الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

«زايد التراثي» يحتفي بالحــرف اليدوية القديمـة

«زايد التراثي» يحتفي بالحــرف اليدوية القديمـة
18 ديسمبر 2015 22:52
أشرف جمعة (أبوظبي) الحرف التراثية اليدوية تكتسب طابعاً فنياً خالصاً، على امتداد «مهرجان الشيخ زايد التراثي» الذي يعد المعبر الحقيقي عن أصالة الشعوب وحرصها الدائم على أن تظل الموروثات الشعبية عنواناً للنهضة ورمزاً للتقدم. فقد احتفى المهرجان بالحرف اليدوية للكثير من الدول المشاركة، ورغم كثرة هذه الحرف التي تعد أشد حيوية وأطول عمراً، فإن هناك نماذج حية منها تدل على ثراء البيئات القديمة مثل حرفة تصنيع المراكب التراثية الإماراتية وتصنيع السجاد الأفغاني وصناعة الفخار في المملكة العربية السعودية واستحضار مادتها من الجبال وما بعد السيول، والرخام المضيء في مصر والنقش على الفضة في المملكة المغربية وغيرها من الحرف التي عمّرت، والتف حولها الزوار من كل مكان احتفاءً بأيدي الصناع المهرة والذين أضاؤوا «مهرجان زايد التراثي» بأعمالهم الإبداعية. مراكب قديمة القرية التراثية بـ«زايد التراثي» جسدت لوناً رفيعاً من الفن وعلى بساط الأرض الإماراتية الحانية في منطقة الوثبة حيث الأنوار التي تتساقط من الأعمدة المثبتة في كل مكان جلس البحار والمدرب التراثي والماهر في الحرف اليدوية علي محمد آل علي يجمع المواد الأولية لصناعة القوارب التراثية حيث الألواح الخشبية ومسامير من نوع خاص وأدوات نجارة وغيرها من أجل أن يخرج القارب التراثي صورة طبق الأصل لما كانت عليه القوارب القديمة في زمان النواخذة. ويقول آل علي «البيئة البحرية الإماراتية أفرزت فنوناً من الحرف اليدوية التي لا تزال تحتفظ بتوهجها الدائم ومكانتها الأثيرة على ضفاف الأيام والسنين»، لافتاً إلى أن البحر مدرسة كبيرة وقد تخرج من عبابه الكثير من الحرفيين الأماجد الذين عملوا في صناعة السفن والقوارب التراثية. وأشار إلى أنه على الرغم من كونه يعمل على صناعة القوارب التراثية القديمة فإنه يمتلك القدرة أيضاً على العمل في جميع الحرف اليدوية البحرية الإماراتية إذ إنه يعمل منذ انطلاق المهرجان على صناعة القوارب التراثية التي تسع ثلاثة أشخاص مع وجود مساعدين له وهو في ذلك يستقبل الزوار ويشرح لهم كيفية صناعة هذه المراكب والمهام التي كانت تقوم بها في البحر وكيف أنها كانت وسيلة للصيد، مؤكداً أن هذه المراكب تصنع من الخشب الخالص وتُستخدم لها أنواع معينة من المسامير ثم بعد تجميع أجزائها تصبح مركباً صالحة للاستعمال خصوصاً أنها تدهن بدهان معين أيضاً وتأخذ الحجم نفسه القديم وحتى الطول والارتفاع. حرفة التلي وفي ركن الحرفيات بالقرية التراثية في «مهرجان زايد التراثي» كانت حرفة التلي حاضرة بقوة حيث يعتمد عمل التلي على الكاجوجة، حيث تبين «أم بطي» التي تعمل في هذه المهنة منذ أكثر من خمسين عاماً أهمية الكاجوجة التي تعمل عليها خيوط التلي، وأنها لم تتغير، فقد استقر شكلها منذ سنوات طويلة على هذا النحو، وهو ما أكسبها شكلها التراثي العريق وجعل عملها يمتح من معين الفن الإماراتي، مشيرة إلى أن البيوت الإماراتية قديماً لم تكن تخلو من هذه الكاجوجة لكون خيوطها تستخدم في تزيين الملابس، إذ إن المرأة في الماضي كانت تقوم بدور مهم في حياكة ملابس الأبناء، وهو ما يشير إلى صورة مشرقة من صور الكفاح التي عاشتها هذه المرأة في ظل الإمكانات الضعيفة وقلة الموارد لكنها صمدت وأبدعت واليوم إبداعها أصبح من جملة التراث الوطني يشاهده العالم كله من خلال المهرجانات الكبرى. وتذكر أم بطي أن الحياة الإماراتية قديماً كانت ملهمة حيث إن الأم كانت تعلم ابنتها مهناً متعددة مثل الخياطة واستثمار أجزاء النخلة في صناعات منزلية فضلاً عن الكاجوجة باعتبارها من ضمن الأشياء التراثية التي حظيت بالبقاء وعمرت طويلاً ولا تزال رغم الآلات الحديثة التي انتشرت، ويتم الاحتفاء بها على كل المستويات ما يدل على أن الحفاظ على التراث أمر مهم وحيوي. سجاد زمان من ضمن الحرف التي تحتاج إلى صبر وقدرة عالية على توظيف الخيوط وتناسقها صناعة السجاد، حيث جلس الحرفي عبدالحكيم محمد من أفغانستان في الحي الأفغاني يزاول مهنته في تأنٍّ مستجمعاً عقله ومحاولاً في الوقت ذاته أن يصنع سجادة فاخرة ذات ألوان مبهجة تسر الناظرين، وهو ما جعل بعض زوار «مهرجان الشيخ زايد التراثي» يلتفون حوله ويتابعونه وهو يعمل في جلد وصبر وينظم حركة الخيوط ويضعها في مكانها الصحيح. ويذكر عبدالحيكم أن السجادة الواحدة تأخذ منه نحو شهر تقريباً حتى ينتهي منها، ومن ثم تتضح معالمها وتكون صالحة للاقتناء. ويبين أنه يستخدم صوف بعض الحيوانات حيث يقوم بفتل هذا الصوف ويمنحه اللون المطلوب مثل البني والأحمر والأخضر والأصفر والأسود والبرتقالي وغيرها من الألوان، وقد بدت أمامه قطعة حديدية تأخذ شكلاً مستطيلاً تغطيها الخيوط من الأمام والخلف وهو يعمل على إنجازها دون كلل أو ملل، ويوضح أنه سعيد جداً بالمشاركة في هذا المهرجان الكبير الذي يحتفي بالحرف اليدوية للشعوب ويضعها في مكانة عليا تليق بها. «شالات كشمير» «شالات» كشمير كان لها وقع خاص داخل المهرجان، حيث لاقت قبولاً حسناً من السيدات نظراً لجودتها وتمتعها بميزات خاصة، فهي صنعت بشكل يدوي. ويذكر محمد أيوب الذي اتخذ له دكاناً في الحي الهندي أنه يصنعها بطريقة يدوية خالصة وقد حظيت هذه «الشالات» باهتمام واسع من قبل الزوار على اختلاف جنسياتهم خصوصاً أن خامتها جيدة. ويرى أيوب أن المهرجان يهتم بالحرف اليدوية ويفسح لها المجال ليظهر الحرفيون ملكاتهم الفردية في التقدم الصناعي في المجالات كافة. دعوة لاقتناء الفخار حرفة أخرى قوامها الفن الأصيل حظيت باهتمام بالغ من قبل الزوار في حي المملكة العربية السعودية، حيث كان يجلس الفنان يوسف يحيى أبو لبن يصنع الأواني الفخارية بأسلوب مختلف، ويستحضر جماليات صناعة الفخار في «مهرجان الشيخ زايد التراثي» عبر استعراض مهاراته الخاصة في تشكيل الفخار ويقول أبو لبن الذي يعيش في المدينة المنورة: «أستخدم الطين الذي يتكون بعد السيول سواء من الجبال أو المناطق النائية وكل منطقة يجلب منها الطين يكون لمادتها الطينية لون معين وهو ما يجعل الفخار على درجات في الشكل، مشيراً إلى أن الطبيعة البكر التي عاش في رحابها أبناء الجيل الماضي هي الأفضل على المستوى الصحي، وبناء على التجارب التي أجريت تم إثبات أن الفخار أقرب مادة للإنسان فهو أكثر مقاومة للبكتريا الضارة الموجودة، وهو ما يجعلني أدعو الناس للطبخ في أواني الفخار، مشيراً إلى أن المهرجان يبرز فنون الصناعة الأصيلة ويرتقي بالحرف اليدوية بصورة مبدعة. تشكيل النحاس من مراكش بالمملكة المغربية سجل الحرفي حسن العلواشي حضوره الخاص في الحي المغربي عبر تقديم تنويعات من النقش على الفضة وتشكيلها أيضاً حيث كان يجلس العلواشي في دكانه التراثي ويصنع خواتم الفضة ويزينها بالعقيق الخالص ويعمل أيضاًً على صناعة الخناجر والنقش عليها والأقراط والأساور وكل أنواع الحلي من الفضة، مؤكداً أنه تعلم هذا الفن وأتقنه من منطلق محبته للتراث ومن أجل المساهمة في أن يظل حياً نابضاً بين الأجيال. الرخام المضيء فن آخر كان له بريقه في أروقة المهرجان، خصوصاً في الجناح المصري للحرفي حسان قاسم الذي برع في صناعة «الرخام الألبستر»، والذي تفنن في أن يشكل منه المزهريات وأطباق الفاكهة وأشكالاً للزينة، مثل الأسماك والحيوانات والطيور. ويشير قاسم إلى أن هذا النوع من الرخام الذي يستخدم أيضاً في الإنارة، من خلال تفريغه لا يتفاعل مع السخونة أو البرودة، وهي ميزات خاصة به.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©