل سندات قبل بيعها للمستثمرين الحريصين، بحيث لن تصبح الشركة معتمدة على تجميع الأموال في أسواق الأسهم· إصدار السندات وخلال الربع الأول من العام الجاري تمكنت الشركات وصناديق الأموال من إصدار سندات بقيمة 183 مليار دولار في شكل ديون جديدة وفقاً لإحصائيات ''ستاندارد آند بورز''، وهو رقم أكبر بمعدل 25 في المائة تقريباً مما كان عليه في الربع الأخير من عام 2006 وأكبر أيضاً بأربع مرات من المعدل في عام ،2004 بل إن البنوك وكبريات المؤسسات المالية وصناديق التحوط اصبحت أكثر رغبة في توفير التمويل للصفقات نسبة لأن الفوائد على الاستثمارات الآمنة مثل سندات الحكومة الأميركية ما زالت متدنية· وبذلك فإن شركات التمويل الخاص بات في مقدورها تجميع كميات هائلة من الأموال في غضون أسابيع قليلة فقط· وبالإضافة إلى الوفرة الهائلة في التمويل الأقل تكلفة للصفقات فقد عمد الاقتصاديون والقانونيون في إدارة الرئيس بوش مؤخراً إلى تسهيل معايير إنفاذ عمليات الاندماج بشكل ملحوظ إذ يقول كارل شابيرو الاقتصادي السابق في وزارة العدل الأميركية: ''أعتقد أن الوقت قد حان الآن بعد أن تحول الاتجاه بوضوح لمصلحة عمليات الاندماج الكبرى بين المتنافسين بعد أن كانت مثل هذه الصفقات محظورة بالكامل في الإدارات الأميركية السابقة''· ووفقاً لدراسة جديدة أجراها شابيرو مع جوناثان بيكر الاقتصادي السابق في اللجنة الفيدرالية للتجارة، فإن معدل التحديات التي واجهتها عمليات الاندماج في الفترة ما بين عامي 2002 و2005 في وزارة العدل الأميركية تعتبر الأقل عدداً في فترة الأعوام العشرين الماضية· وكذلك فإن ''وول ستريت استمر'' يحقق الفوائد والمكتسبات من عدم اتخاذ الإدارة الحالية المزيد من الإجراءات الضريبية الصارمة والمتشددة· أما الآن وبعد أن أصبح الكونجرس تحت قبضة الديمقراطيين واحتمال تحقيقهم لنصر حاسم في الانتخابات الرئاسية المقبلة فإن هذا الأمر من شأنه أن يؤثر على تفكير البائعين أنفسهم في المستقبل القريب خاصة في ضوء اتجاه الديمقراطيين لفرض المزيد من التشدد ضد عمليات التملك والاستحواذ· حماية المؤسسات أما في أوروبا فقد درجت الحكومات على انتهاج المزيد من الإجراءات ''لحمائية'' في شؤون المؤسسات، إلا أن هذا الأمر أخذ من جانبه يؤجج أيضاً نشاط الاندماجات في الوقت الذي بدأ فيه المسؤولون يحولون هذه الصفقات لمصلحة أوطانهم الأم· ولقد رأينا كيف أن إسبانيا وإيطاليا قد وحدتا جهودهما في الدفاع عن شركة اينديسا للكهرباء أمام هجمة شركة ئي أون الألمانية عليها بغية شرائها في الوقت نفسه الذي تمت فيه سلسلة من الصفقات التي تربط الشركات الإسبانية بنظيراتها الإيطالية· والأهم من ذلك فقد حدث تحول عميق في داخل مجالس إدارات الشركات والمؤسسات بعد أن أصبحت هذه المجالس غير راغبة في مقاومة مطالب أصحاب الأسهم في شراء أو بيع الأعمال التجارية، علماً بأن مثل هذه المقاومة سائدة طوال فترة الأعوام العشرين الماضية· بل إنه وكنتيجة لوقوع سلسلة من الفضائح المؤسساتية في أوائل هذا العقد، فإن أصحاب الأسهم باتوا يدفعورن بقوة نحو ممارسة المزيد من حقوقهم الخاصة بالملكية حتى في أوروبا التي يعتبر فيها ''المستثمر النشط'' قد وصل إلى مجالس الإدارات في وقت متأخر نسبياً بيد أن وصول المستثمرين النشطاء - أي الذين أصبحوا يمارسون مهاماً تنفيذية جعل الإدارات أيضاً أكثر رغبة في إنجاز وإبرام هذه الصفقات وإضفاء قدر هائل من الانفتاح على عمليات الاستحواذ والتملك· وأهم سبب يقف خلف هذا الانفتاح يتمثل في إمكانية أن يحقق التنفيذيون الملايين من الدولارات بموجب عقود تغيير السيطرة على الشركات الجديدة أو في شكل دفعات تحت الطاولة من أجل تنفيذ هذه العمليات· وكما يقول ويليام آكمان الذي يدير صندوق الاستثمار المعروف باسم بيرشينج سكوير كابيتال مانجمنت: ''إن الأمر في مجمله يتعلق بالحوافز فالإدارات ومجالس المدراء تحقق الكثير من الفوائد عندما يتم تخصيص ودمج الشركات إذ يحصلون على دفعات ما يعرف بتغيير السيطرة بالاضافة الى تمليكهم حصة جديدة من الأسهم في الشركة الخاصة المتكونة''· ولكن كل ذلك لم يمنع البعض من الإعراب عن مخاوفهم من أن موجة الاندماجات وعمليات التملك والاستحواذ لن تستطيع المضي قدماً إلى ما لا نهاية· وهو الأمر الذي دعا بعض المصرفيين في ''وول ستريت'' لأن يسخروا من هذا الأمر ويصفونه بأنه مجرد اندفاغ نحو إبرام أكبر عدد من الصفقات قبل أن ينتهي الحفل وتتوقف الموسيقى بالكامل·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©