حمدي نصر:
قرارات غريبة وعجيبة اتخذها حكام كرة القدم في الفترة الأخيرة دفعتنا لفتح ملف تلك القرارات، من هذه القرارات ما نال البطاقة الحمراء أو الصفراء من قبل المهتمين·· ومنها الذي نال الخضراء - أي الاستحسان والثناء - لكن أغلبها وليس كلها لا يمت بصلة لقانون كرة القدم ودستورها ولا العرف السائد في وسطها المشبع دائماً بالحماس الزائد الذي يصل إلى حد التعصب·
ونحن نسلم أن الحكم بشر معرض للصواب والخطأ ·· ونلتمس له العذر خاصة فيما يتعلق بالقرارات التي يطلقون عليها ''تقديرية'' ·· أو المتعلقة بأخطاء لم يرها كواقعة مارادونا الشهيرة عندما سجل هدفاً بيده ·· وغيرها وغيرها من القرارات التي جانبها الصواب ·· لكن بحثنا هنا اليوم عن قرارات لا تتعلق بهذه أو تلك ·· وأبرزها الخبر الذي طيرته وكالات الأنباء العالمية وتداوله الناس بالنقاش وحصل بسببه حكمنا الدولي محمد عمر على دعاء الكثيرين ·· بأن يكون ذلك القرار الكروي ·· في ميزان حسناته!!
ففي شهر مارس الماضي أوقف الدولي محمد عمر مباراة الشارقة ودبي ضمن دوري الدرجة الأولى لكرة القدم لحين الانتهاء من رفع أذان المغرب في مسجد قريب من ملعب الشارقة الذي كان يستضيف المباراة·
عمر قال عقب المباراة إنه أضاف الــ 25 ثانية وقتاً محتسباً بدلاً من الضائع ·· وأن ايقافه اللعب كان مسألة شخصية لا علاقة لها بقوانين كرة القدم ·· لأن صوت الأذان كان قريباً جداً ·· ولم يكن منطقياً أن يركض اللاعبون في الملعب والأذان قريب منا بهذا الوضوح·
ريشة ·· في مهب الريح
وخلال شهر مايو الحالي كان الحكم الدولي المصري محمد ريشة في مهب الريح بعد أن أعطى اشارة بدء الشوط الثاني من مباراة الزمالك وحرس الحدود في الدوري المصري ·· وبعد 52 ثانية من اللعب ·· اكتشف أن فريق الزمالك بلا حارس مرمى!!·· وأن الحارس يقف على الخط يصرخ بأعلى صوته ليأذن له بدخول الملعب·
محمد ريشة علق على ذلك بقوله: إن ما حدث ولا في الأحلام ·· لأنني شاهدت الحارس داخل الملعب يتحدث مع مدرب حراس المرمى ·· وجميع اللاعبين كانوا داخل الملعب، وعلى الفور أعطيت اشارة بدء الشوط الثاني، وفجأة وبعد مرور 52 ثانية سمعت الجماهير في المدرجات تنادي فقمت بايقاف اللعب وأعطيت الحارس إذناً بالدخول واستأنفت اللعب من جديد·
ولحسن حظ ريشه أن أحداً من لاعبي فريق الحرس لم يتمكن من التقاط الكرة والتسديد على المرمى الخالي من حارسه ·· والا لصار الحكم ريشة في مهب الريح!·
طرد بين الشوطين
ويظل فريق حرس الحدود هو محور كلامنا ·· ففي مباراته مع الأهلي ضمن الدوري المصري في مارس ،2006 وفي الوقت المحتسب بدلاً من الضائع في الشوط الأول ارتكب لاعب حرس الحدود محمد حليم خطأ جسيماً ضد محمد بركات لاعب الأهلي استحق عليه الانذار ·· لكن الطريف أن الحكم محمد عودة كان قد أنذر اللاعب في لعبة خشنة سابقة مما يعني أنه كان يستوجب طرده ·· إلا أن الحكم استأنف اللعب ·· وأنهى الشوط الأول ·· وبعد دخول اللاعبين إلى الملعب لبدء الشوط الثاني استدعى الحكم اللاعب حليم وطرده بالبطاقة الحمراء بعد أن نبهه مراقب المباراة بذلك ·· السؤال الذي كان مطروحاً: ماذا لو كان مدرب حرس الحدود قد قام بتغيير اللاعب قبل بدء الشوط الثاني؟!!
طرد بعد 3 بطاقات
ولم يكن الحكم الإنجليزي جراهام بول أحسن حالاً من محمد عودة المصري، فقد اعترف بارتكابه خطأ فادحاً باشهار البطاقة الصفراء للاعب واحد ثلاث مرات خلال مباراة كرواتيا مع استراليا في كأس العالم ·· ولتطييب خاطره أعلن الاسباني أنخل ماريا فيلار رئيس لجنة حكام الفيفا في بيان خاص على الموقع الرسمي للبطولة: إن بول حكم ممتاز ورياضي ناجح يستطيع تخطي مثل هذه المواقف الصعبة بفضل قوة شخصيته وحبه للعبة!
وقع جراهام في الخطأ عندما انذر جوسيب سيمونيتش مدافع كرواتيا الذي يرتدي القميص رقم ،3 ثم قام بتسجيل الانذار ضد كرايج مور الذي يرتدي ذات القميص لكن من فريق استراليا!·· وقد تسبب ذلك في عدم طرد سيمونيتش، رغم أنه عملياً كان يستحق الانذار الثاني ·· والطريف أن بول عاقب سيمونيتش بانذار ثالث وبطاقة حمراء عقب نهاية الوقت الأصلي للمباراة بسبب خرو جه عن الروح الرياضية·
والطريف أن أحداً من طاقم التحكيم المكون من أربعة حكام لم يفطن لخطأ بول حتى نهاية المباراة·
لكن الرجل بشهامة واباء اعترف معرباً عن أسفه الشديد لارتكاب هذا الخطأ الفادح مؤكداً أنها المرة الأولى التي يتعرض فيها لموقف مثل هذا خلال مسيرته التحكيمية·
حكم يطرد فريقاً بأكمله
وبمناسبة الطرد·· فقد وقعت حادثة غريبة وعجيبة·· وأين؟ ·· في البرازيل مجنونة كرة القدم!!
الواقعة حدثت خلال مباراة فريقي ''بانجو'' وأولاريا ·· الحماس كان على أشده وهذه هي طبيعة كرة القدم هناك ·· وقبل نهاية المباراة بعشر دقائق وكان الفريقان متعادلين بدون أهداف ·· احتسب الحكم ركلة جزاء مثيرة للجدل ومشكوك في صحتها لفريق بانجو صاحب الأرض ·· وقد اعترض عليها لاعبو الفريق الضيف ''أولاريا''·
وتصاعد الاحتجاج حيث اندفع المدربون وباقي الفريق واحاطوا بالحكم معترضين على ركلة الجزاء ·· وأصر الحكم بطبيعة الحال على موقفه ·· فتجمع لاعبو الفريق الضيف الأساسيون والاحتياط واحاطوا بنقطة الجزاء لمنع أي لاعب من الفريق المنافس من تنفيذ الركلة ·· استمر الهرج والمرج عشرين دقيقة دون أن يتمكن الحكم من اقناع الفريق الضيف برأيه ·· فما كان منه إلا أن استدعى كابتن الفريق ·· وبكل ثقة ورباطة جأش ·· أبلغه قراره بطرد جميع لاعبي الفريق!!
الطريف أن المباراة كانت بين فريقين لا ناقة لهما ولا جمل في البطولة ·· أي أنها كانت تحصيل حاصل!!!
وطرد 10 لاعبين
وعدوى الطرد بالجملة لم تقتصر على كرة القدم فقط ·· بل انتقلت لكرة السلة ·· ففي ديسمبر 2006 وفي مباراة نيويورك نيكس أمام ضيفه دنفر ناجتس كان الأخير متقدماً 119-,·100 حيث كان اللاعب جي ار سميث صاعداً إلى السلة فاعترضه ماردي كولنز لاعب نيويورك بخشونة، فواجهه جي بردة فعل غاضبة تدخل على أثرها نايت روبسنون زميل كولينز لمؤازرته ·· وتطور الأمر باشتباك عنيف وسريع بين لاعبي الفريقين ·· مما أدى إلى ايقاف المباراة ·· ولم تستأنف الا بعد أن طرد الحكام خمسة لاعبين من كل فريق·
سوالف طرد متعددة
ولأن الطرد بالطرد يذكر ·· على وزن أن الشيء بالشيء يذكر ·· ففي سبتمبر 2004 ·· أشهر حكم مباراة هجر والاتحاد في منافسات الدوري الممتاز للناشئين بالسعودية البطاقة الحمراء في وجه لاعب فريق هجر لأنه يرتدي نظارة طبية ·· الطريف أن حالة الطرد جاءت بعد عشر دقائق من بدء المباراة ·· الحكم عبدالله القحطاني أمر اللاعب بالخروج من الملعب وخلع تلك النظارة والا فلن يسمح له باكمال المباراة ·· تدخل أحد إداريي نادي هجر عارضاً الأمر على عمر المهنا المراقب الفني للمباراة الذي أقر بمطابقة النظارة للمواصفات القانونية ·· وطالب الحكم باعادة اللاعب إلى الملعب واكمال المباراة بالنظارة ·· فوافق الحكم·
الله أكبر
وفي سبتمبر 2005 تمكن اللاعب البوسني علي حاجيتش (18 عاما) الذي يلعب ضمن فريق كروي محلي يدعى ''بدرينا'' من تسجيل هدف لفريقه في مرمى الخصم، فجرى فرحا ثم سجد على الأرض شاكرا لله، ثم صاح ''الله أكبر''، فما كان من حكم المباراة الصربي (مندوب اتحاد كرة القدم) إلا ان رفع بوجهه بطاقة حمراء معلنا طرده من المباراة·· ليسود الهرج والمرج في ارجاء الملعب ويتم الغاء المباراة· وذكرت مجلة (داني) الاسبوعية البوسنية ان الاتحاد الصربي لكرة القدم اصدر بيانا اعلن فيه معاقبة حاجيتش ومنعه من اللعب لمدة سنتين قابلة للتمديد، متهما اياه بالانتماء لتنظيم القاعدة·
وحكم يطرد نفسه
ويبدو ان شهر فبراير 2005 كان عامرا بحالات الطرد المثيرة للجدل·· ففي حادثة كانت اكثر طرافة قام حكم مباراة بإشهار البطاقة الحمراء لنفسه·
فقد ذكرت صحيفة ''ذي صن'' ان الحكم اندي وين اتخذ قرارا بطرد نفسه من الملعب بعد ان دخل في مشادة كلامية مع حارس المرمى ريتشارد ماك غافين·
وقال اندي (39 عاما): ''أعترف انني تصرفت بطريقة لا تليق، ولو فعل ذلك أي لاعب لما ترددت في طرده من الملعب، لذا كان لزاما عليّ احقاق الحق ولو على نفسي وأغادر الملعب''· حادثة طرد الحكم لنفسه وقعت بعد مرور 63 دقيقة على بدء مباراة فريقي بيترباره نورث انذ ورويال ميل·· حيث صاح الحارس ماك غافين معترضا على الهدف الذي احرزه فريق رويال ميل، وجعله متقدما على فريقه 12 بأن الهدف جاء بعد عملية دفع تعرض لها احد زملائه، فما كان من اندي الا ان قذف ببطاقته الملونة على الأرض واطلق صافرته واندفع منفعلا نحو حارس المرمى، ثم ما لبث ان هدأت ثائرته وأنهى المباراة وغادر الملعب·
وقد عزا حكم المباراة سوء مزاجه الى وفاة والد زوجته في اليوم السابق للمباراة، واصابة زوجته بالسرطان، كما علم قبل بدء المباراة بخبر وفاة صديق له بالسكتة القلبية·
في الإعادة·· إفادة
وبسبب اخطاء بعض الحكام·· اعيدت بعض المباريات وكان في اعادتها افادة لبعض الفرق التي لم توفق فيها·· ففي اكتوبر 2002 قرر اتحاد كرة القدم الفرنسي اعادة المباراة التي اقيمت في دوري الدرجة الأولى بين اوزير وسيدان بسبب خطأ ارتكبه الحكم·· حيث سمح لاوزير ببدء اللعب من منتصف الملعب بعد ان احرز سيدان هدفا رغم ان اثنين من لاعبي الفريق الاخير لم يكونا قد عادا الى نصف ملعبها مما مكن اوزير من احراز هدف في مرمى سيدان، وكانت المباراة التي اقيمت على ارض اوزير قد انتهت بفوزه 3/·1
توشيميتسو الياباني
وفي مباراة البحرين واوزبكستان ضمن تصفيات كأس العالم 2006 اتخذ الحكم الياباني توشيميتسو يوشيدا قرارا غريبا وعجيبا لم يجد الاتحاد الدولي أمامه إلا ان يقرر إعادة المباراة·
يوشيدا الغى ركلة جزاء للأوزبك كان قد سجل منها سيرفر ديجباروف الهدف الثاني لفريقه·· ولكن يوشيدا لاحظ دخول احد لاعبي اوزبكستان منطقة الجزاء اثناء تنفيذ الركلة·· وكان عليه وقتها ان يعيد تنفيذ الركلة·· الا انه وبغرابة شديدة احتسب ركلة حرة مباشرة ضد الفريق الاوزبكي·· ناسفا قانون كرة القدم·· الفريق الاوزبكي احتج على الحكم مطالبا اعتبارا فائزا 3/صفر·· الا ان الاتحاد الدولي قرر اعادتها كاملة·
توشيميتسو السعودي
ونشرت الصحف السعودية في الشهر الخامس من العام الهجري 1428 ان الحكم عبدالرحمن القحطاني اعاد ذكريات الياباني توشيميتسو عندما احتسب ركلة جزاء في مباراة القادسية والخليج·· وسجلها لاعب القادسية محمد مدبحي ثم الغاها القحطاني بحجة ان احد زملاء مدبحي دخل منطقة الجزاء الخلجاوية·· وامر باحتساب خطأ ضد القادسية·· وهو ما حدث مع توشيميتسو بالضبط·
الفيفا عاقب الحكم الياباني بالايقاف، وامر بإعادة المباراة مرة أخرى كما ذكرنا سابقا·· لكنه لم يعاقب توشيميتسو السعودي لأن الأمر لم يصل اليه·· فالقادسية المتضرر من القرار لم يعترف لأنه فاز في المباراة·
قرار أحمق
ونختتم كلامنا بالقرار الأحمق الذي اتخذه حكم مباراة ودية·· فقد ذكرت ناطقة باسم الشرطة في جنوب افريقيا يوم 27 يوليو 2004 ان الشرطة تبحث عن حكم تورط في قتل مدرب وجرح لاعبين في نزاع نشب فجأة وتتطور الى ما لا تحمد عقباه خلال مباراة كرة قدم ودية بين فريقين في مدينة كينتن·· الأمور تأزمت عند اعلان الحكم عن ركلة جزاء ضد فريق مارسيل الزائر·· واشتعل الموقف عندما لم ينفع الاحتجاج من بعيد بالصوت العالي·· فتدافع اللاعبون والمدرب تجاه الحكم الذي اصيب بالرعب·· ولم يتوان في اخراجه مسدسه واطلاق النار عليهم·· فقتل المدرب على الفور وجرح اثنين من اللاعبين·· ثم اطلق ساقيه للريح ولاذ بالفرار·
القصة ليست مشهدا من فيلم هندي·· ولكنها حقيقية تناقلتها وكالات الانباء وقتها·· ولم تذكر المتحدثة كيف تسنى للحكم ان يصطحب معه مسدسه وهو ذاهب ليدير مباراة؟ وهل كان يبيت النية لاتخاذ قرار ركلة الجزاء فعمل لكل شيء حسابه·· وأتمنى أن تكون الشرطة قد ألقت القبض عليه حتى لا يقرأ ما كتبت·· فيصبح عدد القتلى أربعة!
عدد اليوم
