الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

العمال يدفعون وحدهم ثمن الاندماج

17 مايو 2007 22:16
يبدو أن السنوات القليلة الماضية قلبت موازين فنون الإدارة، ففي السابق أجمع الخبراء على أن العمل يحتاج إلى العقول وليس القلوب، وهذا ما يناقض الواقع الاقتصادي اليوم الذي يؤكد مع مرور الزمن أن نجاح الإنسان في الحياة بشكل عام وفي عالم المال والأعمال بشكل خاص يعتمد على مهارات لا علاقة لها بشهاداته وتحصيله العلمي، فعندما يعلم العامل أو الموظف أن صفقات الاندماج والاستحواذ التي تشيع الخوف والفوضى بين الموظفين اللذين ينجم عنهما انخفاض الروح المعنوية، فإن ذلك سيؤدي دون شك إلى ضعف أداء العمل، ومن هنا تنبع أهمية معالجة مثل هذه القضايا الحيوية لسير الأمور وفق ما هو مخطط لها· فعندما استحوذت ''إير لكويد'' شركة الغازات الصناعية الفرنسية على ثلثي أصول منافستها الألمانية ''ميسير جريشهايم'' برزت مجموعة من المشكلات العاطفية أكثر منها العقلانية التي تنبع من الاختلافات الثقافية بين الطرفين اتجاه الشركة الجديدة ''إير لكويد دوتشلاند'' مما يمثل تهديداً لهذا الاستحواذ، وهذا ما أوضحه ''ماركوس سفيردنج'' الرئيس التنفيذي لشركة ''إير لكويد دوتشلاند'' في قوله: ''يكمن التحدي الرئيسي في كيفية العمل بروح الفريق والمحافظة على الزبائن''· وتتلخص المشكلات في الخوف من فقدان الوظائف والقلق من التغييرات القادمة، بالإضافة إلى الاعتقاد الملازم لموظفي كلا الشركتين في أنهم الأفضل في ظل نظرتهم لبعضهم البعض، حيث يرى الفرنسيون أن الألمان بيروقراطيين، في حين يرى الألمان أن الفرنسيين غير منظمين، وهذا من شأنه أن يؤثر في سير العمل بالسلب من وجهة نظر الطرفين· فجاء القرار الإداري السريع والناجح في معالجة مثل هذه المشكلات حتى لا يسوء الأمر وتفشل عملية الاستحواذ· وتشير الدلائل إلى أن اختلاف الثقافات بين الأطراف يلعب دوراً مهماً قبل وبعد صفقات الاستحواذ والاندماج، حيث وجدت بعض الدراسات أنه كلما كانت الاختلافات الثقافية كبيرة كلما صعُب تنفيذ صفقة الاستحواذ أو الاندماج، ولكن ليس دائماً فالمسألة تحمل في حقيقتها إيجابيات وسلبيات وقد تطغى الإيجابيات على السلبيات والعكس بالعكس، وحول هذه المسألة يقول ''ريتشارد شونبرج'' من كلية الإدارة بجامعة كرانفليد في المملكة المتحدة: ''إن على الشركات بذل جهد أكبر في الاهتمام بمثل هذه الجوانب، فضلاً عن المسائل المالية''· من جهة أخرى، يوضح ''أولف تورك'' الخبير في الصفقات الدولية من شركة ''ميرسر دلتا'' للاستشارات التنظيمية أن على الشركات العازمة على تنفيذ صفقات الاستحواذ والاندماج البدء بشكل صغير قبل أن تتحرك نحو أهداف أكبر وأكبر، وعليها أن تستخدم الفريق الإداري ذاته الذي استخدمته في أول صفقة لها من هذا النوع، إن كان الفريق ـ فعلاًـ ناجحاً، حيث يشير إلى أن أسوأ شيء يمكن أن تصادفه الشركات التفكير بعيداً في عمليات ضخمة بفريق لا يملك الخبرة الكافية ويعاني اختلافات ثقافية لا يمكن تجاهلها· وفي ظل الحديث عن الاختلافات الثقافية، يؤكد تورك أهمية اللغة كعامل مساعد في تعزيز صفقات الاستحواذ والاندماج، وهذا ما تبين في صفقات سابقة، حيث أشارت ''شركة ليندي'' الألمانية التي أعلنت عن استحواذ شركة ''بي أو سي'' البريطانية بقيمة 8 مليارات جنيه استرليني إلى أن اللغة الإنجليزية هي لغة المجموعة الجديدة منذ اليوم الأول، وحضرت شركة ديملر استخدام اللغة الألمانية في اجتماعات الإدارة لمدة عامين بعد الدمج مع شركة كرايسلر· وبالعودة إلى ''ماركوس سفيردنج'' فإنه يعترف بأن التغيير لن يكون بالأمر اليسير على الموظفين من كلا الطرفين، حيث من الطبيعي جداً أن يتمسك بعض الموظفين بتقاليد شركاتهم السابقة لفترة من الزمن، حيث لا أحد يمكنه أن يضمن ألا يعاني موظفوه من عمليات الاستحواذ والاندماج، لكن على الجميع أن يتضافروا من أجل معالجة أي مشكلة عاطفية نفسية ناجمة عن تبدل الوضع، فالأمر جدي لدرجة لا يتصورها البعض·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©