الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عوشه حكت

19 ديسمبر 2014 23:50
تجلس «عوشه أو فطيمة» على عتبة عريشها أو خيمتها لتروي الحكاية أو «الخروفة» للصغار والكبار. وبعدها بثلاثين أو ستين سنة، تعيد ابنتها «فاطمة أو عائشة» الحكاية، مع بعض التغيير أو الخلط مع غيرها من الحكايات حسب ذاكرتها. يرى د. عبدالله الغذامي في كتاباته أن هناك شيئاً اسمه سيادة فكر المرأة الراوية. فهل بدأت الحكاية بصوت من لا صوت له؟ فن الحكاية من الفنون التي تنسب الأقدمية في اختراعها للمرأة. وهي لا تزال من الفرضيات المثيرة للجدل حتى وقتنا الراهن. وبعيداً عن الفرضيات فإن هنالك حقيقة واحدة يمكن أن تعبر عن سيادة فكر المرأة هي أن الحكاية تعكس في جزء كبير منها صورتها في كل مكان وزمان، سواء كان السبب في وعي ظهورها أو عدم وعي المرأة، إلا أنها على الرغم من ذلك تحدد موقفها من وفي الحياة، بتسريبه بجرأة عبر حكي تجارب ذات علاقات اجتماعية ثقافية. وكما أن هناك نظرية موت المؤلف بالنسبة للحكاية الشعبية، فإن هناك حياة لصوت المرأة فيها يكشف عن حال المجتمع. والحقيقة أن الحكاية تجيب على أسئلة كثيرة حول ثقافة المجتمعات الإنسانية والتغيرات التي تطرأ عليها. هذا الصوت الدافئ المثير، وأنت تقلب ذاكرتك تجد فيه شيئاً كالرسائل القصيرة التي كانت تصل إليك عبر قصص «بديح بديحوه ومثلها أم الدويس المرأة التي تغوي الرجال، وبو درياه مفتول العضلات الذي يتفوق على باقي الذكور بسبب ضخامة جثته». رسائل فيها تصورات بسيطة حسب مفاهيم كانت سائدة أيام زمان حول ضعف الأنثى وقهرها ومكرها وحيلتها وكيف ينبغي لها أن تتصرف حيال مواقف معينة يحصرها فيها المجتمع. وعلى الجانب الآخر يدهش المتلقي وتتقاذفه مشاعر الحب والكراهية والخوف و... هذه حدود حكاية الأمس، والنموذج المتطور الآن من الحكاية يأتي في ظروف اجتماعية وثقافية واقتصادية مختلفة. وأشياء إبداعية كشروط الكتابة وماذا وكيف ولماذا نحتاج إلى الحكاية في يومنا هذا، والمرأة منذ الثمانينيات ومنذ أن ألقت أم الدويس بمنجلها وأُلقي بودرياه البطل الشرير في البحر بعدها، رغم أنها حققت الكثير من الإنجاز خاصة على صعيد مسائل كالجندر، إلا أن نموذج « الباربي» مازال يراوح في حياتها اليومية، ولا كأن عوشه حكت.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©